تعتبر محاربة الأمية واحدة من القضايا الأساسية التي تواجه مجتمعنا الذي لا يزال مقيدا بأغلال الأمية وما يرافقها من أثار ونتائج ضارة تنعكس سلبا على الفرد الذي هو محور التنمية وهدفها، وبما أن معدلات التنمية في كل البلدان لا تتحقق إلا من خلال الاستعانة والاستفادة القصوى من العنصر البشري، فإن معالجة مشكلة الأمية يجب أن تعطاها الأولوية والاهتمام، كما أن التوجيهات الملكية فيما يخص محاربة الأمية كانت واضحة، حيث أولاها صاحب الجلالة أهمية قصوى، ففي الخطاب المخلِد للذكرى السابعة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت سنة 2000، أعطى جلالته أمره السامي بفتح مساجد المملكة لتلقين دروس محو الأمية الأبجدية والدينية والوطنية والصحية، كما تضمنت الرسالة الملكية السامية بتاريخ 15 شعبان 1424 هجرية الموافق 13 أكتوبر 2003 بمناسبة إطلاق جلالته " لمسيرة نور" اهتماما خاصا بتعميم التعليم والقضاء على الأمية، إذ قال جلالته "... ولذلك جعلنا إصلاح نظام التربية والتكوين في مقدمة أولويات العشرية الحالية، مبوئين تعميم التعليم والقضاء على الأمية مكانة الصدارة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي أجمعت عليه كل مكونات الأمة....".. لكن رغم كل هذه الجهود المبذولة، فالأمية لا تزال منتشرة مما يجعل عملية تحقيق الأهداف والمرامي المسطرة بعيدة المنال، وذلك لقلة الاعتمادات المالية التي ترصد سنويا لعمليات محو الأمية، وضعف الرقابة والإشراف على فصول محو الأمية، ونقص الحوافز التي تقدم للأميين للالتحاق بمراكز تعليم الكبار في محو الأمية، وخصوصا في العالم القروي، وضعف إعداد وتأهيل وتدريب المدرسين المختصين في تعليم الكبار ومحو الأمية، وضعف متابعة الأفراد الذين تحرروا من أميتهم مما قد يكون سببا مهما من أسباب ارتدادهم إلى الأمية ثانية، والتمسك بالمفهوم التقليدي لمحو الأمية واعتباره امتلاكا لمهارات القراءة والكتابة والحساب فقط وعدم النظر إلى الأمية بوصفها مشكلة حضارية جوهرها التخلف في المجتمع، وعدم تكييف البرامج المعتمدة في مجالي محو الأمية والتربية غير النظامية مع خصوصيات الجهات والأقاليم، وغياب برامج خاصة بالفئات التي لها حاجيات خاصة (الأشخاص في وضعية إعاقة – الرحل )، وقلة برامج التكوين وإعادة التكوين للعاملين في برامج محو الأمية والتربية غير النظامية، نقص المعلومات والأبحاث والدراسات والتخطيط المنظم في مجال محو الأمية. لكل ما سبق، نسائلكم، السيد رئيس الحكومة، عن مدى تقييمكم لبرامج محو الأمية والإجراءات التي تقومون بها لإعادة النظر فيها بما ينسجم مع التوجيهات الملكية، وربطها بخطط التنمية؟