تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رئيس مجلس النواب يؤكد الحرص على تثمين الموارد البشرية بإدارة المجلس.

بمناسبة انعقاد  الجمع العام لجمعية الأعمال الاجتماعية لموظفات وموظفي مجلس النواب، يوم الخميس 03 أكتوبر 2019، ألقى السيد الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب الكلمة التالية:

 

السيدات والسادة

            يسعدني كثيراً أن أشارِكَكُمْ افتتاحَ أشغالِ جَمْعِكُمْ العام هذا إيماناً مني بضرورة العمل الاجتماعي وأهميته وأدواره في مواكبة الحياة المهنية للموظفين، وبِنُبْلِ فضيلةِ الإصغاء والقرب.

وأغتنم هذه المناسبة لأثني على العمل الجاد، والالتزام الثابت للشركاء الاجتماعيين في مجلس النواب، أي جمعية الأعمال الاجتماعية والنقابة المستقلة لموظفات وموظفي مجلس النواب، وأثمن مقاربتهما الواقعية الاقتراحية بشأن تعزيز مكاسب الموظفات والموظفين ومراكمة مكاسب جديدة في إطار ما تسمح به الإمكانيات والمساطر وما يكفله القانون، وانخراطهما في الاصلاحات التي نحن بصدد إنجازها على مستوى المجلس.

وأود أن أؤكد، أن المكاسب المادية على أهميتها، وضرورتها، فإنها تظل ناقصة مَالَمْ يوازيها الاعتبارُ المعنوي والتقديرُ الضروري للفرد، أي للموظفات والموظفين، وصيانة كرامة الجميع، كما أن الحقوق المادية مهما تعددت وتضخمت، فإنه لن تكتب لها الاستدامة والتَّرسُّخ، مَالَمْ يقابِلْها التزامٌ فردي وجماعي، ثابتٌ، وعن اقتناعٍ، بضرورةِ أداء الواجب المهني والتحلي، في ذلك، بالصدق وتَوَخِّي الجودة ونكرانِ الذات.

لقد حرصنا منذ أن تَوَلَّيْنا رئاسة المجلس على إيلاء أهمية خاصة للموارد البشرية للمجلس، وفق رؤيةٍ تأخذُ بعين الاعتبار المكانةَ الدستورية والمؤسساتية لمجلس النواب واختصاصاته ومهامه ووظائفه. وقد اسْترْشدْنَا في ذلك، واستحضرنا توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله ومقتضيات الدستور، وتَمَثَّلْنَا مبادئ الاشراك والحوار وإنضاج صيغ وخطط الإصلاح.

وهكذا حرصنا على ترصيد الإصلاح وضمان استدامة نتائجه، بإعداد خطة عمل جديدة تغطي النصف الثاني من الولاية الحالية. مُنْطَلِقِين من المحقق من الخطة الاستراتيجية للمجلس لسنة 2013.

وفي إطار هذه الخطة كان حرصنا الشخصي على بلورة هيكلة جديدة لإدارة المجلس تضمنها المنظام الجديد الذي حرصنا على أن تستجيب الهياكل الإدارية التي يَتَضَمَّنُـها لمهام واختصاصات المجلس من جهة، وتفتح آفاقا جديدة للترقي ولتحمل المسؤولية أمام جيل جديد من المسؤولات والمسؤولين من الموظفات والموظفين، من جهة أخرى.

وحرصنا تبعا لذلك، على الشروع في تفعيل الهيكلة الجديدة لإدارة المجلس بالإعلان عن فتح باب الترشيح لمناصب المسؤولية في إطار عملية غير مسبوقة نحن حريصون مع مكتب المجلس على أن تكون مبنية على الشفافية، وعلى تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والانضباط، ومستحضرةً لمعيار النوع الاجتماعي.

ومن جهة أخرى، اتخذنا في إطار مكتب المجلس قراراً غير مسبوق بإدماج الملحقات والملحقين بإدارة المجلس، وفق معايير ساهمت في اقتراحها النقابة المستقلة لموظفات وموظفي المجلس. وبعد الاعلان قبل أيام قليلة عن فتح باب طلبات الادماج، سنحرص في إطار المكتب، وسأحرص شخصياً، على ضمان شفافية هذه العملية التي ينبغي أن تتأسس بدورها على معيار أساسي هو الاستحقاق وتكافؤ الفرص، وأخذ القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمها الملحقات والملحوقون لعمل إدارة المجلس، وبالطبع اعتبار مساهمة الملحقات والملحقين في تعزيز الموارد البشرية للمجلس وأوضاعهم الاجتماعية. وستكون عملية الإدماج هذه مقدمة لتسوية أوضاع المتعاقدات والمتعاقدين.

وقد سبق هذان الورشان، قرار هام اتخذناه في إطار مكتب مجلس النواب في أواخر النصف الأول من الولاية الحالية تمثل في اعتماد ترقية استثنائية برسم سنوات 2018 و2019 و2020 و2021، وهو أيضا قرار غير مسبوق، توخينا منه تحسين الأوضاع الإدارية والمادية لعدد هام من موظفات وموظفي المجلس.

وفي إطار تفاعلنا الإيجابي مع الملف المطلبي للنقابة وافقنا مبدئيا على اعتماد تقاعد تكميلي للراغبين في ذلك من موظفات وموظفي، تشجيعا على الإدخار من جانبهم ولأوضاعهم المادية عندما يصلون سن التقاعد، وسنحرص على تحسين التغطية الصحية للموظفات والموظفين من خلال جعل نظام التأمين على المرضى أكثر مردودية وجعل الخدمات المقدمة في إطار عقد التأمين أجود وأكثر شمولية.

وسنحرص من جهة أخرى على تنفيذ برامج للتكوين لفائدة الموظفات والموظفين، من أجل تقوية قدراتهم وزيادة انفتاحهم وتقوية روح المبادرة لديهم، على أن الأساسي في التكوين، في قناعتي الشخصية يظل هو التعلم اليومي، في الميدان، في العمل، في الممارسة، ذلكم أن حرفة الموظف البرلماني تبقى مهارةً خاصةً، وتقنيةً متميزةً عن العمل باقي الإدارات والمؤسسات العمومية. لذلك أدعوكم إلى الاستفادة المتبادلة من بعضكم، وممن هو أكثر خبرة بحكم عامل التجربة والسن، كما أَدْعو من يتوفرُ على الخبرة على إِفادَةِ الأجيال الجديدة بما اكتسبوه من خبرة.

 

السيدات والسادة،

إنكم تشتغلون في مؤسسة تقع في قلب البناء المؤسساتي الوطني وتضطلع بمهام وأدوار مَفْصَلِية في الحياة السياسية الوطنية، لذلك أدعوكم إلى أن تكونوا في مستوى هذه المكانة، وأن تكونوا سنداً للسيدات والسادة أعضاء المجلس ولأجهزته بالاجتهاد، والتحلي بالصدق، والشفافية في أداء الواجب، والانضباط. إنكم طرفٌ مُؤْتَمَنٌ على التشريع الذي يَرهن الحياة الوطنية، لذلك عليكم الحرص على صيانة أمن التشريع بالتزام الحياد، وحفظ المداولات وتدوينها بأمانة وبدقة فائقة.

وعليكم من جهة أخرى أن تؤكدوا انتماءكم للمؤسسة، والدفاع عن صورتها في المجتمع، ليس بمنهج الدعاية، ولكن من خلال المساهمة بجعلها أكثر إنتاجية ومردودية، وبالالتزام بأخلاقيات الموظف، والموظف البرلماني على الخصوص.

إن أوراش الإصلاح الجاري تنفيذها لتقوية وتجويد أداء إدارة المجلس ليست هدفا في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لجعل المجلس يضطلع بمهامه، ويقوم    باختصاصاته على الوجه المطلوب وكما هو منصوص على ذلك في الدستور والنظام الداخلي وباقي الأنظمة ذات الصلة.

وأود في هذا الصدد أن أنبِّهَ إلى أهمية التواصل الداخلي، وشفافية المساطر، والإشراك، وتجنب النزاعات في الإدارة، واحترام الأجهزة والمؤسسات واللجوء إلى الوساطة الاجتماعية في الوقاية من النزاعات المفتعلة، والتوترات الإدارية، التي هي من طبيعة كل إدارة.

وفي هذا الصدد، أثني على مبادرة النقابة بإعداد مشروع مدونة للسلوك وأخلاقيات الموظف البرلماني أعدكم بالالتقاء قريبا بكم مرة أخرى لتقديمه واعتماده، خاصة وأن مجلسنا اعتمد مدونة للسلوك والأخلاقيات البرلمانية الخاصة بأعضاء المجلس.

ومن جهة أخرى، وإذ أذكر بالدعم الذي مافتئ مكتب المجلس يقدمه لجمعية الأعمال الاجتماعية، أعيد التأكيد على أهمية مواصلة إعمال الشفافية في التدبير الإداري والمالي للجمعية. وبقدر ما أحرص على الحفاظ على هذه الجمعية كإطار للقرب وتقديم خدمات لأعضائها، أرى أنه ينبغي التوجه إلى مأسسة العمل الاجتماعي في إطار أشمل، من أجل توفير خدمات جديدة للأعضاء وأسرهم.

أتمنى لأشغالكم النجاح وأدعوكم إلى أن تعتمدوا دوما منهجية التوافق والحوار.

 

شكرا على إصغائكم.