تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

كلمة السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب في افتتاح أشغال الدورة 70 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي.

20/07/2017

 

السيد رئيس الاتحاد البرلماني الإفريقي

السيد النائب الأول لرئيس مجلس المستشارين

السادة الرؤساء / رؤساء الوفود

السيدات والسادة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي

أصحاب السعادة السفراء

السيدات والسادة البرلمانيين،

 

 

تغمرني سعادة كبيرة، وأنا ألتقي مرة أخرى أشقاء وزملاء يمثلون البرلمانات الإفريقيـة المنضوية في إطار الاتحاد البرلماني الإفريقي، هذا الإطار المؤسساتي القاري الذي يعتبر أحد المؤسسات الإفريقية التي عرفت كيف تحافظ على استمراريتها، وعلى تفردها كإطار للحوار والاقتراح وتجسير العلاقات بين بلداننا. فعلى مدى أكثر من 40 سنة كان الاتحاد بمثابة البيت الذي احتضن الشعب البرلمانية الوطنية ومكنها من تقريب وجهات النظر بين الدول الأعضاء التي كانت تتجاذبها، على عهد الحرب الباردة وصراع الشرق والغرب، والإيديولوجيات والأحلاف الدولية.

وقد أثمر هذا الصمود، مع التفكير والنقاش الذي كان الاتحاد مجاله الطبيعي وحاضنته المؤسساتية، أثمر وعيا برلمانياً ديمقراطياً بِسُمُوّ مصالح البلدان الافريقية وبضرورة تسوية النزاعات داخل القارة وداخل البلد الواحد من أجل التوجّه إلى البناء بجميع أبعاده. ولعل هذه الدورة، الدورة السَّبعون للجنة التنفيذية للاتحاد، لخير دليل على انتظام أشغال اتحادنا.

اسمحوا لي أن أذكر بأنه في السياق الدولي والقاري الراهن، تقع على اتحادنا مسؤوليات أعظم في تمكين قارتنا من رفع التحديات التي تواجهها، وربح رهانات التنمية والبناء الديمقراطي، على أساس استثمار الإمكانيات التي تتوفر عليها قارنتا من أجل تمكينها من الاقتدار السياسي والاقتصادي الذي تستحق.

 

السادة الرؤساء،

الزميلات والزملاء،

السيدات والسادة،

 

لا نختلف كثيرا حول طبيعة وحجم التحديات التي تواجهنا كأفارقة. فنحن جميعا في معركة مشتركة ضد الإرهاب، ضد الفقر والبطالة، ومن أجل التنمية المندمجة التي تجعل بلداننا تستفيد من مكاسب التبادل الحر ومن التكنولوجيات الجديدة. وجميعنا يحتاج إلى تسريع وتوسيع مجالات التنمية المستدامة. كما نحتاج إلى تجويد الخدمات الاجتماعية، من صحة وتربية وتعليم وتكوين، لتيسير التماسك الاجتماعي. وأنتم تدركون مسؤولياتنا في تحقيق هذه الأهداف من خلال اعتماد التشريعات الجيدة والملائمة، وممارسة رقابة منتظمة على العمل الحكومي.

وإذا كان علينا أن نثق في المستقبل، ونحن نعمل على رفع هذه التحديات، فإن علينا أن نقدر حجم إمكانياتنا التي لا يمكن اختزالها فقط في الموارد الأولية الأساسية والأراضي الخصبة القابلة للزراعة. فقارتنا الفتية، ديموغرافيا، تشكل اليوم، وستشكل خلال ما تبقى من القرن الحالي، سوقا واعدة كبرى، وتوفر اليوم، وستوفر في المستقبل، فرصا كبرى للاستثمارات، وعلينا أن نوظف ذكاءنا الجماعي لإنضاج الرؤية المناسبة التي تساهم في جعل قارتنا تستفيد من هذه الفرص وقادرة على احتضان الاستثمارات وجديرة بحياة الأفارقة.

 

الزميلات والزملاء،

السيدات والسادة،

توجد إفريقيا اليوم، في قلب تنافس بين القوى الاقتصادية العالمية الكبرى. وعلينا كبرلمانيين وكمؤسسات أن نجعل هذا التسابق على خيرات القارة وإمكانياتها، مفيدا لها ولأبنائها، أولا وأخيرا، وفق رؤية انبثاق إفريقيا الجديدة/ L’émergence de la Nouvelle Afrique، في إطار شراكات للربح المشترك وعلى النحو الذي يجعل مقدرات بلداننا في يد شعوبنا. علينا أن نعكس الرهان Renverser l’enjeuبجعل بلداننا ممسكة بمقدراتها ومتحكمة في طبيعة التنمية التي ينبغي أن تكون مستدامة وملائمة لحاجيات شعوب القارة.

إننا مطالبون بالمساهمة في الترافع الدولي من أجل إفريقيا ؛ ومن أجل هذا الهدف بالذات، ينبغي لترافعنا أن يكون عقلانيا واستراتيجيا وواقعيا يمكن القارة من التحكم في زمام المبادرة، حتى تنتقل من وضع المتلقي إلى وضع المبادر والمقترح، قارة مؤثرة في القرار الدولي.

وليس تحقيق هذه الأهداف بالمستحيل على إفريقيا، فهذه القارة، هي أقدر على أن تكون قارة المستقبل والفرص الواعدة والاقتدار المؤسساتي. و ما من شك في أن التنوع الديموغرافي والغنى الثقافي لقارتنا يشكل رافعة لتحقيق ما نطمح إليه. ولا نختلف في أن لاتحادنا ولبرلماناتنا الوطنية ولباقي المنظمات البرلمانية الإقليمية، دورا كبيرا، ينبغي أن نؤديه بجعل مؤسساتنا أقرب إلى المواطنين، وأكثر إصغاء، وأغزر إنتاجا، وأقوى دفاعا عن الديمقراطية والشفافية وتكافؤ الفرص وعن التعددية السياسية وحرية التعبير.

فنحن مطالبون باعتماد التشريعات التي تيسر الديناميات الاقتصادية والاستثمار مع توفير البيئة والمناخ الملائم لجلب الاستثمارات وضمان المنافسة الشريفة، كما أننا مطالبون بالسهر على جعل هذا الاستثمار مسؤولا على المستوى الاجتماعي ، إذ لا فائدة من تنمية لا يكون الإنسان في صلب رهانها.    

 

السادة الرؤساء،

الزميلات والزملاء،

علينا، من أجل بلوغ هذه الأهداف، أن نطور ونجود أعمالنا ونرسخ تقاليد جديدة من التعاون بين مؤسساتنا. وعلى اتحادنا أن يلعب دورا محوريا  في تنسيق هذا التعاون وتنظيمه وترسيخه ووضع القواعد الضرورية لمأسسته. وستجدون في البرلمان المغربي، الذي يفخر باحتضان أشغال الدورة 70 للجنة التنفيذية للاتحاد، كل الدعم  والاستعداد لوضع إمكانياته وتجربته رهن إشارة الأشقاء، وذلك وفق الرؤية المغربية للتعاون الإفريقي التي أسس لها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والمبنية على أهمية التعاون جنوب-جنوب والشراكات المربحة للجميع حتى يتم تجسيد شعار إفريقيا "قارة المستقبل"، على أرض الواقع، وحتى نتمكن من مواجهة ما تفرضه استحقاقات التحولات العالمية العميقة.

مرحبا بكم مرة أخرى على أرض المملكة المغربية وأتمنى لأشغالنا النجاح.