تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب في افتتاح منتدى النساء البرلمانيات المغرب – بلدان الاتحاد الأروبي

13/12/2024
  • ***

السيدة الرئيسة والزميلة العزيزة Yaël Braun-Pivet، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية،

السيدات البرلمانيات في المجالس التشريعية الصديقة ومن مجلس النواب المغربي

السيدات والسادة،

يسعدني أن يَكون آخرُ نشاط مؤسساتي سياسي نختتم به مشروع التوأمة المؤسساتية، مخصصاً لقضية نبيلة مشتركة بين مجتمعاتنا، وتندرج في صميم حقوق الإنسان، وترهن تقدم المجتمعات. إنها قضية الإنصاف والمساواة بين الرجال والنسَاء التي كانت من المكونات الأساسية لمشروع التوأمة.

ويسرني أن أفتتح معكن، في هذا الإطار، منتدى النساء البرلمانيات، الذي تشارك فيه نساء برلمانيات من مختلف المؤسسات التشريعية الوطنية الأطراف في التوأمة، اللواتي سَيَتَحَاورْنَ حول إرساء سبل التعاون وتقاسم الخبرات والتعرف المتبادل على الممارسات الوطنية في مجال إعمال المساواة في المؤسسات التشريعية، وفي مراكز القرار التمثيلي والتنفيذي، عامة، ومن خلالها السعي، إلى المساواة في الحياة العامة.

وبالتأكيد، فإن هذا التمكين السياسي والمؤسساتي الذي تتوخاه جميع الديمقراطيات الجديرة بهذا الاسم، ليس غاية في حد ذاته، إذْ ينبغي أن يكونَ رافعةً ومدخلا مُؤسساتياً للتمكينِ الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للنساء.

وينبغي أن يكونَ تواجد النساءِ في المسؤولياتِ العمومية وفي المقاولات الخاصة، وفي الأحزاب السياسية، وهيئات المجتمع المدني عاكسا لمبدأ المساواة والإنصاف، وهو حق وطموحٌ مشروع، وفي نفس الآن فرصةٌ للترافع من أجل الحقوق الانسانية للنساء، ورفع الحيف والتمييز في المجتمع ضدهن، والتصدي لما يمكن أن تتعرض له نساء أخريات من عنف مادي واقتصادي ورمزي.

ومَا مِنْ شَكٍّ في أَنَّكُنَّ في الموقع الذي يؤهلكن مع زميلاتِكُنَّ في البرلمانات، وفي مراكز القرار التنفيذي من أجل هندسة التشريعات الوطنية والسياسات العمومية والخدمات الاجتماعية، على النحو الذي يجعلُهَا دائماً تأخذ بعين الاعتبار معيارَ المساواة بين النساء والرجال، بل وأحيانا، اعتماد التمييز الإيجابي لفائدة النساء. 

وقد كانت هذه الآلية ذات مردوديةٍ كبرى في حالةِ مجلس النواب المغربي، إذ مكنت من أن يكون حوالي ربع (24.81 (% أعضاء المجلس نساء، فيما يمثلن الثلث في الجماعات الترابية المحلية والإقليمية الجهوية، بالمدن الكبرى، ويَتَمَتَّعْنَ بتمثيليةٍ معتبرةٍ في الجماعات الصغرى من حيث عدد السكان.

السيدة الرئيسة،

السيدات والسادة،

لئن كان الطريق إلى المساواة الكاملة شاقاً وطويلاً، فإنه لابد أن يظل طموحاً مشتركاً للنساء والرجال معا، وفي مختلف المؤسسات، ولابد من البناء على التراكم في الإصلاحات المؤسساتية والتشريعية التي توصِلُ إلى هذا الهدف، علما بأنَّ العقباتِ أمامَ هذا المسعَى ليست دائما تشريعية، أو سياسية، فالاعتبارات المجتمعية والتمثلات الثقافية، غالبا ما تتداخل مع الأوضاع الاقتصادية، لتعطيل هذا المسعى.

وعلى المؤسسات التشريعية، أن تكون قدوة ونموذجا في تكريس المساواة وإعطاء الفرصة للنساء اللواتي أظهرن دوماً عن عطاءٍ مشهود به، واجتهادات منتجة، ونوعية في العمل البرلماني وفي المؤسسات التمثيلية والتنفيذية عامة.

وكما تبين ذلك الإحصائيات الدولية، فإن نسبة تمثيلية النساء في البرلمانات، انتقلت من 11% سنة 1995 إلى 25% في 2023 كمعدل عالمي. ولئن كانت هذه النسبة تظهر تحسنا كبيرا في الحضور النسائي في البرلمانات، فإنها تؤشر على حجم التحديات التي ما يزال يتعين علينا رفعُها. وكما أشارت الأمم المتحدة إلى ذلك منذ 2011 فإنه "في جميع مناطق العالم، تظل النساء غائبات عن الساحة السياسية، غالبا بسبب القوانين والممارسات والسلوكات والصور النمطية المبنية على مؤشر الجنس".

وإن مما يعكس هذه الصورة هو أنه من بين 44303 برلماني عبر العالم اليوم، هناك 11970 فقط نساء، ما يعني أننا بعيدون عن هدف المساواة في التمكين السياسي، ومما يَتطلب التفكير الجماعي، وتقاسم الممارسات بشأن التشريعات ذات الصلة بهذا الهدف، وتشبيك العلاقات بين البرلمانيات، علماً بأن معركة المساواة ليست معركة النساء وحدهن.

وآمل أن يشكل هذا المنتدى فضاء لحوار حر، يستشرف المستقبل المشترك في قضية مصيرية بالنسبة لمجتمعاتنا.

أشكركن على كريم الإصغاء، وأتمنى لأشغالكن النجاح.