تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، نظم مجلس النواب يوم الجمعة 22 نونبر 2024 بمقر المجلس بالرباط، المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة تحت شعار "البرلمان رافعة أساسية لتحقيق المساواة والمناصفة" بمشاركة أعضاء مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالمساواة والمناصفة بمجلس النواب، وبرلمانيين مغاربة، وممثلين عن الوزارات المعنية وعن مؤسسات وطنية، وممثلين وأعضاء عن برلمانات صديقة ودولية، وممثلين عن منظمة الأمم المتحدة ومنظمات دولية، فضلا عن جمعيات وهيئات المجتمع المدني، وخبراء وباحثين ومهتمين بالموضوع.
خلال الجلسة الافتتاحية، أكد رئيس مجلس النواب السيد راشيد الطالبي العلمي الذي ترأس فعاليات هذا المنتدى، أن المساواة والانصاف، وكفالة حقوق النساء، والرفع من تواجدهن في مراكز القرار التمثيلي والتنفيذي تشكل أحد معالم 25 سنة من حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي حرص ويحرص على أن تكون رعاية حقوق النساء وكفالة كرامتهن في صلب الإصلاحات التي حققتها المملكة خلال ربع قرن.
وقد استعرض رئيس مجلس النواب، في هذا الإطار، مختلف الإصلاحات ذات الصلة بالتمكين الحقوقي للنساء التي راكمها المغرب خلال هذه الفترة، وكذا دور البرلمان المغربي في هذه الإصلاحات، معبرا عن أمله في أن يساهم هذا المنتدى في بلورة أفكار تُسعف في إخصاب مزيد من الاقتراحات لتعزيز المكتسبات والامتثال لمقتضيات الدستور وتوجيهات أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله المؤتمن على قضايا الأسرة والحريص على حقوقها واستمرارها.
من جانبه، أكد رئيس مجلس المستشارين السيد محمد ولد الرشيد أن بلادنا قد قطعت اليوم أشواط مهمة في مسار تعزيز المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة، بل وجعلت منه مرتكزا أساسيا في صياغة وإعداد السياسات التشريعية والاستراتيجيات والبرامج العمومية المعتمدة، وذلك تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله
وشدد السيد محمد ولد الرشيد على دور البرلمان المغربي في تنزيل التوجيهات الملكية السامية، والمواثيق الدولية والقيم الكونية وتشريعاتنا الوطنية التي تنص على المساواة بين الجنسين دون أي تمييز، وفي تدعيم مختلف الجهود في مجال تعزيز المساواة والمناصفة، في انسجام واحترام تامين للمبادئ والقيم السمحة التي أقرها ديننا الإسلامي الحنيف، دين الوسطية والاعتدال، الذي كرم المرأة جاعلا من النساء شقائق الرجال في الأحكام.
وفي كلمة لها، ثمنت رئيسة مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالمساواة والمناصفة السيدة نجوى ككوس المكتسبات التي حققتها المملكة المغربية في مجال النهوض بحقوق المرأة، مشيرة إلى أن تنظيم هذا الملتقى يأتي في إطار تنزيل برنامج عمل المجموعة الموضوعاتية المؤقتة المكلفة بالمساواة والمناصفة، مضيفة أن هذا المنتدى البرلماني يجسد الانخراط الفعلي لمجلس النواب في مسار النهوض بحقوق المرأة وتعزيزها عند ممارسته لوظائفه الدستورية.
وأكدت السيدة نجوى ككوس أن تحقيق المساواة والمناصفة يقتضي تدخلا أفقيا وعموديا لكل القطاعات، ويستدعي انخراطا واسعا من كل الأطراف المعنية، فضلا عن الانفتاح على التجارب الدولية في مجال المساواة والمناصفة، لافتة الانتباه الى أن تحقيق المساواة والمناصفة يقع في مفترق مجموعة من التحديات التي تقف حاجزا أمام تمتع النساء بحقوقهن كاملة مما يقتضي العمل المشترك لتجاوزه.
من جهتها، أبرزت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة السيدة نعيمة بنيحيى المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت للمرأة المغربية في إطار المسار الإصلاحي لتعزيز المساواة والمناصفة، مؤكدة على أهمية التمكين الاقتصادي للنساء باعتباره مدخلا رئيسيا لإرساء المساواة بين النساء والرجال وتحقيقا للتنمية المنشودة.
واستعرضت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المجهودات والمبادرات التي تم القيام بها لتحقيق المساواة والمناصفة من خلال تعبئة الفاعلين والارتكاز على برامج ذات الأثر المباشر وبلورة مؤشرات التتبع والمواكبة إلى جانب تقوية قدرات جميع المتدخلين، حيث دعت في هذا الصدد إلى ضرورة اعتماد مقاربة شمولية كفيلة لمناهضة التمييز وتحقيق تكافؤ الفرص ومواصلة العمل لتحقيق المساواة المطلوبة وفتح آفاق الارتقاء أمام المرأة المغربية.
وفي مداخلته، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي السيد أحمد رضا الشامي على أهمية تنظيم مجلس النواب لهذا المنتدى، مشيدا بالمكتسبات التي أحرزتها بلادنا والتراكمات الإيجابية لترسيخ مكانة المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، وهو الورش الحقوقي والتنموي الذي يحظى بأهمية بالغة في المخطط الاستراتيجي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وشدد السيد أحمد رضا الشامي، بالمناسبة، على ضرورة البناء المشترك للنهوض بالمساواة وتحقيق التمكين الاقتصادي للنساء عبر مجموعة من التحولات ذات الطابع القانوني والمؤسساتي والاجرائي والحرص على استحضار التحولات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي.
بدوره، أكد المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية السيد معز دريد أن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية عملت مع مجلس النواب المغربي بغية تعزيز النقاش داخل المجموعة الموضوعاتية المكلفة بالمساواة والمناصفة، مشيرا إلى أن البرلمان المغربي قطع أشواطا هامة في ملائمة الأطر التشريعية مع التزامات المملكة المغربية الدولية في مجال حقوق النساء وتمكين المرأة.
وأشار إلى أن المملكة المغربية قد قطعت كذلك أشواطا مهمة في تخصيص الميزانية المراعية للنوع الاجتماعي، وأصبحت نموذجا عالميا يحتذى به، ودليل على الالتزام لتمكين المشرعين والمجتمع المدني لدعم وتخصيص الموارد لتمكين النساء في جميع القطاعات، مضيفا أن المبادرة الملكية الداعية لإصلاح مدونة الأسرة شهادة على ريادة المملكة في مجال تعزيز حقوق النساء في إطار الأسرة، إضافة إلى المبادرة الرائدة المتجسدة في النموذج التنموي الجديد الذي يسعي لتحقيق التمكين النسائي الاقتصادي.
وقد خصصت الجلسة الأولى من فعاليات هذا المنتدى لعرض تجارب مقارنة في مجال المساواة والمناصفة في بعض الدول الإفريقية كمالاوي وزامبيا والبنين، حيث دعت المشاركات إلى محاولة العمل من أجل تنزيل القوانين التي تخدم قضايا المرأة في هذه الدول، ومأسسة النقاش البرلماني حول موضوع المساواة والمناصفة.
كما دعت المشاركات في هذه الجلسة إلى توسيع النقاش وعدم التوقف عن شعارات تمكين النساء، وتحقيق مبدأ الاستحقاقية والأهلية للمرأة حتى تتمكن من ولوج المناصب الهامة، وتنزيل ثقافة المساواة، وتقليص الفجوات في الرواتب بين الجنسين.
وفي الجلسة الثانية، تناول المتدخلون موضوع تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة، حيث تم التأكيد على أهمية التمكين السياسي والاقتصادي للنساء، عبر مراجعة المقتضيات التشريعية، ومأسسة النوع الاجتماعي في السياسات والاستراتيجيات القطاعية وفق مقاربة مندمجة تعزز المشاركة الكاملة للمرأة، مع ضرورة زيادة مشاركتها في سوق الشغل.
وفي نفس السياق، تمت الدعوة إلى ضرورة إيلاء أهمية للتأهيل الاقتصادي للنساء بغية تحقيق التمكين الاقتصادي للنساء كمدخل لإرساء مبدا المساواة والمناصفة الذي يستمد أهميته من المقتضيات الدستورية التي أولت أهمية بالغة لتمكين النساء اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.
وخلال هذه الجلسة، أبرز المتدخلون التدابير المتخذة لتعزيز التمثيلية السياسية للنساء على المستوى الترابي لترسيخ مبدأ المناصفة وتكافؤ الفرص.
وفي إطار الجلسة الثالثة التي تمحورت حول السياسات العمومية الاجتماعية وهدف تحقيق المساواة والمناصفة، سجلت المداخلات تطور أهم المؤشرات التربوية المرتبطة بالمساواة والمناصفة، خاصة تمكين النساء والفتيات من التعليم بمختلف المستويات خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وفي مجال التعليم العالي والبحث العلمي، فإن المؤشرات تدل على تبوؤ النساء الصدارة فيما يتعلق بنسب التخرج وولوج التخصصات العلمية والتقنية، وهذا ما من شأنه تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة المتعلقة بتكافؤ الفرص والمساواة بين الجنسين، والعمل على التوعية والتحسيس بظاهرة العنف ضد النساء بكافة أشكاله.
وفي مجال الصحة والحماية الاجتماعية، توقف المتدخلون عند تحديات ورهانات تعميم التغطية الصحية الشاملة وتحسين الصحة الجنسية والإنجابية، وتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، وتوسيع أنظمة وتدابير الحماية الاجتماعية للجميع وزيادة وصول الأشخاص في وضعيات هشاشة إلى الخدمات الأساسية والصحية.
كما تم التوقف عند البيانات المقدمة من برامج الحماية الاجتماعية، حيث تراجع حضور المرأة في سوق العمل خلال السنوات الخمس الأخيرة وأخذ منحنى تنازليًا: 19% خلال سنة 2023 مقابل 21.5% في سنة 2019.
وخلال الجلسة الختامية، طالب المشاركون في هذا المنتدى الى تحويل مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول المساواة والمناصفة في مجلس النواب إلى لجنة دائمة من أجل رصد جميع الاختلالات التي تمس المرأة، وتكوين لجنة تطوعية للعمل الدائم مع المجموعة الموضوعاتية حول المساواة والمناصفة في مجلس النواب، وبلورة اقتراحات تصدر ضمن تقارير المجموعة الموضوعاتية.
ودعا المشاركون كذلك إلى اتخاد تدابير مستقبلية حقيقية لضمان عدم الخروج عن المناصفة، ولكي يترسخ الوعي المجتمعي المساير للمساواة والمناصفة.
وفي ختام أشغال المنتدى البرلماني الأول للمساواة والمناصفة، تمت تلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة لحضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.