يحتل الاستثمار موقعا مركزيا ضمن التصور الذي أصبح محط إجماع مختلف الفرقاء السياسيين، والمتعلق بالدولة الاجتماعية التي تتطلب توجيه ثمار الاقتصاد الوطني إلى الارتقاء بالتنمية الاجتماعية. الأمر الذي يفرض مضاعفة الجهود الحكومية، خاصة في ظل التوجهات الملكية السامية بإقرار تعاقد وطني يحدد التزامات الحكومة ومساهمات القطاع الخاص والبنكي لتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل في الفترة الممتدة بين 2022 و2026. وفي نفس الإطار، فإن الفاعل الحكومي مطالب أيضا بالتفعيل الأسلم للمقتضيات الدستورية المؤطرة للفعل الاقتصادي في بلادنا. وهو ما يدعونا إلى العمل على مضامين تطبيق الفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل 35 من الدستور، فبقدر ضرورة عمل الدولة على ضمان حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، بقدر مسؤوليتها في تحقيق التنمية البشرية المستدامة والعادلة والحفاظ على الثروات الطبيعية الوطنية وعلى حقوق الأجيال القادمة، وأيضا الحرص على تكافئ الفرص للجميع والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظا. وعليه، يجب العمل على اعتماد الآليات التي تسمح بخلق دينامية استثمارية تمكن من تقوية التماسك والتضامن بين الفئات الاجتماعية، وتوسيع دائرة العدالة الاجتماعية والمجالية. ففي مقابل الضمانات والتحفيزات التي يتم تقديمها للمستثمرين، لا بد من تحديد والتزاماتهم إزاء الدولة والمجتمع من خلال تحمل المسؤولية الاجتماعية المتمثلة في حماية المستهلك وإشراك المهنيين والفاعلين الاجتماعيين والمدنيين، أو تحمل المسؤولية البيئية المرتبطة بتعزيز النمو الأخضر وتوفير شروط التنمية المستدامة. ومن جهة أخرى، يتعين تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالجهوية المتقدمة بشكل يجعل من الجهات والجماعات الترابية شريكا فاعلا في إعداد وتفعيل السياسات العمومية المتعلقة بالاستثمار من أجل المساهمة في تعزيز التنمية الجهوية والمحلية. كما أن الأولويات الإصلاحية التي ينبغي مباشرتها تتضمن، بشكل مستعجل، أولوية توجيه التوطين المجالي للاستثمار الخاص، مع إقامة تمييز إيجابي لفائدة الجهات الهشة (جهة بني ملال خنيفرة، جهة درعة تافيلالت، جهة كلميم واد نون) والأقاليم الأكثر فقرا على الصعيد الوطني. لذلك، نسائلكم السيد رئيس الحكومة عن استراتيجية حكومتكم للإسراع في تنفيذ التوجهات الملكية السامية وتفعيل المقتضيات الدستورية بما يضمن منظومة استثمارية متوازية تعزز الضمانات والتحفيزات وترسخ في نفس الآن المسؤولية الاجتماعية والبيئية.