ثمن فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، ما جاء به التقرير الذي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات، حول قطاع المؤسسات العمومية، معتبرا أنه يشكل أرضية ومقدمة أساسية، لمباشرة عملية إصلاح شامل لمحفظة المؤسسات العمومية، من خلال مخطط إصلاحي شامل يهم تطوير الإطار القانوني، وتحديث آليات الحكامة، وتتبع صرف الأموال العمومية، التي يتم تحويلها من ميزانية الدولة أو توضع رهن إشارتها لاستثمارها.
كما ثمن الفريق في مداخلته أثناء جلسة مجلس النواب المخصصة لمناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، المنعقدة يوم الأربعاء 12 دجنبر 2018، ملاحظات الرئيس الأول للمجلس في عرضه حول صندوق الايداع والتدبير، معتبرا أن التشخيص الذي بسطه بين يدي أعضاء البرلمان، يكتسي طابع الشمولية والصدقية، وإن كان يفتقد لبعض الحلقات المفقودة.
ودعا الفريق في مداخلته التي ألقاها باسمه النائب محسن مفيدي، إلى إعادة النظر في أقرب وقت، في القانون المنظم لصندوق الايداع والتدبير، بإضافة مقتضيات خاصة بتجويد حكامته في تطابق مع القواعد الوطنية والدولية الخاصة بحكامة المؤسسات العمومية، وتعزيز مختلف الجوانب المتعلقة بها، مع الزام الصندوق باتخاذ مايلزم من تدابير، لتفادي الدخول في منافسة غير متكافئة مع المستثمرين الخواص، استنادا إلى الرعاية والامتيازات التي توفرها له الدولة.
وسجل الفريق على مستوى استثمارات هذا الصندوق، توسعه في إحداث شركات فرعية، انتقلت من 80 شركة سنة 2007 إلى 142 شركة حاليا، رغم أن أغلب هذه الفروع حسب مداخلة الفريق، تعاني صعوبات حقيقية في تحقيق عائد إيجابي لاستثماراتها، وخلق قيمة مضافة للصندوق، وهو ما انعكس على مساهمته في الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2016، حيث سجلت مجموع موارد 142 شركة عمومية تابعة له 00 درهم، رغم أن الرقم الذي كان متوقعا برسم قانون المالية لنفس السنة هو 350 مليون درهم.
واقترح الفريق مراجعة وتحيين القانون المنظم لعمل واختصاصات صندوق الايداع والتدبير، بحذف أو إعادة هيكلة بعض شركات المجموعة التي تعاني عجزا بنيويا، وتمتص فائض القيمة المنتج من طرف شركات أخرى، وبمراجعة المحفظة الاستثمارية للصندوق لتتماشى وأولويات السياسات العمومية والاستراتيجيات الوطنية، وتدقيق حكامة الصندوق وملائمتها للتوسع الأفقي والعمودي لتدخلات المؤسسة.
وطالب الفريق في المداخلة نفسها، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بإنجاز تقرير تفصيلي خاص حول البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، وكشف كل الاختلالات والنقائص التي عرفها تطبيقه، وخاصة مآل المليارات التي خصصت له، مع إحالة كل من تورط في تبديد الأموال العمومية إلى المحاكم المختصة وإرجاع الأموال المنهوبة، وإعادة الثقة في جهود محاربة الفساد في قطاع كان ينبغي أن يكون أبعد ما يكون عن الفساد المالي والإداري.
كما طالب الفريق الحكومة بضرورة إرساء حكامة دقيقة وشفافة للنظام الجديد للتقاعد، مع الحفاظ على حقوق ومكتسبات موظفي الأنظمة السابقة وحقوق ومكتسبات المنخرطين، مع ضرورة الإلتزام بالنهج التشاركي والتشاوري طيلة مسار خلق المنظومة الجديدة، مشددا على أن الإصلاح الهيكلي لأنظمة التقاعد على المدى البعيد، يتطلب تحقيق نسبة نمو مرتفعة كفيلة بخلق مناصب شغل لتوسيع قاعدة المساهمين في أنظمة التقاعد، معتبرا أن هذا الأمر مرتبط بدعم شرط الرفع من الادخار والاستثمار الوطني عبر تحسين مناخ الأعمال ومحاربة الريع وتشجيع تنافسية الاقتصاد الوطني.
وقال مفيدي أن تشريح المديونية العمومية، يُظهر أن المؤسسات والمقاولات العمومية كانت متم سنة 2016 وللسنة الثانية على التوالي، أول مقترض عمومي على المستوى الخارجي بما يزيد عن 54 في المائة من إجمالي الدين الخارجي العمومي، مضيفا أن تطور مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية، عرف خلال العشرية الأخيرة مرحلتين، الأولى ما قبل سنة 2014، تميزت بغياب لجوء المؤسسات والمقاولات العمومية إلى السوق الدولية، والمرحلة الثانية عرفت لجوء المكتب الشريف للفوسفاط إلى السوق المالية العالمية خلال سنتين متتاليتين لاقتراض 2.85 مليار دولار أمريكي قصد مواكبة استثماراته.
وأشار إلى أن ثلاث أرباع حجم الدين العمومي للمؤسسات العمومية، توزعت بين خمسة مؤسسات، هي المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والمكتب الشريف للفوسفاط والشركة الوطنية للطرق السيارة والمكتب الوطني للسكك الحديدية والوكالة المغرية للطاقة الشمسية، موضحا أن هذه القروض موجهة بالأساس لتوسيع استثمارات المؤسسات المعنية، وتدخل في إطار استراتيجيتها الاستثمارية، معتبرا أنه كان يجب الإشارة إليها في عرض الرئيس الأول للمجلس الاعلى للحسابات، المقدم حول المديونية، حتى تظهر أوجه صرف الأموال المحصل عليها عن طريق الديون، والتي كانت ضرورية لتمويل مختلف تلك المشاريع التي يفتخر ويشيد بها الجميع.