Questions Orales

لا شك أن السياسات العمومية السابقة لم تكن قائمة على المساواة بين المجال الحضري ونظيره القروي. فظروف الحياة الاقتصادية بالقرى لم تعد مناسبة، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة في القرية، وعدم توفر سبل العيش في القرية، وغياب الخدمات العمومية وضعف البنية التحتية، والظروف والكوارث الطبيعية المتكررة، أدت إلى تنامي هجرة سكانها إلى المدن وإحداث خلل في التوازن الاقتصادي والاجتماعي والديمغرافي. وقد ازدادت الأمور صعوبة بسبب الجفاف الحاد الذي عرفته بلادنا هذه السنة وتداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. فهذه الهجرة المكثفة أصبحت معطى قائما تعكسه نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، التي تبين أن 60 في المائة من إجمالي السكان يقطنون في المناطق الحضرية وشبه الحضرية. وبالمقابل، ساهمت احتمالية الحصول على فرص عمل أفضل وأجور أعلى ووجود آفاق ممكنة لتكوين ثروة بالمدينة في إحداث طفرات سكانية؛ مما أثر سلبا على الإنتاج والتنمية في المناطق القروية، وعلى الارتفاع في عدد سكان المدن والضغط على مواردها ومرافقها وخدماتها، واحتدام المنافسة على الوظائف والمنازل والمرافق العمومية بها، لتشكل عبئا إضافيا على الخطط والبرامج الحكومية والمحلية. فبَرَزَ ضعف القدرة على تزويد السكان بأبسط الخدمات؛ من سكن، وإمدادات بالمياه، وصرف صحي، وتخلص من النفايات، وانتشار أسواق عشوائية بالشوارع وداخل الأحياء والأزقة.. وظهرت معالم افتقار المهاجرين إلى المعرفة الأساسية والمهارات الحياتية للعيش في المدينة، وارتفعت نسبة ظهور المناطق العشوائية ودور الصفيح، واستفحل أمر المشاكل ذات الصلة بالتلوث والجريمة وعدم انتظام العلاقات والتفاعلات بين الأفراد والجماعات. وبفعل كل ذلك أخذت العديد من العادات (القروية منها والحضرية) المجتمعية المتوارثة في التلاشي، وأثرت سلبا على التراث اللامادي الذي تعد الجبال والقرى الوعاء الحاضن له بامتياز، واختل التوازن الطبيعي نتيجة توقف الأنشطة المحافظة عليه كالزراعة والرعي… في ظل هذا الوضع الصعب، ورغم المجهودات الحثيثة التي قامت بها الحكومة إزاء العالم القروي، نسائلكم السيد رئيس الحكومة عن استراتيجية الحد من النزوح شبه الجماعي من القرى إلى المدن؟