نبّه فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، إلى ما يمكن أن يكون لتجاوز المجلس الأعلى للحسابات لاختصاصات الدستورية، من أثر سلبي على استقلاليته ومصداقيته.
وقال الفريق في مداخلة ألقاها باسمه النائب أحمد أدراق خلال الجلسة العمومية التي عقدها مجلس النواب يوم الأربعاء 26 يوليوز 2017، إن تجاوز المجلس الأعلى للحسابات لاختصاصه وخوضه في الاختيارات السياسية الكبرى، المؤطرة للسياسات العمومية التي تنخرط مختلف مؤسسات الدولة في تنزيلها، وفق برنامج حكومي تنال بموجبه الحكومة السياسية المنتخبة التنصيب البرلماني وتُحاسب عليه امام الناخبين، أن يخدش استقلاليته.
وأضاف أدراق خلال الجلسة نفسها التي خصصها مجلس النواب لمناقشة عرض الرئيس الأول للمجلس الأعلى، أن وضع الاختيارات السياسية الكبرى التي تؤطر السياسات العمومية، والتي توجه بدورها السياسات القطاعية، هي من اختصاص الحكومة وتقييمها سياسيا من اختصاص البرلمان، بما يمثله من تعددية سياسية، مؤكدا أنه لن يكون من مصلحة البناء المؤسساتي للبلاد اقحام المجلس الأعلى في تقييم هذه الاختيارات، وأن ذلك من شأنه أن يجعل المجلس محط تصنيف، وأن يطرح عليه أسئلة الانتقائية والتحيز لطرف سياسي دون آخر، والانتصار للأغلبية الحكومية أو المعارضة، مما سيهدد الثقة في مؤسسة من مصلحة الجميع أن تظل محط اجماع كمرجع تعلو فوق التصنيفات انتصارا للوطن الذي يستمر ويدوم وتتغير فيه المواقع السياسية ووجهات النظر وزوايا التقييم، وفق تعبير المتحدث، معتبرا أن استقلالية المجلس ينبغي أن تظل مصانة ومحفوظة تجعل أعماله خارج الرقابة البرلمانية نفسها.
وأوضح عضو الفرق أن الملاحظات المنهجية التي سجلها الفريق، هدفها إبعاد المجلس عن أي تشكيك أو أسئلة محرجة، من قبيل انتقاء مؤسسات دون غيرها في غياب لأية معايير واضحة، أو تخصيص مساحات كبيرة في تقاريره لمؤسسات وقطاعات بعينها تصل إلى التفاصيل الصغيرة، في وقت تخصص فيها لمؤسسات كبيرة تدبر الملايير من الدراهم فقرات صغيرة وموجزة، واستسهال اطلاق احكام قيمة غير مفهومة على مشاريع احتكمت لاختيارات سياسية سيادية لحكومات سياسية منتخبة تحملت مسؤوليتها وعرضت عملها على البرلمان وعلى المواطنين الذين اعادوا الثقة فيها، مشيرا في السياق ذاته إلى أن هذا لا يعني وهذا لا يعني وجود مؤسسات منزهة أو فوق النقد، وإنما احتراما للبناء المؤسساتي والدستوري الذي أفرد لكل سلطة اختصاصات بناء على منطق ومنهج جامع لا يمكن خلخلته بالتداخل في الاختصاصات.
وأبرز أدراق أن تجاوز المجلس الأعلى للحسابات للاختصاص المنصوص عليه في الدستور سيعرض للنقد والمحاسبة وهو ما لا يتلاءم ووظيفته النبيلة، مسجلا تجاوز تقرير المجلس لسنة 2015 الى الحديث عن تطور المالية العمومية لسنة 2016، وداعيا إلى وصف الحال قبل حكومة الاستاذ عبد الاله بنكيران، لتحديد كيف كانت الوضعية وربط مكامن الخلل مع مسبباتها الحقيقية والأصلية ودراسة سبب تراكم الخلل حتى ليكون لعملية التحليل معنى لمعرفة أصل الاشكالية.
كما دعا الفريق المجلس الأعلى للحسابات إلى مساعدة البرلمان من خلال دراسات تتوجه نحو الأثر في مجالات منها المديونية العمومية، وتقديم معطيات تخص الضريبة على القيمة المضافة لفائدة مختلف المؤسسات والمقاولات، واطلاع البرلمان على التقارير المتعلقة بالمشاريع الممولة في اطار التعاون الدولي خاصة ان المجلس قام بحوالي 22 مهمة في هذا الاطار، وإلى الكشف عن معطيات حول صرف مساهمات الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للاحزاب السياسية والبحث في مصاريف المترشحين خصوصا وأن سنة 2015 كانت سنة انتخابية، والتركيز مستقبلا على اثار السياسات العمومية والقرارات ذات الطبيعة المالية، منتقدا إغفال تقرير المجلس لعدد من المعطيات المتعلقة بتراكم المتأخرات لفائدة المقاولات، ومبدأ الأفضلية الوطنية للمقاولات الوطنية وأثرها على الاقتصاد، ورسالة حصول المغرب على الخط الائتماني من صندوق النقد الدولي وما يعنيه ذلك من معافاة للمالية العمومية.
كما سجل الفريق إغفال تقرير المجلس الأعلى للحسابات الحديث عن إجراءات التضريب الفلاحي وإصلاح المقاصة وإصلاح صناديق التقاعد وتقييم صندوق التماسك الاجتماعي وإشكاليات الباقي استخلاصه بالنسبة للجماعات الترابية والمساهمة الابرائية، موجها التحية لحكومة بنكيران لتحملها المسؤولية السياسية في صون القرار المالي الوطني وتحصينه وتفادي الاضرار بالنموذج التضامني واتخاذها قرارات جريئة لم يذكر التقرير الكثير منها.