السيد الرئيس والزميل العزيز،
الزميلات والزملاء الأعزاء،
السيدات والسادة،
تغمرني سعادة بالغة وأنا أترأس، اليوم، إلى جانب السيد الرئيس والزميل العزيز كلود بارتولون، رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية هذا اللقاء الذي نخصصه لتقديم الحصيلة المرحلية لتنفيذ مشروع التوأمة المؤسساتية بين مجلس النواب بالمملكة المغربية والجمعية الوطنية الفرنسية ومجلس العموم البريطاني بعد حوالي سنة من انطلاقه.
وأود أن أرحب بالرئيس CLAUDE BARTOLONE والزميلة Elisabeth GUIGO رئيسة لجنة الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية، والوفد الفرنسي المرافق لهما، وكذا بالنائب ديفيد أيميس عضو مجلس العموم البريطاني. كما أرحب بسعادة السفير Jean François GIRAULT وبالقائم بالأعمال بسفارة الاتحاد الاروبي بالرباط وممثل السفارة البريطانية وبالسيدات والسادة مسؤولي البعثات الدبلوماسية الذين يشاركوننا أشغال هذا اللقاء.
واسمحوا لي في البداية أن أثمن ما تحقق في إطار مشروع التوأمة المؤسساتية بين مجالسنا المنتخبة من تبادل للخبرات وللمهام الدراسية وللمهارات وإنتاج للوثائق، وهو ما سيتولى الكاتب العام للمجلس تقديمه بعد قليل.
وما من شك، في أن ما تحقق في إطار هذه التوأمة ما كان ليتحقق لولا توفر الإرادة السياسية المشتركة والدفع السياسي الذي لقيه المشروع من جانب السلطات السياسية في مجالسنا الشريكة.
وقد كانت هذه الإرادة أساس انطلاق هذا المشروع الذي يعتبر أحد تجسيدات وضع الشراكة المتقدمة الذي يتمتع به المغرب في علاقته مع الاتحاد الاروبي، تلك العلاقة التي تتمثل اليوم في شراكة استراتيجية متعددة القطاعات والأوجه لا يمكن اختزالها في المصالح المتبادلة وتبادل السلع والخدمات فقط، بل ترتكز، بالأساس، على قيم ومثل ليس أقلها الديمقراطية ودولة الحق والقانون والتعددية والتسامح والانفتاح.
ومع أن هذه الشراكة راسخة ومتجذرة، فإنها تواجه في عدد من اللحظات، عراقيل تحاول تعكير صفو هذه العلاقات، وهو ما ينبغي عدم السماح به. فالمعاهدات والاتفاقيات التي تترتب عنها التزامات متبادلة،لا ينبغي ان تكون محكومة بالتقلبات الظرفية أو بحسابات لاعلاقة لها بالموضوع.
السيد الرئيس،
الزملاء الاعزاء،
السيدات والسادة،
ننتمي معا إلى منطقة جغرافية حيث يتناسل أكبر عدد من النزاعات المسلحة والعنيفة وحيث تتكدس الأسلحة أكثر، وحيث التناقضات الصارخة بين الشمال والجنوب. وقد تعمقت هذه الفوارق والظواهر السلبية بسبب ما تلا ما سمي بالربيع العربي، إذ انضاف انهيار الدولة في بعض بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط وتفكك مؤسساتها وتنامي ظاهرة الإرهاب والطائفيات وتمظهراتها المسلحة، إلى النزاعات المزمنة وأقدمها القضية الفلسطينية التي تجسد أحد مظاهر الظلم التاريخي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني المحروم من أراضيه ومن بناء دولته المستقلة.
ولقد أصبح المغرب باعتباره ديمقراطية وقوة اقتصادية صاعدة نموذجية في جنوب وشرق المتوسط وإفريقيا، قاعدة أساسية للاستقرار ونموذجا للانفتاح الواعي بفضل الإصلاحات العميقة التي راكمها لسنوات. وما من شك في أن عودته إلى عائلته المؤسسية الافريقية – الاتحاد الإفريقي - والتي تحققت بفضل دبلوماسية ميدانية قادها جلالة الملك محمد السادس أيده الله، ولايزال، وبفضل العلاقات السياسية والاقتصادية والإنسانية التي راكمها على مدى سنوات، ما من شك، في أن هذه العودة تفتح آفاقا جديدة للتعاون جنوب –جنوب وشمال –جنوب.
وييسر الموقع الجغرافي للمغرب والعلاقات الوطيدة التي تجمعه بالاتحاد الأوروبي، الدور الذي يمكن أن يضطلع به في التعاون والحوار بين ثلاث مجموعات جغرافية/جيوسياسية: العالم العربي وإفريقيا والاتحاد الأوروبي. ويعزز هذا الدور الشراكة الجديدة التي يرسيها المغرب مع عدد كبير من البلدان الإفريقية والتي تفضل التعاون جنوب –جنوب ، كما تعززه مكانته المتميزة في المجموعة العربية.
إننا مطالبون باستعادة روح التعاون والتفاهم والتبادل التي سادت فيي قرون مضت المجال الخصب الممتد من أوروبا إلى إفريقيا عبر المتوسط، والتي يسرت قيام معالم حضارية كبرى امتدت من أثينا وروما وغرناطة مرورا بفاس ومراكش، ووصولا الى تومبوكتو.
ومن المؤكد أن المغرب وفرنسا، البلدين الشريكين والصديقين واللذين يتقاسمان، فضلا عن المصالح وتجمعهما علاقات بشرية وثقافية متميزة، يعرفان كيف يتوجهان الى المستقبل في هذا الأفق الأفريقي -الأروبي، مدعومين برصيد هائل من الروابط التي تجمعهما معا بالبلدان الأوربية والإفريقية. وقد كان العمل المشترك الذي أنجزه البلدان من أجل نجاح مؤتمري المناخ cop21 بباريس وcop 22 بمراكش، نموذجا وثمرة للشراكة النموذجية التي تجمع المغرب وفرنسا والتزامهما من أجل مستقبل البشرية كما كانا بالأمس حليفين ضد النازية والفاشية.
ومن جهة أخرى، ستواصل المملكتان، المغربية والبريطانية اللتان تجمعهما علاقات صداقة وتعاون وتبادل ضاربة في التاريخ، التعاون وستعرفان، بالتأكيد، كيف تفتحان آفاق جديدة في علاقاتهما مع أخذ المتغيرات الجديدة بعين الاعتبار.
السيد الرئيس
الزميلات والزملاء الأعزاء
السيدات والسادة،
تقع علينا كمؤسسات برلمانية مسؤوليات كبرى في إعادة التوازن الى العلاقات الدولية التي ينبغي إعطاؤها مضمونا اقتصاديا واجتماعيا جوهره الإنصاف وتوفير أسباب الاستقرار، خاصة وأننا في منطقة تتوفر على كل مقومات التكامل والحفاظ على مكانتها المركزية في عالم مفتوح على كل الاحتمالات. وفي سياق بروز قوى جديدة وفاعلين جددا وعوامل جديدة لا ينبغي أن نرتهن لها كأفارقة وأروبيين مؤمنين بالتعايش والتعاون. وما من شك في ان التوأمة التي تجمعنا اليوم، ترمز الى العديد من القيم التي نتقاسمها والتي من شأن إعمالها وترسيخها وتملكها، أن يجنبنا العديد من أسباب التوتر والنزاعات والتعصب الذي يقوض المستقبل المشترك.
السيد الرئيس
الزميلات والزملاء الأعزاء
السيدات والسادة،
أود أن نغتنم هذه المناسبة لطرح عناوين كبرى لاقتراحات أرى أن من شأنها إعطاء دفعة جديدة للعلاقات الافريقية – العربية - الأوروبية. وتتمثل هذه الاقتراحات في :
أولا - مراجعة سياسة الجوار الأوربي على ضوء التحولات التي تعيشها منطقة البحر المتوسط بارتباط مع الأوضاع الجديدة التي يمر منها الاتحاد الأوربي.
ثانيا - معالجة إنسانية وشمولية لظاهرة الهجرة حيث أصبح البحر الأبيض المتوسط مقبرة للأحياء، خاصة في سياق النزاعات المسلحة والنزوح الجماعي الذي نتابع تجلياته بكثير من الأسف.
ثالثا : التأسيس لحوار برلماني ثلاثي إفريقي- عربي- أوربي من أجل إشراك ممثلي الشعوب في بناء علاقات ثقة وتعاون تستوعب السياقات والظروف الجديدة. ويظل الهدف هو تحقيق / الاستقرار والتضامن وتوفير الأسباب والآليات التي تيسر هذه الأهداف.