السيد رئيس الجمعية الوطنية للكوت ديفوار،
السيدات والسادة رؤساء الوفود،
السادة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي،
السيدات والسادة أعضاء البرلمانات الوطنية،
السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني الأفريقي،
السيدات والسادة المحترمين،
إِنني لَجِدُّ سعيد سعادة خاصة وأَنا أرحب بحرارة بالجميع في هذا الحفل الافتتاحي للدورة 66 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي.
عندما كنا ننهي أشغال الدورة 65 بتاريخ 30 أكتوبر 2014 في الرباط لم يكن لدينا اقتراح باسم الدولة التي ستحتضن هذه الدورة، لذلك تم تكليف الكتابة العامة للقيام بالاتصالات اللاَّزمة لكي تعقد الدورة 66 للجنة التنفيذية في يونيو 2015.
اليوم، أتيحت لنا الفرصة لكي نعقد الدورة الأولى لهذه السنة في أبيدجان، المقر الرئيسي للاتحاد، في الكوت ديفوار، هذا البلد العزيز على قلوبنا، بدعوة من الجمعية الوطنية للكوت ديفوار.
أشكر باسمكم جميعاً أشقاءنا الإِيفواريين، برلماناً وحكومةً وشعباً، في هذا البلد المضياف الذي أتاح لنا تحقيق هذا الحدث، وهذا اللقاء المتجدد.
كما أشكر بحرارة، باسم أعضاء اللجنة التنفيذية وباسمي شخصياً، بل وأعبر عن امتناني لمعالي السيد Guillaume Kigbafori SORO ، رئيس الجمعية الوطنية للكوت ديفوار. كما أشكر السلطات وأطر وموظفي البرلمان الذين وفروا لنا شروط العمل الجيدة والعناية الملموسَيْن.
وهذا الشكر وهذا الامتنان موصولان أيضاً إلى سلطات الكوتديفوار وإلى الشعب الايفواري بأكمله، على الاستقبال الحار الأخوي الذي أولاه لنا، وعلى هذه الفرصة التي أتيحت لنا من أجل تقدير كرم الضيافة.
إسمحوا لي أن أحيي الحضور الكرام، والذين يعبرون عن مدى ارتباطهم بالمؤسسة البرلمانية والقيم الديموقراطية.
كما أُحَيِّي أصدقاءنا الصحافيين الذين يساعدوننا على تعميم ونشر أعمالنا وأوراشنا فيساهمون بذلك في تكريس الديموقراطيةفي بلداننا.
وشكراً بل وهنيئاً لأعضاء الأمانة العامة على جهودهم التي تسمح لاتحادنا بتنفيذ برنامج عمله السنوي بروح من الحرص والفعالية والتضامن الأخوي.
السيدات والسادة أعضاء اللجنة التنفيذية،
أشعر في هذه اللحظة بغبطة حقيقية لتواجدي معكم اليوم بعد اجتماعاتنا المثمرة في الرباط. وإن حضوركم لدورات الاتحاد البرلماني الأفريقي لدليل على اهتمامكم بالعلاقات بين البرلمانيين، وبانشغالكم الكامل بتحسينها وتقويتها وتعميقها في كل الفضاءاتوالمحافل المختلفة والمتنوعة التي تعرفها أنشطتنا. وهذا ما يجعل من اتحادنا، بدون شك، آلية للتعاون البرلماني في إطار المخطط الإفريقي.
يشكل إذن الاتحاد البرلماني الإفريقي، بالنسبة للبرلمانيين الـمُمَثِّلين والـمُمَثَّلين للبرلمانات الأفريقية، إطارا للتشاور وتبادل وجهات النظر حول التحديات الكبرى التي ينبغي على قارتنا طرحها بغية ضمان تنميتها المستدامة تجاوبا مع طموحات شعوبها.
في هذا الأفق، حققت قارتنا بالفعل تقدما ملحوظا في السنوات الأخيرة، خصوصا في مجال الحكامة والنمو الاقتصادي، لكن الانشغالات والتحديات كثيرة خصوصا تلك التي تستدعي تحركنا الجماعي، أذكر من بينها –هكذا تلقائيا- ضرورة تقوية المؤسسات الديمقراطية، الحكامة الجيدة، محاربة الفقر، محاربة الأوبئة، مواجهة معضلة البطالة (خصوصا بطالة الشباب حَمَلَة الشهادات العليا)،الإرهاب، الجريمة المنظمة، الهجرة والتغيرات المناخية.... إلخ
إن فحص هذه المجالات الحساسة يهمنا ويثير انتباهنا اليوم أكثر من أي وقت مضى كبرلمانيين ينبغي علينا المساهمة في البحث عن حلول لهذه المشاكل التي تعيشها قارتنا، وذلك عبر الخروج بتوصيات ملائمة تقودنا إلى تبني تشريعات وسياسات اقتصادية واجتماعية تدمج مبادئ الحكامة السياسية والاقتصادية الجيدة، وكذا عبر المبادرات التي تعيد إرساء قواعد التضامن على المستويين القاري والدولي.
هذه هي رسالة الاتحاد البرلماني الأفريقي منذ تأسيسه سنة 1976 ليساهم في البحث عن حلول لهذه المعضلات التي تعاني منها قارتنا. وبالفعل، من المهم جدا أن تقوي منظمتنا هذه دورها باعتبارها قوة اقتراحية ليس فقط في مايخص شعوبنا بل وحتى تجاه حكوماتنا التي تحمل على عاتقها واجب التنمية والتقدم لمجتمعاتنا.
في هذا الإطار، أغتنم فرصة هذه الجلسة الافتتاحية للدورة 66 لِأُذَكِّر ببرنامج عملنا لسنة 2015 حيث خصصنا المؤتمر الثاني لقضايا الهجرة والذي سينعقد في ضيافة دولة دجيبوتي. ولا يخفى علينا أن ظاهرة الهجرة هذه تحيلنا على قضية البطالة لدى الشباب، وكذلك الفقر المتزايد، وبالتالي فإن هذه الظاهرة تسائل في العمق أنظمة الحكامة الشاملة.
وتستعد الأمانة العامة لهذا الحدث المهم، بتنسيق مع شركائنا في هذا المشروع وكذا مع البلد المضيف، ومن ثم أدعوكم إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة للمشاركة في التفكير في هذه القضية الشائكة، قضية الهجرة. ومن المؤسف جدا أن بعض المصادر الإحصائية تشير إلى أن الهجرة السرية كلفت حياة أكثر من ستة آلاف شاب إفريقي لاَقَوْا حتفهم في عَرْضِ البحر الأبيض المتوسط فقط منذ سنة 2013، وأكثر من 25 ألف منذ سنة 2000.
أجل، فأمام هذه الكارثة الصامتة، يُصبح ردُّ فعلنا مسألة استعجالية.
إِننا إِذَن نعقد الأَمل وَنَربطُه بهذا المؤتمر الذي سيعقد في الدورة الثانية لهذه السنة حيث سيجتمع عدد كبير من البرلمانيين، من البلدان الأصلية وبلدان الاستقبال، وذلك من أجل اقتراح حلول عامة لهذه الظاهرة التي تبعث على الأَسى والأسف في قارتنا.
السيدات والسادة البرلمانيات والبرلمانيين،
في إطار الدورة 66 للجنة التنفيذية، نحن مشتغلون بعدة قضايا أرى أننا بالتوقف عندها، نجد أنفسنا في قلب حياة منظمتنا هذه ومساهمة أعضائها في إشعاعها على مستوى المشهد السياسي الأفريقي والدولي.
وهكذا، عبر فحص طلبات العضوية وتجديدها ارتأينا أنه من الضروري متابعة مجهوداتنا من أجل توسيع قاعدة اتحادنا، وذلك بِحَثِّ البرلمانات غير المنضوية على الانخراط هادفين من وراء ذلك إلى أن يضم الاتحاد البرلماني الإفريقي كل البرلمانات الوطنية في إفريقيا.
سنناقش في هذه الدورة أيضا تفعيل القرارات والتوصيات التي تم تبنيها خلال الاجتماعات السابقة. وكما تعلمون، في نهاية الحوارات جد الغنية خلال المؤتمر 37 المنعقد في نونبر 2014 في الرباط، - وعلاوة على بيانات متعلقة بداء الإيبولا والوضعية المستجدة آنذاك في بوركينافاصو- تم تبني توصيات تخص موضوعين كبيرين ويتعلق الأمر ب:
1. كفاح البلدان الأفريقية ضد الإرهاب بكل تجلياته وأشكاله عن طريق تقوية القدرات الوطنية والنهوض بالتعاون الدولي في هذا المجال.
2. تحقيق التنمية المستدامة بكل أبعادها، وذلك باعتبارها هدفا أساسيا من أجل السلم والأمن والتقدم الاقتصادي والاجتماعي للبلدان الأفريقية.
وهما قضيتان هامتان، وذلك بالنظر إلى التهديدات الخطيرة التي يشكلها الإرهاب بالنسبة إلى السلم والأمن الدوليين، وبالنسبة إلى المجهودات المبذولة في مجال التنمية المستدامة لبلداننا. كما أن العجز الذي يعرفه المجال التنموي يؤدي إلى عدة معضلات كالفقر والأوبئةوالتفاوتات والاختلالات الاجتماعية والصراعات الداخلية والكوارث الأخرى التي تمثل مصدرا للاضطراب في أفريقيا.
سنقوم بعمل مُجْدٍ إذا عرفنا، عن طريق التقرير الخاص بالأنشطة بكل مجموعة وطنية، بالمبادرات المتخذة على المستوى الوطني من أجل تنفيذ هذه التوصيات. وستمكن هذه التقارير، ليس فقط من تقييم أثر الحلول والتوصيات بل وأيضا من تعميق معرفتنا المشتركة بأنشطة ومناهج العمل البرلماني.
وبخصوص مخطط العمل والتقوية المؤسساتية للاتحاد البرلماني الأفريقي الذي تم اعتماده في الرباط، ستتم دراسة المقترحات خلال الدورات القادمة، وكذا فحص النصوص الأساسية للاتحاد التي تخص هذا المخطط والتي هيأتها الأمانة العامة، وفحص التدابير التي اتخذها كل جانب من أجل تفعيلها.
وبالتالي فإن أعضاء اللجنة التنفيذية مدعوون إلى الانكباب على تمويلات الاتحاد من خلال تبني حساب التسيير المنجز لسنة 2014، بالإضافة إلى تقرير المدققين للحسابات.
إسمحوا لي في هذا المستوى أن أُذَكِّر بأن ميزانية الاتحاد تم تمويلها بأكثر من 90% عن طريق المساهمات السنوية للأعضاء.ويدعو ذلك، دون شك، إلى بعضٍ من القلق، خصوصاً وأن نسبة المساهمات انخفضت ما بين 49 و47 % سنة 2014 بالنظر إلى 54إلى 59 % سنة 2013، علماً أنها وصلت إلى 64,29 % سنة 2012.
لايجب إذن أن نغض النظر عن الصعوبات المادية التي تعانيها بلداننا، لكن في الوقت ذاته ينبغي علينا أن نمكن منظمتنا من وسائل العمل الضرورية لكي تشتغل على أفضل وجه وترقى إلى مستوى التطلعات والانتظارات.
أود أن أدعوكم أيضاً إلى إعادة النظر في القانون المنظم للمساهمات لنتفادى على الأقل مشكلة المخلفات والتأخر في الدفع.
من جهة أخرى، يقترح هذا الاجتماع مناقشة المشاريع المبرمجة في جدول الأعمال لاجتماعاتنا المقبلة، أي الدورة 67 للجنة التنفيذية والمؤتمر 38 لرؤساء المجالس البرلمانية الوطنية المزمع عقده في نونبرالمقبل في غينيا بيساو، من أجل ذلك، ينبغي علينا اختيار المواضيع التي سيتم التطرق إليها واضعين نصب أعيننا أولويات قارتنا. كماأن لجنة النساء البرلمانيات، ستقترح أيضا الموضوع الذي يشغل جلسات عملهن وحوارهن بمناسبة المؤتمر 38.
وأغتنم هذه الفرصة لأعبر عن شكري المسبق، باسمكم جميعاً، لبرلمان غينيا بيساو الذي سيحتضن اجتماعاتنا المقبلة هذه.
حضرات السيدات والسادة،
لكي أختتم كلمتي هذه، ينبغي أن أستحضر في هذا الإطار، وفي سياق تعاوننا مع الاتحاد البرلماني الدولي، حملة التعبئة الراهنة من أجل دور حيوي مشع وقوي للبرلمانات في العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهو الدور الذي
سيبرز بوضوح في الإعلان الذي سيتم نشره وتعميمه خلال قمة منظمة الأمم المتحدة التي تنعقد خلال شهر شتنبر المقبل وتفتتح عملية أهداف التنمية المستدامة (Les ODD).
ولهذا الغرض، فإن مشروع نص اقترحه الاتحاد البرلماني الدولي، انسجاما مع المهمة التي عهدت إليه في الدورة الأخيرة التي انعقدت في هانوي بجمهورية الفيتنام في الفترة ما بين 28 مارس وفاتح أبريل 2015، وقد تم اقتراح هذا النص على السادة السفراء من أجل إدماجه كفقرة خاصة حول دور البرلمانات في مشروع النص، والذي سيعرض على أنظار المؤتمر الدولي حول تمويل التنمية المتوقع عقده في أديس أبابا في الفترة ما بين 13 و 16 يوليوز المقبل.
لهذا، من موقعي كرئيس للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي، أود أن أتوجه إليكم جميعا مقترحا عليكم التحرك السريع والفاعل تجاه سفراء بلدانكم الموقرة قصد بذل الجهد المثمر لجعل هذه الفقرة الهامة تندمج ضمن النص النهائي لإعلان قمة أديس أبابا.
ينبغي إذن استثمار هذه القمة لإبراز دور البرلمانات والتنصيص عليه كي نمكن المؤسسة التشريعية من آلية مراقبة فعالة بخصوص الالتزام التنموي ومتطلباته. ومن ثَمَّ أقترح، إذا ما كان ذلك ممكنا، فحص هذا النص الذي سيوزع عليكم خلال اجتماعنا هذا في أبيدجان.
وختاما، أجدد شكري للجمعية الوطنية للكوت ديفوار، لرئيسهاولكافة مسؤوليها وأطرها. كما أجدد لكم جميعا التحيات والتقدير آملا أن نتوفق في هذه الدورة التي أعتبرها دورة تؤسس – بدون شك –للمراحل المقبلة من عملنا والتزاماتنا.
شكرا لكم جميعا على حضوركم واهتمامكم