السيد الوزير المحترم؛ يُعتبر توزيع الماء الصالح للشرب مرفقا عموميا محليا يخضع تدبيره للمبادئ الأساسية للمرفق العام، والتي ترمي إلى ضمان حقوق المواطنين في الولوج للماء الصالح للشرب، على أساس المساواة والإنصاف في تغطية التراب الوطني والجودة والاستمرارية في أداء الخدمة. وفي سياق تنامي دور جمعيات المجتمع المدني كشريك هام للدولة والجماعات الترابية في الجهود الرامية إلى تأمين توزيع الماء الصالح للشرب بالوسط القروي، لا تتكفل عددٌ من الجمعيات، فقط، بتسيير شبكات توزيع الماء الشروب (إيصال الماء؛ وضع العدادات؛ الفوترة؛ وتحصيل المستحقات...)، بل أيضاً بإنجاز أو استغلال التجهيزات والمعدات المائية (الأثقاب؛ الخزانات؛ الصهاريج؛ والمضخات...). وتجدر الإشارة إلى أنَّ تدبير الجمعيات للماء الشروب في العالم القروي يتم أحياناً في إطار اتفاقيات بين الجمعيات والجماعات وهيئات عمومية أخرى كالمكتب الوطني للماء، وفي أحيان أخرى في غياب أيِّ إطار تعاقدي (عدد الجمعيات التي لا تتوفر على أي إطار تعاقدي يشكل نسبة 50%). ويكتسي هذا الموضوع حجماً كبيراً، بالنظر إلى ما أورده المجلس الأعلى للحسابات ضمن تقريره برسم سنتيْ 2019 و2020، من أنَّ عدد السكان المستفيدين من هذه الخدمة التي تُــؤَمِّــنُهَا آلافُ الجمعيات يُــناهز 4.5 مليون نسمة، أي ما يفوق ثلث ساكنة المجال القروي وحواليْ 13% من الساكنة الإجمالية لبلادنا. كما أنَّ القيمة المالية للتجهيزات المائية العمومية، والموضوعة تحت تصرف هذه الجمعيات تــفوق 2.9 مليار درهماً. إنه لا جدال في كون الإسهام المواطناتي لجمعيات المجتمع المدني في مجهود الدولة لتعميم الحق في الولوج إلى الماء الشروب هو أمرٌ مُحَبَّذٌ ويستحق التشجيع والتنويه، باعتبار هذا الشكل نمطاً تدبيريّاً له مزايا متعددة، كالقرب ومراعاة الخصوصية، والإشراك، والتطوع. لكن، من أجل تمتين هذه الصيغة التدبيرية المبتكرة، والارتقاء بها، نسائلكم، السيد الوزير المحترم، عن مدى استشعاركم لتداعيات الفراغ القانوني الذي تتم في ظله هذه الممارسة، حتى يتسنى للجمعيات المتعاقدة بخصوص تَــوَلِّــي توزيع الماء الصالح للشرب لفائدة الساكنة بالوسط القروي، ممارسة نشاطها في توافق تام مع القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، مع ما يعنيه ذلك من حقوقٍ وواجبات، مع إكساب هذه الجمعيات الأهلية القانونية اللازمة والكاملة؛ علماً أنَّنا بصدد الحديث عن خدمة عمومية أساسية وحيوية؟ كما نُسائلكم، السيد الوزير، عن مقاربتكم من أجل معالجة آلاف الحالات التي يتم فيها تدبير توزيع الماء الشروب عن طريق جمعيات من دون أيِّ تعاقد؟ وأيضاً، نسائلكم حول الإجراءات المُصاحبة التي تتخذونها على مستوى التتبع والمواكبة الإدارية والتقنية واللوجيستيكية والتكوينية والعلمية والمالية للجمعيات المعنية، طالما أنَّ الأمر يتعلق بمرفقٍ عمومي له علاقة وطيدة بالصحة العمومية؟ وتقبلوا، السيد الوزير المحترم، عبارات التقدير والاحترام.