سجل فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، غياب استراتيجية لدى المجلس الأعلى للحسابات، تؤطر برمجة عمليات المراقبة، وتحدد معايير واضحة لاختيار المؤسسات والادارات والبرامج العمومية التي تكون موضع رقابة المجلس.
وقال الفريق في مداخلة ألقاها باسمه النائب محسن مفيدي، إن عمليات الافتحاص والمراقبة التي ينجزها قضاة المجلس، تستهدف أحيانا مؤسسات وإدارات عمومية بعينها، وتعيد مراقبتها مرات أخرى متعددة، في حين أن بعض المؤسسات والجماعات الترابية والبرامج العمومية، لم يسبق لها أبدا أن كانت موضع مراقبة من طرف المجلس، مشيرا إلى أنه يتم تخصيص مساحات واسعة بأدق التفاصيل في تقارير المجلس، لبعض المؤسسات والبرامج التي لا تدبر أموالا عمومية كبيرة، في حين يتم تخصيص مساحات أقل بكثير، لمؤسسات وبرامج ضخمة، كما حدث بالنسبة لتناول المجلس لموضوع الصندوق المغربي للتقاعد.
وأضاف مفيدي خلال جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، المنعقدة يوم الأربعاء 12 دجنبر 2018، أن المجلس الأعلى للحسابات، لم يقم بممارسة تقييم السياسات العمومية عبر تقارير تقييمية متكاملة، بل اكتفى بمراقبه البرامج والمشاريع والمؤسسات العمومية، وبتسجيل التطورات التي رصدها قضاة المجلس، دون تحليل للسياسات المرتبطة بالنفقات أو الموارد التي صاحبتها وأنتجتها، كما حدث من استنتاجات خاصة بالمديوينة.
ورأى عضو الفريق في مداخلته، أن التقرير السنوي للمجلس لا يتضمن دراسة لآثار السياسات العمومية، أو آثار مختلف القرارات ذات الطبيعة المالية، وأنه اقتصر على تسجيل الخروقات والسلبيات متغاضيا عن ما تحقق من ايجابيات ومنجزات.
ورغم أن الدستور خول المجلس صلاحيات اتخاذ العقوبات عن كل اخلال بالقواعد المتعلقة بالتنفيذ السليم لقواعد التدبير المالي للدولة والبرامج والمؤسسات العمومية، فإن حصيلته حسب مداخلة الفريق، في مجال العمل القضائي متواضعة، مسجلة هزالة القرارات الزجرية المتعلقة باختصاص التأديب المالي، إلى جانب عدم ترجمة ما تكشف عنه تقارير المجلس من اختلالات في تسيير عدد من المؤسسات العمومية، إلى مساءلة أو اعفاء يخص مدبري هذه المؤسسات والمشاريع، بل منهم من تتم ترقيته أو تكليفه بمهام أكبر وأوسع.
كما سجل الفريق عدم تقيد المجلس باختصاصاته الدستورية المتعلقة بتدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، وأنه يتجاوز ذلك إلى التقييم السياسي لأعمال الحكومة، موضحا أن تحديد الاختيارات السياسية وأولويات السياسات العامة هي من مهام الحكومة المنتخبة، "ولا يمكن بأي حال أن تتولى أي هيئة دستورية مهما علا شأنها مهام مؤسسة دستورية أخرى"، حسب ما جاء في مداخلته.
وأكد مفيدي أن تسجيل بعض الملاحظات على عمل المجلس الأعلى للحسابات، ومنهجية مهامه الرقابية، الغرض منها تجويد أدائه وديمومة احترامه وتقديره من طرف الجميع باعتباره أداة رقابية محايدة ومهنية لا تحابي أحدا ولا تسلط على رقبة أحد.