السيدات والسادة الوزراء المحترمين؛
السيدات والسادة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية؛
السيدات والسادة رؤساء وأعضاء اللجان البرلمانية؛
السيد ممثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب؛
السادة رؤساء الجامعات؛ وعمداء الكليات؛
الزميلات والزملاء الأعزاء؛
حضرات السيدات والسادة.
اسمحوا لي في البداية أن أرحب بكم جميعا في أشغال هذا اللقاء العلمي، الذي نخصصه لتقديم الدراسة الميدانية الوطنية حول القيم وتفعيلها المؤسسي، وهي مناسبة لِأُعَبِّرَ فيها عن اعتزازي الكبير بهذا المجهود العلمي المتميز، الذي نلتئم حوله اليوم، من أجل تسليط الضوء على خلاصاته واستنتاجاته.
واسمحوا لي أن أذكركم بكون هذه الدراسة تأتي في سياق توجه استراتيجي يجسد الانفتاح الدائم لمجلس النواب على المحيط العلمي، ويعزز التراكمات التي حققتها بلادنا في مجال الدراسات والتقارير الوطنية، بما يجعل قضايا وانشغالات المجتمع في صلب اهتمامات السياسات والبرامج العمومية.
وسعيا إلى ترجمة هذا التوجه، فقد أخدنا على عاتقنا نهج مقاربة تروم رصد انتظارات المواطنات والمواطنين، وتعزيز انفتاح مجلس النواب على المجتمع بمختلف تعبيراته، من خلال تشخيص واقعه، والتوقف عند انتظاراته، والإجابة على انشغالاته، وترجمتها في شكل خلاصات وتوصيات، ترصدها دراسة علمية رصينة، وذلك إيمانا منا بدور المعرفة العلمية والبحث العلمي ومَركزِيتهما في تحقيق التقدم والتنمية والرقي وازدهار الأمم.
السيدات والسادة؛
إن حرصنا على إخراج هذه الدراسة السوسيولوجية الوطنية، والتي تعتبر أول دراسة ميدانية تَمَّ إنجازها في تاريخ المؤسسة البرلمانية منذ سنة 1963، نابع من اهتمامنا المستمر بأهمية الوقوف عند القيم المؤطرة لمجتمعنا المغربي، وعما ينتظره ويتطلع إليه عموم المواطنات والمواطنين من المؤسسات والمرافق العمومية، فضلا عن كونها نافذة من النوافذ المفتوحة التي تشكل فرصة للتفاعل بين المغاربة ومراكز صنع القرار وفي مقدمتها مجلس النواب.
ومن دون شك، فإن إنجاز هذه الدراسة، ينطلق من مرجعية أساسية، تتمثل في التوجيهات السديدة الواردة في الخطب والرسائل الملكية السامية، وما تضمنه دستور المملكة لسنة 2011 من أحكامٍ وقيمٍ، كما تستلهم هذه الدراسة فلسفتها من خلاصات التقارير الوطنية، بما فيها تقرير الخمسينية وتقرير لجنة النموذج التنموي الجديد.
السيدات والسادة؛
يحذونا أمل كبير كمؤسسة تمثيلية تجسد الفعل الديمقراطي في أبعد تجلياته، أن تقدم هذه الدراسة أجوبة عما ينتظره المغاربة، وأن تعكس توجهاتهم فيما يخص التفعيل القيمي، بما يُمَكِّنُنَا كمؤسسة دستورية من النهوض بالعمل البرلماني وجعله قائما على المعرفة العلمية، حتى يستجيب لتطلعات المواطنات والمواطنين ويواكب الدينامية التي يشهدها المجتمع.
السيدات والسادة، الحضور الكريم؛
اعتبارا لما سبق، فإننا سطرنا هدفا عاما لهذه الدراسة، يتجسد في رصد توجهات وانتظارات المغاربة اتجاه التغيير القيمي والتفعيل المؤسسي لبعض القيم الأساسية في مؤسسات اجتماعية بعينها، تم اختيارها بعناية كبيرة، نظرا لأهميتها وقيمتها وحجم تفاعلاتها الداخلية والخارجية، إضافة إلى أثرها ومردوديتها على التنمية الشاملة.
وفي هذا الإطار سلطت الدراسة الضوء على الأسرة باعتبارها اللبنة الأولى لبناء المجتمع، وعلى المدرسة والجامعة لأدوارهما في تكوين مواطنات ومواطني الغد، وعلى المستشفى باعتباره الفضاء الأصيل لضمان فعلية تمتع المواطنات والمواطنين بالحق في الصحة. كما احتلت الإدارة مساحة كبيرة ضمن اهتمام الدراسة، باعتبارها تقدم خدمات للمواطنات والمواطنين، ولكونها حيزا للتفاعل المستمر بين المرتفق والمرفق العمومي.
كما نالت المقاولة حظها من الاهتمام لما تشكله من لبنة اقتصادية لخلق الثروة وتحقيق التقدم، دون أن تغفل الدراسة الجمعية نظرا لوظيفتها المنصوص عليها في دستور المملكة لسنة 2011، والمتمثلة في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. فضلا عن المؤسسة الإعلامية التي حظيت بالاهتمام البالغ لعظيم أثرها ودورها في ترسيخ قيمنا المغربية الأصيلة، ومواكبة مسيرة التطور والبناء.
وفضلا عن ذلك، تهدف هذه الدراسة تحقيق مجموعة من الأهداف الخاصة التي يمكن إجمالها فيما يلي:
ومن أجل ضمان نتائج تُعَبِّرُ عن توجهات المواطنات والمواطنين في مختلف مناطق وأقاليم المملكة، فقد حرصنا على أن تشمل الدراسة مجموع جهات المغرب، أخذا بعين الاعتبار التفاوت الديمغرافي بين المجالات البحثية بحسب الوسط (حضري-قروي)، بالإضافة إلى متغير الجنس(ذكور-إناث)، والتوزيع حسب الفئات العمرية ومعيار الكثافة المؤسساتية.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد توصلت هذه الدراسة إلى خلاصات وتوصيات عميقة وهامة بشأن القيم والمؤسسات المشمولة بها، وهو ما يجعلها مرجعا هاما يَسْتَرشِدُ به مجلس النواب في ممارسة الوظائف الدستورية، من تشريع يجيب عن دينامية المجتمع وقضاياه، ومُراقبةٍ للعمل الحكومي تعكس تطلعات المغاربة وانشغالاتهم، وأساسا مرجعيا نستأنس به في تقييم السياسات العمومية التي شكلت ورشا هاما حرصنا على إعطائه نفسا جديدا خلال هذه الولاية التشريعية.
السيدات والسادة؛
لقد أخذنا على عاتقنا، وانطلاقا من قناعتنا الجماعية الراسخة في مجلس النواب، الحرص على تكريس الانفتاح والتواصل المؤسساتي، من خلال إطلاق مثل هذه المبادرات المتميزة، كصلة وصل بين المؤسسة البرلمانية والجامعة، والتي من شأنها تشجيع البحث العلمي وجعله في خدمة المؤسسات الدستورية والهيئات الوطنية، وذلك من أجل النهوض بمسار التنمية والرقي الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وليس ثمة شك، بأن هذه الدراسة الوطنية ستساهم في الارتقاء بالمعرفة العلمية، باعتبارها مُرْتَكَزًا نريده أن يكون مرجعا من المرجعيات التي تقوم عليها ممارسة الوظائف الدستورية للبرلمان، نَاهِيكَ عن كونها مَوْرِداً مرجعيا لجميع القطاعات الحكومية من أجل بناء الخطط والبرامج والسياسات، وكذلك لمختلف المؤسسات والمعاهد وكذا الجامعات، لبناء وتطوير العلم والمعرفة بما يخدم الأهداف والقيم الوطنية، ولمختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين لبناء ثقة حقيقية مع عموم المواطنات والمواطنين، من أجل مغربٍ يتسع للجميع، ومن أجل مواطنةٍ حقيقيةٍ قِوامُها التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات.
السيدات والسادة؛ الحضور الكريم؛
ستشكل خلاصات وتوصيات هذه الدراسة التي نقدمها اليوم، ومن دون شك نِبرَاساً ومَرجِعاً مُهماَ، من شأنه أن يساعد السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب في مهامهم النيابية، بالشكل الذي يجعل من انتظارات المواطنات والمواطنين التي أفرزتها خلاصات البحث الميداني للدراسة، عناصر أساسية يستوعبها التشريع والرقابة والتقييم.
إن محطة هذا اللقاء تستوقفنا جميعا، للتأكيد على أهمية البحث العلمي ودوره في الارتقاء بمختلف مجالات ومناحي الحياة، وهو ما يتطلب تظافر جهود جميع المتدخلين والفاعلين، ومزيدا من التعبئة المتواصلة، للارتقاء بمستوى ونوعية البحث العلمي ببلادنا لمصاف الدول الرائدة، بما سيساهم في تطوير قواعد عمل واشتغال جميع المؤسسات.
وختاما، فإني أتوجه باسم مجلس النواب بالشكر الجزيل إلى الفريق العلمي وإلى كل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذه الدراسة، ونتطلع إلى فتح نقاشات عمومية مسؤولة وهادفة بخصوص مضامين وخلاصات ومقترحات هذه الدراسة الميدانية الوطنية غير المسبوقة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.