تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 2009/04/10 : خطاب السيد رئيس مجلس النواب بمناسبة افتتاح دورة أبريل 2009

09/04/2009

بسم الله  الرحمن الرحيم

والصلاة  والسلام  على أشرف المرسلين  وعلى آله

وصحبه أجمعين

السيد الوزير الأول المحترم.

السيدات والسادة الوزراء المحترمين.

السيدات والسادة النواب المحترمين.

نفتتح على بركة الله وحسن عونه، من خلال هذه الجلسة، الدورة الربيعية  الثانية  من الولاية التشريعية  الثامنة، التي سنعمل جميعا، أغلبية ومعارضة، بتنسيق  وتعاون  مع الحكومة  كي تكون  حافلة إن شاء الله  بمزيد من الإنتاج  التشريعي  والمراقبي والديبلوماسي والسياسي، استمرارا للمجهودات  والحصيلة  الوافرة  التي أبانت  عنها دورة أكتوبر  الماضية  بمساهمة  جميع الفرق  والفعاليات  النيابية  بمجلسنا الموقر.

ولقد  تميزت  الفترة  الفاصلة بين نهاية  دورة أكتوبر  2008 وبداية  دورة  أبريل 2009، بعدد من الأنشطة ذات  الطابع  التشريعي  والمراقبي  وخاصة في المجال الديبلوماسي والسياسي.

وأود أولا  أن أركز  على النشاط النيابي  في إطار الديبلوماسية  البرلمانية  لاسيما فيما يتعلق  بالدفاع السياسي  والديبلوماسي عن قضية  وحدتنا الترابية المقدسة.

وأغتنم الفرصة  هنا لأنوه  بجميع  السيدات والسادة  النواب، من مختلف  الفرق والمجموعات  النيابية، الذين لم  يتركوا  أية فرصة  سانحة، في إطار مشاركاتهم  في مختلف  اللقاءات والمحافل  البرلمانية الدولية  والجهوية  والقارية، من أجل الدفاع باستماتة وصبر  عن قضيتنا  العادلة، والتعريف بالمبادرة الوطنية  الجريئة، ذات  المصداقية المتمثلة  في تقديم  مقترح بمنح حكم ذاتي موسع  لأقاليمنا الجنوبية.

واسمحوا  لي ، في هذا الصدد، أن أقف عند حدث بارز، وقع فيما بين الدورتين-يجسد بصدق دور مجلسنا الموقر في التصدي لمناورات  خصوم وحدتنا الترابية. فكما تعلمون استقبلت البعثة  المكلفة  بالعلاقات مع دول المغرب العربي، واللجنة الخاصة بالصحراء التابعتين للبرلمان  الأوروبي  التي تم تكليفهما  للقيام بمهمة استطلاعية  في أقاليمنا الجنوبية  بين 25 و 29 يناير  الماضي. وقد أجريت معهما محادثات، كما أجرت محادثات مع رؤساء الفرق النيابية، والسادة أعضاء مكتب لجنة  القطاعات الإنتاجية برئاسة السيد رئيس اللجنة.

لكن لما أنجزت  البعثة  المذكورة  تقريرها، تسرب مضمونه، وهو لازال  مشروع تقرير  لم يصادق عليه  بعد وفق المسطرة المعمول بها بالاتحاد الأوروبي، تسرب بشكل مدبر  وماكر إلى إحدى وسائل الإعلام  التي تصرفت  فيه دون وجه حق، بعيدا عن النزاهة والمهنية الصحفية  المطلوبة، بغرض الإساءة  لبلادنا.

وقد تحمل  مجلسنا الموقر مسؤوليته  كاملة  في هذا  الشأن.

وخلال تواجدي ببروكسيل، على رأس وفد نيابي  للمشاركة  في أشغال الدورة  العامة الخامسة  للجمعية البرلمانية  الأورومتوسطية المنعقدة  ما بين 15 و  17 مارس 2009، عبرت  عن استيائي بل احتجاجي، باسم البرلمان المغربي، أمام الرئيس الحالي للجمعية البرلمانية الأورومتوسطية  و رئيس الوفد  الخاص  حول الصحراء، ورئيس وفد الاتحاد الأوروبي  من أجل العلاقات مع بلدان  المغرب العربي بالبرلمان الأوروبي، ورئيس مجموعة الصداقة  البرلمانية بين  المغرب والاتحاد الأوروبي على هذا  السلوك اللامسؤول و المبيت والمغرض الموجه ضد بلادنا، والذي من شأنه  الإضرار بالعلاقات  الجيدة التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي.

وقد كانت مناسبة أيضا لإبراز التناقضات والمغالطات  والأخطاء التي تحتوي  عليها هذه  الوثيقة.

وبفضل هذه الجهود الحريصة  واليقظة  للبرلمان المغربي، أقر رئيس البرلمان الأوروبي، وكذا رؤساء الوفدين المذكورين بأن عملية التسريب لمشروع التقرير مخالف للأخلاقيات  البرلمانية، ووعد باستخلاص  العبر  المتعينة  في هذا الشأن.

كما عملت على عقد لقاء مع الصحافة لتوضيح الخلفيات  المبيتة  والمغرضة التي تروم الإساءة إلى سمعة المغرب في مجال حقوق الإنسان وإبراز المجهود الكبير  من أجل إرساء دولة الحق والقانون  مع الوقوف  على الجهود الجادة  ذات المصداقية التي بذلها  ويبذلها المغرب من خلال مقترحه  بمنح حكم ذاتي موسع  لأقاليمنا الجنوبية  تحت السيادة  المغربية من أجل إيجاد حل نهائي لهذا النزاع  المفتعل.

ونحن نتطلع  للتعرف على  مضامين تقرير  الممثل  الجديد  للأمين العام  للأمم  المتحدة  حول الصحراء، السيد  كريستوفر روس-الذي استقبلته بمكتبي  يـــوم الجــمعة  20 فبراير الماضي-والذي  سيقدمه  لمجلس الأمن يوم  14 أبريل وكذا  المناقشات التي ستعقبه  يوم 21 من الشهر الجاري آملين  أن يشكل لحظة توضيحية مهمة لحقيقة  الأوضاع على الأرض، ولأهمية  المقترح المغربي  بمنح حكم ذاتي  للأقاليم  الجنوبية  كحل  معقول وواقعي  لهذا النزاع المفتعل.

وعلى كل حال  فنحن  كنواب للأمة، مجندون دائما، بجانب  الحكومة  ومختلف  مكونات الشعب المغربي  وراء صاحب الجلالة، حامي حوزة التراب الوطني  ورمز وحدة  واستقرار هذا البلد الأمين، من أجل إفشال أية مناورة  كيفما كان مصدرها، تهدف المساس بقضيتنا المصيرية العادلة.

السيد الوزير الأول المحترم.

السيدات والسادة الوزراء المحترمين.

السيدات والسادة النواب المحترمين.

إن استقرار المغرب من استقرار وحدته الترابية واستقرار  حقله الديني  تحت ظل  إمارة المؤمنين.

واستقرار حقله الديني يمر عبر استقرار  عقيدته   الأشعرية ومذهبه  المالكي الذي ارتضاه المغاربة وأجمعوا  حوله منذ قرون، وشكل شخصيتهم  وهويتهم  المذهبية  ضمن إسلام سني معتدل.

ولقد كانت الفترة الفاصلة بين دورة أكتوبر و أبريل  حافلة بالدروس البليغة من حيث أن إمارة المؤمنين  حاضرة  بقوة لتحصين الشخصية المغربية، والهوية الوطنية  الإسلامـــيـــة السنية المالكية من أي تلاعب أو اختراق. فبلادنا  الأصيلة  والمنفتحة والمتسامحة عملت وستعمل دائما على احترام المذاهب  الأخرى، إسلامية  كانت أو غير  إسلامية، وعملت  وستعمل دائما على احترام الشأن الديني  والسياسي  الداخلي  لكل الدول،  لكنها لن تسمح على الإطلاق  بالتعدي  على حرمات الحقل الديني السني الأشعري المالكي تحت ظل إمارة  المؤمنين  تلك الشجرة الوارفة الظلال  التي يستظل بها المغاربة لتحصين هويتهم وشخصيتهم  ومذهبهم  الذي ارتضوه،  ونسجوا حولها وحدتهم  -ضمن  تعددهم- إلى أن  يرث الله الأرض ومن عليها.

السيد الوزير الأول المحترم.

السيدات والسادة الوزراء المحترمين.

السيدات والسادة النواب المحترمين.

لقد تميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين  باستمرار  المبادرات النيابية  لنصرة قضية  فلسطين  على إثر العدوان  الإسرائيلي الغاشم على غزة، لعل  أبرزها  زيارة وفد  من مجلس النواب إل غزة  للتضامن مع المجلس  التشريعي 

الفلسطيني  وذلك  يوم 19 و 24 يناير 2009، وكذلك  مشاركة  وفد نيابي  خلال  الفترة المتراوحة  ما بين  16 و 19  فبراير  2009 في الدورة  الحادية عشرة لمجلس اتحاد مجالس الدول الأعضاء في المؤتمر  الإسلامي ،والتي كانت  إحدى نقاط جدول  أعمالها تتعلق باتخاذ موقف موحد من قبل  البرلمانات  الأعضاء في مجلس الاتحاد لمناصرة فلسطين  في مواجهة  العدوان وجرائم الحرب التي  ارتكبتها  إسرائيل في قطاع غزة.

ومن الأكيد، أن هذا النشاط النيابي الملتزم بالقضية  القومية المركزية، قضية فلسطين  يصب في  صميم العمل الكبير  لصاحب الجلالة أمير المؤمنين رئيس لجنة القدس الذي ما فتئ يتخذ المبادرة تلو الأخرى دعما لأهالينا  في فلسطين، لعل أبرزها  تكفل  جلالته  شخصيا  ومن ماله  الخاص  بإعادة  بناء كلية  الزراعة بغزة، فضلا عن الدعم  الاجتماعي  والصحي  والسياسي  لأهالينا  في فلسطين  وفي القدس خاصة بعد  الإعلان  عن دعوة  لجنة  القدس للاجتماع.

إننا فخورون بتناغم العمل البرلماني  والحكومي والشعبي  تحت ظل  قائد البلاد  رئيس لجنة القدس من أجل  تقديم  أقصى  ما يمكن من الدعم  لأهالينا  في فلسطين  السليبة  وعاصمتها  القدس الشريف.

السيد الوزير الأول المحترم.

السيدات والسادة الوزراء المحترمين.

السيدات والسادة النواب المحترمين.

لقد تميزت  الفترة الفاصلة بين الدورتين  بنشاط ديبلوماسي  مكثف،فعلاوة على الأنشطة الديبلوماسية والسياسية  التي ذكرتها  سابقا، والمتصلة  أساسا  بالدفاع عن قضية وحدتنا  الترابية  وبمؤازرة أهالينا  في غزة  والقدس  وكامل التراب الفلسطيني  المحتل، قمت باستقبال  عدد من الوفود 

الشقيقة  والصديقة، كما قمت  بمعية  عدد من  السيدات  والسادة النواب ممثلي الفرق النيابية بزيارة عدد من البرلمانات  التي تربطنا بها علاقات  صداقة وتعاون، كما أن عددا من السيدات والسادة  النواب المحترمين مثلوا المجلس أحسن  تمثيل  في عدد من المنتديات واللقاءات الجهوية  والدولية  والقارية، عززوا من خلالها دور مجلس النواب  ومساهماته  في مناقشة المواضيع المطروحة  للنقاش.

أما فيما يتعلق  بالحصيلة التشريعية  فيما بين الدورتين، فإن عددا من اللجان  واصلت  أشغالها بكفاءة وجدية، وأذكر بالأساس لجنة المالية  والتنمية الاقتصادية  التي ركزت عملها  على المهمة  الاستطلاعية حول موضوع  الأدوية  خصصت  له أربع جلسات  استمعت  فيها  إلى عروض  عدد مهم من المدراء و المسؤولين عن القطاع. ولجنة القطاعات الاجتماعية التي قامت  بمتابعة  دراسة مشروع قانون رقم  11.08 المتعلق  بالكواشف المستعملة لأغراض التشخيص في المختبر، فيما أنهت  دراسة مشروع قانون رقم 47.08 المتعلق بنقل المدارس  العليا للأساتذة  التابعة لقطاع  التربية الوطنية  إلى الجامعات، والذي  تمت المصادقة عليه بالإجماع، إلى جانب  تكوينها  للجنتين  استطلاعيتين همت الأولى المستشفيات، فيما  همت  الثانية المنشآت  الرياضية  وتأهيل كرة القدم، كما ناقشت  اللجنة  موضوع الأشخاص  في وضعية إعاقة.

وبخصوص لجنة القطاعات  الإنتاجية فقد شرعت  في دراسة  مشروع قانون  رقم 31.08 القاضي  بتحديد  تدابير  لحماية  المستهلكين  الذي نتطلع إلى التعجيل باستكمال الدراسة  والمصادقة عليه في أقرب وقت ممكن  نظرا  لأهميته البالغة  في تأطير العلاقات  القانونية المتصلة  بالاستهلاك.

أما  فيما  يتعلق  بحصيلة  مراقبة  العمل  الحكومي  بين الدورتين فقد  بلغ  مجموع  الأسئلة  الشفوية  التي توصل  بها المجلس  بـ 211  سؤالا تم

تحويل 23 منهم إلى أسئلة كتابية، فيما تم سحب   24 سؤالا شفويا.  أما عدد الأسئلة  الكتابية  فتصل إلى مجموع  419 سؤالا في حين  توصل المجلس من الحكومة ب 410  جوابا،  وكل هذه الأسئلة  تغطي مختلف  أوجه النشاط الحكومي.

السيد الوزير الأول المحترم.

السيدات والسادة الوزراء المحترمين.

السيدات والسادة النواب المحترمين.

إننا نآمل أن تكون هذه الدورة حافلة هي الأخرى  بالعمل  المنتج  الإيجابي، تشريعيا ورقابيا، وديبلوماسيا، علما  أنها  ستتميز بحضور الانشغالات  الانتخابية  المتعلقة  بالاستحقاقات  التي ستنطلق ابتداء من  يوم 12 يونيو 2009، وسنتتبع  بحرص الآثار الملموسة  للتعديلات الجديدة  التي  أدخلتموها  أنتم نواب الأمة  على مدونة الانتخابات والميثاق الجماعي،   سعيا  لتحفيز الشباب والمرأة للانخراط أكثر في الحياة السياسية، وتقوية دور المجالس الجماعية لتكون قاطرة للتنمية  الاقتصادية  والاجتماعية.

إن قوة  أية مؤسسة وديناميتها، هي في  قوة ودينامية الفاعلين فيها، ومجلسنا الموقر الذي نعمل جميعا من أجل إشعاعه وتوهجه، وتساهمون أنتم نواب الأمة بمجهوداتكم في الدفاع عن ثوابت البلاد ومصالح المواطنين، مطلوب منا، بذل مزيد من الجهد والحضور المكثف داخل اللجن، وعلى مستوى الجلسات العامة، انطلاقا من كوننا مطالبون  جميعا  بربح  رهان الديمقراطية في مختلف محطاتها وأوجهها  تحت القيادة  المتبصرة  لراعي الديمقراطية ببلادنا صاحب الجلالة  الملك محمد السادس  نصره الله وأيده.         

                والسلام  عليكم ورحمة الله تعالى  وبركاته.