بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام
على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه
السيد الوزير الأول المحترم ،
السيدات و السادة الوزراء المحترمون ،
السيدات و السادة النواب المحترمون ،
نفتتح اليوم، بعون الله و قوته، الدورة الربيعية من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الثامنة، و نحن أكثر إرادة و عزما على الرقي بمؤسستنا التشريعية إلى مستوى أفضل من الأداء و الإشعاع، وطنيا و إقليميا و دوليا، مستحضرين التصور و التوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب افتتاح الدورة الخريفية لشهر أكتوبر الماضي عندما قال جلالته :
" ... فمن واجبي التأكيد على أنه بقدر حرصنا على تكوين حكومة متراصة و منسجمة، مدعومة من قبل أغلبية برلمانية، و تحاسبها معارضة بناءة، فإنــنا نريـــد برلمانا أكثر فعاليـــــة،برلمانــــا يمارس بنجاعة
كافة اختصاصاته التشريعية والرقابية و التمثيلية، يشكل قدوة للمؤسسات الدستورية، في نهوضها بصلاحياتها كاملة، فلا شيء يحول دون ذلك إلا في نطاق الدستور و فصل السلط و توازنها و تعاونها، الذين نحن على تكريسه ساهرون، برلمانا يساهم في زيادة الإشعاع الدولي للمغرب ..."
انتهى كلام جلالة الملك .
نعم لقد تعاونا جميعا، حضرات السيدات و السادة، برلمانا وحكومة، من أجل تدبير أفضل للظروف الضاغطة لجدول الأعمال المكثف للدورة البرلمانية الأولى لمجلس النواب، وهو يخطو أولى خطوات ولايته التشريعية الثامنة، مع ما تطلبه ذلك من انتخاب الرئاسة ومختلف الأجهزة التدبيرية للمجلس ثم تقديم ومناقشة والمصادقة على التصريح الحكومي وتقديم ومناقشة و المصادقة على مشروع القانون المالي برسم
السنة المالية 2008 إضافة إلى تدارس والمصادقة على عدد من النصوص التشريعية الهامة.
من هذا المنطلق تشكل هاته الدورة الربيعية محكا ومحطة جديدة نريدها جميعا لبنة جديدة متميزة في الأداء التشريعي والرقابي والدبلوماسي البرلماني سعيا إلى التجسيد الملموس للتصور والتوجهات الملكية السامية الواردة في خطاب افتتاح مجلسنا الموقر في شهر أكتوبر الماضي.
السيد الوزير الأول المحترم،
السيدات و السادة الوزراء المحترمون،
السيدات و السادة النواب المحترمون،
لقد عاشت الفترة الفاصلة بين دورتي أكتوبر وأبريل أحداثا و محطات سياسية هامة لعل أبرزها:
أولا : على الصعيد الإسلامي، بانعقاد مؤتمر القمة الإسلامي بداكار على أرض السينغال الصديقة و الشقيقة و ترأس جلالة الملك شخصيا الوفد المغربي، و مساهمة جلالته الرائدة بعدد من الاقتراحات الرامية إلى تعزيز التضامن الإسلامي المشترك.
ثانيا : على الصعيد العربي، بانعقاد مؤتمر القمة العربية العشرون بدمشق في ظرف عربي صعب، شارك فيه المغرب، بمستوى عال من التمثيلية بروح تتسم بالإيجابية و التفاؤل والحرص على توحيد الجهود و الحفاظ على الحد الأدنى من التضامن العربي المشترك.
ثالثا : على الصعيد المتوسطي، بانعقاد الدورة الرابعة لمنتدى باريس التي انعقدت بين 28 و 30 مارس الماضي تحت شعار "الاتحاد من أجل المتوسط، ما الهدف منه وكيفية تفعيله " وكما تعلمون فإن المغرب يضطلع بدور رئيسي في إطــــــار مشـــــروع "الاتحاد من أجل المتوســـط "
ويعد شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي، بل إن صاحب الجلالة نصره الله كان أول من أعرب عن دعمه القوي لهذا المشروع الاستراتيجي الهام.
أكتفي بالتذكير بهاته المحطات السياسية الثلاث، والتي سيكون لها حضور أكيد في النقاشات و مداولات السيدات و السادة النواب المحترمين خلال هذه الدورة الربيعية، و أنتقل للحديث عن أبرز الأنشطة و المبادرات البرلمانية التي تمت بين دورتي أكتوبر و أبريل، التي شاركت فيها مختلف الفرق النيابية، أغلبية و معارضة، و المتصلة بالأحداث والمستجدات الوطنية.
· أذكر أولا بعقد اجتماع لجنة الداخلية و اللامركزية والبنيات الأساسية من أجل دراسة ظروف وملابسات تفكيك الشبكة الإرهابية الخطيرة التي مكنت من تقدير حجم الأخطار الإرهابية التي تتهدد بلادنا في نفس الوقــــــــــت الذي مكنــــت فيه
أيضا من الوقوف على يقظة واحترافية مختلف المصالح الأمنية الوطنية و تجندها الدائم لحماية الوطن.
· وأذكر ثانيا باجتماع لجنة الخارجية و الدفاع الوطني والشؤون الإسلامية من أجل دراسة المستجدات التي عرفتها قضيتنا الوطنية الأولى بعد إجراء الجولة الرابعة لمفاوضات مانهاست، و قد كانت مناسبة لتأكيد الإجماع و التلاحم الوطني حول المقاربة الوطنية الجديدة المتمثلة في الحكم الذاتي الموسع بأقاليمنا الجنوبية سعيا إلى الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل.
كما كانت مناسبة لتدارس المستجدات في شأن العلاقات المغربية – الإسبانية والعلاقات التي تربط بلدنا بدولة السينغال الصديقة والشقيقة وكذا سياسة الحكومة اتجاه الجالية المغربية بالخارج.
· و أذكر ثالثا بتدارس لجنة المالية و التنمية الاقتصادية لموضوع الاستراتيجية العامة لتحفيز الاستثمار، وموضوع صناديق التقاعد وإشكالية تحملاتها وتوازناتها.
· وأذكر رابعا بتدارس لجنة القطاعات الاجتماعية لموضوع الإقصاء المبكر للمنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس إفريقيا للأمم المنظم بغانا وكذا تدارس وضعية المستشفيات العمومية ببلادنا.
و من جهة أخرى، وطبقا لمقتضيات المادة 35 من النظام الداخلي، قامت اللجان النيابية، باتفاق مع مكتب المجلس، بتكليف بعض أعضائها بمهمات استطلاعية همت بالأساس قطاعات الرياضة والمياه والغابات، والنقل، وإعداد التراب الوطني والسكنى، و العدل.
أما في المجال التشريعي فتجدر الإشارة أساسا إلى شروع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في دراسة مقترح قانون يتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي بحضور السيد وزير العدل، كما عقدت اللجينة المنبثقة عن لجنة المالية اجتماعا لتدارس الجوانب التقنية لمشروع قانون يتعلق بتسنيد الديون و تغيير وتتميم القانون المتعلق بعملية الاستحفاظ.
السيد الوزير الأول المحترم،
السيدات و السادة الوزراء المحترمين،
السيدات و السادة النواب المحترمون،
إن الدبلوماسية البرلمانية تعتبر إحدى الروافد الأساسية للدبلوماسية الوطنية، منخرطة في مجهوداتها و داعمة لتوجهاتها.
لذلك فإن الفرق النيابية و رئاسة المجلس بصفة خاصة لعازمة على القيام بمسؤولياتها كاملة في هذا الصدد، وعيا منها بأهمية حضور و مشاركة ممثلي الأمة في مختلف المنابر البرلمانية الجهوية والقارية والدولية تعزيزا لحضـــور المغرب في الساحة الدولية والدفاع عن مصالحه وقضاياه، وفي مقدمتها قضيتنا الوطنية الأولى.
لذلك حرصت الرئاسة على الحضور والمشاركة في اجتماع الجمعية الأرو متوسطية المنعقدة بأثينا و المكونة من 27 دولة أروبية و10 دول من الضفة الجنوبية للمتوسط، حيث تم انتخاب المغرب نائبا للرئيس بمعية إيطاليا و الأردن في الوقت الذي أنيطت رئاستها للاتحاد الأروبي على أساس أن تؤول رئاستها إلى المغرب سنة 2011 عملا بنظام التناوب الرئاسي.
و قد اغتنمتها مناسبة لأبلغ صوت البرلمان المغربي المندد بالظلم و العدوان المسلط على الشعب الفلسطيني الأعزل خاصة في قطاع غزة، داعين إلى رفع الحصار عنها، ومنددين بالممارسات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد القدس الشريف الذي تتشرف بلادنا في شخص جلالة الملك برئاسة لجنة إسلامية لمؤازرة هاته المدينة المقدسة المحتلة وحمايتها من التهويد و الغصب. ملحين على ضرورة استئناف المفاوضات في اقرب وقت ممكن، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من استرجاع أراضيه المغتصبة وقيام دولته وعاصمتها القدس الشريف.
و من جهة أخرى فلقد ترأست وفدا هاما في زيارة صداقة لدولة البرتغال مكنت من التباحث مع رئيس البرلمان البرتغالي و نائب وزير الخارجية ووزير الدفاع سعيا إلى تعزيز المكتسبات المشتركة بين الدولتين الصديقتين وتفعيل بنود اتفاقية التعاون المبرمة بين مجلس النواب والجمعية الجمهورية للبرتغال.
و لا يفوتني أن أذكر باستقبال الرئاسة لعدد من السادة وزراء خارجية وسفراء و فعاليات دبلوماسية تنتمي لعدة دول صديقة وشقيقة منها وزراء خارجية سيراليون، و اليونان، و غينيا بيساو، و صربيا، و سفراء البرتغال، أوكرانيا، ألمانيا، هنغاريا، إيران، اندونيسيا، و رئيس جهة الألب كوت – دازور الذي كان وزيرا سابقا للعدل بفرنسا والنائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأروبي، و وفد عن جمهورية التشيك وآخر عن كاطالونيا برئاسة رئيس الحكومة، رفقة وزير الزراعة والصيد البحري وأعضاء لجنة الفلاحة بالبرلمان الكاطالوني، كما زار المجلس وفد هام عن كولومبيا.
و قد مكنت هذه اللقاءات من إجراء مباحثات متميزة و ودية حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك وخاصة منها القضية الوطنية ومبادرة المغرب فيما يتعلق بمشروع الحكم الذاتي لأقاليمنا الصحراوية.
و تجدر الإشارة أيضا إلى أن رئاسة المجلس استقبلت السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني الإفريقي لتدارس الاستعدادات و الترتيبات المتعلقة بتنظيم البرلمان بمجلسيه لتظاهرة إفريقية حول الهجرة في غضون شهر ماي القادم والتي سنعمل جميعا من أجل إنجاحها و تحقيق الأهداف المرجوة منها علما أن المغرب يحتل موقعا حساسا واستراتيجيا ارتباطا بهذا الموضوع.
السيد الوزير الأول المحترم،
السيدات و السادة الوزراء المحترمون،
السيدات و السادة النواب المحترمون،
إن العالم يعيش ظرفية اقتصادية عالمية صعبة ، فمعدل النمو الاقتصادي العالمي في تراجع، و الضغط يتزايد على التضخم، و أسعار المواد البترولية و المواد الأولية بل و المواد الغذائية في ارتفاع مستمر، و هذا من شأنه أن يؤثر سلبا على الاقتصاد المغربي و يضر بتوازناته الاقتصادية والاجتماعية.
لذلك، فإن مجلسنا الموقر سيتعاون مع الحكومة لبحث كل السبل للحد ما أمكن من الآثار السلبية لهذا الوضع الاقتصادي الدولي الصعب على الفئات الأكثر خصاصا.
ومن هنا فإننا نترقب نتائج الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات من أجل دعم القدرة الشرائية لمحدودي الدخل وتحسين الأوضاع الاجتماعية بصفة عامة، وسنفتح حوارا صريحا مع الحكومة في هذا الشأن تحت قبة البرلمان، وهي المكان الطبيعي للتعبير الصريح والديمقراطي عن انشغالات ومطالب وتطلعات المواطنين، من مختلف الشرائح والانتماءات، والتي نتشرف بتمثيلهم والدفاع عن قضاياهم.
السيد الوزير الأول المحترم ،
السيدات و السادة الوزراء المحترمون ،
السيدات و السادة النواب المحترمون ،
إن تحسين صورة البرلمان يستلزم بالضرورة الرفع من جودة العمل البرلماني، ولن يتأتى ذلك إلا بالحضور والمشاركة الفعالة والمكثفة والدؤوبة والفعلية للسادة النواب المحترمين في مختلف أنشطة المجلس ومبادراته وأعماله وجلساته.
وإننا في مكتب مجلس النواب قد فتحنا أوراشا سعيا إلى إصلاح منظومة العمل البرلمانية أذكر من بينها على سبيل المثال :
§ العمل على خلق لجنة مشتركة لملاءمة النظامين الداخليين لمجلس النواب ومجلس المستشارين، في إطار من التنسيق والتشاور المستمر بين الغرفتين.
§ العمل على إصلاح نظام الأسئلة الشفوية لتفادي الركاكة والتكرار باعتماد موضوعات محورية والتفكير في سبل الرفع من مرد وديتها.
§ التحضير لاعتماد استراتيجية تواصلية جديدة للمجلس، على المستوى الداخلي والخارجي لتجاوز النقص الهائل الملاحظ في هذا الشأن والعمل على تنظيم وتطوير علاقة المجلس مع محيطه.
ومن الطبيعي فإن الرفع من جودة العمل البرلماني، وتحقيق الأهداف المنشودة من إصلاح منظومة العمل البرلماني، يتطلب بالضرورة توفير شروط لائقة للعمل من جهة ومتابعة إنجاز الإصلاحات على مستوى الإدارة البرلمانية من جهة أخرى.
ففيما يتعلق بتوفير الشروط اللائقة لممارسة السيدات والسادة النواب المحترمين لمسؤولياتهم البرلمانية، فقد اتخذت قرارات هي في طور التنفيذ لإصلاح قاعة الجلسات العامة، وإصلاح التجهيزات السمعية البصرية والإنارة، وتهيئ وتجهيز مرافق البناية التي كانت تابعة للخزينة العامة وتم إلحاقها ببناية المجلس.
وفيما يتعلق بورش عصرنة الإدارة البرلمانية وتحديث طرق أعمالها التدبيرية، فإننا حرصنا على متابعة المجهودات الرامية إلى تعميم التقنيات والوسائل الحديثة للاتصال الالكتروني، بإنجاز برنامج معلوماتي لإعداد محاضر الجلسات العامة والشروع الفوري في نشرها بالموقع الالكتروني لمجلس النواب- الذي خضع هو الآخر لإعادة التصميم والهيكلة- وإعمال نظام إلكتروني لتدبير الموارد البشرية والمالية وممتلكات المجلس.
ونحن واعون أن هذا الورش الإصلاحي رهين بتفعيل برامج تأهيل الموارد البشرية عبر التكوين وإعادة التكوين فيما يخص تقنيات صياغة النصوص القانونية، ومتابعة الجلسات، وتحليل الميزانية، واستعمال التقنيات الحديثة للتواصل وتقنيات الأرشيف....إلخ.
ومن أجل تحسين صورة البرلمان، وإدماجه في محيطه المؤسساتي والسياسي والشعبي، فإننا نشجع على انفتاحه على فعاليات المجتمع المدني، والفعاليات الجامعية والإعلامية، إننا نريد مجلسا مواطنا يشكل فضاء للنقاش الحر والمسؤول يعكس مختلف الانشغالات والقضايا التي تشغل بال الوطن والمواطنين.
وإن جميع المبادرات التي تقوم بها في هذا الصدد رابطة أطر وموظفي البرلمان، وجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفات وموظفي مجلس النواب، ومنتدى النساء البرلمانيات ستلقى من رسائة المجلس وإدارته كل التشجيع والاحترام.
السيد الوزير الأول المحترم ،
السيدات و السادة الوزراء المحترمون ،
السيدات و السادة النواب المحترمون ،
إن نهضة العمل البرلماني من نهضة الأمة المغربية، وهي مسؤوليتنا داخل البرلمان ومسؤولية الحكومة ومسؤولية مختلف القوى الحية ببلادنا، وتحسين أداء وصورة البرلمان هي فرض عين على الجميع وإحدى شروط النهضة الديمقراطية في بلادنا.
وفي الأخير لابد أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى كافة أجهزة العمل من أعضاء المكتب ورؤساء الفرق ورؤساء اللجن على ما بذلوه ويبذلونه من جهد لتفعيل عمل المجلس والنهوض به، وأتوجه بالشكر الجزيل أيضا إلى السيدات والسادة الوزراء وفي مقدمتهم السيد الوزير الأول، على تعاونهم للرقي بالعمل البرلماني إلى مستوى أفضل خدمة للمصالح العليا للبلاد. منوهين بالجهود المتواصلة التي يبذلها السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان في هذا الإطار.
أعاننا الله جميعا ووفقنا لما فيه خير ومصلحة الشعب المغربي تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، راعي الديمقراطية ببلادنا، وحفظه في ولي العهد المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة إنه سميع مجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.