السيد رئيس الحكومة المحترم؛ رغم المحاولات الإصلاحية المتتالية التي عرفها التعليم العالي ببلادنا، إلا أنه لايزال يتسم، للأسف، بنوع من التعثر، بما يجعله غير قادر بعدُ على مواكبة المتغيرات والتحولات المجتمعية، وغير مستجيبٍ لما يطمح إليه المغاربة، علماً أن التعليم العالي هو ركيزة أساسية لإقلاع وتنمية أي بلد. ونسائلكم، السيد رئيس الحكومة، اليوم: ما حصيلة ما يُقارب السنتين للمُنجز فيما يتصل بأداء الجامعة لوظائفها، بما في ذلك وظيفة البحث العلمي؟ وما القيمة المضافة لحكومتكم في تحسين نظام الدراسة العليا، وملاءمة مسالك التكوين مع متطلبات المرحلة؟ وكيف يستقيمُ حديث حكومتكم عن الإنصاف المجالي مع تراجعها عن مشروع إحداث عشرات الأنوية الجامعية التي تمَّ توقيع اتفاقيات بشأنها وتمَّ رصد الاعتمادات المالية لإنشائها منذ الولاية السابقة؟ وأي وسائل وإمكانيات مادية ومالية وبشرية وبيداغوجية وتدبيرية ومؤسساتية وتنظيمية يتم رصدها من أجل خدمة الجامعة والبحث العلمي وتشجيع الابتكار؟ وأي مقاربات لأجل انفتاح الجامعة المغربية على فضاء المعرفة الكوني؟ وما التدابير الكفيلة بوقف مظاهر الاحتقان والهدر الجامعيين وهجرة الأساتذة؟ وهل يتم فعلاً اعتماد منهجية الإشراك الحقيقي لمختلف الفاعلين في فضاء التعليم العالي؟ وبالنظر إلى مكانة الطلبة والأساتذة، هل تم إنجاز ما يلزم في العناية بمتطلباتهم التكوينية والمادية والاجتماعية؟ وهل تمتلك فعلا الحكومة رؤيةً واضحة للإصلاح البيداغوجي الجامعي، تتوفر لها شروط النجاح وتجاوز التخبط؟ نريدكم، اليوم، السيد رئيس الحكومة، من خلال هذا النقاش المؤسساتي، أن تكشفوا أولاً تصوركم العملي والمضبوط للنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي، وللرقي بالجامعة المغربية، والرفع من مكانتها دوليا، وتدقيق وظيفتها في الاهتمام بالإنسان وتأهيله. كما نريدكم أن توضحوا الموارد والإمكانيات والمقاربات التي تجعل من رؤيتكم المفتَرَضة سياسةً قابلة للتطبيق ومتوفرة على شروط النجاح، بما فيها شرط العدالة المجالية وتكافؤ الفرص والانفتاح على القيم الإنسانية والمعارف الكونية، واستشراف الآفاق المستقبلية للعلم والتكنولوجيا والمهن الجديدة؟ وتقبلوا فائق عبارات التقدير والاحترام.