تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

حوار..بروحو يبرز إجراءات الحكومة للحفاظ على استقلالية القرار المالي للمغرب

أكد عبد اللطيف بروحو، عضو الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية، والخبير في الشأن الاقتصادي، أن الحكومة وجدت المالية العمومية في وضع لا يمكن وصفه إلا بالخطير، سواء على مستوى نزيف المالية العمومية أو ضعف الموجودات الخارجية.

وأضاف المتحدث، في حوار أجراه معه pjd.ma أن الحكومة قامت بإجراءين أساسيين لمعالجة وضعية المالية الخارجية للمغرب، الأول تمثل في تقليص عجز ميزان الأداءات وتعزيز الاحتياطي من العملات الرئيسية التي يستعملها في استيراد المواد الطاقية والغذائية بالخصوص، والثاني، يردف المتحدث، "تم من خلال البدء في عملية واسعة لتأهيل الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدته التصديرية والقيام بإصلاحات هيكلية وعميقة تدعم المقاولات".

وهذا نص الحوار كاملا:

 لنبدأ من التعريف، ما المقصود بالتوازنات المالية الخارجية؟

تعتبر التوازنات المالية الخارجية من أهم المؤشرات التي تتحكم في الظرفية الاقتصادية والمالية للاقتصاد الوطني، ووضعيتها السلبية لا تقل خطورة عن خطورة نزيف المالية الداخلية، بل إنها تعتبر في الكثير من الحالات أشد خطورة من باقي المؤشرات.

فاختلال التوازنات الخارجية تعني بشكل مباشر استنزاف الاحتياطي من العملة الصعبة، وبالتالي إضعاف قدرة الدولة على الاستيراد وعلى أداء الديون الخارجية، مما يعني انعكاسا سلبيا مباشرا على الاقتصاد الوطني.

فالدول التي عرفت استنزافا لاحتياطاتها من العملة الصعبة أصبحت في وضعية إفلاس في نظر المؤسسات المالية الدولية والفاعلين الاقتصاديين والماليين على المستوى العالمي، ولن تجد بالتالي من يقبل التعامل معها سواء تعلق الأمر باستيراد المواد البترولية والغذائية الأساسية، أو بالاقتراض لتغطية عمليات الاستيراد في حد ذاتها.

 كيف وجدت حكومة ابن كيران وضع المالية العمومية؟

لا يمكن وصف الوضع المالي الذي وجدته حكومة ابن كيران سنة 2012 إلا بالخطير، سواء على مستوى نزيف المالية العمومية أو ضعف الموجودات الخارجية والحاجة الملحة للجوء للاقتراض الخارجي، وبالرغم من ذلك، فإنها سابقت الزمن من أجل استرجاع هذه التوازنات والحفاظ على استقلالية القرار المالي وعلى السمعة الاقتصادية والمالية على المستوى الدولي.

فقد عانى المغرب منذ 2011 من تدهور خطير لتوازناته المالية، بحيث وصل عجز الميزانية –دون احتساب الخوصصة- لأزيد من (ناقص 7 بالمائة) سنة 2011 وتفاقم لأزيد من(ناقص 7,6 بالمائة) سنة 2012، ولم يكن المغرب يمتلك هامشا واضحا للحد من الانزلاقات الخطيرة التي عاشها، وكان هناك عبء كبير على حكومة ابن كيران لوقف نزيف المالية العمومية، بالموازاة مع البدء في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية اللازمة وتنزيل المقاربة الاجتماعية لتدبير المالية العامة.

وعلى مستوى المبادلات الخارجية فقد عانى الاقتصاد الوطني منذ 2006 من عجز بنيوي للميزان التجاري وميزان الأداءات وصل لمستويات قياسية خطيرة، بحيث لم تعد قيمة الصادرات تغطي أكثر من 45 بالمائة من قيمة الواردات، ووصل الاحتياطي من العملة الصعبة لأدنى مستوياته مع بداية ولاية الحكومة الحالية.

 أمام هذه الوضعية الخطيرة للمالية الخارجية، ما هي الإجراءات العاجلة التي قامت بها الحكومة لأجل وقف هذا النزيف؟

قامت الحكومة بإجراءين أساسيين، الأول تمثل في تقليص عجز ميزان الأداءات وتعزيز الاحتياطي من العملات الرئيسية التي يستعملها في استيراد المواد الطاقية والغذائية بالخصوص؛ والثاني أنه تم البدء في عملية واسعة لتأهيل الاقتصاد الوطني وتوسيع قاعدته التصديرية والقيام بإصلاحات هيكلية وعميقة تدعم المقاولات.

 ماهي نتائج المجهود الحكومي لاسترجاع التوازنات المالية للمغرب؟

يمكن القول خلال السنة الأخيرة من الولاية التشريعية الحالية بأن الاقتصاد الوطني قد مر بسلام من الهزات الاقتصادية والمالية الصعبة التي عاشها منذ سنتي 2011 و2012، وهي الهزات التي نتجت بالأساس عن ضعف التدبير المالي ونزيف المالية العمومية على المستوى الداخلي، وعن تداعيات الأزمتين المالية والاقتصادية على المستوى الدولي.

فبعد أربع سنوات من المجهود الحكومي على مستوى إنعاش الاقتصاد وإصلاح المالية العمومية ودعم النمو الصناعي، يمكن القول بأن المغرب استطاع تحقيق شق كبير من البرنامج الحكومي على هذا المستوى، وتمكن من إعادة مركزة النشاط الاقتصادي داخليا ودوليا.

فعجز الميزان التجاري تقلص بشكل غير مسبوق، بحيث أصبحت قيمة الصادرات تغطي أكثر من 75 بالمائة  من قيمة الواردات، وذلك راجع لمعطيات خارجية تتعلق بتراجع أسعار النفط الخام على مستوى السوق الدولية، ولأسباب تتعلق بمجهودات الحكومة على مستوى دعم القطاع الخاص وتشجيعه على خلق القيمة المضافة عند التصدير.

فخلال السنتين الأخيرتين أصبحت القيمة التصديرية لقطاع الصناعة تفوق قيمة تصدير الفوسفاط، وتمكن المغرب بفضل مجهودات الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية من تنويع العرض التصديري بشكل ساهم في تقوية المبادلات التجارية للمغرب مع مختلف الشركاء الاقتصاديين.

أما عجز ميزان الأداءات فقد وصل سنتي 2011 و2012 لما يقارب -10 بالمائة، وكان يستنزف بشكل خطير الاحتياطي المغربي من العملة الصعبة، وكان يتأثر سلبيا وبشكل مباشر بعجز الميزان التجاري وبضعف القدرة على استقطاب الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى تراجع صافي موارد السياحة.

 ميزان الأداءات عانى هو الآخر من مشاكل كبيرة، ما الذي قامت به الحكومة لإعادة التوازن إليه؟

لمعالجة الاختلالات التي عانى منها ميزان الأداءات، عملت الحكومة على عدة واجهات، فركزت من جهة على دعم المقاولات المغربية عبر إجراءات ذات بعد متوسط المدى ضمن قوانين المالية السنوية، إضافة إلى العمل على صياغة مخطط تسريع التنمية الصناعية الذي يهدف لرفع القيمة المضافة للقطاع الصناعي خاصة الوحدات الاقتصادية المساهمة في التصدير.

كما عملت الحكومة الحالية على استقطاب وجلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهو ما نجحت فيه بشكل كبير بحيث فاقت نسبة ارتفاع هذه الاستثمارات خلال ولاية الحكومة الحالية 30 بالمائة كمعدل سنوي، وهو ما تبرره الإجراءات الحكومية المتعلقة من جهة بتحسين جاذبية الاقتصاد المغربي، ومن جهة ثانية بمناخ الأعمال والاستقرار السياسي والاجتماعي الذي حققه المغرب عقب ثورات الربيع العربي.