Aller au contenu principal

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب خلال مراسيم إطلاق مشروع التوأمة المؤسساتية بين مجلس النواب بالمملكة المغربية والجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس العموم البريطاني

 

   صاحب المعالي السيد Claude bartolone رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية والزميل العزيز،

 

السيد  Jeffrey Donaldsonعضو مجلس العموم البريطاني وممثل رئيس المجلس

 

السيد فيليب فوليو، نائب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الفرنسية

 

صاحبي  السعادة السفير Rupert Joy  و السفير Jean François Girault

 

السادة أعضاء المكتب ورؤساء الفرق ورؤساء اللجان

 

السيدتين رئيستي مجموعتي الصداقة البرلمانية الـمغربية الفرنسية و الـمغربية البريطانية،

 

السيدات والسادة،

 

 

 

يسعدني أن أترأس اليوم إلى جانب السيد الرئيس والزميل العزيز كلود بارتولون، رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية مراسيم إطلاق إنجاز مشروع التوأمة المؤسساتية بين مجلس النواب في المملكة المغربية والجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس العموم البريطاني الممول من طرف الاتحاد الأوروبي.

 

وأود في البداية أن أجدد الترحيب بالسيد الرئيس كلود بارتلون والوفد المرافق له وأخص بالذكر السيد فليب فوليو، نائب رئيس مجموعة الصداقة البرلمانية الفرنسية-المغربية في الجمعية الوطنية الفرنسية والسيد جيفري دونالدسون، عضو مجلس العموم البريطاني.

 

كما أرحب  بالسيدين السفيرينوبالسيدات والسادة مسؤولي البعثات الدبلوماسية الذين يشاركوننا هذه المراسيم.

 

وإنه لمن حسن الصدف أن ينظم لقاؤنا، وقد مرت عشرون عاما على توقيع اتفاقية الشراكة بين المملكة المغربية والاتحاد الأوروبي عام 1996، والتي كانت الأولى من نوعها التي توقع مع بلد عربي وفي الجوار المتوسطي لأوروبا الموحدة. وخلال عشرين عاماً، راكم الطرفان تعاوناً مثمراً ومبادلات متنوعة ومكثفة واتفاقات قطاعية ومشاورات سياسية عميقة ومكثفة وممتدة في الزمن وعلى كافة المستويات مما أثمر في 2008 منح الاتحاد للمغرب ما يسمى "بالوضع المتقدم" الذي فتح آفاقا جديدة وواسعة لعلاقات الطرفين ويسَّر المبادلات التجارية بينهما وفتح أبواب العديد من الوكالات والآليات الأوروبية أمام المغرب.

 

ولكن هذه المبادلات على أهميتها لا يمكن أن تكون غاية في حد ذاتها. وإنه لَمُخْطِئٌ من يختزل الشراكة المغربية والاتحاد الأوروبي في التجارة والأعمال والاستثمار. فالمشروع الذي نحن بصدد إطلاقه اليوم في رحاب هذه المؤسسة التي تجسد الإرادة الشعبية، يعكس جزءاٌ من ذلك المشترك من القيم الذي نتقاسمه : الديموقراطية والتعددية السياسة والثقافية والتسامح وصيانة حقوق الانسان الفردية والجماعية والدفاع عن السلم ومناهضة التطرف والتعصب والإرهاب، والتضامن والعدل.

 

وبالتأكيد، لن نختلف كَنُخَب سياسية في اعتبار أن هذه القيم هي قبل المصالح أساس هذه الشراكة المتقدمة والمعمقة.

 

ولولا تَقَاسُمُنا لهذه القيم، ما كانت المشاورات ستنتج القرارات السياسية الاستراتيجية التي تؤسس لهذه الشراكة، والوضع المتقدم الذي يحظى به المغرب اليوم في علاقته بالاتحاد الأوروبي وهو الوضع الذي جاء بفضل ما راكمه المغرب من إصلاحات سياسية ودستورية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية أهلته، عن استحقاق، ليكون شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي. و فضلا عن دوره كركيزة أساسية للاستقرار الدولي، وخاصة الاقليمي، وفي حوض المتوسط ووفائه بالتزاماته الدولية، وإيمانه بضرورة قيام علاقات دولية عادلة ومتوازنة، فإن المغرب أثبت، وما يزال يثبت، استثناءه في السياق الاقليمي والقاري أنه بصدد تثبيت مكانته بين الديموقراطيات المعاصرة وينجز مستلزمات هذا الانتماء إلى معسكر الديموقراطيات ودولة المؤسسات .

 

 وحين يسلك المغرب هذا الطريق، فإنه لا يفعل ذلك تحت الطلب أو الضغط، ولكنه ينجز ذلك بتوافق إرادات مكونات الأمة ولإيمانه بأن الديموقراطية ودولة القانون والحرية هي السبيل الى الاستقرار والتنمية والتقدم . إنها طبيعة هذه البلاد المتنوعة والمتعددة والتي نص دستورها منذ أول نسخة في 1962، على منع نظام الحزب الوحيد، والتي توفرت منذ استقلالها على تعددية حزبية ومجتمع ديناميكي ويقظ وصحافة متنوعة وحرة ورأي عام مدرك لمجريات الأحداث ومؤثر فيها. ويرتكز هذا البناء على عراقة الدولة المغربية التي تشكل الملكية فيها اللحمة الموحدة والجامعة لمكونات الأمة.

 

وقد حقق هذا النموذج المغربي طفرة نوعية في 2011 باعتماد دستور جديد جد متقدم تحرري يضمن الحقوق والواجبات و ينص على إحداث المؤسسات والآليات التي تضمن توازن السلط واستقلاليتها ويوسع إلى أقصى حد من مجال القانون ويربط المسؤولية بالمحاسبة.  

 

السيد الرئيس

 

الزميلات والزملاء

 

السيدات والسادة

 

إن للديموقراطية والإصلاح كلفة ومستلزمات اقتصادية واجتماعية، لأن المواطن في حاجة إلى أن يلمس انعكاس الديموقراطية على أوضاعه ودخله ومستوى معيشته، وفي الشغل والحصول على الخدمات الاجتماعية بالجودة المطلوبة، وذلك ما يعمل المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله على تحقيقه ويبدل من أجله جهوداً كبرى.

 

وما من شك أن شراكاتنا الدولية، وخاصة الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الذي تفوق نسبة المبادلات المغربية مع بلدانه 60 في المائة من مجموع مبادلاتنا مع الخارج، والذي نقدر دعمه لجهودنا الإنمائية ودعمه المتميز لإصلاحاتنا، هي أحد الدعامات لتثبيت موقعنا في البلدان الصاعدة.

 

ولكن اسمحوا لي، السيدات والسادة، أن أكون صريحاً وأذكر بالعراقيل التي تقف من حين لآخر في طريق هذه الشراكة الاستراتيجية، وتحاول إرباك علاقاتنا الراسخة والمتأصلة. فالاتفاقيات التي تجمع الطرفين لا يمكن، وليس من المقبول ولا من المنطقي، أن تظل رهينة بعض الأمزجة في بعض المؤسسات الأوروبية، أمزجة لا تقدر، ربما، دور بلادي في بناء الاستقرار الإقليمي والدولي.

 

وضمانا لمصداقية هذه الاتفاقيات واستدامتها فإنها في حاجة إلى أن تحاط بكافة الضمانات السياسية والمؤسساتية وأن تكون مؤمنة قانونيا، وأن تحصن وتصان حتى              لا تخضع للتقلبات.

 

السيد الرئيس

 

السيدات والسادة

 

يجسد مشروع التوأمة بين مجلس النواب المغربي ومؤسسات عريقة في الديمقراطية، روح العلاقات المغربية الفرنسية والمغربية البريطانية ذلكم أن فرنسا والمغرب يعرفان كيف ومتى يكونان أوفياء ويجسدان الوفاء السياسي عربونا لشراكة مبنية على رصيد هائل من المشترك القيمي والثقافي والفكري ليس أقله اللغة الفرنسية بكل مساهماتها الحاسمة والنبيلة، ليس فقط في نقل وصيانة وإثراء المعارف الإنسانية، ولكن في ترصيد الديموقراطية وحقوق الإنسان والانفتاح والتنوير. وبقدر تمسكنا بلغتينا الوطنيتين العربية والأمازيغية بقدر انفتاحنا على اللغات الأجنبية وفي مقدمتها الفرنسية والانجليزية بالإضافة الى الاسبانية.    

 

ومن جهتها تستند العلاقات المغربية البريطانية إلى عمق تاريخي وإلى أواصر الود والصداقة القائمة بين العائلتين الملكيتين في البلدين وبين مملكتين عريقتين، وهو ما يشكل ركيزة لعلاقات اقتصادية تزداد اتساعاً.

 

 

 

ويعكس المشروع نبل القيم التي نتقاسمها. فعلى الرغم من أنه السابع من بين التوأمات المؤسساتية الجاري تنفيذها حاليا وسبقته مشاريع توأمة أخرى مع قطاعات وزارية مغربية وهيئات الحكامة، فـإن ميزته ورمزيته تكمن في أنه يتم بين مؤسسات السلطات التشريعية التي تجسد الإرادة الشعبية. وهو استثمار في مجال تعزيز الديموقراطية وتقوية مؤسساتها.        

 

ويتوخى المشروع، الذي أنجزت في إطاره لحد الآن تسع مهام دراسية، تقاسم الخبرات وتبادل التجارب في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وخاصة تقييم السياسات العمومية وانفتاح المجلس على محيطه الوطني والدولي وخاصة على المواطنين/ الناخبين والناشئة وترسيخ وتوسيع استعمالات البرلمان الرقمي، وهي أوراش قطع فيها مجلس النواب أشواطا كبرى وحقق مكاسب كبيرة، علماً بأن زميلي الدكتور شفيق رشادي رئيس لجنة الاشراف على مشاريع التعاون الدولي سيقدم عرضا مفصلا في الموضوع.

 

ويظل الهدف هو تقوية المؤسسات وتكريس الشفافية وتيسير المشاركة السياسية المواطنة.

 

وما من شك أن هذه الأوراش، هي استثمار في المستقبل ودعامات لترسيخ الممارسة الديموقراطية في سياق إقليمي ودولي لا تخفى عليكم سماته، وتداعياته، حيث مظاهر العنف والإرهاب والتعصب تعصف بالعديد من المجتمعات وتخلف أوضاعا مأساوية لملايين البشر ودماراً لمجتمعات بكاملها.

 

وأود أن أؤكد لكم أنه، تنفيذاً لسياسة الانفتاح، وإيمانا منا بأهمية التعاون الدولي، ونجاعة النموذج المؤسساتي المغربي، فإن مجلس النواب عاقد العزم على تقاسم مهاراته وما راكمه في مجال التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات والمساطر التشريعية وغيرها من مكونات الممارسة البرلمانية، مع برلمانات بلدان شقيقة وصديقة في افريقيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا La région MENA .

 

ويسرني أن أؤكد لكم أن أولى الطلبات في هذا المجال بدأت بالفعل تصل إلى مجلسنا. وعلى غرار تجربتنا المتميزة في المصالحات والعدالة الانتقالية والتنمية البشرية، والمقاربات التشاركية سنكون فخورين في المغرب بإفادة الآخرين بتجاربنا وممارساتنا وتقنيات العمل في المؤسسات التشريعية.

 

أشكركم على ثقتكم وعلى اختياركم المؤسسة التشريعية المغربية لتكون شريكا في هذه التوأمة المؤسساتية، التي تعتبر بالنسبة لكم ولنا تمرينا ديموقراطيا ثريا.

 

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله.