Aller au contenu principal

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في افتتاح أشغال الدورة الثالثة للجنة البرلمانية المشتركة بين مجلس النواب المغربي والجمعية الوطنية للكيبيك

03/03/2015

بسم الله الرحمن الرحيم

 السيد جاك شانيون، رئيس الجمعية الوطنية للكيبيك،

السادة أعضاء الوفد البرلماني الكبيكي

زملائي وزميلاتي أعضاء اللجنة في مجلس النواب

السيدات والسادة

 

يسعدني غاية السعادة أن افتتح معكم أشغال الدورة الثالثة للجنة البرلمانية المختلطة بين مجلس النواب المغربي والجمعية الوطنية للكبيك وأن أرحب بكم،  السيد الرئيس، وبأعضاء الوفد المرافق لكم من برلمانيين ومسؤولين في مجلسكم التشريعي.

وأود في البداية أن أعرب عن ارتياح مجلس النواب بالمملكة المغربية لانتظام أشغال هذه اللجنة المختلطة وللحيوية التي تميز أعضاءها، ولما حققته وما راكمته من أفكار واقتراحات مساهمة على هذا النحو في تعزيز العلاقات المغربية الكبيكية في مختلف المجالات. وفضلا عن كونها إطاراً لتبادل الخبرات والأفكار حول مواضيع محددة، فإنها تشكل فضاء للنقاش السياسي الحر ورافعة للتعاون المتميز والطموح الذي يجمع بين المغرب وكبيك، خاصة والمغرب وكندا بصفة عامة، وهو تعاون يتأسس على مرتكزات مشتركة ليس أقلها الارث والثقافة الفرنسية والتي تنضاف في الحالة الكندية الى الارث الانجلوساكسوني الغني، وفي الحالة المغربية إلى إرثنا وحضارتنا العريقة والقارية في أعماق التاريخ والمتوجهة إلى المستقبل والغنية بمكوناتها المتعددة. إن هذا التعدد الثقافي الثري الذي يعد من سمات بلدينا ودليلا على ثرائهما الحضاري، لاييسر فقط تعاوننا الثنائي، ولكنه يجعلنا نتشبث أكثر بالقيم الانسانية من ديموقراطية وتسامح ومنهجية الحوار والدفاع عن السلم وبناء علاقات دولية أساسها التعايش والتضامن والتعاون. ولست في حاجة إلى البرهنة على حاجة المجتمع الدولي الكبرى، اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تحصين هذه القيم وإلى الدفاع عنها، في سياق دولي متوتر وفي ضوء اشتداد نزعات التعصب واللاتسامح والتشدد، وفي ضوء الفوضى التي تقوض اليوم العديد من الكيانات الوطنية في منطقة الشرق الأوسط وبعض بلدان إفريقيا.

 

السيد الرئيس، الزملاء والزميلات

السيدات والسادة

يراهن مجلس النواب بالمملكة المغربية والجمعية الوطنية للكبيك، على أن تكون هذه اللجنة البرلمانية المشتركة رافعة للتعاون الثنائي، وفضاءً للنقاش الحر ولاقتراح الأفكار التي من شأن إعمالها المساهمة في الارتقاء بتعاوننا وتعزيزه وتنويعه، في كافة الميادين. وإذا كانت العلاقات السياسية بين المغرب وكبيك على الخصوص، والمغرب وكندا على العموم ممتازة، مدعومة بعلاقات بشرية وثقافية يثريها الاستقبال النوعي الذي تحظى بها الجالية المغربية المقيمة بالكبيك التي تساهم في بناء الاقتصاد بالكبيك، فإن علاقاتنا الاقتصادية تحتاج إلى مزيد من الرافعات لترتقي إلى مستوى الطموح السياسي المشترك من قبيل تعزيز النقل الجوي والبحري وزيادة الاستمارات الكندية، والكبيكية خاصة، في المغرب المؤهل ليكون قاعدة اقتصادية لانتشار المقاولة الكندية والكبيكية بإفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. ولاشك أن المجال البحري الأطلسي ييسر هذا الأمر.

وينبغي من جهة أخرى، العمل على تعزيز مبادرات التعاون الثقافي وفي مجال التربية والتكوين الذي يعتبر اهتماما مركزيا في مغرب اليوم المتطلع إلى الاستفادة من تجارب ودعم البلدان الديموقراطية الصديقة ليكون القطاع مشتلا لتخريج الموارد البشرية الكفأة المساهمة في بناء بلادها بالجودة المطلوبة.

 

السيد الرئيس

الزملاء والزميلات

السيدات والسادة

بالإضافة إلى النقاش العام، يتضمن جدول أعمالنا مناقشة موضوعي "الشباب والبرلمان" و"استعمال وسائط التواصل الاجتماعي"، وهما موضوعان هامان مرة أخرى في السياق الدولي الاقليمي الراهن.

فاليأس وعزوف الشباب عن المشاركة السياسية، هي من الأسباب التي تيسر احتدام النزاعات التي تشهدها العديد من مناطق العالم. ومع كامل الأسف فإن ظاهرة عزوف الشباب عن السياسة هي ظاهرة عالمية، خاصة بسبب الأزمات الاقتصادية ونتائجها في ما يخص التشغيل وضعف المداخيل واتساع دوائر الفقر، إذ تبدو السياسية غير ذات مردودية كبرى. وتعتبر الاحصائيات، التي تحظى بالمصداقية في هذا الصدد مقلقة، إذ أن 6 في المائة فقط من البرلمانيين عبر العالم تقل اعمارهم عن 35 سنة وأن متوسط عمر البرلمانيين في العالم هو 53 عاما فيما يشارك الاشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 سنة بدرجة أقل في الانتخابات من غيرهم من الفئات العمرية الأخرى.

ولاشك أن لذلك أسبابا أخرى غير تلك التي ذكرنا من قبيل هيمنة ثقافة السرعة والتعاطي السطحي مع الشأن العام واهتزاز ثقة الشباب في أنماط الحكامة السائدة وضعف وسائل التربية والتأطير السياسي.

 إن الأمر يرتبط بالمشاركة والعمل الحزبي والسياسي والتأطير وتواجد الشباب في المؤسسات التمثيلية، ودور الوساطة السياسية، والثقة في العمل السياسي والحزبي، ونجاعة الوسائل المستعملة في التأطير، ومدى قرب  النخب من المجتمع.

وفي حالة الديمقراطيات الصاعدة وما يواكبها من انفتاح ومن ممارسات وتمثلات وطموحات، وفي سياقات البناء الديمقراطي الهش، قد يتحول مطلب الديمقراطية ونعمها وفضائلها إلى ريبة وشك وعدم الثقة في المؤسسات إذا كان التأطير ضعيفا، وإذا كان سقف الوعود عاليا بالقياس إلى إمكانيات التحقق وإذا افتقدت الثقة في المؤسسات، مما يطرح سؤال مستوى ونوعية وفعالية التأطير السياسي من جانب الأحزاب.

إننا مطالبون كمشرعين وممثلين لإرادة الشعوب بإيجاد الأجوبة العملية لتجاوز هذا العزوف الكبير من جانب الشباب عن السياسة. ولا شك ان ذلك لن يتأتى الا من خلال تجاوب البرلمانات والنخب عموما مع انشغالات وطموحات الشباب من حيث الاهتمام والخطاب والدفاع عن مصالحه، وإرساء الثقة بين الفاعلين السياسيين المؤسساتيين في البرلمان والأحزاب السياسية والشباب وجعل البرلمانات قريبة من اكثر من المواطنين، ومؤسسات للدفاع عن الحكامة والشفافية والإنصاف والاستحقاق وعدم اختزال مهامها في الأدوار التقليدية للمؤسسات التشريعية.

ويظل إعطاء فرص أكبر للشباب للانخراط في العمل السياسي والحزبي من خلال جعل الأحزاب قنوات للولوج إلى البرلمانات، وتيسير تداول النخب وتجديدها، قنوات أساسية لمواجهة العزوف عن المشاركة. وينبغي من جهة أخرى إعادة الاعتبار لدور النخب في سياسات القرب من الشباب وتجسير العلاقة بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والاستثمار في وسائل وتكنولوجيا الإعلام والاتصال لتقريب السياسة والعمل العمومي من الشباب، وهو ما يشكل المحور الثاني في مناقشاتنا.

 

السيد الرئيس

السيدات والسادة

يوفر التطور التكنولوجي الهائل، إمكانيات كبرى للتواصل إذ أنهى احتكار المعلومات والأخبار، بثا واستهلاكا واستعما. ويبقى التوظيف السياسي لهذه الإمكانيات من رهانات الديمقراطيات المعاصرة خاصة وإنها أيضا تعتبر من الأدوات الأساسية اليوم لإعمال الشفافية والحكامة بل إنها أصبحت في عدة حالات وسائل رقابة مجتمعية موازية.

إننا كسياسيين، في الواقع، امام فرصة تاريخية لإبلاغ رسائلنا الى المجتمعات والتقليص من العزوف السياسي والتحفيز على المشاركة ومواجهة خطاب العنف بأفكار من اجل الحياة إذا نحن أحسنا توظيف مكتسبات تكنولوجيا التواصل.

    وفي سياق حرصها على الاستعمالات الإيجابية لهذه الوسائط، يمكن للبرلمانات وأعضائها ان يعطوا المثال في تسخير هذه الوسائط من اجل تداول المعلومات والمعطيات والتعبئة، والتحسيس بقيم المشاركة والديمقراطية والانفتاح والاعتدال ومحاربة الخطابات والأفكار المتطرفة والتي تحث على التعصب وعدم التسامح وكراهية الآخر أمام تراجع المشاركة السياسية على المستوى العالمي وضعف الاهتمام بقضايا الشأن.

ومن جهة أخرى، فإن طبيعة ومضمون العمل البرلماني (التشريع ومساءلة الحكومات والرقابة على السياسات العمومية والحرص على إعمال الشفافية والحكامة في تدبير الشأن العام) تشكل محتويات غنية ينبغي أن يتم تزويد المواطن الناخب بها، ليكون في صورة اشتغال ممثليه في المؤسسة التشريعية. وعلى هذا النحو ستكون الاستفادة متعددة ومفيدة في عدة اتجاهات.

وادراكا منا لاهمية التكنوجيا الرقمية ، فقد وضعنا في مجلس النواب رقمنة عملنا وتيسير ولوج المؤسسة الى العهد الرقمي في مقدمة خطة عملنا.

 

السيد الرئيس

السيدات والسادة 

تتطلب التحديات الراهنة التي يواجهها العالم اليوم وفي مقدمتها التحدي الارهابي والعنف العابر للحدود، من البرلمانات، وطنية كانت ام اقليمية، ومن النخب السياسية، تفكيرا جماعيا في اقتراحات للتصدي لجذور ازمات العالم المعاصر واسبابها المعاصرة كذلك. ولا شك ان حوارنا البرلماني هذا يشكل نموذجا لما يمكن ان يكون بين المشرعين.

أجدد الترحيب بكم في ارض المملكة المغربية وادعوكم لأخذ الكلمة.