تشكل سياسة التعمير والسكنى نقطة التقاء جميع المتدخلين في إعداد المجال والتهيئة الترابية، باعتبارها سياسة تساهم في الدينامية الاقتصادية والتنمية السوسيو- مجالية. لهذا يعتبر استحضار الجانب الوظيفي لتنظيم المجال أمرا ذا أهمية بالغة، من أجل العيش الكريم للسكان بكل فئاتهم وشرائحهم، حيث لم تعد سياسة التعمير والإسكان ترتكز فقط على توفير السكن، بل ترتكز على توفير كل ما يحتاجه الإنسان داخل محيطه الترابي، من بنيات تحتية وتجهيزات أساسية، قصد تلبية الخدمات الضرورية اللازمة للسكان. إن التأسيس لأي برنامج تنموي في إطار شعار الدولة الاجتماعية، يتعين استحضار العلاقة الضرورية بين سياسة إعداد التراب الوطني وسياسة التعمير والإسكان، في إعداد وتهيئة أي مجال ترابي، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة، كما سبق لجلالة الملك أن أكد على هذه العلاقة التلازمية، في الرسالة السامية الموجهة إلى اللقاء الوطني حول إعداد التراب الوطني سنة 2000. لهذا، فإن أثر سياسة التعمير والإسكان على التنمية السوسيو- مجالية يتجلى في مدى مساهمة هذه السياسة العمومية في الحد من التفاوتات المجالية وتقليص الفوارق الاجتماعية بالوسطين الحضري والقروي. وبالرغم من الاهتمام الكبير الذي حضي به قطاع الإسكان والتعمير، وخاصة توفير السكن اللائق، غير أن السياسات العمومية في هذا المجال شهدت نوعا من التراخي في تقوية المنظومة لتكون قادرة على مواكبة تحولات المجتمع وتحدياته الراهنة والمستقبلية، حيث لم تصل معظم البرامج والمشاريع في مجال السكنى والتعمير، التي أطلقت خلال العقدين الأخيرين إلى مداها وأصبحت عاجزة عن تقديم الإجابات المقنعة للمشاكل المطروحة، سواء بالنسبة للسكن الاجتماعي المخصص للفئات الهشة أو بالنسبة للسكن الموجه للطبقة المتوسطة، وللإشكالات التي يعرفها المجال القروي والجبلي ومجال الواحات. وأمام تفاقم حدة الإشكالات المرتبطة بتعبئة العقار وتنامي ظاهرة المضاربة العقارية وضعف المنظومة التدبيرية، أضحت وضعية الإسكان مقلقة مما يدعو إلى بث نفس جديد من خلال بلورة سياسات عمومية مبتكرة وتفعيل مبادئ الحكامة الجيدة في بلورة وتطبيق المخططات السكنية، وطنيا ومحليا بالوسطين الحضري والقروي. وبناء على ما سبق، نسائلكم السيد رئيس الحكومة المحترم، عن التدابير والإجراءات التي ستتخذونها من أجل تصويب جميع الاختلالات التي تعرفها سياسة التعمير والسكنى، وضمان أثرها في الدينامية الاقتصادية والتنمية السوسيو- مجالية.