Aller au contenu principal

كلمة السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية للدورة 27 للجمعية الجهوية لإفريقيا بالجمعية البرلمانية للفرنكفونية

14/06/2019

السيد الوزير،

الزميلات والزملاء،

السيدات والسادة،

           

أود في البداية أن أرحب بكم في المغرب بلدكم الثاني، وأن أعرب عن سعادتي في افتتاح الدورة 27 للجمعية الجهوية لإفريقيا التي تنعقد في إطار الأنشطة المنتظمة للجمعية البرلمانية للفرنكفونية.

قبل سنتين اجتمعنا هنا في هذه القاعة بالذات في إطار الدورة 25 للجمعية الجهوية لإفريقيا، حيث ناقشنا العديد من الإشكاليات التي ماتزال تتسم بالراهنية على مستوى الدول والبرلمانات والمجتمع المدني من قبيل الاستقرار والأمن والمقاولة والحكامة.

ويندرج الموضوعان اللذان تم اختيارهما محوراً لهذه الدورة في نفس المنطق ويعكسان انشغالاتنا المشتركة :

   1 - الاندماج الجهوي

و 2 - التحديات التي تواجهها البرلمانات في إفريقيا.

وما من شك في أنهما محوران متكاملان، إذ إن بناء فضاءات اقتصادية مندمجة مشروط بالاستقرار والسلم وتقوية دولة القانون والمؤسسات التي تحظى بالشرعية الشعبية.

وتنعقد هذه الدورة بعد أيام من دخول اتفاقية التبادل الحر القارية الإفريقية حيز التنفيذ يوم 30 مايو 2019. ويتعلق الأمر بخطوة جبارة بالنسبة للاقتصادات الإفريقية، وبالنسبة لشعوبنا التي تتطلع إلى مستقبل أحسن مع قيام فضاء  مشترك للتنقل الحر للأشخاص والبضائع والخدمات ييسر الصعود الإفريقي في سياق أكثر جاذبية للاستثمارات. ويتعلق الأمر بثمرة تراكم عدة تجارب من الاندماج الاقتصادي الجهوي.

واسمحوا لي أن أذكركم في هذا الصدد، بأنه في سياق العولمة، فإن حسن تدبير الزمن الاقتصادي أصبح ضرورة حيوية. كما أن مستقبل إفريقيا رهين بإعمال آليات للتكامل يكون من مكوناتها التضامن العضوي بين اقتصادات دول القارة.

لقد تم منذ بداية استقلال بلداننا إحداث ثمان مجموعات اقتصادية جهوية؛ ومع ذلك، فإن النتائج  المحققة، تسائلنا، ذلكم أن وضع حصيلة واقعية حسب كل تجربة أصبح يفرض نفسه. ويظل الهدف هو استخلاص الدروس الضرورية من أجل التقدم وذلك بمعالجة مَوَاطِن الضعف.

لقد أحدث إطلاق منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية، باعتبارها مشروعا اقتصاديا استراتيجيا، وضعا جديداً. ويفرض التباين في مستويات التنمية التدرج في تنفيذ مقتضيات اتفاقية التبادل الحر هاته، وذلك من أجل رفع التحديات المحتملة التي تواجهها القارة من قبيل القضاء على الفقر، وتحقيق التصنيع والولوج إلى العهد الرقمي.

في هذا السياق، يشكل التعاون البرلماني جنوب-جنوب وسيلة أساسية لدعم وتعزيز التعاون جنوب-جنوب بين البلدان الافريقية.

ويتعين علينا جميعا تَمَلُّكُ هذا الاختيار واعتماده بهدف تعزيز القيم الديموقراطية وتقوية المشاركة السياسية وتنفيذ الاصلاحات الضرورية للتطوير المؤسساتي. وتتمثل مهمتنا، خاصة في إطار جمعيتنا البرلمانية، في القيام بمبادرات تتوخى توفير البيئة السياسية والتشريعية والقانونية الكفيلة بتشجيع الاستثمارات وتحفيز التنافسية الاقتصادية بما يحقق التنمية البشرية والعدالة الاجتماعية.

ويتعين علينا من جهة أخرى، تعبئة الرأي العام وضمان ثقته من أجل التزام جماعي حول مصالحنا المشتركة وحقوقنا الطبيعية في ممارسة ديموقراطية أكثر قوة، وجعل مجتمعاتنا أكثَر إدماجا وتضامنا على أساس المساواة في الفرص.

وتعتبر العلاقة بين النظام البرلماني والاندماج الجهوي في إفريقيا حاسمة، والعلاقة بين الديموقراطية والتنمية بالغة الحيوية. وتكتسي هذه العلاقة أهمية قصوى عشية تخليد اليوم العالمي للنظام البرلماني يوم 30 يونيو من كل سنة، والذي يعتبر بالنسبة إلينا، نحن البرلمانيون الأفارقة، مناسبة لتقييم أثر العمل البرلماني على مجتمعاتنا وتقويم المكتسبات واستشراف آفاق جديدة من أجل تحسين الأداء البرلماني.

ويظل الهدف هو تحفيز البرلمانات على تجديد آليات عملها وتطوير أدائها المؤسساتي بهدف تيسير إنتاج أحسن في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي والمساهمة، مع الحكومات، في التقدم الديموقراطي واعتماد وتنفيذ القوانين وكذا السياسات الناجعة.

وتبقى غايتنا الأساسية في إطار الجمعية البرلمانية للفرنكفونية والجمعية الجهوية لإفريقيا هي تقوية سلطات البرلمانات في الحياة السياسية لبلداننا. ويتعين علينا كبرلمانيين الدفاع عن مصالح الشعوب الافريقية وتطلعاتها وتعزيز التضامن وترسيخ الثقافة الديموقراطية وتعزيز دولة القانون وصيانة حقوق الانسان.

ولعل من  أهداف النظام البرلماني العقلاني تطوير النظام السياسي المبني على التمثيلية وضمان التوازن الضروري بين السلطات، والحفاظ على الاستقرار المؤسساتي باعتباره شرطا ضروريا لتحقيق التراكم الديموقراطي.

في هذا الإطار، يتعين على جمعيتنا البرلمانية أن تجتهد في البحث عن المناهج والوسائل الضرورية للرفع من مستوى الأداء والحكامة البرلمانية في البلدان الإفريقية بهدف رفع تحديات التنمية؛ فالديموقراطية في إفريقيا لم تعد من باب الاحلام، إنها بصدد التحقق، وهي من يوم لآخر، واقع معاش.

وإذا كنا لا نتفق  مع الأطروحة القائلة بنهاية الديمقراطية كما هي ممارسة في البلدان ذات النضج المؤسساتي، فإننا مقتنعون بأن أزمة النظام التمثيلي تسائلها من أجل استخلاص أقصى ما يمكن من الدروس والعبر وإثبات أن الديموقراطية في الجنوب، وخاصة في افريقيا، هذه القارة الصاعدة، يمكن أن تفتح آفاق جديدة وتضع أسس أشكال جديدة من التمثيلية المؤسساتية التي تجسدها البرلمانات باعتبارها الحجر الأساس لكل بناء ديموقراطي وركيزة الاستقرار، إذ إن الفراغ المؤسساتي لا يؤدي، ولن يؤدي، إلا إلى الفوضى وإلى المجهول.

إن أملنا الجماعي والمشترك، هو إرساء أسس إفريقيا جديدة موحدة، أكثر تطوراً ونماءً وتضامنا، إفريقيا الأجيال الجديدة، إفريقيا الشباب والنساء المبنية على الثقة والتفاؤل وكما قال Leoporld Sédar Senghor فإننا "لا نرث الأرض عن أجدادنا ولكننا نورثها لأبنائنا".