السيدة كاتبة الدولة المحترمة، يتم إقرار بعض السياسات العمومية وتوضع لها أهداف تروم تحقيق آثار ايجابية على حياة المواطنين ولتنزيلها يتم وضع برامج وتخصيص ميزانيات هامة لتنفيذها ، ولكنه أحيانا وخلال عملية التنفيذ تظهر كوابح ومعيقات تفرغ تلك السياسات من مضامينها ، وهناك نماذج ووضعيات كثيرة ولكن أقتصر على ذكر وضعية خاصة مرتبطة بالماء الشروب ، حيث يقوم المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بمباشرة أوراش كبرى في بعض المناطق القروية بدعم من الدولة وأحيانا بتمويلات من التعاون الدولي كما هو حال سياق برمجة مشروع تزويد الدواوير المحيطة بمدينة تنغير بالماء الصالح للشرب قبل ما يقارب عشر سنوات بهدف ربط أكثر من 20 دوار بالشبكة في إطار مشروع كبير وجد هام ، وعند الانتهاء من انجازه لوحظ عدم إقبال المواطنين على الربط والانخراط في الاستفادة منه وذلك حتى في ظروف سنوات الجفاف والخصاص المائي (على الأقل مرت ثلاثة سنوات قاسية في فترة ما بعد انجاز المشروع ) ، ولمعرفة أسباب عدم الإقبال على الاستفادة منه أنجزت استقصاء ميدانيا وسجلت على إثره ما يلي : - أن نسبة انخراط الساكنة لم تتجاوز 30 % في معظم الدواوير ، - كون 80% من العينة التي شملها الاستقصاء ترجع عدم الإقبال على الربط لغلاء تكلفته، - هذه التكلفة حسب الأرقام المتداولة تقارب في المتوسط 22.000,00 درهم ، دون احتساب تكلفة الربط بالصرف الصحي الذي يكون مرافقا للربط بالماء الشروب، - معظم المعنيين يرجعون سبب ارتفاع تكلفة الربط إلى طبيعة البنايات في المنطقة ، حيث البناء القروي وفي المناطق الواحية خصوصا يمتد أفقيا على مساحة كبيرة ليلائم الاستخدامات اليومية خصوصا فيما يرتبط بتربية المواشي أو تخزين المحاصيل الزراعية ، وتكون بالتالي الواجهة ممتدة و على أساسها تحتسب تسعيرة الربط خصوصا رسم الجوار ، الذي يضاف إلى ثمن الإيصال الذي بدوره يرتفع بسبب بنية الشبكة والبعد من المنازل، وقد سبق أن توجهت للحكومة السابقة بسؤال في الموضوع بتاريخ 03يناير 2013 ، وجاء الجواب ليوضح فقط كيفية تحديد هذه التسعيرة مؤكدا على أن رسم الجوار يحتسب باعتبار أقصى طول للواجهة لا يتجاوز 15 متر ، إضافة إلى ثمن الإيصال ، وأحال إلى إمكانية استفادة ذوي الدخل المحدود من الإيصال الاجتماعي بتقسيط تكلفة التسعيرة على سبع سنوات ، وهو الأمر الذي لا يطيقه هؤلاء من ذوي الدخل المحدود حيث القسط الشهري قد يصل أحيانا إلى 300 درهم ، تنبغي المداومة على أدائه ، مما يمثل عبئا ماديا حقيقيا وأيضا عبئا معنويا حيث تأتي ظروف كثيرة تحول دون إمكانية الالتزام بذلك وهذا مع تدني القدرة الشرائية في مثل هذه المناطق بشكل كبير ، في هذا السياق ووفق هذه الظروف والشروط يحرم المواطنون من الربط بالماء الشروب ، مما يعني في مثل هذه الحالة: - هدر الميزانيات في مشاريع لا يستفاد منها، - عدم تحقيق الأهداف المسطرة لبرامج الماء الشروب، - استمرار إشكالات حرمان المواطنين من هذه المادة الحيوية ،وتداعياتها الصحية والاقتصادية، والاجتماعية ، - استمرار الاشكالات المرتبطة بلجوء الأفراد إلى الحلول الفردية وحفر الآبار الخاصة وسوء تدبير الموارد المائية إن توفرت أصلا، وعدم معالجة المياه المستعملة، - استمرار اللجوء إلى الحلول التقليدية في الصرف الصحي ، حيث المنطقة تشهد انتشارا مقلقا لحفر الردم وما لذلك من تداعيات صحية وبيئية خطيرة وتهديد الفرشة المائية الباطنية بالتلوث، - استمرار معاناة المرأة القروية خصوصا في البحث عن الماء بشكل يومي ، إن كل هذه الاشكالات والتداعيات لها من التكلفة المادية على الدولة ما يتجاوز بكثير ما يمكن جمعه من أداء تلك التسعيرة إضافة إلى كون هذه الاشكالات أبطلت الاستفادة من ميزانية ضخمة خصصت للمشروع وصرفت لأجله ، وبعبارة أخرى فإن الإعفاء من تكاليف الربط ليعتبر أهون من هذه التداعيات ، في هذا الإطار وبناء على دراسة هذه الوضعية الخاصة ، نسائلكم السيدة كاتبة الدولة المحترمة : - عن الإجراءات التي ستتخذونها للنظر خصوصا في هذا الموضوع ؟ - و إمكانية الإعفاء أو على الأقل الخفض من تكلفة وتسعيرة الربط بالماء الصالح للشرب خصوصا في المناطق القروية ؟