تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد رئيس مجلس النواب أثناء استقبال أطفال السلام

25/07/2017

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه الأكرمين

 

بناتي، أبنائي الأعزاء،

أيها الحضور الكرام،

السلام عليكم، السلام عليكم يا أطفال السلام ،

 

أنتم تعرفون أن المغاربة عموما، شأن المجتمعات المتشبعة بالثقافة الإسلامية، يتبادلون التحية بالسلام على بعضهم البعض (السلام عليكم – وعليكم السلام)، ويسمون التحية باسم (السلام).

والسلام في اللغة العربية، وربما في اللغات الإنسانية الأخرى كلها، يعني : الأمان. يعني الاطمئنان. يعني السلامة. يعني الحصانة. يعني الخلاص. يعني النجاة... وما إلى ذلك.

وللسلام ثقافة ينبغي أن نتعلمها، وأن نعلمها لبعضنا البعض.

وثقافة السلام ليست في الحقيقة سوى مجموعة من القيم والمواقف والسلوكيات والتصرفات وطرائق الحياة التي ترفض العنف والتطرف والعدوان والظلم. كما تستبق الصراعات والتوترات فتتصدى لجذورها وأسبابها، وذلك بالحوار، وأخلاق الحوار، والتفاهم بين الأفراد أو بين الجماعات.

 

وإنها لفكرة طيبة كريمة بتنظيم المهرجان الدولي "أطفال السلام" بمشاركة مئات الأطفال من حوالي ثلاثين بلدا من الفرق الدولية، ومن الفرق المحلية والوطنية المغربية الذين يقدمون أنواعا من التعبيرات الفنية والفرجوية من الفولكلور الإنساني تجسيدا لروح السلام، وتعبيرا عن ثقافة السلام، ودفاعا عن آفاق السلام.

ومعنى ذلك، كما فهمت، أن الرهان على السلام ينبغي أن يكون رهانا على المستقبل، وعلى الأجيال الجديدة. معناه أن علينا أن نزرع السلام كفكرة في تربة المستقبل، وأن نلقن أطفالنا جميعا لغة السلام، وأن نجعلهم يتشبعون بثقافة السلام، وأن نهيئهم ليكونوا ضد وباء الحروب، ضد العنف، ضد التطرف، ضد الإرهاب، ضد الظلم، ضد العدوان. وهنا تأتي أهمية الدور الذي تنهض به أنظمتنا التربوية والتعليمية التي ينبغي أن نطعمها بثقافة السلام وبالتربية على السلام، سواء في المقررات أو في الكتب والتعلمات المدرسية.

ولكن السلام في العالم، بالإضافة إلى زرع ثقافته وبث روحه، يحتاج إلى أسس نظامية ونظم وقوانين دولية ومحلية وإلى توفير أسباب الشرعية والمشروعية، وحماية الأمن والسلم الدوليين.

السلام يحتاج إلى تقوية وتغذية ثقافته وتربيته باستمرار، لكنه يحتاج أيضا إلى أسس اقتصادية واجتماعية توفر الحياة الكريمة وأسباب الرفاه. كما تحتاج إلى احترام حقوق الإنسان، وضمان المساواة بين المرأة والرجل، ودعم الخيار الديموقراطي وبناء مؤسساته، وفتح المسالك والممرات أمام المواطنات والمواطنين للمشاركة في الشأن العام،وفي بلورة القرارات والسياسات العمومية، وضمان الحق في المعرفة والإطلاع والتداول الحر والعقلاني للمعلومات.

وإذن، أبنائي بناتي، فالسلام يحتاج إلى جنود السلام، كما قد تحتاج الحروب إلى جنود. وعلينا أن نفكر دائما في تكوين جنود السلام، وفي ترسانة السلام التي تتجسد في قيم السلام، ومبادئ السلام، وقوانين السلام، ولهذا فأنتم الآن في مجلس النواب، في برلمان المملكة المغربية، الذي يعتبر عن حق بيتا للسلام، وينبغي أن يكون دائما بيتا للسلام وللحوار والتفاهم والتوافق بدلا من التوترات في الفضاء العمومي.

فمرحبا بكم وبكن جميعا في الرباط، على أرض المملكة المغربية، أرض السلام. وشكرا لكم لأنكم تنظمون المهرجان الدولي لأطفال السلام في أفق وسياق تخليد ذكرى عيد العرش المجيد عيد تربع جلالة الملك محمد السادس حفظه الله على عرش أسلافه المنعمين. وهي إشارة كريمة وقوية تعني بالنسبة إلينا الكثير، وتتجاوز حدود الاحتفال التلقائي الفرجوي البسيط إلى إرسال رسالة رمزية جديرة بالتنويه والاحترام والشكر.

والحقيقة، أنكم حركتم مشاعري كأب، لا فقط كمسؤول برلماني، وأنا أقف معكم هذه الوقفة الجميلة الغنية بالدلالات لنستمع إلى نداء السلام، ولنحتفل بروح السلام، وبأفق السلام، وبأجيال السلام المقبلة.

شكرا لكم على هذه الزيارة.

 

والسلام عليكم، السلام عليكم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.