بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أَشْرف المرْسَلين
السيد رئيس الحكومة،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب المحترمين،
إنه لمن دواعي الاعتزاز أن نلتقي في هذا الموعد الدستوري المخصص لافتتاح الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية التاسعة، وهو حدث سياسي بالغ الأهمية، نعي جيدا قيمته وخصوصيته ورهاناته وأفقهخصوصا، وأن هذه الدورة هي المحطة الاخيرة لهذه الولاية التشريعية التي أطرتها المراجعة الدستورية الاخيرة والتي مكنت من تكريس وتقوية مكانة المؤسسة البرلمانية ودعم دورها في النظام السياسي المغربي.
إن هذه الدورة التي نفتتحها اليوم لها خصوصيات كبيرة إن على مستوى استكمال الورش الدستوري والمؤسسي ، أو على صعيد الدفاع عن المصالح العليـــــا للوطن وفي طليعتها قضيـــــــة وحدتنا الترابية، وهو مـــــا يقتضـــــي منــــا مضاعفة جهدنا الجماعي لاستكمال تنفيذ برنامج العمل التشريعي والرقابي لهذه الولاية ومواصلة العمل الدؤوب دفاعا عن وطننا وترسيخا لاشعاعه ومكانته المتميزة على الصعيدين الجهوي والدولي.
حضرات السيدات والسادة
لقد تميزت هذه الفترة التشريعية بإنجازات مهمة وكبيرة في مختلف مجالات العمل البرلماني سواء على مستوى المصادقة على النصوص التشريعية، أو مراقبة العمل الحكومي في إطار التعاون والتوازن بين السلط، أو على مستوى الديبلوماسية البرلمانية، فضلا عن توطيد جسور التعاون مع مختلف المؤسسات الوطنية. لكن على الرغم من هذه المنجزات ونوعيتها، فإن هناك عدداً من الاوراش المهمة التي ينبغي الحرص على تجسيدها انسجاما مع مقتضيات الدستور ونظامنا الداخلي.
ففي المجال التشريعي، وباعتبار هذه الولاية التشريعية ولاية مؤسسة ورائدة كما أكد على ذلك جلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح الدورة الأولى للبرلمان للسنة التشريعية الثانية، فإن ذلك يقتضي منا تسريع وتيرة مناقشة النصوص القانونية داخل اللجان النيابية الدائمة. وهنا أود أن أتوجه لكافة السيدات والسادة النواب لحثهم على التعبئة الجماعية من أجل استكمال الدراسة والتصويت على ما تبقى من مشاريع القوانين التنظيمية، وفقا لمقتضيات الفصل86 من الدستور.
إذ بالإضافة الى مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس الوصاية الذي سنصوت عليه مباشرة بعد هذه الجلسة هناك مشاريع قوانين تنظيمية ننتظر إحالتها على المجلس قصد الدراسة والمناقشة والتصويت، وهي كلها قوانين مهمة وتتعلق بصلب البناء المؤسسي والحقوقي للدولة وهويتها ولغتها وثقافتها الوطنية.
كما ينبغي استكمال دراسة بعض مشاريع القوانين التي تهم على الخصوص حقوق المرأة والأسرة والطفولة، والتي نتطلع إلى التصويت عليها في أقرب الآجال.
ولأن المبادرة التشريعية البرلمانية تعتبر مكونا أساسيا للانتاج التشريعي، فإننا نتطلع خلال هذه الدورة الى تسريع وتيرة دراسة ومناقشة مقترحات القوانين، وذلك من خلال تطبيق أحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي ذات الصلة.
وفيما يخص المستوى المتعلق بالمجال الرقابي، فإننا نتطلع أيضا الى مواصلة ترسيخ دور المؤسسة النيابية في مراقبة عمل الحكومة، وفي هذا الإطار علينا استثمار مختلف الاليات الرقابية التي خولها لنا الدستور، وتفعيلها في أجواء تسودها الديمقراطية والاحساس بالمسؤولية وتغليب فضيلة الحوار بين مختلف الفرقاء السياسيين، وذلك بهدف التفاعل مع الانشغالات والحاجيات المجتمعية، حتى تظل مؤسستنا البرلمانية دائما منخرطة في الدينامية الجديدة التي تعرفها بلادنا، والسعي المتواصل نحو تحصين مكتسباتها الوطنية، ودرء كل ما من شأنه أن يمس بنموذجها الديمقراطي والتنموي والإصلاحي.
وضمن هذا التوجه يحذونا طموح كبير لتفعيل الدور الجديد للبرلمان في تقييم السياسات العمومية، وهو ما يتطلب منا أن نعمل من أجل توفير كافة الشروط الموضوعية لانجاح هذا الورش المؤسسي.
وفي هذا السياق أود التذكير أنه مباشرة بعد تحديد مكتب المجلس خلال الدورة المنصرمة لموضوع التنمية القروية كمحور لهذا التقييم، وكذا تشكيل لجنة موضوعاتية بهدف التحضير لهذه المهمة من خلال جمع ودراسة وتحليل كافة المعطيات المتعلقة بالموضوع، وتحضير الأدوات المنهجية والإطار المفاهيمي انطلاقا من المعايير الدولية والممارسات الفضلى والناجحة في هذا الشأن، فإن المجلس عازم على أجرأة هذا الورش الكبير وتنظيم مناقشة عامة حول هذا الموضوع، وذلك بعد تقديم مجموعة العمل الموضوعاتية لتقريرها حول الموضوع.
حضرات السيدات والسادة
حضرات السيدات والسادة،
يتضح لنا بجلاء أن برنامج عمل غني ومتنوع ينتظرنا خلال هذه الدورة ويتطلب منا جميعا كل من موقعه انخراطا جماعيا للوفاء بالتزاماتنا تجاه شعبنا وذلك تجاوبا مع متطلبات المرحلة، ونموذجنا الديمقراطي الذي نسعى جاهدين الى ترسيخ معالمه، تحت القيادة الرشيدة للملك المصلح المجدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وفقنا الله جميعا لخدمة المصالح العليا لبلادنا،
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.