بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيدات والسادة النواب،
نعقد اليوم، هذا اليوم الذي يصادف ذكرى 16 أكتوبر 1975 الذي –كما نذكر جميعا- كان جلالة الملك الراحل المرحوم الحسن الثاني قد أعلن فيه عن قراره بتنظيم المسيرة الخضراء المظفرة لاستعادة جزء غال من ترابنا الوطني في الجنوب.
نعقد اليوم، أقول، هذه الجلسة للمصادقة على المواد المعدلة من النظام الداخلي وذلك بناء على قرار المحكمة الدستورية رقم 17/37.
وقبل الشروع في جدول أعمال الجلسة، يشرفني أن أجدد تثميننا لمضامين الخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس إلى الأمة خلال ترؤس جلالته افتتاح أشغال الدورة التشريعية الحالية يوم الجمعة الماضي.
لقد جاء الخطاب الملكي استمرارا لخطاب العرش في 30 يوليوز الماضي الذي شخص المشكلات والاختلالات التي تعتري الإدارة والجماعات الترابية والآثار السلبية على مصالح المواطنين وعلى التنمية.
وقد جاء خطاب 13 أكتوبر مشددا على بداية مرحلة حاسمة في الحياة الوطنية، تقوم على الإعمال الصارم للمبدأ الدستوري المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة، والعمل على إيجاد الأجوبة والحلول الملائمة للإشكالات والقضايا الملحة للمواطنين، ومعلنا عن حزمة من الإجراءات الأولية لتجاوز الاختلالات.
وإذا كان الخطاب الملكي متوجها إلى المستقبل ومشددا على ضرورة الإبداع في إيجاد الحلول لمشاكل المواطنين وبلورة نموذج تنموي جديد، فإننا مطالبون نحن أعضاء مجلس النواب، بالتحلي بروح المسؤولية والقيام بمهامنا على النحو المطلوب.
علينا أن نجتهد من أجل إيجاد الحلول للاختلالات والمشاكل التي تعوق التنمية وتجعل السياسات العمومية غير منتجة للشغل وللخدمات الاجتماعية بالقدر الكافي وبالجودة الضرورية.
علينا أن نجعل من مجلس النواب مؤسسة للإصغاء للمواطنين ولمناقشة القضايا التي هي في صلب اهتمام وانشغال المجتمع. علينا أن نجسد برلمان القرب، ونكسب ثقة المواطن في الشأن العام، وفي السياسة. ولن يتأتى ذلك إلا بحمل هذه الانشغالات إلى قلب النقاش العمومي المؤسساتي وجعلها في صلبه والاجتهاد في اقتراح أحسن الأجوبة والحلول لها.
هذه قضايا لن ننجزها لوحدنا بالطبع، ولكن بالتعاون مع باقي المؤسسات وخاصة مع السلطة التنفيذية، وفي إطار الدستور الذي علينا أن نجسد روحه الإصلاحية. علينا أن نجتهد لتجديد تشريعاتنا حتى تواكب وتؤطر النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه جلالة الملك، وتعكس الروح التحررية للدستور.
علينا في تقييم السياسات العمومية أن نشخص الاختلالات، وفي نفس الوقت أن نثمن ما يستحق التشجيع ونتبين أثر السياسات العمومية في حياة الناس.
السيدات والسادة النواب،
فيما يخص النظام الداخلي، يطيب لي مجددا أن أعبر لكم عن اعتزازي بهذا المنتوج الجماعي الذي يستكمل اليوم مرحلته الأخيرة، وعن تقديري للأجواء الإيجابية التي تلاحقت من خلالها كل مراحل الإعداد الذي نال من مختلف مكونات المجلس وقتا وجهدا أسفر عن ميلاد إطار متقدم للعمل تجاوز حدود التأطير والتنظيم إلى استشراف آفاق واعدة تعزز نجاعة العمل النيابي، وتجعله يستجيب للمقاييس المعتمدة في البرلمانات الديمقراطية المتقدمة.
إن هاذ المجهود المتقدم بقدر ما استوعب مختلف مناحي العمل الجاد، وبلور مقتضيات جديدة في إطار تطبيق الدستور عبر مجموعة من القوانين التنظيمية، بقدر ما وضعنا أمام تحديات جديدة، تتمثل في مدى قدرتنا على تفعيله وتنفيذ أوراشه، وهو الجهد الثاني الذي ستنكب عليه أجهزة المجلس، بعد استكمال بنيان هذا النظام بالمصادقة على مواده المعدلة وصدور القرار النهائي للمحكمة للدستورية.
وفقنا الله إلى ما فيه خير بلادنا وشعبنا.