تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تدخل الأستاذ شقران أمام تعقيبا على رد السيد رئيس الحكومة حول موضوع العدالة المجالية

قبل الإدلاء بمجموعة من الملاحظات و المعطيات الواجب بسطهما أمامكم، تعقيبا على جواب السيد رئيس الحكومة المحترم ، لا بد من الوقوف عند تزامن هذه الجلسة الشهرية مع ذكرى إنتفاضة 20 يونيو 1981 ، بما هي محطة تاريخية مفصلية في نضالات الشعب المغربي من أجل الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية ، سقط فيها عدد كبير من الشهداء، و زج بآلاف المناضلين في المعتقلات ... محطة ضمن محطات أخرى لم تكن بلادنا لتصل إلى ما وصلت إليه اليوم ، لولا التضحيات الجسام التي تكبدها مواطنون و مواطنات ، مناضلون و مناضلات ، من أرواحهم و حرياتهم و أسرهم و أموالهم ، من أجل دولة الحق و القانون ، مغرب الحريات ، المساواة ، العدالة الاجتماعية ... مغرب يتسع لكافة بناته و أبنائه بتطلعاتهم و انتظاراتهم المشروعة.

نجدد في الفريق الاشتراكي الترحم على شهداء وطننا العزيز ، مثلما نجدد التأكيد على مواصلة النضال من أجل تحقيق المطالب المشروعة للشعب المغربي ... و نجدد السؤال : إلى متى يستمر منطق المغرب النافع و غير النافع ؟ إلى متى تستمر الفوارق الكبيرة ، على مستويات متعددة ، بين جهات المملكة و أقاليمها و مدنها ؟

السيد رئيس الحكومة المحترم ،

و إن كانت بلادنا قد حققت تطورا ملموسا في جوانب مختلفة ارتباطا بما هو اقتصادي اجتماعي و سياسي ، خاصة في العقدين الأخيرين من الزمن ، تظل الفوارق بين جهات المملكة و أقاليمها إحدى النقط السوداء في مسار التنمية ببلادنا ، في غياب أية إجراءات ملموسة و مطبقة على أرض الواقع لتكريس العدالة المجالية و جعلها عنوان إرادة حقيقية لبناء مغرب الغد ،

يهمنا في الفريق الاشتراكي إذن ، أخدا بعين الاعتبار ما جئتم  به ، السيد الرئيس الحكومة في جوابكم ، من معطيات و التزامات لا شك معنيون جميعنا بإنجاحها .... يهمنا أن نؤكد على ثلاث نقط أساسية وجب وضعها نصب الأعين :

1ـ لا يمكن ، في ظل مغرب الأوراش الكبرى ، و توزيعها الجغرافي ، المراهنة على تنمية مستدامة ذات آثار إيجابية على المدى البعيد ، دون تكريس العدالة المجالية بما يضمن تقليص الفوارق بين جهات و أقاليم البلاد و جعلها مكملة لبعضها البعض في مسار البناء الاقتصادي و الاجتماعي ببلادنا

2 ـ لا يعقل أن ترصد ميزانيات ضخمة لمدن معينة لتحقيق برامج يمكن وضعها في خانة الكماليات ، بما لها من أهمية في المنظور المتوسط و البعيد ،  في وقت تئن فيه مناطق عديد بساكنتها الكبيرة تحت وطأة غياب أبسط شروع العيش الكريم من تعليم و تطبيب و طرق و بنى تحتية ، و كأن الأمر يتعلق بمواطنات و مواطنين من درجة ثانية ، لا ينتبه إليهم إلا بشكل مناسبتي ، كلما طفت على السطح واقعة تعري حجم الخصاص و المعاناة المتحكمين في معيشهم اليومي

3 ـ تفعيل الجهوية المتقدمة ، و تمكين الجهات  و الجماعات الترابية الأخرى من صلاحيات واسعة  على المستويات القانونية و المالية و الادارية لتحسين خدماتها الاساسية المقدمة للمواطنين ، وجب مواكبته أيضا بنصوص قانونية واضحة بقدر ما تعمل على تكريس فاعليتها على أرض الواقع ، بقدر ما تضح كافة المجالس المنتخبة أمام ضرورة ملزمة لتخصيص الجزء الاهم من ميزانيات الاستثمار للقطاعات الأساسية من تعليم و صحة و أمن و طرق و غيرها ، مع فرض مراقبة صارمة على أوجه صرف المال العام و الصفقات العمومية المرتبطة بذلك .

إن مغرب اليوم ، بمختلف تمظهرات الحراك الاجتماعي الذي يعيشه ، يعكس حقيقة ساطعة عن حجم الخصاص بمجموعة من أقاليم البلاد ، بالشكل الذي تستمر فيه صورة المغرب النافع و غير النافع و ما يترتب عنها من سلبيات تعيق التنمية الحقيقية ببلادنا ، و هو ما نأمل أن تنتبه إليه الحكومة من خلال توفير أساسيات العيش الكريم بمختلف جهات المملكة، إذ وجب تخصيص مستشفى بكافة الاختصاصات بكل جهة على الأقل ، و رفع العزلة عن مجموعة من المناطق التي تعاني صيفا و شتاءا بعيدا عن الاشتغال الظرفي ارتباطا بالكوارث و صعوبة المناخ كما نتابع ذلك على شاشات التلفزة في صور بقدر ما تعبر عن نوع من التضامن بقدر ما تعكس حقيقة الواقع الكارثي للمغرب العميق .

حجم الخصاص كبير ، من الأطلس المتوسط و الكبير إلى الريف ، شرق البلاد شمالها و جنوبها ، في مجموعة من الأقاليم التي لا تزال إلى اليوم ضحية تمركز عدد من الإصلاحات و الأوراش بجهة أو جهتين دون أخرى .

التضامن من شيم المغاربة ، و الواقع يؤكد حجم انخراط الشعب المغربي ، رغم ضعف الامكانيات ، في كل المبادرات الرامية إلى رفع المعاناة عن فئة أو جهة ، او حتى حالة فردية ، الأمر الذي يقتضي من الحكومة اتخاد مبادرات عملية دون تردد من أجل تعزيز العدالة المجالية بين مختلف جهات المملكة من خلال سياسة اقتصادية إجتماعية تضامنية تساهم في تحقيق المساواة في أساسيات العيش الكريم كحد أدنى

هو واجب على الحكومة القيام به،  و لا يمكن للمواطن المغربي إلا ان يصفق له و ينخرط بمسؤولية في إنجاحه و تنزيله على أرض الواقع.