تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رئيس الفريق: المجال الاجتماعي أولوية وكلمة مفتاح للحكومة الحالية

أكد مصطفى ابراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن الحكومة الحالية اجتماعية بامتياز، بل تكاد تضع كل امكانياتها في المجال الاجتماعي، مشيرا إلى أن اشتغال الحكومة في ما تبقى من ولايتها يجب أن يركز على مواصلة دعم البرامج الاجتماعية والقضاء على التفاوتات المجالية من خلال دعم توجه الجهوية المتقدمة واللاتمركز الإداري. وأضاف ابراهيمي، في حوار خص به "مجلة العدالة والتنمية"، أن المجال الاجتماعي هو كلمة المفتاح للحكومة الحالية، مشددا على أن السياق الإقليمي والدولي يعرف الكثير من التوتر والاضطرابات يكاد يكون القاسم المشترك بينها هو المطلب الاجتماعي الملح على الحكومات، مما يفرض على المغرب الذي لا يخرج من دائرة التأثر مما يقع أن يقوم بإجراءات في هذا الصدد تحول دون حدوث ما وقع في هذه البلدان. وفيما يلي النص الكامل للحوار: تميز الدخول السياسي الجديد بتأطير توجهاته الكبرى بالخطب الملكية، كيف قرأتم الخطابين الملكيين الأخيرين ؟ وما أبرز النقط المؤطرة الواردة فيهما ؟ بخصوص سؤالكم، فكل الخطب الملكية الأخيرة مهمة ومترابطة في خيط ناظم، ولكن سأركز على الخطابين الأخيرين اللذين اعتبرهما خطابين دقيقين، بحيث هم الأول النموذج التنموي بالمغرب، إذ أن التنمية بالمغرب عرفت محدودية في الأداء مما يفرض ابتكار طرقا جديدة للإقلاع لكي يكون المغرب من الدول الصاعدة، وفي هذا السياق جاء الخطاب الملكي وتحدث عن ضرورة تجديد الموارد البشرية التي تسير بالخصوص على مستوى الحكومة والإدارة وهذا ما استجاب له رئيس الحكومة مباشرة بعد الخطاب الملكي، كما تطرق جلالته لإصلاح الإدارة من خلال تزويدها بدورها بالكفاءات اللازمة، مع ضرورة إحداث تغيير على مستوى العقليات، وهذه كلها تحديات تواجه الإدارة، والذي طال الحديث عن إصلاحها، ويجب الآن القيام بإجراءات ملموسة في هذا المجال. النموذج التنموي المغربي، كان من بين النقاط المهمة في الخطاب الملكي، فنموذجنا التنموي تلزمه طفرة نوعية على الصعيد السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، ثم الثقافي وغيرها من الأصعدة، خاصة أن المغرب لا يعيش في جزيرة منعزلة، بل يتأثر بالسياق الإقليمي والدولي، وبالتالي فهذا السياق يحكم على المغرب ويفرض عليه أن يقوم بطفرة في نموذجه التنموي، خاصة إن تحدثنا عن تأثر المغرب بارتفاع نسب النمو في العالم، فهو في هذه الحالة يتأثر إيجابا، ولكن أيضا يتأثر سلبا حين تكون هناك أزمات اقتصادية وهو ما يقع اليوم، ورغم ذلك فقد استطاع بموارده المحدودة - سواء تعلق الأمر بالتركيز على الفلاحة أو تطوير في الصناعة والخدمات التي تعرف نموا مهما – أن يساير كل هذه التحولات التي تقع على الصعيد الدولي. بخصوص الخطاب الملكي لافتتاح الدورة التشريعية ما أبرز النقاط التي سجلتموها وتعتبرونها مهمة ؟ ركز خطاب افتتاح الدورة التشريعية على ثلاث نقاط أساسية: الأولى، توجه فيها جلالة الملك إلى المؤسسة التشريعية والى البرلمانيين لكي تكون فعاليتهم أكثر ويجودوا التشريع أكثر وينهضوا بالمهام والاختصاصات التي يخولها لهم الدستور، المسألة الثانية، وهي الابتعاد عن المناكفات وعن السجالات السياسية لأننا مازلنا في منتصف الولاية، وبالتالي فالمنتظر من الحكومة ومن البرلمان هو انجاز مجموعة من المشاريع خدمة للمواطنين والمواطنات ويجب تجنب كل ما يمكنه أن يتنينا عن المهام التي على أساسها انتخبنا الشعب المغربي وطوقنا بهذه المسؤولية، فبدل أن نتحدث عن انتخابات 2021 وما يمكن أن ننجزه في هذه الانتخابات، فالأجدر أن نقوم به اليوم، وبالتالي لا يمكن أن نساهم في هدر الزمن سواء التشريعي أو الرقابي فلدينا مسؤولية كبيرة، خاصة أن وتيرة التشريع، التي إن لم نقل إنها متوسطة فهي بطيئة، ونحن مطالبون كبرلمانيين سواء في الغرفة الأولى أو في الغرفة الثانية أن نسرع مجموعة من المشاريع لأن مؤسسات كثيرة وإجراءات كثيرة متوقفة على درجة تسريع التشريع. المسألة الثانية، التي ركز عليها الخطاب الملكي هو إصلاح القطاع البنكي وتمويله للاقتصاد الوطني، لأن الاستثمار العمومي لوحده لا يكفي، فالقطاع الخاص بصفة عامة والقطاع البنكي بصفة خاصة يجب أن يساهم في دعم المقاولات الصغرى والصغرى جدا خاصة لحاملي الشهادات. استجابة للخطب الملكية المؤطرة لهذا الدخول السياسي تم تعديل الحكومة، ما قراءتكم لهذه التعديلات ؟ هل ستؤدي للفعالية والنجاعة ؟ أكيد أن التقليص والتركيز سيؤدي إلى فعالية أكبر، والتعديل الحكومي جاء ليصحح اختلالات في عدد من الوزارات التي كان عددها ضخما، إذ جاءت نتاج ترضيات التحالف الحكومي، ففي الوقت الذي نرى فيه مجموعة من الديمقراطيات تعتبر أكبر من المغرب من حيث المساحة وعدد السكان ونجد أن حكوماتها تتكون من 15 وزيرا ووزيرة ويشتغلون بفعالية أكبر. المسألة الثانية، مرتبطة بالرفع من الوتيرة ومن النجاعة، وذلك بهدف تحقيق التقائية المشاريع، خاصة ما يتعلق بالمجال الاجتماعي، فهناك مجموعة من المشاريع والاستراتيجيات المتنوعة والمختلفة، ومن شأن تقليص القطاعات وتركيزها أن يرفع من الوتيرة ونجاعة هذه البرامج، والهدف في الختام هو أن يلمس المواطن المغربي أثر هذه السياسات العمومية. تحدثتم عن التقليص وتركيز القطاعات الوزارية، لكن هل ترون أن التعديل الحالي ساهم أيضا في ضخ كفاءات قادرة على مجابهة التحديات المطروحة ؟ طبعا، لأنه لا يمكن أن نقوم بتعديل ونغير القطاعات ونقوم بتركيزها وتجميعها ونحن نعلم أنه ليس هناك كفاءات، فالكفاءة شرط ضروري، ويبقى النقاش بخصوص الكفاءة ما بين التقنوقراط وما بين المسؤولين الحكوميين الذين لديهم التزامهم الحزبي، فليس عيبا في نظري أن يكون لدينا تقنقروط في الحكومة فهذا يمكن أن نجده في حكومات في أوربا كإيطاليا مثلا وديمقراطيات أخرى، لكن إن كانت كفاءات داخل الأحزاب فيكون أفضل لأن المسؤول الحزبي يحاسب، إما أمام القضاء إن كانت هناك اختلالات مالية أو إدارية، وإما بالانتخابات، بحيث تنهي الولاية ويتوجه مرة أخرى السياسي الحزبي للناخبين للمحاسبة والتقييم، وهذا هو الفرق بين الكفاءة السياسية الحزبية وبين التقنوقراط، وعلى العموم، وبخصوص رأيي، ومن خلال الأشخاص الذين أعرفهم عن قرب، فهناك كفاءات والتعديل الحكومي استجاب لهذا الشرط. بعد التعديل الحكومي سيأتي الدور على المؤسسات والإدارات العمومية التي من المرتقب أن تعرف ضخ كفاءات جديدة، ما دور الإدارة في تحقيق الإقلاع التنموي ؟ وكيف يمكن لهذه التعديلات أن تجدد الدماء في الإدارة المغربية ؟ الإدارة وسيلة ضرورية لتنزيل أي استراتيجية أو سياسة، وبالتالي فالكفاءة والنزاهة مطلوبة، وحين نتحدث عن هذا الورش المهم فلابد أيضا أن نستحضر أن الحكومة الحالية كان لها انجاز كبير بحيث كنا نتحدث على الدوام في المغرب عن ورش اللاتمركز الإداري، بحيث كان نقاشنا منصبا حول تنزيل وتفعيل الجهوية الموسعة أو المتقدمة، ولكن دون أن نتحدث عن الاختصاصات ولا الموارد البشرية والمالية التي يجب أن نوفرها للإدارة لكي تشتغل، بحيث نجد أنها ممركزة في المركز، وبالتالي فالحكومة اشتغلت على ورش اللاتمركز الإداري، وهو ورش مهم وأساسي، فتغيير المسؤولين هو جزء بسيط في تغيير المنظومة، لكن أيضا يجب أن نعمل على نقل الاختصاصات ونوفر للمسؤولين المجاليين من الموارد المادية والبشرية ما يجعلها تشتغل بفعالية. هناك مجموعة من المطالب الاجتماعية صارت تأخذ طابعا مجاليا، كحراك الريف أو جرادة وغيرها، فهناك ازدياد وضغط المطلب الاجتماعي المجالي، كيف تقرأون هذا ؟ نعم هذا مطلب أساسي حتى ما يخص التقطيع الجهوي، فهناك خصوصيات، وبالتالي لا يمكن أن ننتج سياسة مركزية ونطبقها على جهة معينة، فكل جهة لديها خصوصية ولا يمكن نهج نفس السياسة ونطبقها على جهة من الجهات، فالمطلوب اليوم أمام ازدياد المطالب الاجتماعية هو أن يكون التنزيل فعلي للجهوية المتقدمة لا من ناحية المؤسسة المنتخبة ولا من الناحية الإدارية لكي يكون هناك توازن، فاليوم هناك مؤسسات جهوية منتخبة، لكن أثرها محدود، فرغم أن هناك العديد من المشاريع في قانون المالية، لكن أثرها المالي محدود، وبالتالي فكل المشاكل المطروحة والتفاوت المجالي لا يمكن معالجته إلا بالجهوية واللاتمركز الإداري وبدون هذه الشروط الموضوعية لا يمكن أن يكون هناك إقلاع. أمام هذا الوضع ما أهم الأوراش التي يجب في نظركم أن تنكب عليها الحكومة وتعتبرها أولوية يجب التسريع بها ؟ هناك كلمة مفتاح لهذه الحكومة التي تعتبر امتدادا للحكومة السابقة، وهي الاشتغال على المجال الاجتماعي، فهذه الحكومة اجتماعية بامتياز أحب من أحب وكره ومن كره، وهذا يأتي في إطار المنظور الذي وضعه جلالة الملك الذي تحدث عن ضرورة أن يكون للمشاريع والأوراش الكبرى أثر على المواطن، وبالتالي ردم الهوة بين الفئات وتوسيع الطبقة الوسطى، وبالتالي فإننا لا يمكن أن نخطئ هذا الطريق فهو أساس الإستقرار، فنحن، كما قلت سابقا لسنا بمنأى عما يقع في الإقليم ولا على الصعيد الدولي، فلبنان على سبيل المثال خرج فيها المواطنون للاحتجاج بسبب رفع رسوم الاتصال عبر تقنية "الوتساب"، في الشيلي رفع ثمن تذكرة المترو تسبب في محرقة في البلد، وبالتالي فهناك مطالب اجتماعية متزايدة تفرض أن تكون لدينا حكومة بحس اجتماعي. الأولوية اليوم تفرض منا الاشتغال على ما هو اجتماعي لردم الفوارق المجالية، وهذا ما تحدثنا عنه بخصوص الجهوية المتقدم، بحيث من غير الطبيعي أن نجد مجموعة من المشاريع ممركزة في الدار البيضاء والرباط، نعم لابد أن نطور أقطاب اقتصادية في البلد، لكن بالمقابل لابد أن لا تتضرر الجهات الأخرى. إن الجهوية واللاتمركز الإداري يعتبران هدفين أساسيين يحتاجان الدعم من خلال تمويل المشاريع وتعزيز فرص الاستثمار، فرغم المجهود الاستثماري الكبير للدولة– تعتبر المستثمر الأول حيث وصل إلى 198 مليار درهم هذه السنة - لكنه غير كافي، وأبان لوحده عن محدوديته، وبالتالي يجب على القطاع الخاص أن يساهم في الاقتصاد الوطني، وعلى القطاع البنكي – والذي ننوه بالمناسبة بدرجة نضجه بحيث يشتغل بمؤشرات عالمية – أن يبادر أكثر ويتشجع أكثر وتكون هناك تسهيلات تخص دعم مشاريع الشباب، فيجب على القطاع البنكي أن يغامر أكثر وأن لا تكون فقط مؤسسة للإيداع، بل يجب أن تكون مؤسسات مساهمة في خلق الثروة وفرص الشغل، التي يجب بدورها أن نخلق لها آليات وشروط وظروف لكي تستفيد منها كل الجهات على قدم المساواة لكي نقضي على التفاوتات الاجتماعية. تحدثتم عن الكلمة المفتاح التي ربطتموها بضرورة اشتغال الحكومة ببعد وحس اجتماعي، اليوم هناك نقاش حول مشروع قانون المالية هل تجسد هذا البعد في مضامينه ؟ طبعا، لذلك قلت إن الحكومة اجتماعية بامتياز، بل تكاد تكون وضعت كل إمكانياتها في المجال الاجتماعي، ومن ناحية الأرقام، فقطاعي التعليم والصحة خصص لهما أكثر من 91 مليار درهم، بالنسبة للحوار الاجتماعي في هذه السنة خصص له 6 مليار درهم على أساس أن تنفيذ مخرجاته سيكون على مدى ثلاث سنوات بحيث سيكلف الحكومة 14 مليار درهم، وهذا مكلف بالنسبة للدولة، ولكن الحكومة كانت لها الشجاعة لكي تصل إلى اتفاق مع الفرقاء الاجتماعيين وتساهم في تحسن القدرة الشرائية للموظفين بالنسبة للقطاعين العام وحتى القطاع الخاص. أما قطاع الصحة، فقد وصلت ميزانيته إلى أكثر من 18 مليار درهم في قانون المالية، ويجب أن نعرف أن حكومات سابقة وفي ولاية كاملة - أي خمس سنوات- بالكاد تحقق هذا الرقم، أضف إلى ذلك أن الحكومة وفرت لقطاعي الصحة والتعليم 20 ألف منصب، 4 آلاف منصب للصحة، و16 ألف منصب في التعليم، أما بخصوص البرامج التي تم إطلاقها في قطاع الصحة فنجد مشروع "راميد" على سبيل المثال، فرغم أن هناك مجموعة من الانتقادات وينقصه إصلاح، ولكن إن تحدثنا عن الأرقام المالية فهناك مجهود معتبر، فقد خصص له 1.7 مليار درهم بزيادة 1.3 مليار درهم مقارنة مع السنة الماضية. وبخصوص مشروع "راميد" فلابد من الإنصاف، لأن الناس الذين يستفيدون من "راميد" لا يتحدثون، فبعض الأحيان تصل قيمة الاستفادة لـ 10 ملايين سنتيم، لما نتحدث عن أمراض السرطان وما يرافقها من معالجة الكيماوية وبالأشعة وغيرها، فالذين يتحدثون - ومن حقهم- هم الذين لا يجدون مجموعة من الخدمات داخل المستشفيات ويتحول ذلك لانطباع عام يعتبره في المجمل نظاما فاشلا، ولكن أقول إنه نظام غير فاشل، نعم فيه نقص وثغرات لابد من سدها، لا من الناحية المالية ولا من ناحية التنظيم، لكن هناك مجهود كبير، خاصة إن علمنا أن عدد المستفيدين منه وصل لـ 12 مليون مستفيد، وبالطبيعي أمام هذا العدد لابد أن تكون هناك بعض الثغرات والإختلالات. في اعتقادي، لابد للحكومة وبشكل مستعجل أن تشتغل على إخراج السجل الاجتماعي، فبالنسبة لي يجب أن يكون أولى الأولويات، بحيث هو الذي سيضبط الاستفادة من المشاريع الاجتماعية المتعددة والمختلفة من خلال قاعدة معطيات مضبوطة محينة ودقيقة، لذلك يجب أن تسرع الحكومة في وضع مشروع قانون السجل الاجتماعي في البرلمان لمناقشته والمصادقة عليه في ما تبقى من هذه الولاية الحكومية. وبخصوص دعم القطاعات الاجتماعية دائما، فقطاع التعليم، ومن الناحية المالية، خصص له أكثر من 72 مليار درهم وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المغرب، وهذا ما يؤكد أن هناك إرادة سياسية حقيقية لإصلاح هذا القطاع، أكيد أن هناك مشاكل يجب أن تعالج من خلال البرامج والمناهج وهذا ما سيتم من خلال تفعيل قانون الإطار، لأننا اليوم لا يمكن أن نتصور أي إقلاع بدون تطوير التعليم، فإذا لم يكن لدينا تعليم في المستوى فلا يمكن أن نتطور، وبالتالي، فقانون المالية جاء لدعم هذا التوجه من خلال أرقام مالية مهمة، ومن خلال أيضا برامج نوعية كـ "تيسير" الذي خصص له 1,7 مليار درهم، كما تم الرفع من عدد المستفيدين من المبادرة الملكية "مليون محفظة"، وهناك مجموعة من البرامج الأخرى التي تبين الحس الاجتماعي للحكومة التي تهم السكن وخلق فرص الشغل ومشاريع للشباب الذين يتوفرون على شواهد وكفاءات. في نفس السياق، يمكن أن نتحدث أيضا عن الجهوية المتقدمة التي خصص لها مشروع القانون أكثر من 9 مليار درهم بزيادة أكثر من مليار درهم عن السنة الماضية، كما خصصت 50 في المائة منها لصندوق التضامن بين الجهات، وهذا مؤشر على أن الجهات ينقصها الآن تنفيذ المشاريع المبرمجة من خلال رفع وتيرة الاشتغال المشترك بين الإدارة الترابية والقطاعات الحكومية المعنية، كما لا ننسى في هذا الإطار صندوق التنمية القروية الذي رصدت له ميزانية تقدر بـ 50 مليار درهم، والمطلوب هو التسريع بالأوراش والمشاريع التي تهم العالم القروي والتي برمجت في اطار هذا الصندوق، بحيث سجلنا أن هناك بطئ في تنفيذ الكثير منها. أمام المعطيات التي أشرت إليها سابقا، كيف ترون اليوم دور المؤسسة التشريعية في سياق يسوده نفس يطالب بمزيد من النجاعة والفعالية وترتفع فيه المطالب الشعبية لمزيد من الإصلاحات العميقة والجوهرية ؟ سؤال مهم، نعم أتفق أن تطوير دور المؤسسة التشريعية صار اليوم أكثر إلحاحية في هذا السياق الذي تحدثنا عنه، ودورنا مهم في هذا النموذج التنموي الجديد، فهناك مجموعة من الرهانات والتحديات المطروحة على المؤسسة التشريعية، وهذا كان واضحا في خطاب جلالة الملك الذي توجه للبرلمانيين وتحدث عن ضرورة النهوض بمسؤوليات واختصاصات المؤسسة التشريعية، وكذلك تجويد التشريع، فالدستور أعطى للمؤسسة التشريعية بغرفتيها مجموعة من الاختصاصات على رأسها التشريع والدبلوماسية الموازية والمهام التمثيلية. نعم هناك مجموعة من الانجازات كما وكيفيا على مستوى المؤسستين، لكن ما زالت دون المطلوب، وبالتالي لابد من التسريع في التشريع، فحين نجد قانونا قضى خمس سنوات في إحدى الغرفتين، فلابد أن نتساءل عن دوافع هذا التوقف في المسار التشريعي لهذا القانون، نعم قد نتحدث عن ضرورة أخذ الوقت في إنضاج أي قانون من خلال النقاش ونهج المقاربة التشاركية قبل المصادقة عليه، لكن يجب أن يكون الوقت معقولا ومقبولا لا مفتوحا إلى ما لا نهاية لأن يتحول من النقاش المطلوب والمرغوب إلى عرقلة ممنهجة. يمكن في هذا الصدد أن نتحدث مثلا عن مشروع قانون التغطية الصحية للوالدين وقانون مصحات صندوق الوطني للضمان الاجتماعي، نتحدث عن مدونة التعاضد، مشروع قانون الإضراب بحيث طالبت النقابات أن يناقش القانون في إطار الحوار الاجتماعي واستجابت الحكومة للأمر وراسلت الفرقاء وإلى اليوم تنتظر الجواب، فالمشروع بين أيدينا لكن إن صوتنا عليه فسيقولون أنه لم يتم نهج المقاربة التشاركية، وان تركنا الأمر كما هو الحال الآن فإن القانون التنظيمي سيبقى هكذا إلى ما لا نهاية، وهذا أمر غير مقبول في قانون تنظيمي غاية في الأهمية، خاصة في هذا السياق والنفس الاجتماعي الذي نتحدث عنه. إضافة إلى هذه القوانين، ما القوانين الأخرى التي يجب مناقشتها في البرلمان والمصادقة عليها قبل انتهاء الولاية الحكومية ؟ نعم، هناك مجموعة من القوانين بالغرفتين، كالقانون الجنائي، ثم قانون إطار إصلاح الجبايات، حيث أقيمت مناظرة خرجت بمجموعة من التوصيات تحتاج اليوم إلى وضعها في إطارها القانوني التشريعي، ثم هناك قوانين الجماعات الترابية، فنحن كما تعلمون مقبلون على نهاية الولاية، وبالتالي سندخل لفترة الانتخابات، سواء انتخابات محلية أو انتخابات تشريعية، وبالتالي فهناك مجموعة من القوانين التي لديها علاقة بالمجال الترابي، سواء الجماعات الترابية أو الإقليمية أو الجهوية، التي ظهر أن فيها بعض الثغرات التي يجب أن تُصحح. فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب بين عن فعاليته وديناميته ما تقييمكم لحصيلة الفريق ؟ وما تطلعاتكم في السنة التشريعية الحالية من حيث الأداء والحضور والتواصل الفعال ؟ فريق العدالة والتنمية دأب على هذا الأداء منذ سنة 1997 أثناء أول ظهور له في المؤسسة التشريعية، وكنا في تلك الساعة تسعة نواب، ثم انتقلنا لـ 12 نائب برلماني، ثم 47 نائبا برلمانيا إلى أن وصلنا اليوم لـ 124 نائب برلماني، وفي كل هذه المحطات كانت قيمة الأداء والنجاعة والحضور الدائم حاضرة، بحيث كان فريق العدالة والتنمية من أصر على إلزامية الحضور وتطبيق القانون الداخلي من خلال تلاوة أسماء المتغيبين بدون عذر مع تطبيق الجزاءات بالاقتطاع من أجورهم، وكنا نعطي اللائحة المتغيبين في صفوف فريقنا إن كان هناك غياب، لكن في الغالب لا يطبقونه، إذ إن في تطبيقه إلزامية أيضا على الفرق الأخرى وستكون بالتالي هي المتضررة. بصفة عامة حضور فريق العدالة والتنمية دائما يتجاوز التسعين بالمائة، سواء في الأسئلة الشفوية أو من خلال عدد الأسئلة الكتابية التي يطرحها أو من التصويت، وأيضا المهم بالنسبة لي، هو الحضور المعتبر داخل اللجن التي للأسف لا يتم بثها للشعب المغربي لكي يرى من يحضر بكثافة ومن يعد المواضيع والقضايا موضوع النقاش. اليوم طوقني الإخوان، سواء في فريق الحزب أو في الأمانة العامة بهذه المسؤولية، وبالمناسبة لابد أن أنوه بالعمل الكبير الذي قام به الأخ إدريس الأزمي الادريسي في الفترة السابقة، حيث كان عملا مهما ومجهودا معتبرا، واليوم سأواصل على هذا المسار وأعمل في إطار الفريق على تطوير الأداء حضورا ونقاشا وتواصلا كما هو دأب الحزب على الدوام.