قال محمد الحارتي عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، إن المقاولة ستجد نفسها بعد رفع الحجر الصحي،أمام سوق استهلاكية تغيرت معالمها، وأمام قدرة شرائية داخلية وخارجية، لا يمكن التكهن بها، داعيا الحكومة إلى التمييز بين نوعية المقاولة والقطاع الذي تنشط به، والعمل من أجل دعم الاستهلاك الداخلي بكل الآليات المتاحة، من قبيل توفير المزيد من السيولة المالية لدى المؤسسات المالية، وكذلك خفض نسبة الفائدة بما يكفيلإعادة مستوى الاستهلاك الى سابقه.
وانتقد الحارتي في تعقيب باسم الفريق، على جواب وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، خلال جلسة الأسئلة الشفهية ليوم الاثنين 11 ماي 2020، تطبيق آليات عادية على إجراءات استثنائية، من قبيل تطبيق فوائد على تأجيل القروض المرتبطة بالظرفية، رغم انخراط كل المؤسسات المالية بضمانات قوية من الدولة، في السعي للتخفيف من الجائحة على المقاولة بطريقة مباشرة او غير مباشرة.
كما انتقد عدم مراعات شركات التأمين، لتوقف لجل المركبات،وعدم اتخاد إجراءات مناسبة، من قبيل خصم جزئي على كلفة التأمين، خاصة بالنسبة للمهنيين الصغار كسائقي الطاكسيات،مما سيعيق تعافي القدرة الشرائية للمواطنين حسب تعبيره.
ودعا عضو الفريق إلى استثمار ما أظهرته حالة الطوارئ الصحية من مشاكل في القطاع غير المهيكل، إلى قطاع منظم ومندمج، يخضع لمعايير عصرية،متسائلا عن مدى قدرة هذا القطاع، على التعافي مما سماه هذا الزلزال الاقتصادي الذي تسببت فيه كورونا.
واعتبر أن هناك فرصة تاريخية من أجل إحداث تغييرات هيكلية بالقطاع غير المهيكل، بخلق آليات دعم ومواكبةماليا عبر إجراءات بنكية، تخفف من الضغوط التي يعيشها، وضريبيا عبر ملاءمة الضرائب المركزية او المحلية مع تدهور نشاطه، واجتماعياً بالعاملين به بالحماية الاجتماعية في أقرب الآجال.
وأشار الحارتي إلى أن المقاولة الذاتية تبقى هي الأخرى في وضعية جد هشة أمام هذه الصدمة، مما يتطلب الانصات لصعوباتها وايلائها المزيد من الاهتمام، مع إعادة النظر في اليات مواكبة ومساعدة المقاولات المصدرة، على فتح مزيد من الأسواق الخارجية، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية التي ممكن أن تقع بعد جائحة كورونا، والحرص علىتموقع المغرب ضمن هذه التحولات، لطبيعة سياساته المتوازنة وموقعه الجيو-استراتيجي، وتجربته من خلال علاقاته مع عدد من الأسواق الدولية، وكذلك على حنكته في تدبير هذه الأزمة المستعصية في مجال سرعة تأقلم صناعاته مع مستجد مفاجئ، لتعزيز مواقعه داخل أسواقه الكلاسيكية وتطوير أسواق أخرى واعدة، وكذا تعزيز مكانته كوجهة استثمارية تتحقق فيها كل الشروط الجديدة التي أصبحت تطفو إبان هذه الأزمة.
وبخصوصالمقاولات المصنعة للمنتوج الداخلي، قال الحارتي إن هناك فرصة للتعاقد معها في إطار كل الجهود المبذولة للخروج من الأزمة، حول رؤية واضحة للصناعة الموجهة للسوق الداخلي من أجل إغنائها وتوجيهها، لتلبية الحاجيات الأساسية والضرورية للمغاربة، حتى يتم من تحصين الاقتصاد الوطني، وكذا إعطائها فرص أكبر من اجل اللحاق بالصناعة المصدرة أيضا.
وأكد عضو الفريق أن القطاع الرقمي، منالقطاعات التي برزت بشكل لافت في هذه المحنة، موضحا أن لها دورا أساسياً في تدبير الجائحة وآثارها، مشيرا في سياق آخر إلى أن جائحة كوفيد 19، أبانت عن أهمية الأدوار المتكاملة والأساسية للدولة والقطاع الخاص في بناء اقتصاد منيع، دعامته مقاولة مواطنة قوية ومحصنة، وأساسه تعاون متين بين القطاعين العام والخاص، لكي يكون هدف المرحلة هو "صفر افلاس" لأي مقاولة،وفقدان صفر منصب شغل.
وسجل المتحدث أن الجائحة، أبانت كذلك أن المقاولة المغربية بكل أنواعها، من التاجر البسيط إلى الشركة العالمية، على نفس القدر من الوعي والانخراط بدون تردد، وبكل ثقة في التنزيل السليم لكل القرارات الصعبة التي اتخذها المغرب من أجل احتواء الجائحة، وأصبحت شريكا كاملا في بلورة الحلول الكفيلة بإنقاذ الاقتصاد الوطني وتجاوز الأزمة مرحليا خلال حالة الطوارئ الصحية والاستعداد لما بعدها.
وشدد الحارتي على أن المغرب بالمقاربة التي اعتمدها، بدد عدة نظريات، شككت في منسوب عدد من القيم المجتمعية اختص بها المغاربة، وأثبت للعالم أن الثقة والتضامن والتلاحم هي قيم حضارية راسخة لدى المجتمع المغربي، لم تتآكل مع الزمن، وأبان جميع أفراد المجتمع على تمتعهم بحس قوي للمسؤولية كل من موقعه، وأنه في القضايا الكبرى لا يفتأ المجتمع أن يصبح جسدا واحداً يلتحم فيه كل أعضاؤه ليتحرك في تناغم وانسجام قل نظيره، معتبرا أن هذه فرصة ذهبية وتاريخية من أجل تحقيق قفزة نوعية في تعزيز المسار الديمقراطي وبناء علاقات بين السياسيين والمجتمع على أساس الثقة المتبادلة والكاملة، تجعل ورش البناء ينخرط فيه كل المغاربة على نفس مستوى الوعي والمسؤولية من خلال نموذج تنموي عادل وفعال كفيل بتحقيق الإقلاع من جديد وتجاوز الأزمة.