Skip to main content

الرباط 13/04/2012 : كلمة السيد رئيس مجلس النواب في افتتاح دورة أبريل 2012

12/04/2012

 

 

 

 

 

كلمة السيد رئيس مجلس النواب في افتتاح دورة أبريل 2012

 

الجمعة 13 ابريل 2012

 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وعلى اله وصحبه

 

السادة أعضاء الحكومة ،

حضرات السيدات النائبات المحترمات ،

حضرات السادة النواب المحترمين،

طبقا لمقتضيات الدستور نفتتح بعون الله وتوفيق منه أشغال الدورة الربيعية للسنة الأولى من الفترة النيابية التاسعة، مستحضرين الروح الوطنية والمسؤولية المشتركة والتفاني في العمل ونكران الذات التي طبعت أعمال الفترة الفاصلة بين دورة أكتوبر وهاته الدورة التي نفتتحها اليوم والتي ساهمت في تأسيس مرحلة جديدة من بناء الصرح الديمقراطي ودعم البنيان البرلماني.

حضرات السيدات والسادة

نستقبل هذه الدورة والمغرب يعيش لحظة تاريخية في مساره من أجل تحصين مكتسباته وتعميق إصلاحاته ضمن مسلسل مسترسل توج بإصدار دستور جديد شكل نقلة نوعية في المسار الديمقراطي للمغرب وحدثا استثنائيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط لما يؤسسه من ركائز لدولة حديثة في تجاوب مع انتظارات الشعب المغربي.

وإننا إذ نستحضر هذا السياق وهذه المكتسبات أود أن أعبر لكم السيدات والسادة النواب عن اعتزازي بحصيلة عملنا خلال الفترة الفاصلة، والتي تميزت إلى جانب تقديم الحكومة لبعض النصوص التشريعية نظرا لطابعها الاستعجالي، بعقد دورة استثنائية خصصت بالأساس للدراسة والتصويت على مشروع قانون المالية، وهو ما شكل بحق حدثا وطنيا ليس فقط لكونه أول مشـروع قـانـون مالي تقدمـه الحـكومـة الحالية، بل كـذلك بالنظر للنقــــــــــــــــاشات المـهمـــة والحوار الجاد والمثمر بين مختلف الفرق النيابية أغلبية ومعارضة سواء داخل اللجان الدائمة أو في الجلسات العمومية والتي عكست مختلف الانشغالات المجتمعية وانتظارات المواطنين وطموحاتهم وأمالهم.

كما لا أريد أن تفوتـــني هذه الفرصة دون أن أشيد بالمساهمة القيمة للنساء البرلمانيــات والشباب البرلمانيين وعلى جودة مداخلاتهم وإسهامهم الكبير في إغناء النقاش وإثراء الحوار حول مشروع قانون المالية.

ويحذوني أمل كبير في أن نستمر في هذا الجو الديمقراطي والمثمر والذي يعكس بحق حجم التراكمات التي حققتها مؤسستنا وروح المسؤولية التي تطبعها مما سيعطي صورة نموذجية للديمقراطية التي تعرفها بلادنا.

وإيمانا منا بأن بلوغ تلك الآمال وكسب التحديات لن يتحقق إلا بمراجعة تنظيم وعمل مجلس النواب وطريقة اشتغاله، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة المراجعة الشاملة للنظام الداخلي وهو الإصلاح الذي ارتأينا أن لا يقتصر فقط على الملائمة مع مقتضيات الدستور، لكي يشكل دعامة أساسية في ترسيخ البنيان الدستوري والقــانوني والمؤسساتي، وإطارا سليما لترشيد العمل البرلماني، وتطويره.

وقد شكل تنظيم المجلس يوما دراسيا حول النظام الداخلي سابقة، إذ لأول مرة يشهد المجلس مناقشة موضوع يهم سير عمل المجلس وذلك بحضور الحكومة وممثلي المؤسسات الدستورية وهيأت الحكامة وحقوق الإنسان وخبراء مغاربة وأجانب وأساتذة جامعيين وهيأت المجتمع المدني وممثلي وسائل الإعلام، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المنهجية التشاركية التي أراد أن يؤسسها المجلس في نطاق الرغبة الأكيدة والقناعة الراسخة في تأصيل الحوار ومأسسة الانفتاح على جميع مكونات الشعب المغربي.

وفي هذا الصدد، فان الخلاصات والتوصيات التي انبثقت عن اليوم الدارسي ستكون الأرضية الأساسية للإصلاح المرتقب للنظام الداخلي حتى يتمكن المجلس من اداء وظيفته بكل فعالية ونجاعة في نطاق الاختصاصات الدستورية الموكولة إليه.

وبالموازاة مع ذلك، عرفت الفترة الفاصلة نشاطا دبلوماسيا مكثفا سواء في النطاق المتعدد الأطراف أو الثنائي. ففي النطاق المتعدد الأطراف –وكما تعلمون-احتضن المغرب الدورة الثامنة للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، وكانت مناسبة لتأكيد المكانة المتميزة التي يحظى بها المغرب داخل المنظومة الدولية اعتبارا لدوره النشيط داخل هذه المنظمات، وبالنظر إلى مختلف الإصلاحات التي قام بها.

وقد كانت هذه الدورة فرصة سانحة لتأطير حوار عميق وشامل حول المنطقة المتوسطية ومختلف التحديات الاقتصاديـــة والاجتماعيــــة والبيئـــــية والتــــــكويــنية والتعليمية  وسبل تحقيق التنمية وترسيخ السلم والأمن والاستقرار بالمنطقة المتوسطية .

كما كانت مناسبة للتعبير عن مواقفنا المبدئية من القضايا الكبرى المطروحة على المنطقة المتوسطية ولاسيما الحراك الذي عرفته الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وتجديد دعمنا المطلق للنضال العادل للشعب الفلسطيني من أجل بناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس، وتنديدنا الشديد بالسياسة العدوانية الإسرائيلية، وباستمرار التعنت والاستهتار الإسرائيلي بقرارات الشرعية الدولية.

والى جانب ذلك، فقد كانت مشاركتنا في الدورة 126 لجمعية الاتحاد البرلماني الدولي المنعقد بأوغندا مناسبة لمناقشة جملة من المواضيع المرتبطة بالعلاقة بين البرلمان والمجتمع، وتقديم الممارسات الجيدة لمؤسستنا بشأنها، وكـــــــذا فرصة للقاء العديد من الوفـــــــود البرلمانية الممثلة لدول شقيقـــــــة وصديقة خاصــــــة في العالم العربي، وأمريكا اللاتينية، وآسيا، وأستراليا، وأوروبا، لتعميــــق علاقات الصــــداقة والتعاون وشرح تطورات قضية وحدتنا الترابية والمقترح المغربي للحكم الذاتي.

وموازاة مع ذلك فقد شهدت هذه الفترة أيضا مشاركة مجلسنا في العديد من المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات سواء على الصعيدين الدولي أو الجهوي.

وفي إطار تعزيز علاقات الصداقة والتعاون على الصعيد الثنائي  فقد سجلنا زيارة وحضور العديد من الوفود البرلمانية والحكومية الأجنبية  تنتمي إلى مختلف القارات، كما استقبل المجلس شخصيات برلمانية وازنة ضمنها رئيس البرلمان الأوروبي الذي حظي باستقبال من طرف جلالة الملك، ذلك الاستقبال الذي نعتبره تجسيدا وتأكيدا للعناية الخاصة والموصولة التي يوليها جلالته للعمل البرلماني.

ولا أريد أن تفوني الفرصة وأنا أستعرض حصيلة الفترة الفاصلة، دون التأكيد على اهتمامنا الكبير رئاسة ومكتبا بتوفير وسائل العمل الضرورية والشروط الملاءمة لكافة السيدات والسادة النواب حتى يتمكنوا من أداء واجبهم الدستوري، وفي هذا الإطار فقد عملنا على برمجة العديد من الإصلاحات التي سنعمل في مكتب المجلس على تفعيلها، واتخاذ الإجراءات الملائمة لإنجازها.

حضرات السيدات والسادة

إننا بدون شك أمام رهانات كبيرة تتطلب منا جميعا الرفع من الدور التشريعي للمؤسسة البرلمانية بحكم الاختصاصات الجديدة وتوسيع مجال القانون وتنظيم الجلسة الشهرية المخصصة لمقترحات القوانين، وهو ما يحتم علينا القيام بعمل تشريعي جيد سواء على مستوى الكم أو النوع، كفيل بالإسهام في تنمية البلاد والاستجابة لتطلعات المواطنين، خصوصا وأن الدورة التي نحن بصدد افتتاحها من المنتظر أن يتضمن جدول أعمالها التشريعي بالإضافة للنصوص المحالة على المجلس، نصوصا أخرى بالغة الأهمية مرتبطة بتفعيل أحكام الدستور.

إن هذه المهمة النبيلة والمركزية والتاريخية في مسار التطور المؤسساتي لبلادنا، تتطلب منا مؤسسة تشريعية وحكومة مجهودا خاصا وفق برنامج عمل يحدد المضامين والأهداف والآجال، ويمتد على الولاية التشريعية بكاملها، وذلك حتى تكون لنا رؤية واضحة على المدى القصير والمتوسط للأجندة التشريعية للتنزيل الديمقراطي للدستور.

وفي نفس الإطار يتعين تعزيز الدور الرقابي للمجلس من خلال تجاوز الاختلالات التي تعرفها الممارسة البرلمانية في هذا الشأن واعتماد مقاربة أكثر عـــمقا وشـمولية.

كما أن حجم المكتسبات الدبلوماسية التي حققناها، تحتم علينا أيضا مواصلة ترسيخ إشعاع مجلس النواب سواء على المستوى المتعدد الأطراف أو على الصعيد الثنائي، وذلك في إطار ديبلوماسية استباقية ومبادرة وذات مرجعيات وأهداف محددة ووفق مخطط عمل ناجع لتكريس إشعاع البلاد على المستوى الدولي وتقوية علاقات الصداقة والتعاون، والدفاع عن المصالح العليا للوطن وعلى رأسها قضية وحدتنا الترابية .

كما سنواصل ضمن هذا المنظور الدفاع عن قيم السلم والتعاون والتسامح والحوار في العلاقات بين الدول والمجموعات الجيوسياسية، ومبادئ القانون الدولي، مبادئ العدل والإنصاف في حل النزاعات والمشاكل الدولية، في جميع أنحاء المعمور، وكذا مساندة جميع القضايا العادلة للشعوب وفي مقدمتها دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في بناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

 حضرات السيدات والسادة

إن الرغبة الأكيدة في الرفع من الأداء البرلماني وتحسين الحكامة البرلمانية توازيها أيضا إرادة قوية لتعزيز انفتاح مؤسستنا على محيطها الاجتماعي، حيث يتعين أن يكون مجلس النواب فضاء للتعبير عن هواجس المواطنين وطموحاتهم وانتظاراتهم، ومؤسسة لتأطير النقاشات والحوارات حول مختلف التحديات التي يعرفها مجتمعنا، وذلك إيمانا منا بالدور المركزي للمؤسسة البرلمانية في تتبع قضايا الأمة، والإنصات لانشغالات المواطنين وجعله قريبا من المجتمع.

كما أن سياسة الانفتاح هاته، لن تكتمل إلا بتطوير التواصل مع الشباب خاصة طلبة المدارس والجامعات  لتمكينهم من التعرف على عمل المجلس ومختلف الاوراش التي ينخرط فيها سواء في المجال التشريعي أو الرقابي أو الديبلوماسي، ولتحفيزهم للإقبال على العمل السياسي وتعزيز الثقة في مؤسساتنا السياسية.

وبنفس الإرادة والعزيمة سنعمل على مأسسة  علاقات تشاور وتعاون وتنسيق مع المؤسسات الدستورية والهيات الوطنية للحكامة وفق التوجهات التي رسمها الدستور وحددتها أنظمة وضوابط مؤسستنا التشريعية، وبما يخدم المصالح العليا لبلادنا.

لاشك أن هاته الأفاق الواسعة والانتظارات الكبيرة المعقودة على مجلسنا تفرض علينا إصلاحا بنيويا شاملا وعميقا لنظامنا الداخلي يتجاوب مع خصوصية المرحلة الحالية، وفي هذا الصدد سنواصل العمل مع جميع الفرق والمجموعات النيابية قصد وضع جدولة زمنية محددة لاستكمال هذا المشروع الهام والذي سيشكل –لا محالة-نقلة نوعية في عمل المؤسسة.

إنها إذن مهام جسيمة تنتظرنا جميعا لنكون في مستوى اللحظة السياسية ولكي نعطي للعمل البرلماني مفهوما جديدا. لذا أناشدكم السيدات النائبات السادة النواب أن نستمر في عملنا بنفس الإرادة والعزيمة وبنفس التعبئة والحماس لتطوير تجربة برلمانية مغربية ديمقراطية نموذجية، مستحضرين روح الدستور ومستلهمين التوجيهات السامية لجلالة الملك من أجل بناء دولة ديمقراطية، ومغرب قوي حديث متضامن، وخدمة للمصلحة العليا تحت القيادة الرشيدة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

حضرات السيدات والسادة،

لا يمكن أن نختم هذه الكلمة دون تجديد التعبير عن بالغ الاعتزاز بالتعبئة الجماعية لكافة السيدات والسادة النواب خلال هذه الفترة الفاصلة  وفي مقدمتهم السيدات والسادة أعضاء المكتب و رؤساء الفرق والمجموعات النيابية ورؤساء اللجان، الذين أود أن أعبر لهم عن أحر التشكرات، والشكر موصول أيضا لكافة أطر وموظفي المجلس على مثابرتهم وتجندهم طيلة هذه الفترة، ونحن على يقين أن هذه التعبئة الجماعية ستستمر بنفس الوتيرة خلال دورة أبريل لإنجاز ما ينتظرنا من مهام.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته