Pasar al contenido principal

الرباط 21/03/2012 : كلمة السيد رئيس مجلس النواب في اليوم الدراسي حول النظام الداخلي لمجلس النواب

21/03/2012

 

 

كلمة السيد رئيس مجلس النواب في اليوم الدراسي حول النظام الداخلي لمجلس النواب

 

الرباط 21/03/2012

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،

-        السيد رئيس مجلس المستشارين،

-        السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان  والمجتمع المدني،

-        السيد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة،

-        السيدات والسادة البرلمانيون،

-        السادة رؤساء وممثلو المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة وحقوق الإنسان،

-        السادة الكتاب العامون،

-        السيدات والسادة العمداء والخبراء المغاربة والأجانب والأساتذة والأطر وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام،

-        السيدات والسادة مسؤولي وأطر وموظفات وموظفي مجلس النواب،

يطيب لي في البداية أن أرحب بالحضور الكريم في هذا اليوم الدراسي الذي تنظمه اللجنة الخاصة بمراجعة النظام الداخلي لمجلس النواب، معربا لكم في البداية عن اعتزاز المؤسسة بحضور هذه الفعاليات المتنوعة التي جاءت لتشارك في الحوار بالاقتراح وإبداء الرأي بهدف الوصول إلى بناء منظومة قانونية متكاملة تحدد قواعد عمل المؤسسة وتؤطر مجالات تعاونها وتكاملها مع مختلف المؤسسات.

إن الحوار العام والشامل الذي ندشن اليوم أولى حلقاته يندرج في تفعيل المنهجية التشاركية التي أقرتها أجهزة هذه المؤسسة في نطاق الرغبة الأكيدة والقناعة الراسخة بأن  المؤسسة التشريعية التي تحظى بقدسية تمثيل الإرادة الشعبية مطوقة بأمانة تأصيل الحوار والتشاور  ومأسسة العلاقات المتنوعة التي تربطها مع مختلف التيارات ومكونات المجتمع المغربي.

ومما يعزز أهمية هذا الحوار ما تفرضه خصوصية المرحلة التي تعيشها المؤسسة البرلمانية بوجه عام عقب المصادقة على الدستور الجديد للمملكة، هاته المرحلة التي تملي علينا جميعا واجب الوفاء لروح الدستور بالعمل الجماعي والتشاركي والروح الوطنية من أجل مؤسسة برلمانية ذات مكانة مركزية في المشهد المؤسساتي وكفضاء يستوعب انشغالات المواطنات والمواطنين، مؤسسة تنهج أسلوب القرب والحوار تتجاوز مفهوم التمثيلية الكلاسيكية إلى البرلمانية العصرية.

إن هذه الآفاق الواسعة والاختصاصات المتنوعة كانت وراء ميلاد المزيد من الانتظارات والآمال المعقودة على المؤسسة التشريعية في حلتها الجديدة، إن اجتماعنا اليوم وحوارنا وتعاقدنا على المضي قدما برلمانا وفعاليات وهيئات وطنية وإعلامية وحقوقية يشكل بحق هذا الاهتمام الجماعي المركز والعناية الموصولة للنهوض بأدوار المؤسسة التمثيلية والبحث عن أنجع الآليات لبلوغ هذه الأهداف.

إننا بدون شك أمام تحد كبير وإصلاح بنيوي عميق يتجاوز مرحلة الملاءمة الشكلية لفصول الدستور ، على أهميتها، ليصل إلى إعادة بناء نظامنا الداخلي على النحو الذي يجعل منه إطارا سليما مستوعبا لعمق الإصلاح الدستوري في أبعاده التشريعية والرقابية والدبلوماسية والثقافية واللغوية، في نطاق تكامل وتنسيق تامين بين مجلسي البرلمان وتعاون منظم مع مختلف المؤسسات والهيئات الوطنية التي أوجب الدستور الجديد حضورها في العمل البرلماني .

لقد  شرعنا  منذ  انطلاق  أعمال  مجلس  النواب في  إصلاح  أولي  للنظام  الداخلي  كان  بهدف  تأمين الانطلاقة  السليمة   لأعمال   المؤسسة،   ولكم   كان  الحوار   مفيدا   حول   هذا  الورش  الهام  عكسته  النقاشات القوية  أحيانا،  شكلت  بحق  اهتماما  غير  مسبوق بآلية عملنا التي يتطلع كل منا بأن تكون في مستوى المرحلة الهامة التي تعيشها بلادنا.

ومما عزز هذا الاهتمام الجماعي المسؤول المكانة المتميزة التي يحتلها اليوم النظام الداخلي في الوثيقة الدستورية، فخلافا للدساتير السابقة التي كانت تنص فقط على وجوب إحالته على القضاء الدستوري للنظر في مدى مطابقة للدستور قبل الشروع  في العمل به، فإن الدستور الجديد خص له مقتضيات في العديد من فصوله وأحاطها بالكثير من التفاصيل والقواعد الاسترشادية على قدر كبير من الأهمية، تشكل لدينا اليوم خارطة للطريق ونحن على أبواب الإصلاح الشامل لنظامنا الداخلي.

لقد نص الدستور على وجوب تضمين النظام الداخلي لآليات قانونية تستوعب عمق الإصلاح الدستوري بخصوص المعارضة وحقوقها والتنسيق بين المجلسين أثناء وضع الأنظمة الداخلية وفي عقد الجلسات المشتركة ونص على  وجوب  تضمين نظامنا الداخلي قواعد تركيب الفرق والمجموعات النيابية وتسييرها وواجبات الأعضاء في المشاركة الفعلية والجزاءات المطبقة في حالة الغياب.

وقد عزز القضاء الدستوري من خلال قراره حول الإصلاح الأولي الذي باشره المجلس في مستهل هذه الولاية هذا التوجه الذي يتجاوز إقرار الحقوق إلى كيفية  إعمالها وتدقيق جزئياتها، وهو لنا اليوم مرجع هام في هذا الإصلاح الذي يتوخى، في جملة ما يتوخاه، معالجة الفصول موضوع قراره ومباشرة الإصلاح الشامل والعام.

إننا مقبلون في نطاق التنزيل الديمقراطي السليم للدستور على عمليتين متكاملتين ومتزامنتين:

1)              مراجعة الفصول موضوع قرار المجلس الدستوري؛

2)              الشروع في عملية إصلاحية شاملة،

كما أننا واعون كذلك بخصوصية هذه الولاية التشريعية التي تعد  ولاية تأسيسية  بامتياز، ستتوالى عبرها المصادقة على كثلة تشريعية مؤطرة ووازنة، منها قوانين تنظيمية مهيكلة، وميلاد مؤسسات وطنية جديدة، إن ذلك من شأنه أن يجعل من هذا النظام  الداخلي في حركية مستمرة وإصغاء دائم لمتطلبات الصيرورة  التي ستعرفها بلادنا في الأسابيع والشهور والسنوات القادمة.

-        حضرات السيدات والسادة،

تنظم أجهزة مجلس النواب بمختلف مكوناته هذا اليوم الدراسي بالمشاركة والتتبع والاقتراح في تعاون تام  مع مجلس المستشارين، هذا التعاون والتنسيق الذي لم يعد إطارا تنظيميا بحثا بل أصبح قاعدة دستورية ثابتة هي اليوم في حاجة إلينا في كلا المجلسين لتنزيلها التنزيل السليم.

وقد توخينا أن نخصص إحدى ورشات هذا اليوم الدراسي للثنائية المؤسساتية لبلوغ التنسيق من أجل برلمان واحد بغرفتين، من منطلق تقاسم نفس الاهتمام، وفي أفق ما ينتظرنا جميعا من عمل وتنسيق بخصوص تنظيم جلسات الأسئلة الأسبوعية والشهرية وعقلنة التداول للنصوص التشريعية وتنظيم محكم لنشاطنا الدبلوماسي.

وبالإضافة إلى هذا الورش الهام فقد سهر مكتب المجلس عقب القرار الذي اتخذته اللجنة الخاصة بمراجعة النظام الداخلي بمختلف مكوناتها، على تنويع مصادر الاهتمام من خلال ثمانية أوراش حاولنا قدر المستطاع أن تستوعب كافة مناحي الاهتمام والاختصاص.

-        ورشة المراقبة وما يرتبط بها على مستوى الأسئلة ولجن البحث والتقصي ولجن الاستطلاع وتقييم السياسات العمومية وجلسات الاستماع، وتعزيز دور المجلس في مراقبة المال العام؛

-        إن الدور الرقابي الواسع الموكول للمؤسسة البرلمانية يجعل منها أداة حقيقية للمزيد من تعميق الانتقال الديمقراطي، هذا الانتقال الذي يؤهلها لتصبح قاطرة في عملية تحديث مجمل نظامنا المؤسساتي ورافعة مؤطرة للأداء الحكومي خصوصا بعد توسيع صلاحيات الحكومة، وتحميلها المسؤولية الكاملة في ممارسة السلطة التنفيذية وذلك عملا بمبدإ فصل وتوازن السلط.

-        ورشة   التشريع: بحكم الوظائف الجديدة وتوسيع مجال الاختصاص وتنظيم الجلسة الشهرية المخصصة لمقترحات القوانين، وأحكام  قواعد التنسيق والتداول بين المجلسين؛

-        إن التشريع بحكم الوظائف والالتزامات الجديدة يملي علينا جميعا ضرورة بل واجب النهوض بهذا المجال من خلال مبادرات تشريعية نيابية متنوعة كفيلة في المساهمة في تحقيق المزيد من التنمية في نطاق حاجيات بلادنا ومتطلبات التزاماتها على الصعيد الإقليمي والجهوي والدولي؛

-        ورشة الدبلوماسية البرلمانية: من خلال تفعيل هذا الدور المتنامي للمؤسسة البرلمانية وإيجاد الآليات القانونية لبلوغ ذلك؛

-        ورشة المشاركة النسائية والشبابية تتجاوز إعلان المبادئ إلى إعمالها وتحديد مجالات تطبيقها؛

-        فهذا الورش الهام يتعين أن يحتل الموقع اللائق به في آليات عملنا من منطلق القناعة الراسخة بعمق المشاركة النسائية الذي يتجاوز الصيغة النظرية لتكافؤ الفرص إلى واقع ملموس ودور فعال لا غنى عنه؛

-        وبخصوص الشباب، الذي يعد نصف الحاضر وكل المستقبل فقد عزز حضوره المشهد السياسي والبرلماني كقيمة خلاقة، بكل ما تحمله من مميزات ومهارات وديناميكية وفعالية وحماس وانفتاح على المجتمع والجامعة؛

-        ورشة حقوق المعارضة من خلال المشاركة الفعالة كسلطة رقابية مسؤولة وقوة اقتراحية بناءة؛

-        ورشة علاقات البرلمان بالمؤسسات الدستورية والهيئات الوطنية للحكامة، الذي يعتبر  مقتضى جديدا بحكم الدستور، جاء ليعزز دور وتعاون المؤسسات الوطنية لبلادنا في إطار من التواصل مما يستدعي مأسسة هذه العلاقات وتنظيمها.

-        ورشة المجتمع المدني وسياسة التواصل والانفتاح:

اقتناعا بالدور المحوري المتنامي للمجتمع المدني وقيمة مبادراته الطوعية في تعزيز البناء الديمقراطي والثقافي والحقوقي والتشريعي والإنساني وما أضحى يحتله من مكانة متميزة في الوثيقة الدستورية في مجال المشاركة والاقتراح والتشريع عبر قنوات وآليات ستجد موقعها في نظامنا الداخلي إضافة إلى تنظيم منتديات للتواصل مع مختلف الجمعيات على مستوى الفرق النيابية واللجن الدائمة ومكتب المجلس؛

-        أما عن سياسة التواصل فمن منطلق تأسيس قواعد تجعل من الإعلام شريكا لنا مواكبا ومتابعا ومحللا؛

-        إن مجلس النواب مدعو من خلال نظامه الداخلي إلى تنزيل مقتضيات تحدد سياسته الإعلامية وطرق عملها تضمن حقوق المعارضة والأغلبية ومختلف الفاعلين في احترام تام للتنوع والتعدد الذي يعد خاصية للمؤسسة البرلمانية.

أوراش موضوعاتية محددة تم تنظيمها بالشكل الذي يجعل منها موردا رئيسيا للخلاصات التي سيسفر عنها هذا اللقاء الدراسي، معززة بالأفكار الهامة والقيمة التي سنكون سعداء بالاستماع إليها من قبل:

-        السيد رئيس مجلس المستشارين المحترم،

-        والسيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان المحترم،

-        والسادة رؤساء الفرق والمجموعات النيابية المحترمون، التي خصصت لهم هذه الجلسة الصباحية .

كما أود التأكيد في ختام كلمتي هاته، وأنا أستحضر بالاحترام الواجب والاعتزاز البالغ، ما حظي به النظام الداخلي للبرلمان من عناية واهتمام مولوي سامي فقد شكل هذا النظام موضوع  خطب سامية توجيهية أمام البرلمان ومن خلالها دعوة سامية كما قال جلالة الملك حفظه الله إلى "ضرورة عقلنة المناقشات والرفع من مستواها وتفادي تكرارها وحسن التدبير الزمني المخصص لها في أعمال اللجن والجلسات العامة تطلعا لممارسة أرقى ومنجزات أكثر"، انتهى كلام جلالة الملك.

ولنا اليقين بأن الإرادات الملتفة اليوم حول هذا الورش الوطني الهام ستساهم بالفعالية المطلوبة في صياغة أول آلية تنظم عملنا الداخلي عقب الدستور الجديد للمملكة مؤكدين أن الإصلاح المرتقب  سيقاس بمدى قدرتنا على التنزيل  الفاعل والقوى للدستور وسيعكس بالتالي رؤيتنا وطموحنا للرقي بعمل المؤسسة إلى مستوى انتظارات المواطنات والمواطنين.

والسلام عليكم ورحمة الله