أكد مشاركون في ندوة حول موضوع "المبادرة التشريعية الشعبية"٬ اليوم الأربعاء بالرباط٬ على أهمية وضع إطار قانوني شامل ومتقدم ينظم مجال هاته المبادرة بشكل يراعي خصوصية التجربة الديمقراطية المغربية.
وشدد المشاركون٬ خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء الذي ينظمه البرلمان المغربي٬ بشراكة مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا٬ على أن المبادرة التشريعية الشعبية تعد آلية لدعم الديمقراطية التشاركية وكأداة للتوازن والحكامة المرتكزة على القرب مع المواطنين.
وبهذه المناسبة٬ قال رئيس مجلس النواب السيد كريم غلاب٬ في تدخل له٬ إن مجال المبادرة التشريعية الشعبية لا يقتصر فقط على المؤسسات بل أصبح يهم أيضا المواطنين٬ مبرزا أن هذا الإجراء يعتبر مؤشرا نوعيا ينم عن نضج سياسي وثقافي مغربي.
وأضاف أن هذه المبادرة تعد أيضا وسيلة أساسية لضمان تواصل دائم بين المواطنين والمؤسسات العمومية٬ مشيرا إلى أن دسترة هذه المبادرة لا يمكن إلا أن يسير في اتجاه تعزيز مجال الديمقراطية التشاركية في المغرب.
وأشار السيد غلاب إلى أن موضوع المبادرة التشريعية الشعبية استأثر باهتمام واسع من كافة الفاعلين بالمجتمع٬ وعرف نقاشا وطنيا حوله٬ وذلك في أفق ضمان مشاركة المواطنين بطريقة أنجع في صنع القرار خاصة في مجال التشريع والسياسات العمومية٬ مضيفا أن هذا الاهتمام يأتي انطلاقا من التطورات المتسارعة التي يعرفها العالم وظهور حقوق جديدة وانتشار استعمال الوسائل الحديثة.
بدوره٬ قال رئيس مجلس المستشارين السيد محمد الشيخ بيد الله إن الدستور الجديد شكل "ثورة قانونية" كبرى أعادت النظر في ما اعتبر أولويات التفكير الدستوري المغربي٬ إذ انتقل النقاش حول المؤسسات إلى النقاش حول المواطنة والديمقراطية التشاركية٬ مضيفا أن هذه النقلة جعلت سؤال المواطنة والحقوق يعود بقوة إلى الوثيقة الدستورية التي وسعت من فضاء الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية٬ بل وأضافت حقوقا تنتمي إلى الجيل الجديد من الحقوق من قبيل الحق في تنمية مستدامة.
واعتبر أن الدستور خلق "ممرات دستورية" لمخاطبة الفاعلين الدستوريين طيلة الزمن السياسي٬ من خلال الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية٬ والمشاركة في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها٬ والدفع بعدم دستورية قانون٬ دون نسيان حق المواطنين في تقديم ملتمسات في مجال التشريع كما يقتضي الفصل 14 من الدستور.
وبعد أن تساءل عن الشروط التي يمكن أن تتحكم في تقديم الملتمسات وعن الجهة التي ستتلقاها وطريقة جدولتها٬ عبر السيد بيد الله عن أمله في أن تقدم الأجوبة عن الأسئلة بروح إبداعية تراعي٬ إلى جانب المعيارية القانونية٬ خصوصية التجربة السياسية والدستورية المغربية٬ مشددا على أنه يجب أن لا يفهم من المبادرة التشريعية الشعبية على أنها بديل عن الاختصاص التشريعي الأصيل للبرلمان.
من جهته٬ وبعد أن استعرض التجربة الفرنسية في هذا المجال٬ أبرز السيد ريني روكي٬ برلماني فرنسي ونائب رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا٬ أن هذا اللقاء يحظى بأهمية كبيرة على اعتبار أنه سيعمل على تبيان إلى أي مدى للمواطنين الحق في تقديم عرائض كآلية من آليات الديمقراطية ووسيلة للتواصل عن قرب مع المواطنين وبناء درجات الثقة مع المؤسسات للانخراط بقوة في الحياة السياسية.
وأضاف أن هذه اللقاءات تندرج في إطار تعزيز التعاون الوثيق بين المغرب والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا والإصلاحات الديمقراطية لبلدان الجوار للاتحاد الأوروبي.
من جهتها٬ قالت السيدة فتيحة السعيدي٬ عضو الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا وبرلمانية بلجيكية٬ إن المغرب ينكب حاليا على تنزيل العديد من المشاريع المنصوص عليها في الدستور الجديد الأمر الذي من شأنه تعزيز الديمقراطية والبحث عن فضاءات المواطنة الجديدة.
وشددت على ضرورة العمل على عدم استنساخ نموذج بعينه فيما يتعلق بالمبادرة التشريعية الشعبية٬ بل يتعين أخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية لأي نظام وذلك من أجل تفادي أخطاء الآخرين.
وقدم السيد أنخيل سانشيز نافارو٬ عضو لجنة البندقية بمجلس أوروبا٬ مداخلة تقديمية حول موضوع المبادرة التشريعية الشعبية أكد خلالها أن معظم فقهاء القانون الدستوري يعتبرون هاته المبادرة أداة للمساهمة الديمقراطية المرتبطة بحق المواطنة.
واعتبر أن المبادرة التشريعية الشعبية أداة تكميلية في إطار نظام تمثيلي كفيلة بإسماع صوت المواطنين٬ مبرزا أن الدستور المغربي الجديد يعمل على ضمان تكريس هذه الآلية عن طريق قانون تنظيمي.
كما تطرق للمساطر التي تتطلبها مسألة التقدم بالمبادرة الشعبية من قبيل التوفر على الموارد المادية الضرورية وطريقة إنشاء اللجان٬ والاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة من أجل التصويت عليها.
وسيتنكب المشاركون في هذا اللقاء٬ الذي يندرج في إطار تنفيذ برنامج عمل 2012-2014 للشراكة والتعاون بين الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا والبرلمان المغربي بصفته "شريكا من أجل الديمقراطية" لدى هذه الجمعية٬ حول المقاربة الكفيلة بإعمال وتنزيل المبادرة التشريعية الشعبية من خلال استلهام التجارب والممارسات في هذا المجال.
المصدر: ومع