Aller au contenu principal

كلمة السيدة النائبة رشيدة بنمسعود نائبة رئيس مجلس النواب في افتتاح اجتماع لجنة حقوق المرأة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط

 باسم الله الرحمان الرحيم

السيدة رئيسة لجنة حقوق المرأة، للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط،

السيدات والسادة أعضاء اللجنة،

أيها الحضور الكرام،

أود في البداية أن أرحب بكن وبكم جميعا هنا في الرباط، عاصمة المملكة المغربية وفي مقر مجلس النواب المغربي، متمنيا لكم مقاما طيبا ولهذه اللجنة كامل التوفيق في أشغالها ونقاشاتها، خصوصا ما يهم موضوعها المركزي، المرأة في الفضاء الأورو-متوسطي، وضعها الاعتباري ودورها في مواجهة الظاهرة الإرهابية والاسهام في تقوية السلم وتعزيزه في هذه المنطقة، وكذا ما تعيشه النساء خلال التوترات والنزاعات المسلحة، وعلاقاتها مع قضايا الهجرة.

إننا سعداء في مجلس النواب بأن نستضيف هذا اللقاء، والذي يكتسي طابعاً مرجعياً لعملنا ومسؤولياتنا داخل الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط. ونحن نعرف أن هذه اللجنة هي إحدى اللجن النشيطة التي تنهض بوظائف وأدوار هامة في هذه المنظمة البرلمانية المتوسطية الوازنة إلى جانب اللجن الأخرى لهذه الجمعية،

وقد لا أكون في حاجة إلى التذكير بحضورنا المنتظم كبرلمان مغربي في دورات جمعيتنا البرلمانية ومشاركتنا في اجتماعات لجنها بل دور المغرب في تأسيسها منذ دورتها الأولى في أثينا، في مارس 2004، وفي بلورة مشروعها على أساس توفير الدعم والدفع والمساهمة البرلمانية لتعزيز وتطوير مسلسل برشلونة، والانخراط الواعي في مختلف أوجه التعاون الجماعي أو الثنائي بين البرلمانات الوطنية في الفضاء المتوسطي، بشماله وجنوبه، والفضاء الأورو-متوسطي بمعناه الجغرافي، وكذا بمعناه الجيواستراتيجي.

السيدة الرئيسة،

السادة الأعضاء والضيوف والحضور الكرام،

لايمكننا أن نلتقي في إطار متوسطي، وفي بلد متوسطي كالمغرب، وفي أفق تتداخل فيه الإرادة المتوسطية-الأوروبية، بدون أن نفكر في المتوسط كمشترك جغرافي، تاريخي، حضاري، ثقافي وإنساني. وبدون أن نستحضر الرأسمال الرمزي الغني الذي يجمعنا، ويشكل ذاكرتنا الفردية والجماعية، ويمس وجداننا وكياننا وهويتنا، وبدون أن نستحضر كذلك الروح الملحمية التي ميزت الذاكرة المتوسطية بل وحركت الخيال الإنساني كله.

إن المتوسط مثقل بالتاريخ والفعل الجغرافي، البحري منه بالخصوص، والرموز والعلامات والخرائط والأطالس والموسوعات وأمهات الكتب التي صاغت العبقرية المتوسطية قبل أن تتوزع على القارات وجهات الكون كلها كمعارف وخبرات ثقافية واجتماعية، وقبل أن تصبح إطاراً مؤسساً للحضارة الإنسانية.

لقد ترسبت الحضارات التي ساهمت في تشكيل المتوسط، وضمنها وفي مقدمتها الحضارة الهيلينية والرومانية والحضارة العربية الاسلامية.

كيمياء كاملة من الاشعاع الفلسفي والفكري والابداعي.

وبقدر ما يجمعنا ماء البحر، وملح الأرض، والجغرافيا، والتاريخ، تجمعنا ثقافة شجرة الزيتون، والطبخ المتوسطي، والمعمار المتوسطي. كما نعثر على هذا المشترك المتوسطي في دمنا من خلال المعجم المتوسطي الذي ترحل فيه آلاف الكلما ت من لغة إلى لغة أخرى، وفي الصيغ والطرائق الكريمة والمضيافة التي تستقبل بها  لغة الكلمات الوافدة عليها من لغة إلى لغة أخرى، ويمكن لكل منا أن يفحص لغته ليعثر بسهولة على عشرات الكلمات التي تدل على ثراء لغاتنا وانفتاحها على بعضها البعض.

إن المتوسط، المتوسط الأوروبي، المتوسط العربي الأمازيغي الاسلامي العبري المسيحي، الأفريقي الأندلسي الإيبيري، هو أحد العناوين التي تجسد "عظمة اللانهائي" (la grandeur de l’infini) التي أشار إليها الكاتب الإيطالي كلاوديو ما غريس (Claude Magris)،والتي تميز الفعل الانساني وتمنحه معنى وإقامة على الأرض.

بهذه الروح الكبرى، بهذه المعاني المشتركة متوسطياً وإنسانياً – أيها الأصدقاء والإخوة والأخوات، أيها السيدات والسادة – يمكننا أن نستحضر معنى لقائنا اليوم، ومعنى حديثنا وحوارنا حول المرأة ودورها في التصدي لآفة الإرهاب وتعزيز السلم في منطقتنا الأورومتوسطية.

إن دور المرأة وهو دور الرجل، هو دور الأفراد والجماعات، هو دور الفاعلين والمؤسسات، هو دور الدول والمجتمعات عندما يتعلق الأمر بموضوع الإرهاب، أي عندما يتعلق الأمر بحاجة مشتركة للدفاع عن المصائر المتوسطية المشتركة.

الإرهاب ليس قدراً.

إنه فكرة مظلمة تقتل، وتخرب، وتدمر، وتهدد السلم وتتلاعب بالاستقرار والأمن والطمأنينة. وهي فكرة تقترحها ثقافة الموت المستهترة بثقافة الحياة.

إن الصرامة الحضارية والثقافية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية في مواجهة التطرف والإرهاب مدينة في جزء كبير منها للدور الحيوي الذي تلعبه النساء. وإنهن كفاعلات، وكأمهات، وكمربيات، وكمثقفات عرفن دائماً كيف يرسمن المسافة التي ينبغي أن توضع فيها الأفكار والأهواء والانفعالات التي تؤطر سلوك الأجيال. وإذا ما أخطأ شاب طريقه، وانحرف نحو العنف والتطرف والإرهاب، فليس فقط لأن امرأة وأسرة لم تعرفا كيف تربيانه وإنما لأن خللا في الفضاء العام حدث في طريقه فأصابه بالعطب.

الفكرة الإرهابية لا تميز بين المرأة والرجل، ولا بين دين ودين، ولا بين جنسية وجنسية، ولا بين مكان ومكان، ولابين وقت ووقت. لأنها فكرة عمياء لا تريد سوى نشر الموت والرعب.

وهذا يتطلب استراتيجيات متكاملة لا تتوقف عند المعطى الأمني وحده، أو المعطى القانوني وحده، أو المعطى السياسي وحده، وإنما ينبغي أن تتضافر الجهود والإمكانيات والاجتهادات والتضحيات لبناء وعي جديد، وذلك ضمن مقاربة متكاملة اجتماعية وثقافية وتربوية لمجابهة آفة الإرهاب، ومن المؤكد أن دور المرأة كان وسيظل طلائعيا في مختلف الاستراتيجيات الوطنية والدولية الهادفة إلى مقاومة الإرهاب والدفاع عن ثقافة الحياة وقيم التسامح والتعايش والحوار التي شكلت أحد المرتكزات الكبرى لهويتنا المتوسطية.

والسلام عليكم.

 

شكرا.