تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الرباط 12/04/2013 :كلمة السيد كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، في افتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية

11/04/2013


كلمة السيد كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، في افتتاح

الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية

12 ابريل 2013

 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على رسول الله واله وصحبه

السيد رئيس الحكومة المحترم

السيدة و السادة الوزراء  المحترمين

السيدات و السادة النواب المحترمين

طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور نفتتح على بركة الله وتوفيق منه أشغال دورة أبريل من السنة التشريعية الثانية من الفترة النيابية التاسعة، متطلعين إلى مواصلة تنزيل مقتضيات الدستور الجديد للمملكة، وتعزيز أسس دولة ديمقراطية مواطنة تسودها قيم الحرية والكرامة والمساواة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

حضرات السيدات والسادة

لقد تميزت الفترة الفاصلة بين اختتام دورة أكتوبر وافتتاح هذه الدورة بانعقاد دورة استثنائية خصصت بالإضافة إلى المناقشة والتصويت على بعض مشاريع القوانين التي تكتسي أهمية خاصة، لاستقبال ضيف المغرب الكبير الرئيس الفرنسي السيد فرانسوا هولند الذي ألقى خطابا أمام مجلسي البرلمان، وهو الحدث الذي يعكس بجلاء متانة العلاقات المغربية الفرنسية، والروابط الوثيقة التي تجمع بين قائدي البلدين جلالة الملك محمد السادس نصره الله وفخامة الرئيس فرانسوا هولند.

وإلى جانب هذا الحدث الهام، فقد شهدت الفترة الفاصلة بين الدورتين         مواصلة المجلس لنشاطه النيابي بشكل مكثف سواء في المجال التشريعي أو الرقابي      أو الدبلوماسي.

فعلى المستوى التشريعي، عقدت اللجان النيابية الدائمة خلال الفترة الفاصلة عدة اجتماعات خصصت لتدارس عدد من مشاريع القوانين الهامة ولاسيما تلك المرتبطة بميدان التخليق، والمجال الاقتصادي والاجتماعي، والصحي، والعلاقات التعاقدية في مجال الكراء، وإحداث بعض المؤسسات العمومية.

وللإشارة، فقد تم تسجيل تقدم كبير في دراسة بعض مشاريع القوانين داخل اللجان النيابية المختصة، ومن المنتظر عرضها خلال هذه الدورة على الجلسة العامة قصد المناقشة والتصويت عليها.

وفي نفس السياق، فقد أحالت الحكومة مجموعة من مشاريع القوانين التي تهم المجال الاقتصادي، والتنمية المستدامة والبيئة، والميدان الاجتماعي والصحي وغيرها من المواضيع المهمة.

ولا أريد أن تفوتني هذه المناسبة دون أن أعبر عن أهمية المبادرة التي قامت بها الحكومة في الإعلان عن مخططها التشريعي برسم الولاية التشريعية التاسعة، وهو معطى نعتبره إيجابيا ويساهم في تحسين الحكامة التشريعية، غير أن ذلك ينبغي أن يتم بموازاة مع الاهتمام بالمبادرات التشريعية التي يقوم بها السيدات والسادة النواب في إطار مقترحات قوانين، لاسيما وأن الدستور الحالي أعطى مكانة خاصة لهاته المقترحات حيث ينص على تخصيص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراستها، وهو المقتضى الذي نعتبره نقلة نوعية في مجال توسيع صلاحيات البرلمان.

وارتباطا بأهمية مقترحات القوانين باعتبارها رافدا من روافد التشريع، وحرصا من السيدات والسادة النواب على القيام بأدوارهم التشريعية، فقد تميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين بقيام اللجان النيابية ببرمجة وتدارس مجموعة من مقترحات القوانين والتي تهم مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والعلمية، والمالية، والقانونية وغيرها من المواضيع الهامة.

وفي هذا الإطار أود التأكيد على أنه بالنظر إلى مختلف الرهانات التي تنتظرنا جميعا، ومختلف المسؤوليات الملقاة على عاتقنا في تفعيل الأوراش المفتوحة ببلادنا، وتنزيل مقتضيات الدستور، وتلبية حاجيات المواطنات والمواطنين، فإننا نهيب بجميع المكونات السياسية للمجلس وكذا الحكومة بتكثيف المبادرات وتظافر الجهود ، من أجل الرفع من وتيرة أدائنا التشريعي انسجاما مع الخطاب الملكي السامي  بمناسبة افتتاح دورة أكتوبر الماضية في جعل هذه الولاية المؤسسة والرائدة أكثر إبداعا وعطاء.

وإلى جانب التشريع، فقد تميزت الفترة الفاصلة بين الدورتين بمواصلة المجلس لنشاطه الرقابي، انطلاقا من الحرص الدائم للسيدات والسادة أعضاء المجلس على تتبع وتقييم العمل الحكومي، ومواكبة التطورات التي تشهدها الساحتان الوطنية والدولية، والدفاع عن مصالح المواطنين.

وفي هذا الإطار، وعلى مستوى الأسئلة الكتابية فقد أجابت الحكومة خلال هذه الفترة على 574 سؤالا كتابياً.

أما في مجال المهام الاستطلاعية التي يقوم بها السيدات والسادة النواب للوقوف على وضعية وتدبير بعض المرافق العمومية، فقد تميزت الفترة الفاصلة بقيام وفد عن لجنة القطاعات الإنتاجية بإنجاز الشطر الأول للمهمة الاستطلاعية لمنطقة "ج" المصنفة جنوب بوجدور.

ونود الإشارة بهذا الخصوص إلى موافقة مكتب المجلس على طلبات اللجان النيابية لإجراء عدد من المهام الاستطلاعية خلال الأيام والأسابيع المقبلة وذلك حرصا على تفعيل الدور الرقابي للمجلس وعلى تتبع ومواكبة مختلف المستجدات التي تعرفها الساحة الوطنية.

وتكريسا لهذا العمل الرقابي، فقد قامت بعض اللجان بتدارس عدد من المواضيع والقضايا ذات الصدارة على الصعيد الوطني. وفي هذا الصدد، قامت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمناقشة عدة مواضيع همت بالأساس حصيلة تدريس الامازيغية، والعنف المدرسي، ووضعية التعليم الأولي، وقطاع التعليم الخاص، ووضعية القناة الأمازيغية.

في حين قامت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بدراسة موضوع التدبير المالي لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير.

ونود الإشارة بهذا الصدد، ونحن نستعرض حصيلة الفترة الفاصلة بين الدورتين في المجال الرقابي، أن نؤكد على مسألة نعتبرها غاية في الأهمية، وهي ضرورة تفعيل بعض الآليات الجديدة التي جاء بها دستور 2011، ولاسيما تقييم السياسات العمومية، ومناقشة تقارير مؤسسات وهيآت حماية الحقوق والحريات والحكامة الجيدة والتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، والمجلس الأعلى للحسابات أمام البرلمان، فهذه الاختصاصات الجديدة التي أناطها الدستور بمؤسستنا التشريعية، بقدر ما نعتز بها كآليات مهمة لتعزيز الرقابة البرلمانية، فإنها تملي علينا مسؤوليات إضافية قصد الانكباب على تفعيل هذه المقتضيات الدستورية، وتوفير الأجواء والشروط المناسبة قصد التأسيس لممارسات برلمانية رائدة.

حضرات السيدات والسادة

لقد تميزت الفترة الفاصلة بنشاط دبلوماسي مكثف، سواء على صعيد العلاقات المتعددة الأطراف أو في الإطار الثنائي، وهو ما ترجمته المشاركة الكثيفة للسيدات والسادة النواب في مختلف الملتقيات والمحافل الدولية، وكذا احتضان بلادنا لعدد من الاجتماعات الدولية الهامة.

وفي هذا الصدد، وعلى مستوى العلاقات المتعددة الأطراف، فقد قام عدد من أعضاء المجلس بالمشاركة في أشغال لجان الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا،           والجمعية البرلمانية للفرنكفونية، فضلا عن المشاركة في أشغال البرلمان الأوربي، والمؤتمر 19 للاتحاد البرلماني العربي.

وفي نفس السياق، فقد شاركنا رفقة وفد برلماني هام في أشغال الجمعية 128 للاتحاد البرلماني الدولي بدولة الإيكوادور، وقد عبرنا خلال هذه الدورة على جملة من المواقف التي تخص بعض القضايا التي ينشغل بها العالم اليوم ولاسيما إشكالية التنمية على الصعيد العالمي في علاقتها مع تحسين جودة الحياة، وضمان العيش الرغيد للإنسان، مستحضرين في ذلك بعض التجارب التي تعرفها بلادنا خاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باعتبارها تجربة فريدة على المستوى الجهوي والقاري.

كما كانت مناسبة للتباحث مع عدد من رؤساء برلمانات الدول الشقيقة والصديقة والمنتمية لمختلف القارات، ولاسيما رؤساء بعض برلمانات الدول الإفريقية في نطاق تعاوننا جنوب جنوب، وهي اللقاءات التي تزامنت مع الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس نصره الله لعدة بلدان إفريقية، هذه الزيارة التي نعتز بها وبدلالاتها وعمقها الإفريقي.

وإلى جانب هذا، فقد شاركنا في أول قمة لرؤساء برلمانات الاتحاد من أجل المتوسط بمرسيليا، والتي تمحورت حول تعزيز التواصل بين المجتمع المدني والمنتخبين المحليين والبرلمانيين وذلك من أجل صياغة رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة المتوسطية.

وفي نطاق تعزيز الدبلوماسية البرلمانية، ودعم دور مؤسستنا النيابية، فقد احتضن المجلس عدة تظاهرات برلمانية منها اجتماع لجنة القضايا السياسية والديمقراطية، ولجنة الهجرة واللاجئين والنازحين التابعتين للجمعية البرلمانية لمجلس أوربا.

 كما شهدت هذه الفترة الفاصلة أيضا اجتماع اللجنة السياسية التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكوفونية لدراسة الأوضاع السياسية في الفضاء الفرنكوفوني.

إلى جانب هذا نظمت المؤسسة البرلمانية ندوة مشتركة مع الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي، تحت الرعاية الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

وللإشارة، فهذه هي المرة الأولى التي تعقد فيها الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي اجتماعا خارج منطقة الناتو، وهو شرف وتقدير يدل على المكانة التي تحظى بها بلادنا على الساحة الدولية.

وفي نفس الإطار، فقد شارك بعض أعضاء المجلس في عدة ندوات وورشات دولية، وهنا أخص بالذكر موضوعي دور البرلمانيين في تحسين السياسات العامة، ودور سيادة القانون في تعزيز المسلسلات الديمقراطية.

أما فيما يخص العلاقات الثنائية، واستمرارا لتوجه المجلس في تمتين مختلف أواصر التعاون والصداقة مع مختلف برلمانات الدول الصديقة والشقيقة، فقد شهدت هذه الفترة استقبال المجلس لعدة شخصيات برلمانية، ونذكر من بينها زيارة رئيس البندستاغ الألماني، ورئيس الجمعية الوطنية لدولة مالي.

كما استقبلنا السيد كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام        للأمم المتحدة إلى الصحراء حيث تمحورت مباحثاتنا حول مستجدات قضيتنا الوطنية والوضع الأمني في منطقة الساحل والصحراء. وعلى ضوء صدور التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة نود التأكيد مجددا على تشبث المملكة المغربية بمسلسل المفاوضات في إطار الأمم المتحدة بهدف الوصول إلى حل نهائي لهذا النزاع على أساس مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء تحت السيادة المغربية.

وبالموازاة مع ذلك، فقد قمنا بزيارة على رأس وفد نيابي إلى كل من دولتي السويد والدنمارك، بهدف تعزيز سبل التعاون الثنائي بين المملكة المغربية ومملكتي السويد والدنمارك، وقد كانت مناسبة سانحة لإطلاع برلماني البلدين على الأوراش الكبرى والإصلاحات السياسية التي أطلقتها بلادنا في السنوات الأخيرة، إضافة إلى استعراض التطورات الأخيرة التي تعرفها القضية الوطنية، وتندرج هذه الزيارة ضمن المبادرات المتعددة والمنتظمة التي يقوم بها مجلس النواب للدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى، ومجابهة تحركات خصوم وحدتنا الترابية، وضمان الدعم الدولي للمقترح المغربي الرامي إلى إنهاء النزاع حول أقاليمنا الجنوبية.

وإلى جانب قضيتنا الوطنية الأولى، ظلت القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في النشاط الدبلوماسي لمؤسستنا، عبر التنسيق والتشاور المستمر مع أشقائنا الفلسطينيين في المحافل البرلمانية وتوحيد الجهود من أجل الدفاع عن الحق المشروع للشعب الفلسطيني في إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، والتنديد بالغطرسة الإسرائيلية، ومطالبة المنتظم الدولي بإلزام إسرائيل بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وفي هذا الإطار نغتنم المناسبة لتجديد تنديدنا بالإجراء التمييزي المتغطرس للسلطات الإسرائيلية الذي استهدف النائب محمد المهدي بنسعيد والمستشار علي سالم الشكاف عضوي الشعبة الوطنية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والذي حال دون دخولهما للأراضي الفلسطينية ضمن وفد للجنة الفرعية حول الشرق الأوسط التابعة للجنة القضايا السياسية والديمقراطية التابعة لهذه الجمعية.

حضرات السيدات والسادة،

كما لاحظتم فقد كانت الفترة الفاصلة بين الدورتين حافلة بالأنشطة النيابية سواء في المجال التشريعي أو الرقابي أو الدبلوماسي.

وإننا لنتطلع خلال هذه الدورة إلى مواصلة تنفيذ الخطة الإستراتيجية الرامية لتأهيل وتطوير عمل مجلس النواب في مختلف الميادين، وفي مقدمتها استكمال ورش النظام الداخلي للمجلس، وتسريع البث في بعض القضايا العالقة من خلال تكثيف المشاورات وتعميق النقاش بين الفرق والمجموعات النيابية من أجل صياغة نظام داخلي متقدم، وكذا إعداد مدونة أخلاقية تستحضر المهام الوطنية الكبرى المنوطة بالمؤسسة وبالسيدات والسادة النواب في إطار التوجهات الكبرى للدستور وبهدف تحديث مؤسستنا النيابية والرفع من أدائها.

إنها مهام جسيمة، ومسؤوليات كبيرة تنتظرنا خلال هذه الدورة والتي نأمل أن ننخرط فيها جميعا، ونستمر في عملنا بنفس الإرادة والعزيمة وبنفس التعبئة والحماس لتطوير ممارستنا البرلمانية، مستحضرين روح الدستور ومستلهمين في ذلك توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في بناء دولة ديمقراطية وخدمة للمصالح العليا للبلاد.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.