كلمة السيد كريم غلاب رئيس مجلس النواب في الدورة الحادية عشرة للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي
05 فبراير2013
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على أشرف المرسلين
السيد
السيد رئيس مجلس المستشارين،
السيد الأمين العام للاتحاد البرلماني العربي،
السيدات والسادة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد،
أخواتي، إخواني، أيها الحضور الكرام،
يُسْعِدُني أن أرحِّب بكم جميعاً في مجلس النواب، وفي برلمان المملكة المغربية، هُنا في العاصمة الرباط على أرض وطنكم الثاني. وإنها لَلحْظَة أخرى نتواصَلُ فيها، ونُواصل عملَنا الأخَوي المشترك في إطار الاتحاد البرلماني العَربي، كي نُعَزِّز مكاسِبَ حياتنا الديمقراطية بمختلف أوجُهها وتجاربها وخصوصياتها، وكي نمنح لهذا الاتحاد مزيدًا من الحضُورِ والأداء والفعالية والمصداقية والنجاعة.
إننا مؤمنون إيماناً راسخاً صادقاً بأن الفعل العَربي لا يمكنُه أن يتَجَسَّدَ فقط في التَّعبير عن المشاعر الأخوية، وإنما يتجسَّد ويتحقَّقُ ويتقوَّى من خلال الممارسات المؤسساتية، واللقاءات المباشرة في إطارات العمل العربية بل وفي إطارات العمل الجهوية والقارِّية والدولية التي يمكننا أن نتكامل فيها، ونُنَسِّق الأفكار والجهود والمقترحات، ونتخذ المبادرات المشتركة التي تصون المصالح العربية وتدافع عن الحق العربي.
ومِنْ هُنا، نُؤكد مجدّداً على منظورنا إلى الاتحاد البرلماني العربي كمنتظم عربي، يُتَرجم الإرادة الجماعية للشعب العربي من الخليج إلى المحيط، ويُفْتَرَضُ أن يُمَثِّلَ ضميرَ أُمَّتِنا، ويتجاوب في قراراتهِ وخطواتهِ ولقاءاتهِ ومؤْتمراتهِ مع الوجدانِ العربي. ولذلك، فإن شَعْبَنا العَربي الذي يَجِدُ في النَّسيج اللُّغوي والروحي والثقافي والحضاري، وفي الامتداد الجغرافي، وفي التجربة التاريخية، خلفياتِه المرْجعيةَ المؤثِّرة، لَيَجِدُ كذلك في المؤسسات والمنظمات والإطارات العربية ما به يُجَمِّعُ الإرادة الواحدة، ويصنع القرارَ الموحَّد، ويُلِمُّ بالحاضر ويتوجَّهُ نحو المستقبل.
وسيبقى الاتحاد البرلماني العربي، بهذا المعنى إذن، فضاءً للتشاور والتنسيق والتضامن بيننا وأداةً لتبادُلِ خِبْراتنا العربية. وهذا هو الأُفق الذي ينبغي أن يَسْتَمِرَّ مع ما يتَطلَّبه الواقع من تفاعُلٍ، وما يقتضيه من تجديد للأفْكار ولآليات العمل. وأعتقد أن جدول أعمال الدورة الحادية عشرة للجنة التنفيذية التي نجتمع في إطارها، يُعَبِّر عن كوننا نمضي في الاتجاه الصحيح، وذلك من حيث الحِرْصُ على متابعةِ تنفيذ قراراتِ المؤتمرِ الثامنِ عَشَر للاتحاد، وإِدخال بعض التعديلات على ميثاقِ منظمتنا وأنظمتها، ومواكبة أنشطتها وبرامجها وخططها المختلفة وآفاق عَمَلِها.
حضراتِ السيداتِ والسادة،
لا شك أننا جميعاً نُقَدِّر أهمية المسؤوليةِ البرلمانية التي نتَحَمَّلُها كأمانةٍ، وكرِسالةٍ سياسية وحضارية وإنسانية وأخلاقية، وكواجبٍ علينا أداءهُ، خصوصا في السياق العربي الراهن الذي نُدْرِكُ دِقَّتَهُ، وَنُتَابِع مُستجدَّاته أحيانا بالكثير من الألم، وأحياناً بالكثير من الأمل. وكممثلين للأمة العربية، لا يسعنا إلا أن نُقَدِّر حجْم التَّوتُّرات والمعضلات في عَدَدٍ من الأقطار العربية الشقيقة.
ولكننا في ظل هذا الألم العربي، حقَّقَ إخوانُنا الفلسطينيون منجزاً سياسياً ودبلوماسيا كبيرا في الأمم المتحدة، ذلك الانتصار الثمين بتحقيق وَضْعٍ مُتَقَدِّمٍ للدولة الفلسطينية على طريق تحقيق مشروع الدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وهو ما استحق منا جميعاً التقدير والاعتبار، ويتطلب المزيد من الدعم والتضامن العَرَبِيَّيْن والتحام الصف الوطني الفلسطيني.
من جانبٍ آخرٍ، حضراتِ السيدات والسادة، ما زلنا نعيش في المغرب على إيقاع الإصلاح الدستوري الكبير العميق الذي حَرَّك الكثير من السَّوَاكِن، على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي، وأعطى الأمل للمؤسسات الرسمية والمجتمعية. حيث تَنْخَرِطُ بلادنا الآمنة ولله الحمد بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في أفق من الحوار والتشاور وإمعان النظر في المرحلة التالية التي تتطلب إعداد ترسانة كاملة من القوانين التطبيقية التي تَضَمَّنَها النَّصُّ الدستوري الجديد بالنظر لقيمتها القصوى في تنْزيل وأجرأة هذا النّص الذي حظي بتصديقِ الشَّعْبِ المغربي والتفافِ قِواه الحَيَّة.
وفي هذا السِّياق، فإننا في البرلمان المغربي منخرطون أيضا في مراجعة نظامنا الداخلي للمزيد من التلاؤم مع متطلبات المرحلة الجديدة وقاعدتها الدستورية والقانونية. كما أننا نَنْشَغِلُ في نفس الوقت بوضع خطة عمل استراتيجية لتأكيد الحضور البرلماني في عمقه المجتمعي وتوسيع انفتاح المؤسسة البرلمانية على محيطها الخارجي إيماناً منا بكون التواصل القوي والجدِّي مع القاعدة الاجتماعية والشعبية لا يمكنُهُ إلا أن يدعم شرعية هذه المؤسسة، وتجربتنا الديمقراطية.
حضرات السيدات والسادة،
إنَّ ما نُنْجِزُه في المغرب، وما ينجزه أشقاؤنا على مستوى الإصلاح السياسي وإِنضاج الممارسات الديمقراطية في عدة أقطار عربية، خصوصا بعد مرحلة التغييرات الجذرية في تونس ومصر وليبيا واليمن، لَمِمَّا نعتبره مكسبا لأمتنا العربية الكريمة على طريق التحول الإيجابي والاستقرار والسِّلم والتنمية وبناء المستقبل.
ومرةً أخرى، أجدد ترحيبي بكم جميعاً. وأتمنى لهذه الدورة النجاح في مداولاتها وخلاصاتها ونتائجها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.