السيد الوزير المحترم؛ من المؤكد أن التنمية، بمفهومها الواسع، لا تستقيم سوى من خلال العناية بالأبعاد اللامادية للمجتمع، وبالقيم الإنسانية، والإبداع، والانفتاح، والحرية، والتنشئة على الأذواق الجمالية المشتركة. في هذا الإطار، نثير معكم إشكالية النهوض بالفن المسرحي المغربي، على اعتبار أنه يُشكِّلُ فضاءً قيميًّا راقيا، ورافعة تنموية، وصناعةً ثقافية من شأنها تحقيق عائدٍ اقتصادي. غير أن الواقع يؤكد تراجع الحركة المسرحية، وأيضاً المسارح، بمجموعة من مناطق بلادنا، عدداً وتنشيطاً ودعماً ومردوداً، بما صار يَحُولُ دون تقديم الفنانين والجمعيات والمجموعات لعروضهم الفنية أمام عشاق "أب الفنون". كما أن هناك صعوباتٍ في تقديم العروض المسرحية والموسيقية ذات التوزيع الكبير من حيث عدد الممثلين والديكورات. وينضاف إلى ذلك تسجيل تباين كبير بين الدعم المخصص للسينما والتلفزيون، من جهة، وبين الدعم الموجه إلى المسرح. كما لا زال الدعم يُقارَبُ، للأسف، على أساس أنه "مساعدة" لبعض المسرحيين، في حين أن وظيفة الدعم تتمثل في المساهمة في إنتاج أعمال الهدف منها الاستثمار الثقافي وتحقيق عائدات ثقافية واقتصادية، والإسهام في تشكيل الصورة الثقافية لبلادنا. إن هذا الواقع العام، الذي تتخلله إشراقاتٌ استثنائية، والذي يثير القلق بشأن استمرارية الفن المسرحي والنهوض به، يجعلنا نتساءل عن الجدوى من تدريس المسرح في المعاهد المتخصصة. كما يدفعنا نحو التساؤل عن مكانة المسارح التي لا تستقبل عروضًا ولا تخلق جمهوراً إلا بشكلٍ موسمي. بناء على ذلك، نسائلكم، السيد الوزير المحترم، حول خطتكم من أجل إحداث الدينامية اللازمة في المسارح القائمة؟ ولأجل إحداث مسارح أخرى بوظائف مجتمعية واضحة؟ كما نسائلكم حول تدابيركم لأجل تغيير وتجويد مقاربة دعم العروض لتصير قائمةً على أسس فنية محضة؟ وحول الإجراءات التي من شأنها أن تنهض بالمسرح المغربي، تجهيزاً وعرضاً وجودةً وفرجةً ونشاطا، بما يعزز القيم الإنسانية ويخلق قيمة مادية مضافة أيضاً؟ وتقبلوا، السيد الوزير، فائق عبارات التقدير والاحترام.