تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس النواب بمناسبة انعقاد الدورة ال28 للجمعية الجهوية الإفريقية التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكفونية

23/06/2022

حضرات الزميلات والزملاء،

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة كل باسمه وصفته،

 

أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع أعضاء مجلس النواب، أود أن أرحب بحضراتكم في مقر مجلس النواب. حيث يتشرف البرلمان المغربي باستضافة فعاليات دورة الجمعية الإفريقية التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكفونية، والتي أومن بأنها تمثل حقا فرصة مواتية من أجل تعميق النقاش حول القضايا ذات الاهتمام المشتركة المضمنة في جدول أعمالنا.

ونفخر جمعا بكونها توحد برلمانيي الفضاء الفرنكوفوني وتوفر لهم فضاء للتحاور حول ما يجمعهم من قضايا، وتقريب وجهات النظر حول ما يمكن أن يكون سببا في التفريق بينهم.

وجدير بالذكر أن هذه الوصفة الأصلية ساعدتنا منذ سنة 1967 في أن نكون صوتا للحق في الاختلافـ، والتعايش السلمي، والتضامن، وحقوق الإنسان بمفهومها الأوسع، وذلك بفضل هذه المرجعية اللغوية المشتركة. وهي في المجمل طريقة لكي نرى أن كل واحد منا، في إطار استشراف الكونية، يمكنه أن يستفيد من تجربته التاريخية وخصوصيته.

ونحن مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن نبرهن على تضامننا التام في وجه كل المحن، وخاصة في ظل الظروف التي تنعقد فيها هذه الدورة والتي تتسم بأزمة ثلاثية: صحية، واقتصادية، ومناخية لها تداعيات عالمية. بحيث يهدد شبح هذه الأزمة البشرية جمعاء، وخاصة الفئات الأكثر هشاشة منها، والتي يوجد جزء كبير منها في إفريقيا.

وفي ظل هذا السياق العصيب، ما تزال ثمة صراعات، منها قديمة ومنها جديدة، تندلع في جميع أنحاء قارتنا. ورغم أن البلدان الإفريقية تتقاسم الكثير من الأفكار والمبادئ الديمقراطية - وهو توجه جوهري لا يمكننا التراجع عنه –، إلا أن ذلك لم يقف حاجزا أمام تصاعد الاضطرابات وتجدد محاولات الاستيلاء على السلطة بواسطة العنف.

 

السيدات والسادة،

إنه لمن غير الواقعي التحدث عن إمكانية تحقيق الاستقرار والتنمية في إفريقيا في ظل بيئة إفريقية تطبعها الكثير من التحديات، وخاصة التهديدات الإرهابية، والتطرف العنيف، وعودة بروز ظاهرة تغيير الحكومات بطريقة غير دستورية، إضافة إلى تداعيات الاحتباس الحراري.

وبغية التصدي لهذه التحديات، يجب علينا جميعا أن نواصل الالتزام باحترام القيم الأساسية للجمعية البرلمانية للفرنكفونية، والمتمثلة في الديمقراطية، واحترام سيادة القانون، والمساواة بين الجنسين، وحقوق الإنسان، والتحلي بإرادة تعاون أكثر ملومسة، وصلبة، ومؤثرة بين البلدان الإفريقية.

وفي هذا الصدد، تشكل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF ) أداة فعالة للاستفادة بشكل أفضل من إمكانات قارتنا. حيث أن التنفيذ الفعال لهذه الخطوة من شأنه أن يعزز التبادل التجاري بين البلدان الإفريقية، وهو أمر سيسهم لا محالة في تحفيز نمو كبير يمكن من توفير فرص الشغل للشباب ودعم تمكين المرأة. وعليه، فإن إنجاز وتفعيل منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية سيوفر إمكانية الرفع من القدرة التنافسية الاقتصادية والديناميكية التجارية وزيادة قدرة قارتنا الشابة على الصمود في مواجهة المخاطر الحالية والمستقبلية على مستوى العالم.

ولذلك، يتوجب على جميع الأطراف المتدخلة في منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية أن تعمل على توحيد جهودها من أجل مواصلة إنجاز هذا المشروع وتفعيله، والتوصل للصيغة النهائية الخاصة بالقضايا المتعلقة بتحرير الرسوم الجمركية، وتجارة الخدمات، وإنجاز البنى التحتية اللازمة.

وفي ذات الوقت، ما ثمة شك أن المساواة بين المرأة والرجل تعد القوة المحركة للتنمية وتمثل شرطا أساسيا لبناء مجتمعات سلمية وشاملة ومرنة.

وعليه، فمن المهم ضمان حق النساء والفتيات في الولوج للتعليم، وضمان تكافؤ الفرص في الحصول على فرص الشغل، وتقلد مناصب صنع القرار على جميع المستويات.

وإدراكا منها للصلة القوية بين المساواة بين الجنسين والتنمية، وضعت المملكة المغربية، تماشيا مع الإرادة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، المناصفة بين الجنسين

وتمثيلية النساء في مناصب صنع القرار على رأس أولويات الإصلاحات الرئيسة التي قامت بها.

 

السيدات والسادة،

لدينا أيضا قضايا استعجالية تتعلق بالبيئة. فصحيح أن إفريقيا هي أقل دولة في العالم تتسبب في انبعاث الغازات الدفيئة، إلا أن تطورها الاجتماعي والاقتصادي يظل تحت وطأة تهديد الأزمة المناخية.

 

فقارتنا تشهد ارتفاعًا مستمرًا في درجات الحرارة، وتسارعًا في ارتفاع مستوى سطح البحر، والفيضانات، والجفاف، مما يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي والمائي، وندرة الموارد الطبيعية، ونزوح السكان.

 

وتذكرنا تأثيرات تغير المناخ في إفريقيا بالحاجة الملحة للمشاركة في المعركة العملاقة ضد الاحتباس الحراري، وتنفيذ استراتيجيات مسؤولة ومستدامة قادرة على المساهمة في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.

 

ومن جهته، يواصل المغرب، الذي استضاف الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في مراكش) كوب 22(التزامه الراسخ بحماية البيئة. حيث تم وضع أهداف طموحة للغاية، وأحرز تقدم كبير في مجال تطوير الطاقات المتجددة.

وعلاوة على ذلك، ولكونها واحدة من الأكثر عرضة لتغير المناخ، تتمتع قارتنا بآفاق هائلة لتحقيق إمكاناتها الكاملة في الطاقات المتجددة.

 

السيدات والسادة،

 

اسمحوا لي أن أختتم بالتذكير بأنه من الضروري أكثر من أي وقت مضى العمل ككتلة ملتحمة تتحدث بصوت واحد، وقادرة على التأثير على الساحة الدولية. فوحدتنا

كبرلمانيين أعضاء في الجمعية البرلمانية للفرنكوفونية وكأفارقة سيمكننا من الترافع بفعالية عن قضية أفريقيا، والدعوة إلى التضامن العالمي بدل القوميات الضيقة، ووضع حد ﻹقصاء بعض الشعوب أو المناطق من منافع التقدم.

يجب أن نظل متفائلين ونحاول أن ننظر إلى هذه الأزمة متعددة الأبعاد كفرصة لإعطاء معنى جديد للتعددية والتضامن الدولي، وهما مبدءان يقعان في صميم عمل الفرنكوفونية.

فلنجرؤ على الإيمان بذلك في عالم غير قابل للاختزال، حيث يمكن أن تظهر الإجابة على التحديات المتعددة المرتبطة بكوكبنا من طريقة رؤيتنا.

وعلى هذا الأمل، أجدد الترحاب بكم وأتمنى لكم مقاما سعيدا في المملكة المغربية.

 

وأشكركم على حسن إصغائكم