Skip to main content

الرباط 13/03/2013 : كلمة السيد كريم غلاب رئيس مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية لانطلاق فعاليات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة

19/03/2013

كلمة السيد كريم غلاب رئيس مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية لانطلاق فعاليات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة

13 مارس 2013

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه أجمعين

السيد  رئيس الحكومة

السيد رئيس مجلس المستشارين

السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني

السيد رئيس اللجنة الوطنية حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة

السيدات والسادة الحضور الكرام

إنه لمن دواعي السعادة والسرور أن أشارك في الجلسة الافتتاحية لإطلاق فعاليات الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة، ولتنصيب اللجنة الوطنية المشرفة على هذا الحوار، وذلك اقتناعا منا بما لهذه المبادرة من فضائل في الانفتاح على كافة الحساسيات المجتمعية والفعاليات الوطنية. وفي هذا الصدد، نود أن نثمن عاليا اهتمام الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني بالبعد التشاركي في تدبير هذا الموضوع، وذلك  من خلال مد جسور التواصل مع مختلف الفعاليات والهيآت النشيطة في هذا المجال.

وبانطلاق هذا الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة الموكولة إليه، يبدو واضحا أن المغرب يمضي قدما في تفعيل النص الدستوري الجديد على أسس من الانفتاح والإشراك والنقاش الجدي.

كما يؤكد ذلك مدى توفر الجميع على إرادة حقيقية ملموسة لضمان مكانة وقيمة المكون المجتمعي في بلورة القرارات والإسهام في إثراء الأدوار الجديدة لأجهزة الدولة ورصد وتتبع السياسات العمومية.

وتعرفون أننا في مجلس النواب سبق أن أطلقنا حوارا أوليا حول طبيعة العلاقات مع مكونات المجتمع المدني، وذلك كأول ورشة حول هذا الموضوع حضرتها عدة مؤسسات أساسية.

ولقد كانت تلك الورشة التي حضرتها كذلك مؤسسات أجنبية صديقة، في إطار حرصنا على الاستئناس ببعض التجارب الخارجية، مجرد خطوة تأسيسية، كما عبرنا على ذلك في حينه، ينبغي أن تتلوها خطوات أخرى للمزيد من تعميق الأفكار والاقتناعات، ولبلورة تصور وطني أشمل وأعمق وأكثر تعبيرا عن الروح الجديدة التي تغمرنا جميعا بعد إقرار الدستور الجديد بكل ما أتى به من مكاسب وآفاق جديدة للممارسة الدستورية والسياسية والمجتمعية.

والواقع أن العلاقات مع المجتمع المدني ظلت تحظى بأهمية خاصة لدى مجلس النواب، وهي ليست علاقات جديدة تماما، وإنما كانت تتخذ لها أشكالا وطرائق قد تبدو اليوم في حاجة الى تطوير وتجديد وإعادة مأسسة. أقصد بذلك إلى القول بأن هذا التوجه نحو علاقات مع مكونات المجتمع المدني لا تمليها علينا فقط الأحكام الدستورية الجديدة التي نعتز بقيمتها النوعية، وإنما هو توجه يأتي أيضا وأساسا تثمينا للحيوية الوثابة التي أبدتها عدة فعاليات من المجتمع المدني في السنوات القليلة الأخيرة وتجاوبا مع هذه الإرادة التي نعتبر أنفسنا في تفاعل  معها بل إننا خرجنا من صلبها وبقينا على صلة دائمة بها . وأكثر من ذلك، إننا نتمثل في منطلق هذا الحوار الوطني عمق التحولات التي يعرفها المغرب الحديث والمعاصر، تلك التحولات التي جعلت من المواطن المغربي شريكا أساسيا في القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، سواء على المستوى المحلي أو الجهوي أو الوطني.

لقد مضى ذلك الزمن العتيق الذي كان ينظر فيه الى المواطن كملتقى صامت أو كصوت انتخابي أو كمتفرج. ونحن اليوم إذ نرصد هذه التحولات، ونعبر عنها كنخب سياسية جديدة وكفعل سياسي وطني متجدد، لا نلغي تاريخنا أو نستسهل ما تحقق من تراكمات ايجابية خلاقة، وإنما ندرك أن السياسة الوطنية اليوم ليست سوى مواصلة إثراء التراكم الايجابي، وابتكار الأفكار والخطط والبرامج الجديدة، واستجماع الإرادات الخيرة البناءة، وتكامل إرادة وأدوار كل من الدولة والمجتمع على أساس مبدأ دولة في خدمة المجتمع ومجتمع يحمي ويدعم ويقوي الدولة.

وبهذا المعنى، فإن مجلس النواب يعطي أيضا أهمية مركزية للتفاعل مع الأجيال الجديدة وبالأخص مع الشباب المغربي في أماكن وفضاءات حضوره الجامعي والمدرسي والجمعوي، وذلك انطلاقا من إيمان صادق وراسخ بأن الفعل الشبابي يظل فاعلا مؤثرا في مجرى الواقع اليومي، وهو يكمن في عمق تفكيرنا وبرامجنا وتطلعاتنا. وفي هذا الصدد قررنا في مجلس النواب أن نؤسس منتدى للبرلمانيين الشباب كي يصبح آلية من آليات تشجيع الشباب وأداة للتواصل مع مختلف المنظمات والجمعيات الشبابية، سواء منها شبيبات المنظمات السياسية والنقابية أو إطارات العمل الجمعوي الشبابي.

وهكذا، فكما يتم العمل بآلية برلمان الطفل تفعيلا لاقتناع وطني بفكرة نبيلة تحرص على ترسيخ وإشاعة الفكرة الديمقراطية في الوعي العام انطلاقا من مشتل الطفولة، ها نحن نتطلع بهذا المنتدى إلى توفير فضاء مؤسساتي جديد يؤهل الشباب المغربي للانخراط الفعلي الواسع في الممارسة الديمقراطية بل في الممارسة السياسية المنظمة للنخب الجديدة، وللأفكار الجديدة، وللأدوار الجديدة والصانعة للمستقبل.

وإمعانا في هذه الروح، قررنا الارتقاء بعلاقاتنا البرلمانية مع المجتمع المدني من مجرد علاقات تقليدية قائمة عل تبادل المراسلات والخطابات والمواقف إلى علاقات شراكة ومأسسة، خصوصا مع بعض مراصد العمل البرلماني، وذلك لثقتنا في هذه الروح الشعبية والشبابية الجديدة المتطلعة إلى المزيد من العمل البرلماني المطبوع بالشفافية والوضوح والحضور الفعلي والانتظام والموضوعية في التواصل مع القاعدة الاجتماعية الواسعة ومع الفاعلين والمعنيين بالشأن البرلماني، والشأن العمومي ككل. وقد سبق لنا، خلال الورشة التي نظمناها في مجلس النواب حول العلاقات مع المجتمع المدني، أن أشرنا إلى انشغال المؤسسة التشريعية بأولوية انفتاح الفضاء البرلماني على محيطه الخارجي، وهو ما تضمنته الخطة الإستراتيجية لتطوير عمل مجلس النواب بمحاورها الخمسة،وضمنها محور الانفتاح على الشباب والنساء والجامعات والمجتمع المدني ككل، وأيضا على وسائل الإعلام وقنوات الاتصال المختلفة متطلعين إلى بناء علاقات أكثر مهنية، وأكثر منهجية وبالتالي أكثر مردودية.

السيدات والسادة

أود مجددا أن أنوه بروح هذا اللقاء وبالإرادة الوطنية لإطلاق حوار وطني حول المجتمع المدني والمكانة الدستورية التي أصبح يحظى بها في نظام دستوري جديد وجرئ أراده صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله عتبة جديدة لاقتحام المستقبل، نظام دستوري عبر عن إرادة الأمة المغربية تعبيرا صادقا سواء من حيث روحه وهندسته وديباجته وأحكامه، نظام دستوري أتاح لجميع مكونات ومستويات الدولة والمجتمع المكانة اللائقة والوضع الاعتباري الجدير بها. وبالتالي فنحن ندرك- وعلينا أن ندرك- معنى هذا التجاوب بين النص ومرجعيته التاريخية والمجتمعية والسياسية والثقافية واللغوية . كما ندرك مدى تعبير هذا النص الجديد عن طبيعة التحولات السوسيوثقافية العميقة التي صنعها المغاربة باقتدار مثلما صنعتهم هي كذلك فجعلهم أكثر تطلعا وتطلبا وحاجة إلى بناء مستقبل بلادهم على قاعدة من الحرص على الاستقرار والأمن والثقة، وأكثر اعتزازا بمغربهم ومغربيتهم وبثوابت هويتهم الوطنية المنفتحة المتسامحة الغنية بمرجعياتها وروافدها.

وختاما، أهنئ الأخ الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي على ما وضع فيه من ثقة كي يقود دفة هذا الحوار الوطني الواسع الخصب المنتج والمثمر إن شاء الله تعالى. كما وأتمنى لهذا الورش الوطني الكبير كل أسباب النجاح والتوفيق.

والسلام عليكم