تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 2008/01/23 : خطاب السيد الرئيس برسم اختتام دورة أكتوبر 2007

23/01/2008

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.السيد الوزير الأول المحترم،السيدات والسادة الوزراء المحترمون،السيدات والسادة النواب المحترمون.بعون اللـه نخصص هذه الجلسة العمومية لاختتام أشغال دورة أكتوبر 2007، الدورة الأولى من الولاية التشريعية الثامنة التي افتتحها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بخطاب سامي، سطر من خلاله جلالته آفاق العمل الحكومي، ورهانات الولاية التشريعية الحالية، داعيا إلى تفعيل دور البرلمان لإثراء العمل السياسي في بلادنا وإلى تنسيق أشغاله بين الغرفتين والدفع بالدبلوماسية البرلمانية لتكريس الإشعاع الدولي لبلادنا والدفاع عن قضاياها الوطنية.

إن انخراطنا جميعا في البناء الديمقراطي التنموي الذي يحرص جلالته على توسيع فضائه، ليشمل كافة القوى الحية لبلادنا، بما فيها الجالية المغربية المقيمة بالخارج التي حظيت بشرف تأسيس مجلسها الأعلى يجسد مدى الشعور بالمسؤولية التي يتمتع بها السيدات والسادة نواب الأمة، ومدى حرصهم على القرب من قضايا المواطنين وهمومهم، للعمل من أجل تحقيق عيش حر وكريم، في ظل وطن موحد وآمن. في إطار هذه التوجيهات الملكية السامية، وفي أجواء وظروف جد إيجابية، ساهمت فيها كافة الفرق النيابية، وباقي السيدات والسادة النواب بكل مسؤولية، تم إرساء هياكل المجلس الموقر وفق المقتضيات الدستورية والتنظيمية في هذا الباب، توجت بشرف الاستقبال من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره اللـه وأيده، وهو لحظة غالية نسجلها بكل فخر واعتزاز، ستظل حافزا لكافة السيدات والسادة أعضاء المجلس لبذل المزيد من الجهد والعطاء، والتفاني لتطوير أداء المؤسسة التشريعية، والرقي بها إلى أرقى المراتب.

السيد الوزير الأول،السيدات والسادة الوزراء،السيدات والسادة النواب المحترمون.إن من بين  ما ميز هذه الدورة تقديم السيد الوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي، للبرنامج الحكومي الذي حظي بثقة مجلسنا الموقر، نظرا لالتزامه بحماية الثوابت والمقدسات، والوحدة الوطنية، والقيم القائمة على منهج الوسطية والاعتدال، واحترام حقوق الإنسان.ثقة تقترن بحرص البرنامج الحكومي على تقوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومواصلة إنجاز مختلف الأوراش المفتوحة ببلادنا، واعتماد مقاربات تراعي الخصوصيات الجهوية، وتكريس سياسة التشاور والتنسيق بين مختلف الفاعلين، قصد إنعاش الشغل والاستثمار، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات في قطاعات متعددة، وكذا تكريس سياسة القرب، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنات والمواطنين.

السيد الوزير الأول،السيدات والسادة الوزراء،السيدات والسادة النواب المحترمون.لقد أظهر مجلسنا الموقر خلال هذه الدورة للجميع، في جلسة مشتركة مع مجلس المستشارين، صرامة الموقف المغربي بخصوص قضية وحدتنا الترابية، ومدى تشبث جميع المغاربة بالدفاع والدود عن حوزة الوطن، والتصدي لكل محاولات التفتيت، عبر المبادرة الهامة التي وضعها المغرب لدى المنتظم الدولي، للتعبير عن حسن نيته وعزمه على إيجاد حل سياسي تفاوضي، يساهم في خلق انفراج بمنطقة شمال إفريقيا وجنوب البحر الأبيض المتوسط.وسنواصل بحول الله من خلال الدبلوماسية البرلمانية تنوير الرأي العالمي بأهمية المقترح المغربي، كأساس معقول للتفاوض، لوضع حد نهائي للخلاف القائم بأقاليمنا الجنوبية، وإنهاء مأساة المغاربة المحتجزين في مخيمات العار بتندوف.ومن بين اللحظات الهامة النوعية التي شهدها المجلس خلال هذه الدورة أيضا، لحظة تعبير جميع البرلمانيين (نوابا ومستشارين) عن الموقف الوطني الموحد من قضية مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وهي لحظة ستبقى خالدة في ذاكرة العمل البرلماني لبلادنا، نظرا لما تضمنه الموقف من روح وطنية عالية وصلابة وثبات. وهو موقف نعتبره رسالة موجهة للجميع، للتعبير عن مدى تلاحم الشعب والعرش، في الإصرار على تطهير وتصفية التراب المغربي من كل مظاهر الاحتلال.

السيد الوزير الأول،السيدات والسادة الوزراء،السيدات والسادة النواب المحترمون.بعد إرساء هياكل المجلس، والمصادقة على البرنامج الحكومي، شرع المجلس في مباشرة مهامه المحددة بمقتضى دستور المملكة والنظام الداخلي للمجلس على مختلف المستويات.وهكذا استهلت مؤسستنا الموقرة أشغالها التشريعية بدراسة أول مشروع قانون قدمته الحكومة في هذه الدورة، ويتعلق الأمر بدراسة مشروع قانون المالية لسنة 2008 الذي كان مناسبة للتمحيص والمبادرة والتقويم، أبان من خلالها السيدات والسادة النواب عن حس وطني كبير، في التعاطي مع القضايا المطروحة بروح المسؤولية والمواطنة.وبعد مجهودات نوعية واستثنائية شهدتها هذه الدورة، صادق المجلس على مجموعة من النصوص التشريعية، بلغ عددها 21 نصا تهم مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلادنا، ونذكر من بينها النصوص التنظيمية المتعلقة بالمحكمة العليا، ومجلس النواب، ومجلس المستشارين والمجلس الدستوري، وهي نصوص تكرس ثقافة دولة الحق والقانون بالنسبة لجميع المغاربة سواء كانوا مواطنين أو مسؤولين، مما يضع المغرب بين الدول الرائدة في مجال الحريات والحقوق. وتشجيعا للمبادرة التشريعية للسيدات والسادة النواب، صادق المجلس على مقترحي قانون، يتعلق الأول بتعديل مدونة التأمينات، والثاني بالمعهد العالي للقضاء، وهو ما كان له الأثر الإيجابي للدفع بأعضاء المجلس، لبذل المزيد من الجهد في المجال التشريعي.هذه النصوص استغرقت دراستها على مستوى اللجن النيابية ما مجموعه 95 اجتماعا دامت أكثر من 300 ساعة من العمل، ساهم فيها السيدات والسادة النواب بكل فعالية وحماس وتفحص وتمعن.كما عقدت بعض اللجن النيابية اجتماعات خصصت للاستماع لعروض قدمها السادة الوزراء حول قضايا خاصة.وفي هذا الإطار عقدت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، تطبيقا لمقتضيات الفصل 41 من النظام الداخلي، اجتماعا خصص للوضعية المالية للمكتب الشريف للفوسفاط، كما عقدت لجنة العدل والتشريع اجتماعا آخر حول موضوع حقوق الإنسان، وقد كانت مناسبة للحوار الجاد ما بين نواب الأمة والحكومة، استحضارا لطموحات شعبنا في مزيد من التقدم على مختلف الأصعدة، ومجابهة التحديات المتنوعة وطنيا ودوليا.وستواصل اللجن الدائمة أشغالها ما بين الدورتين لدراسة ما تبقى من نصوص تشريعية لتكون جاهزة للمصادقة عليها خلال الدورة المقبلة.

 السيد الوزير الأول،السيدات والسادة الوزراء،السيدات والسادة النواب المحترمون.أما في مجال المراقبة البرلمانية فقد بلغ عدد الأسئلة التي وجهها السيدات والسادة النواب 750 سؤالا شفويا، أجابت الحكومة في حدود الزمن المخصص لها على 324 سؤالا، منها 153 سؤالا آنيا و 171 سؤالا عاديا، همت مختلف القضايا التي تهم الشعب المغربي على كافة المستويات، مما مكن السيدات والسادة النواب من تتبع ومراقبة العمل الحكومي والدفع به في اتجاه خدمة قضايا الوطن والمواطنين. أما عدد الأسئلة الكتابية فبلغ 476 سؤالا همت بدورها مختلف القضايا المحلية والإقليمية والجهوية. وبهذه المناسبة أشكر الفريق الحكومي برئاسة السيد الوزير الأول، على مساهمته في إغناء النقاش وتطوير العمل البرلماني، بما يساير التطلعات المشروعة للمغرب والمغاربة. وفيما يخص المجال الدبلوماسي، فقد شهد المجلس خلال هذه الدورة أنشطة مكثفة ساهم فيها السادة ممثلو الأمة بكل أمانة ومسؤولية، كما تجلى في الجلسة المخصصة لاستقبال فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية السيد نيكولا ساركوزي التي شكلت مناسبة لتكريس أواصر العلاقات المتينة التي تجمع المغرب وفرنسا، وفتح آفاق جديدة للتعاون على كافة المستويات. وهي فرصة أبرز من خلالها البرلمان المغربي الاهتمام النوعي بالعلاقات المغربية الفرنسية، ومدى حرصه على تطوير هذه العلاقات وتنميتها لخدمة مصالح الشعبين المغربي والفرنسي، وخلق آفاق جديدة للتعاون والتضامن بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.كما استقبل المجلس وفودا حكومية وبرلمانية من دول شقيقة وصديقة لبلادنا من مختلف القارات، منها رئيس دولة الكنفدرالية السويسرية، ورئيس البرلمان العربي الانتقالي، وكذا رئيس الكونغريس البيروفي، ورئيس مجلس الشيوخ الشيلي ورئيس مجلس النواب الشيلي، ووفدين من الكونغريس الأمريكي، ووفدا من رؤساء أحزاب الأغلبية الموريطانية، ورئيس فريق تحالف الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني، ووفدا فييتناميا، وعضوة عن مجلس الشيوخ المكسيكي، ووفدا من البرلمان الماليزي وآخر من أندونيسيا، ووفدا إداريا عن الجمعية الوطنية الكونغولية الديمقراطية. كما شارك المجلس بوفود هامة في مناسبات برلمانية بالقاهرة ودمشق ومالطا والكويت وبروكسيل وجنيف.واستقبل المجلس أيضا وزير خارجية الدانمارك ونائب وزير خارجية أذربيجان ووزير خارجية السيراليون، وسفراء من عدة دول صديقة وشقيقة وممثلين عن منظمات دولية وكذا ممثلين عن جمعية قدماء البرلمان الأوروبي.كما استقبل المجلس وفودا برلمانية من بلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية والدنمارك، وكذا مقررة لجنة الشؤون السياسية التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوربا. وذلك لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بين المغرب وهذه الدول والمنظمات.  السيد الوزير الأول،السيدات والسادة الوزراء،السيدات والسادة النواب المحترمون.إن تسهيل العمل التشريعي يتطلب منا توفير جميع الظروف الملائمة للسيدات والسادة النواب، من فضاء مريح، ووسائل عمل كافية، تمكننا من القيام بالمهام الموكولة لنا على أحسن وجه.وفي هذا الصدد عمل مكتب مجلس النواب، ومنذ بداية الدورة، على تسطير العديد من الأهداف، واتخاذ قرارات لفتح العديد من الأوراش، نذكر منها، إصلاح الفضاء العام لمقر المجلس، وعلى الخصوص بناية الخزينة العامة، وقاعة الجلسات العمومية، مع تجديد الإنارة وإصلاح القبة وتحديث التجهيزات السمعية البصرية بالإضافة إلى المطعم وقاعات اللجن الدائمة. كما قرر مكتب مجلس النواب التفكير في إعداد نظام جديد لولوج مقر المجلس، ووضع تصور آخر لحصة جلسات الأسئلة الشفوية يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الاقتراحات من بينها حضور السيد الوزير الأول لهذه الجلسات كما جاء في البرنامج الحكومي، وتصور آخر لملف العلاقات الخارجية، من أجل الرفع من مستوى المراقبة البرلمانية وتحسين مردودية الدبلوماسية البرلمانية.وتنفيذا لتوجيهات صاحب الجلالة الرامية إلى ضرورة التنسيق بين مجلسي البرلمان، تم إحداث لجنة لهذا الغرض، الهدف منها التشاور القبلي والتنسيق في العديد من القضايا، خدمة لمصالح المواطنين، وتطوير التجربة الديمقراطية التي تعرفها بلادنا والدفع بها إلى الأمام. إن لجنة التنسيق التي شرعت في أشغالها مدعوة لدراسة العديد من الملفات والقضايا، ومن أهمها التفكير في أهم التعديلات التي يمكن إدخالها على مقتضيات النظاميين الداخليين لمجلس النواب ومجلس المستشارين لعقلنة وملاءمة مقتضياتهما.

 السيد الوزير الأول،السيدات والسادة الوزراء،السيدات والسادة النواب المحترمون.يمر الشعب الفلسطيني بمرحلة عصيبة جراء الحصار الإسرائيلي الجائر، هذا الحصار الذي أدانه المجتمع الدولي بكامله، كما أدانه العالم الإسلامي والعربي.وبالمناسبة، فإن مجلس النواب، بكافة فرقه ونوابه أغلبية ومعارضة، أعد بيانا يثمن غاليا من خلاله صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام للحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للأراضي المقدسة.كما يدين بشدة الاعتداءات الإسرائيلية، ويدعو الحكومة المغربية للتدخل من أجل فك الحصار المضروب على إخواننا الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن. تلكم كانت أهم جوانب حصيلة هذه الدورة، وبالمناسبة أتوجه بالشكر الجزيل لكافة السيدات والسادة النواب، ومن خلالهم أعضاء مكتب المجلس، والسادة رؤساء الفرق، والسادة رؤساء اللجن، على ما بذلوه من جهود ومثابرة طيلة هذه الدورة. كما أود أن أعبر عن خالص الشكر للسيد الوزير الأول وباقي السيدات والسادة الوزراء، على تعاونهم لإنجاح المهام الدستورية الموكولة لمؤسستنا التشريعية. والشكر موصول كذلك للسيد الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان على جهوده لتيسير أشغال مجلسنا الموقر، والتنسيق بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية.وأتوجه بالشكر أيضا لكافة وسائل الإعلام السمعي والبصري والمكتوب، على متابعتهم لأشغالنا عن كثب، وحرصهم الدؤوب للتعريف بأنشطة السيدات والسادة النواب وطنيا ودوليا.وبهذه المناسبة أوجه عبارات الشكر لكافة أطر وموظفي المجلس على مثابرتهم، ومتابعتهم، وحرصهم على إنجاح أشغالنا ومهامنا، آملين أن يوفقنا الله جميعا لخدمة الوطن والمواطنين، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده. والآن أعطي الكلمة للسيد أمين المجلس لتلاوة البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله فليتفضل مشكورا.