Aller au contenu principal

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في اجتماع اللجنة التنفيذية لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي

10/06/2014

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد رئيس المجلس المستشارين،

السيد  الأمين العام لمجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاسلامي،

السادة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد،

إِسْمَحُوا لي أنْ أُعَبِّرَ عن سرورنا، في مجلسِ النّواب في المملكة المغربية، بهذا اللقاء للهيأة القيادية لاتحاد مجالس الدول الأَعضاء في منظمة التعاون الاسلامي، وأن أَرحِّبَ بكم جميعاً، وواحداً واحداً، هُنَا على أَرْضِ المغْرب بين ظُهْرَانَيْ إِخْوَةٍ لكم، وذلك استعداداً وإعداداً لأُفق العمل الخاص بهذه المنظمة الدولية الوازنة، وبالخصوص لاجتماع يومِ غَدٍ الخاصِّ باللجنة الدائمة لشؤون فلسطين، بمشاركة عدد من الوفود والشخصيات الشقيقة تمثل المجموعات العَرَبية، والأَسيوية، والأَفريقية فضلاً عن الجمهوريات الثلاث التي تمثل الترويْكا.

ونحن سُعَداءُ بذلك.

سعداءُ، لأَننا نجدِّدُ اللقاء والأُخُوةَ والصَّداقَةَ في بلدكم الثاني، المملكة المغربية. هذا البلد الذي أَسْهَم بفعالية، خلال شهر يونيو/حُزَيْران 1999 بالعاصمة الإِيرانية طهران، في المؤتمر الأول، التأسيسي، لاتحاد مَجالِسِ الدول الأَعضاء في منظمة التعاون الاسلامي، وذلك قبل أن يستقبل المؤتمر في دورته الثانية بالرباط سنة 2001 وتتحمل بلادُنا وبرلمانُنا المسؤولية الأولى على رأس هذا الاتحاد في ظروف كانت قد تميزت – كما نَذْكُر – بأحداث 11 شتنبر  من 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، وما أعقب تلك الأحداث من تداعيات ونتائج قاسية مَسَّت بعنف عالمنا الاسلامي والعَرَبِي، وأَضرَّت بمكانة حضارتنا الاسلامية بل مَسَّتْ، في الكثير من الذهنيات الغربية، صورة ديننا الاسلامي الحنيف، وذلك في ظل الخلط والتشويه وسوء الفهم وسوء النوايا.

ونحن سعداء لأنكم، هُنَا في الرباط، تُذَكِّروننا بكون المغرب على عهد ملكه الراحل المرحوم الحَسَن الثاني طيب الله ثراه هو الذي كان مُبَادِراً إِلى الدعوة إِلى عقد أول قمة إِسلامية سنة 1969، في أَعقاب حادثة الاعتداء على المسجد الأَقصى في القدس الشريف، بل واحتضن تلك القمة في سياقِ كوني كان قد أصبح في حاجةٍ إِلى جمع شمل مكونات الأمة الإسلامية وتوحيد كلمتها فيما هو حَقّ، وفيما يَصُونُ للاسلام كعقيدةٍ وكحضارةٍ إِنسانيةٍ هَيْبَتَهُ ومكانَتَه في العالم المعاصر، وفيما يُعَمِّقُ الأُخُوة الاسلامية ويُجدِّدُها فِكراً وممارسةً.

نحن سُعَداءُ أَيْضاً لأَن هذه المحطةَ التنظيمية تَأْتي لتولي الاعتبار اللائق، ضمن انشغالاتِ منظمتنا، بالشأن الفلسطيني وبقضية القدس الشريف إِلى أَن تتحقق إِن شاء الله الأَهداف والحقوق المشروعة وغير قابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، والتي تتمثل في تحقيق الاستقلال الوطني الكامل، والتحرر الفعلي من كل مظاهر الاحتلال الاسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على تراب فلسطين وعاصمتها مدينة القدس.

وفضلاً عما تُمثِّلُه القضية الفلسطينية باعتبارها تُمَثِّلُ عمق الصراع السياسي في الشرق الأوسط، فإِنها تمثل بالنسبة للمسلمين أَشْرَفَ قضية يلتحم فيها الدنيوي والمُقَدَّس من خلال عدالة النضال الإسلامي من أَجل القدس، مدينةً وحَرَماً مقَدَّساً وفضاءً للتَّعَبُّد الديني التوحيدي المتسامح وباعتبارها أرضاً لا تتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة تنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 وتصونُها مواثيق وقرارات الشرعية الدولية.

ولا يخْفَى ما تمثِّلُهُ القدسُ بالنسبة للمغرب وللمغاربة، لافقط لأن المملكة يتَشَرَّفُ عاهلُها الكريم جلالةُ الملك محمد السادس حفظه الله بِتَرؤُّس لجنة القدس الشريف، وأسْهَم جلالتُهُ بقسْطٍ أوفر في دعم صمود أهل القدس، وإِنشاء وكالة بيت مال القدس التي يحتضنها المغرب (هُنَا في الرباط) وتحظى بدعم بلادنا مالياً ولوجيستياً وإدارياً ومؤَسَّسِياً، وإنما لمكانة القدس في الذاكرة الدينية والروحية والحضارية والثقافية والتاريخية للمغرب والمغاربة.

ومن هُنَا، فإننا معكم، بحضوركم الفعلي المشكور، الذي يُشَرفُنا ونعتز بِهِ، وبفضل إِسهامكم المثمر إِن شاء الله تعالى، لَنَتَطَلَّعُ إِلى مواصلة التفكير في الشأن الفلسطيني والتخطيط لما يَنْبَغي أن ننخرط فيه جميعاً، في إطار اتحاد مجالس الدول الأَعضاء في منظمة التعاون الإسلامي.

وأغتنم المناسبة لأُنَوِّه بكل الأعمال الجليلة التي نَهض بها هذا الاتحاد البرلماني الإسلامي الموَقَّر، رئاسةً وأَمانةً عامةً وطاقماً دبلوماسياً وإِدارياً، آملاً أَن نسهم جميعاً في تطوير هذا الاتحاد، والعمل المكثَّف على المزيد من إِسماع صَوْتِهِ في المنتديات العَالَمِية، وذلك في سِيَّاِق التحولات الكونية التي أَضْحَت في حاجة أكبر إلى الإِرادة الديموقراطية، وترسيخ وتقوية وتعميم الفكرة الديموقراطية، كما هو واضح في بعض أقطارنا العربية التي أَعْطَتِ الاشاراتِ تِلْوَ الإِشارات إِلى ضرورة النزوع إلى الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي والاجتماعي والثقافي وإِعادة بناء العلاقات بين الحاكمين والمحكومين على قاعدة الشرعية وروح المُوَاطَنَة والحكامة الديموقراطية.

مرةً أخرى، أشكركم أيها الإِخوة على حضوركم وأتمنى أَن تُكلَّل أشغال اليوم والغد بالنجاح.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.