تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في افتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2015-2016

08/04/2016

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أَشْرف المرْسَلين

 

السيد رئيس الحكومة،

السيدات والسادة الوزراء،

السيدات والسادة النواب المحترمين،

 

إنه لمن دواعي الاعتزاز أن نلتقي في هذا الموعد الدستوري المخصص لافتتاح الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية التاسعة، وهو حدث سياسي بالغ الأهمية، نعي جيدا قيمته وخصوصيته ورهاناته وأفقهخصوصا، وأن هذه الدورة هي المحطة الاخيرة لهذه الولاية التشريعية التي أطرتها المراجعة الدستورية الاخيرة والتي مكنت من تكريس وتقوية مكانة المؤسسة البرلمانية ودعم دورها في النظام السياسي المغربي.

إن هذه الدورة التي نفتتحها اليوم لها خصوصيات كبيرة إن على مستوى استكمال الورش الدستوري والمؤسسي ، أو على صعيد الدفاع عن المصالح العليـــــا للوطن وفي طليعتها قضيـــــــة وحدتنا الترابية، وهو مـــــا يقتضـــــي منــــا مضاعفة جهدنا الجماعي لاستكمال تنفيذ برنامج العمل التشريعي والرقابي لهذه الولاية ومواصلة العمل الدؤوب دفاعا عن وطننا وترسيخا لاشعاعه ومكانته المتميزة على الصعيدين الجهوي والدولي.

 

حضرات السيدات والسادة

 

لقد تميزت هذه الفترة التشريعية بإنجازات مهمة وكبيرة في مختلف مجالات العمل البرلماني سواء على مستوى المصادقة على النصوص التشريعية، أو مراقبة العمل الحكومي في إطار التعاون والتوازن بين السلط، أو على مستوى الديبلوماسية البرلمانية، فضلا عن توطيد جسور التعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية.  لكن على الرغم من هذه المنجزات ونوعيتها، فإن هناك عدداً من الاوراش المهمة التي ينبغي الحرص على تجسيدها انسجاما مع مقتضيات الدستور ونظامنا الداخلي.

ففي المجال التشريعي، وباعتبار هذه الولاية التشريعية ولاية مؤسسة ورائدة كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح الدورة الأولى للبرلمان للسنة التشريعية الثانية، فإن ذلك يقتضي منا تسريع وتيرة مناقشة النصوص القانونية داخل اللجان النيابية الدائمة. وهنا أود أن أتوجه لكافة السيدات والسادة النواب لحثهم على التعبئة الجماعية من أجل استكمال الدراسة والتصويت على ما تبقى من مشاريع القوانين التنظيمية، وفقا لمقتضيات الفصل86 من الدستور.

إذ بالإضافة الى مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية الذي سنصوت عليه مباشرة بعد هذه الجلسة هناك مشاريع قوانين تنظيمية ننتظر إحالتها على المجلس قصد الدراسة والمناقشة والتصويت، وهي كلها قوانين مهمة وتتعلق بصلب البناء المؤسسي والحقوقي للدولة وهويتها ولغتها وثقافتها الوطنية. 

كما ينبغي استكمال دراسة بعض مشاريع القوانين التي تهم على الخصوص حقوق المرأة والأسرة والطفولة، والتي نتطلع إلى التصويت عليها في أقرب الآجال.

ولأن المبادرة التشريعية البرلمانية تعتبر مكونا أساسيا للانتاج التشريعي، فإننا نتطلع خلال هذه الدورة الى تسريع وتيرة دراسة ومناقشة مقترحات القوانين، وذلك من خلال تطبيق أحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي ذات الصلة.

وفيما يخص المستوى المتعلق بالمجال الرقابي، فإننا نتطلع أيضا الى مواصلة ترسيخ دور المؤسسة النيابية في مراقبة عمل الحكومة، وفي هذا الإطار علينا استثمار مختلف الاليات الرقابية التي خولها لنا الدستور، وتفعيلها في أجواء تسودها الديمقراطية والاحساس بالمسؤولية وتغليب فضيلة الحوار بين مختلف الفرقاء السياسيين، وذلك بهدف التفاعل مع الانشغالات والحاجيات المجتمعية، حتى تظل مؤسستنا البرلمانية دائما منخرطة في الدينامية الجديدة التي تعرفها بلادنا، والسعي المتواصل نحو تحصين مكتسباتها الوطنية، ودرء كل ما من شأنه أن يمس بنموذجها الديمقراطي والتنموي والإصلاحي.

وضمن هذا التوجه يحذونا طموح كبير لتفعيل الدور الجديد للبرلمان في تقييم السياسات العمومية، وهو ما يتطلب منا أن نعمل من أجل توفير كافة الشروط الموضوعية  لانجاح هذا الورش المؤسسي.

وفي هذا السياق أود التذكير أنه مباشرة بعد تحديد مكتب المجلس خلال الدورة المنصرمة لموضوع التنمية القروية كمحور لهذا التقييم، وكذا تشكيل لجنة موضوعاتية بهدف التحضير  لهذه المهمة من خلال جمع ودراسة وتحليل كافة المعطيات المتعلقة بالموضوع، وتحضير الأدوات المنهجية والإطار المفاهيمي انطلاقا من المعايير الدولية والممارسات الفضلى والناجحة في هذا الشأن، فإن المجلس عازم على أجرأة هذا الورش الكبير وتنظيم مناقشة عامة حول هذا الموضوع، وذلك بعد تقديم مجموعة العمل الموضوعاتية لتقريرها حول الموضوع.

أما فيما يخص المهام المنوطة باللجان  النيابية الدائمة، وبعد استكمال لجنة مراقبة المالية العمومية لإعداد تقارير مهمة حول منظومة المقاصة، وإستراتيجية المغرب الرقمي 2013، فإننا سنعمل خلال هذه الدورة على استكمال مناقشة هذه التقارير على مستوى الجلسة العامة في مبادرة ننتظر منها أن تساهم في إغناء النقاش الوطني حول هذه المواضيع.

 

ولا أريد أن تفوتني هذه الفرصة دون الإشادة عاليا بالعمل المتميز الذي تقوم به مجموعة العمل الموضوعاتية حول المساواة والمناصفة دفاعا عن حقوق المرأة وتثمين التراكمات المحققة مما  أهلها وبحق أن تكون قيمة مضافة لعمل المجلس وترسيخ إشعاعه.

حضرات السيدات والسادة

 

في مجال الدبلوماسية البرلمانية قام المجلس بعدة مبادرات استهدفت تقوية علاقات التعاون والصداقة على المستوى الثنائي وتعزيز الحضور والاشعاع على المستوى المتعدد الاطراف حيث حرص السيدات والسادة النواب في كل هذه اللقاءات على الدفاع عن القضية الوطنية الأولى وتقديم كافة البيانات والشروحات حول تطوراتها الأخيرة، وقد أفضى هذا المجهود إلى نتائج جد إيجابية تمثلت على سبيل المثال لا الحصر في مختلف الاشارات والمواقف التضامنية التي عبرت عنها بعض الشخصيات والمنتديات البرلمانية الدولية، ويمكن أن أشير في هذا السياق الى الموقف الحازم الذي عبرت عنه البلدان الاعضاء في منتدى برلمانات أمريكا الوسطى والكارييب لمساندة بلادنا خلال اجتماع هذا المنتدى المنعقد بمقر المجلس خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وبنفس العزم والإرادة، سنعمل على مواصلة هذه الدينامية من خلال المشاركة الفاعلة والوازنة في مختلف المؤتمرات البرلمانية واللقاءات التي ستنعقد ببلادنا، خصوصا وأننا سنستضيف خلال هذه الدورة عدداً من التظاهرات البرلمانية الدولية.

 

حضرات السيدات والسادة

 

في إطار الحرص على الاستمرار في تطوير وتأهيل المؤسسة النيابية، والرفع من فعاليتها وأدائها التشريعي والرقابي والديبلوماسي، شرعنا خلال الدورة السابقة في ورش مراجعة النظام الداخلي للمجلس من خلال تنظيم عدد من اللقاءات والاجتماعات التشاورية مع مختلف الفرق والمجموعة النيابية بهدف بلورة رؤية مشتركة لهذا الورش الاصلاحي الذي أردناه أن يكون شاملا في فلسفته وتوجهاته وعميقا في مضامينه ومقتضياته.

وسنقوم بدعمكم وتعاونكم على الانكباب مجددا على هذا الورش الواعد لاستكماله بروح جماعية، لاستثمار خبراتنا الميدانية وتجاربنا التاريخية وتراكماتنا الإيجابية من أجل صياغة نظام داخلي في مستوى المؤسسة النيابية، ومتطلبات المرحلة. 

 

حضرات السيدات والسادة،

 

يتضح لنا بجلاء أن برنامج عمل غني ومتنوع ينتظرنا خلال هذه الدورة ويتطلب منا جميعا كل من موقعه انخراطا جماعيا للوفاء بالتزاماتنا تجاه شعبنا وذلك تجاوبا مع متطلبات المرحلة، ونموذجنا الديمقراطي الذي نسعى جاهدين الى ترسيخ معالمه، تحت القيادة الرشيدة للملك المصلح المجدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

 

 

وفقنا الله جميعا لخدمة المصالح العليا لبلادنا،

 

 والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.