تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد محمد والزين ، نائب رئيس مجلس النواب في افتتاح الدورة الثامنة والعشرين الاستثنائية للاتحاد البرلماني العربي.

21/07/2018

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه

صاحبَ المعالي السيد الرئيس د. علي عبد العال،

رئيس الاتحاد البرلماني العربي – رئيس مجلس النواب المصري

أصحابَ المعالي السادة رؤساء البرلمانات العربية،

أصحابَ السعادة رؤساء الوفود،

السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي،

أيها الحضورُ الكرام،

يشرفني أن أتناول الكلمة – هُنَا والآن – باسم مجلس النواب في المملكة المغربية، وأن أُبْلِغَكم تحيات معالي السيد رئيس المجلس، الرئيس السابق للاتحاد البرلماني العربي الأخ د. الحبيب المالكي، وكافة أَخَواتكم وإِخوانكم النواب شاكرين لجمهورية مصر، ولمجلس النواب المصري الشقيق، ورئيسه الأَخ د. علي عبد العالي، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وبالخصوص على مبادرتهم الطيبة المحمودة باستضافة هذه الدورة الاستثنائية للاتحاد البرلماني العربي حول التطورات الأخيرة في غزة وفي واجهة الكفاح الفلسطيني، وفي سياق ما يحدث من اعتداءات وحشية ومَجَازِرَ داميةٍ مؤلمة أقدم عليها الإِسرائيليون. وكذا، تداعيات القرار الأَحَادِي المنفرد الذي أقدمت عليه الولايات المتحدة الأمريكية بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إلى مدينة القدس بما تُمثِّله هذه المدينة من أبعادٍ ورمزياتٍ.

والواقع أَننا نحضر هذا المؤتمر في بلدٍ عربي من بلدان المواجهة المباشرة، تَحمَّلَ ومازال يتحمل كُلْفَةَ مواقفه الوطنية الشريفة دفاعاً عن القضية الفلسطينية وآفاقها القومية والإنسانية. ونحضُرُ من باب التزامنا الوطني والعربي والإسلامي إلى جانب أشقائنا في فلسطين الصامدة، وفي الأفق الذي رَسَمَه جلالة الملك محمد السادس من موقعه كرئيس لِلَجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الاسلامي، وكذا أُفُق الالتحام الوطني في المغرب حيث نعتبر القضية الفلسطينية قضيةً وطنيةً بامتياز تتطلب كامل أَوْجُهِ التعبئة وتلتف حولها كافة المكونات السياسية والنقابية والمجتمعية، وعلى كل المستويات الرسمية والشعبية، وفي مقدمتها مجلس النواب الذي ظل يراكم حضوره وتفاعُلَه المثمرَيْن في الساحة العربية والإسلامية، وكذا على المستوى الإفريقي والمتوسطي، كلما تحمل إخوة لنا من مجلس النواب  المغربي مسؤولياتٍ قياديةً على رأس المنظمات البرلمانية الإقليمية والجهوية والدولية بما فيها الاتحاد البرلماني الدولي، وكذا الاتحاد البرلماني العربي الذي ترأسه في الولاية السابقة أخونا الأستاذ د. الحبيب المالكي فتحمل مع أشقائه تدبير مرحلة عرفت فيها فلسطين الكثير من اللحظاتِ القاسية والتطورات التي طرحت علينا جميعاً جملةً من التحديات. والحق أن أعضاء هذا الاتحاد كانوا في مستوى أخلاق المسؤولية السياسية والتشريعية والتعبوية.

لقد كانت القضية الفلسطينية انشِغَالاً مركزياً لدى مجلس النواب المغربي على مستوى التعبئة الوطنية وعلى المستوى العربي والدولي، وستظل شأناً وطنياً يحظى بالأولوية في واجهة العمل الدبلوماسي البرلماني.

ولن أثقل عليكم بسرد ما بذله المغرب من أجل القضية الفلسطينية فلستُ هنا في موقع مبارزةٍ أو مفاضَلَة، لأنني أتحدث داخل أسرتي البرلمانية العربية، وأُدْرِكُ ما قمتُم وتقومون به جميعاً في هذا الإطار، وماحققناه في آخر مؤتمر للاتحاد البرلماني الدولي من تقدم ملموس في إقناع الفضاء البرلماني الكوني بشرعية وجهة نظرنا كبرلمانيين في منطلقات وأبعاد وحقوق الشعب الفلسطيني.

ولا أريد أيضاً أَن أثقل على أُخوتكم في هذا المؤتمر بالمعطيات التاريخية والقانونية والحقوقية ومحددات الشرعية الدولية التي أنصفت شعبَنا العربي الفلسطيني من حيث حُقُوقُه الثابتة وشرعية مطالبِهِ، فذلك ما نعرفه جميعاً، ونقتسمه جميعاً، وأصبح جزءاً لا يتجزأ من ثقافتنا السياسية والنضالية العربية، لكنني أود في المقابل أن أغتنم هذه الفرصة السانحة لأُلِحَّ على أننا كبرلمانيين نمثل شرعيةً ديموقراطيةً وشعبيةً لنعبّر عن الإرادة الحرة لشعوبنا ولأمتنا العربية من الخليج إلى المحيط، وبالتالي من حقنا أن نعبّر عن الضمير العربي الحي، وعن الحق الأخلاقي والتاريخي لهذه الأمة، وأن نفكر مع بعضنا البعض في إِيجادِ صِيَغٍ وإِمكانياتٍ ملموسة لِتَجَاوُز التعثر العربي الراهن في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية، والعنف الإجرامي الإسرائيلي ضد شعب عربي أعزل.

لايمكننا أن نقِفَ كالمتفرجين في قاعة مسرح مغلقة.

لايمكننا أن نتحمَّل (وإلى متى ؟) مظاهِرَ العَجْزِ والقُصُور.

ولايمكننا أن نَقْبَلَ (وإلى متى ؟) بهذا الاندفاع الأَهوج لإسرائيل ضد فلسطين والفلسطينيين، والإجهاز على الوضع القانوني الشرعي للقدس، لمركَزِها ومقدساتِها وسكانِها.

ومعنى ذلك أننا نأمل أن نتفق على كلمةٍ سواء بيننا، وأن نتقدم في إيجاد بعضِ وسائِل المواجهةِ الملموسة مع الغطرسة الإِسرائيلية وحُمـَاتـِها الذين يتجاهلون القانون والشرعية الدوليَيْن. وأملي إِن شاء الله تعالى أَن نفكر في منطلقات استراتيجية عملٍ برلماني تعبّر فعلياً عن الغضب العربي، وعن المسؤولية السياسية والتاريخية للفاعل البرلماني العربي التي علينا أن نتحمَّلَها.

وختاماً، أود أن أجدد الشكر والامتنان لمصر العربية، قيادة وبرلماناً وحكومة وشعباً، متمنياً لهذا المؤتمر الاستثنائي كامل النجاح في تحقيق الهدف المنشود ومُوقِناً بأن معركة فلسطين هي معركة مصيرنا العربي، وأن ما نَأْمُل تحقيقه لن يتحقق بدون توحيد الصف العربي، وجمع الكلمة العربية، ووحدة المكونات الفلسطينية، وتوفير سبل الدعم المادي لأشقائنا في فلسطين الذين يواجهون، صابِرِينَ صامدِينَ، أَحَدَ أَشَدِّ أَنواعِ الاستعمار الاستيطاني في العصر الحديث.

وإِننا لَنَأْمُلُ خيراً إن شاء الله تعالى.