Pasar al contenido principal

خطاب السيد عبد العزيز عماري النائب الأول لرئيس مجلس النواب رئيس الوفد المغربي في الدورة 138 للاتحاد البرلماني الدولي.

 

بسم الله  الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه

 

السيد(ة) الرئيس(ة)

الزميلات والزملاء الأعزاء

السيدات والسادة

يسعدني غاية السعادة أن نتقاسم معاً النقاش حول موضوع يوجد حاليا في واجهة الأحداث الدولية، وترتبط أسبابه بمعضلات جيو-سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية، ينبغي لنا كممثلين للشعوب وكمشرعين، ابتكار واقتراح المخارج المثلى لها، بالاستناد إلى الـمُثُل والقيم التي تجمعنا.

وقد أسعدت أكبر لأن بلادي، المملكة المغربية، من بين البلدان المعنية أكثر بظاهرة الهجرة واللجوء وتوجد في طليعة البلدان التي تواجه الظاهرة بحكم موقعها الجغرافي، وأيضا بحكم تاريخها وتقاليدها كبلد استقبال وتمازج حضاري وسكاني، كما ـأنها من بين البلدان التي اعتمدت، منذ2013 ،  سياسة إنسانية متقدمة للهجرة واللجوء مكنت منذ ذلك الوقت من إدماج وتسوية أوضاع أكثر من خمسة وعشرين ألف مهاجر خاصة من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الشقيقة ومناطق النزاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وتواصل بلادي تنفيذ هذه السياسية على الرغم من كلفتها ومستلزمات الإدماج في ما يرجع الى الخدمات الصحية والتعليم والتكوين والتشغيل. 

 

أيها الزملاء

إن الوفد المغربي يستغرب لما ورد بإحدى  المداخلات هذا الصباح ويرفض المغالطات التي تضمنتها بخصوص أقاليمنا الجنوبية ويؤكد أن المغرب تقدم للأمم المتحدة بمقترح للحكم الذاتي حظي بدعم من المنتظم الدولي لجديته ومصداقيته.

ونحن فخورون بريادة  بلادنا على الصعيد الإفريقي في مجال الهجرة،  ودور جلالة الملك محمد السادس في التنمية والتعاون جنوب- جنوب هي التي حفزت القادة الأفارقة على اختياره خلال القمة 28 الافريقية رائداً للاتحاد الإفريقي في موضوع الهجرة، إذ قدم جلالته بهذه الصفة وثيقة "الأجندة الإفريقية حول الهجرة"، خلال القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي بأديس أبابا وهي وثيقة تم إعدادها وفق مقاربة شمولية وتشاركية، وهي ثمرة للتشاور الدائم لجلالته مع العديد من رؤساء الدول كما أنها تتضمن أفكاراً ومقترحات المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني والباحثين في أفريقيا.

ومن جهة أخرى ستتشرف المملكة المغربية خلال السنة الجارية باحتضان المؤتمر العالمي حول الهجرة بعد ان اختارتها الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكون لها شرف هذه الاستضافة. وسيتوج المؤتمر باعتماد ميثاق عالمي لهجرات آمنة سيكون على اتحادنا، وعلى البرلمانات الوطنية دعمه واعتماد التشريعات الضرورية لإعمال مقتضياته ودفع الحكومات الى اعتماد السياسات الضرورية لتفعيله.

 

الزميلات والزملاء

السيدات والسادة،

لقد أحسن اتحادنا الفعل عندما اختار موضوع اللجوء والهجرة لنقاشنا العام في هذه الدورة. ذلكم ان الهجرة اليوم أصبحت في واجهة الأحداث.

وعلينا، نحن أعضاء المجموعة البرلمانية الدولية، ـأن نضطلع بالدور المطلوب منا في تصحيح السياسات المتعلقة بالهجرة واللجوء. وعلينا، قبل ذلك، ان نصحح بعض التَّمَثُّلاتَ بشأنها.

وفي نفس هذه الدورة تم اعتماد البند الطارئ حول القدس وهي مناسبة نجدد دعمنا لنضال الشعب الفلسطينيي ولحقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لوطنهم.

علينا أولا ان نستحضر التاريخ لنتأكد من أن ما من بلد وما من أمة إلا وكان للهجرة دور في إثراء حضارتها بل إن بلداناً عديدة هي مزيج هجرات متعددة.

وعلينا ثانيا ان نستحضر ونتذكر بان من يهاجرون وينزحون عن بلدانهم وديارهم إنما يقومون بذلك مضطرين،  إما بسبب القمع وغياب الديمقراطية أو بسبب الحروب والنزاعات وعدم الاستقرار السياسي، أو بسبب المجاعة و الجفاف وانعكاسات الاختلالات المناخية او البطالة. وما من شك في أن لأعضاء المجموعة البشرية جزء من المسؤولية في هذه الظواهر، ما يعني ضرورة تقاسم الأعباء الناجمة عنها والتصدي لها.

وعلينا ثالثا  ان نكفَّ عن الخلط بين الهجرة واللجوء من جهة، وبعض الظواهر الإجرامية  كالإرهاب والتطرف من جهة أخرى. وعلينا أيضا، أن نكف عن تقديم المهاجرين كمتهمين بسبب حفنة من المتطرفين المتعصبين، وأن ننظر الى إسهامات المهاجرين في بناء اقتصادات بلدان الاستقبال وإثراء حضاراتها والى النخب والادمغة التي تساهم في الابتكارات والتقدم العلمي الذي تحققه.   فكيف يتم التهافت على ادمغة وكفاءات البلدان النامية ويتم رفض من لم يحالفهم الحظ او لم تسمح لهم الظروف بان يحصلوا على نفس الشواهد العلمية.

ان  المخيال الجماعي، في بلدان الاستقبال كما في البلدان الأصلية، يغفل، أو يتغافل، جوانب النجاح والتميز في الهجرة. فبعد أجيال المهاجرين الأولى التي ساهمت مثلا في إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، تُحقق، اليوم، نخب علمية واقتصادية وثقافية ورياضية نجاحات باهرة، وهي نجاحات بالطبع غالبا ما تحسب لبلدان الاستقبال، على العكس تماماً عندما يتعلق الأمر بحالات معزولة تمارس أعمال مدانة ومنحرفة، التي تنسب للمجتمعات والثقافات الأصلية.

وعلينا رابعا ان نتصدى، كديمقراطيين، لظاهرة استغلال الهجرة ومن يوظفها سياسيا وانتخابيا. فإلى متى سيظل المهاجرون موضوع تأليب الرأي العام ضد الآخر المختلف معنا في اللون او الدين او الأصل وموضوع مزايدات انتخابية.  

 علينا عوض بناء جدران الكراهية والتعصب ان نبْنِـيَ جسور التسامح والاعتراف بحق الآخر في الاختلاف وفي الحياة الكريمة والقبول به. أو ليس هذا هو جوهر التضامن والحرية والديمقراطية، القيم التي يفترض ان تجمعنا. 

وعلينا خامسا ألا نخطئ ونتغافل حقيقةَ أنه في مقابل حرية تنقُّل البضائع في سياق عولمة جارفة، تقام الأسوار وتصدُر التشريعات وتعتمد السياسات التي تجرم نزوح البشر المضطرين الى ذلك، لأنه ما من أحد يفضل مغادرة وطنه وارضه لو وجد فيها الظروف التي تضمن له الكرامة.

علينا ان نشخص ونتصدى لجذور المشكلة وعلينا مرة اخرى الا نكيل بمكيالين إزاء ظاهرة الهجرة التي هي ظاهرة موضوعية وتاريخية واجتماعية ولن تخفف منها الا سياسات تضامنية للتنمية ونقل التكنولوجيا والاستثمارات ودعم التعليم ودعم الاستقرار السياسي والتصدي لانعكاسات الاختالالات المناخية.

إن بلادي، المملكة المغربية، التي تنتمي للقارة الافريقية التي طالما ظلمت تاريخيا، لمقتنعة بأن هذه القارة هي قارة المستقبل بمواردها البشرية وامكانياتها الطبيعية.

أشكركم على حسن الإصغاء أجدد شكري لرئاسة اتحادنا وللأمانة العامة للاتحاد وإدارته على حسن التنظيم التي عودتنا عليها.