Pasar al contenido principal

كلمة الدكتور شفيق رشادي نائب رئيس مجلس النواب في اختتام المؤتمر الدولي حول دور البرلمانات في تمكين المرأة وصلتها بالتنمية المستدامة

السيدة سفيرة صاحبة الجلالة الملكة إليزابيت الثانيةبالمملكة المغربية، السيدة كارين إليزابيت بتس

السيدة دينا ملحم المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا، 

السيدات والسادة أعضاء هذا المؤتمر،

أيها الحضور الكرام،

 

سعدنا في مجلس النواب، هنا في الرباط، بهذا اللقاء العلمي الدولي العميق والأنيق حيث أتيح لنا على امتداد يومين من المداولات والمناقشات، ومن الحوار والإنصات، أن ننكب على موضوع راهن يتصل بالوضع الاعتباري، المادي والرمزي للمرأة في عالم اليوم.

لقد كان هناك رهان أساسي من تنظيم هذا اللقاء بتعاون مثمر مع أصدقائنا في مؤسسة وستمنستر، وهو تبادل الخبرات حول النماذج الجيدة الخاصة بتعزيز وتقوية أسس المساواة بين المرأة والرجل وسبل دعم المرأة في التنمية المستدامة.

والواقع أن هذا الرهان كان حاضرا في أذهاننا جميعا، ولم نأت إلى هذه الندوة لنقتنع به، وإنما لنتبادل خبراتنا ولنطلع على الجهود والصيغ والطرائق النموذجية للأشقاء وللأصدقاء في بعض البلدان العربية، الافريقية، الأسيوية، الأوروبية والدولية بخصوص هذا الموضوع.

وهكذا، اهتم لقاؤنا بجملة من المحاور المركزية، ومنها: سبل العمل على إدماج المرأة في الحياة الاقتصادية، وضمانات مشاركة المرأة بفعالية، وتكافؤ الفرص المتاحة للنساء في حياتنا السياسية المعاصرة، إن على مستوى التفكير والتخطيط أو بالنسبة لآليات صناعة القرار. كما كان هناك اهتمام بآفاق القضاء على مختلف أشكال العنف ومظاهر التحرش ضد النساء.

 

لقد تكاملت المداخلات، وتقاطعت الآراء والاجتهادات.

والواقع، لقد أمكننا أن نرصد جملة من الأفكار الأساسية التي ترددت خلال حوارنا الجماعي في هذا المؤتمر ومنها على سبيل المثال:

 

 

إن الانشغالات هي نفسها بخصوص التشريعات وتطبيقها، فلا تختلف في هذا الجانب البرلمانات العربية عن البرلمانات الأسيوية أو عن نظيرتها في المملكة المتحدة.

الأهمية التي يكتسيها دعم المرأة في المجال الاقتصادي بالخصوص، وذلك عبر تقييم الدعم الحكومي، وتأمين فرص التمكين والتدريب، سواء من خلال المساواة في الأجور أو توفير الفرص للارتقاء والتقدم في فضاء العمل.

ضرورة تركيز الاهتمام على مجموع الأهداف التي تعبر عن تطلعات النساء إلى الكرامة والعدالة والأمن والسلام والشراكة... وما إلى ذلك.

لاحظنا أن مجمل المداخلات ركزت على أهمية القيادة في صيانة مبدأ تكافؤ الفرص، وعلى مدى الاستعداد والتصميم والعزم على الانخراط في أفق تنفيذ مجموع الأهداف والمقاصد الخاصة بالتنمية المستدامة، وخاصة الهدف الخامس.

كما ركزت جملة من التدخلات خلال حوارنا هذا على ضرورة متابعة ومواكبة وتنفيذ مختلف الالتزامات الدولية الخاصة بالوضع الاعتباري للنساء وللاهتمام الدائم بمدى ما يتحقق من نتائج في هذا الإطار. وكان واضحا لدى الحضور الكرام أن الأفق مازال مفتوحاً لتحقيق الأفكار والمقاصد النبيلة الخاصة بأوضاع النساء في العالم، وهو ما يتطلب المزيد من الجهد والعمل وتضافر الإرادات الخيرة في مختلف الحقول والتخصصات السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والتشريعية، على أمل تعزيز مكاسب المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين على كل المستويات.

أتاح لنا هذا اللقاء أن نفتح المزيد من النوافذ على التجارب الخاصة في هذا الإطار، خصوصا ما يتعلق بدور البرلمانات أساسا في دعم تطبيق أهدافنا حول مكانة المرأة ودورها في العملية التنموية المستدامة، وذلك من خلال آليات التشريع والرقابة البرلمانية وتبادل الخبرات ووسائل الدعم مع الأشقاء والأصدقاء في إطار دبلوماسيتنا البرلمانية.

 

لا أريد أن أقدم جميع الخلاصات بعد أن تابعنا جميعا مختلف الأفكار والمقترحات والتوصيات، لكنني أريد فقط التأكيد بأن ما نقوم به من جهود برلمانية، ومن تجميع للطاقات البرلمانية العربية، الافريقية، الأسيوية، الأوروبية والدولية، كما هو الحال في هذا المؤتمر،

 

فضلا عن طاقات أخرى في لقاءات أخرى حول هذا الموضوع، إنما هو أفق مازال في حاجة إلى المزيد من العمل الفكري والثقافي والعلمي والسياسي والتشريعي، والمزيد من التحسيس والتخليق والتوعية، وأساسا إلى المزيد من الاجتهاد آخِذاً بالاعتبار أنواعً التمايُزِ والاختلافِ على مستوى الممارسات والمرجعيات الحضارية والثقافية.

إن القضايا المتعلقة بالمرأة في عالمنا المعاصر تطرح علينا المزيد من التحديات العميقة التي تمس مجموع أدوات الخطاب الفكري والممارسة السوسيو ثقافية.

وفي الوقت الذي تطور فيه الإنتاج الفكري والأبحاث العلمية حول المرأة وحول قضايا النوع (Le genre) وعلاقة الجنس بالطبيعة والثقافة في المحافل الأكاديمية الأوروبية والأمريكية، مازال علينا أن نجد الصيغ الملائمة لتحويل الأفكار الجديدة والاجتهادات المستنيرة إلى واقع ملموس، على المستوى التشريعي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ومن هنا الأهميةُ القصوى لـِمِثْلِ هذه الندوات التي نواظب على تنظيمها بشراكة مع أصدقائنا وشركائنا في مؤسسة وستمنستر شاكرا مسؤوليها وأُطُرَها. وبالخصوص السيدة المديرة الإقليمية، والشكر موصول إلى الأخوات والإخوة الذين تجشموا عناء السفر الطويل من أجل المساهمة الصادقة المثمرة في إثراء حوارنا وفي إنجاح هذا اللقاء.

وأستسمحكُنَّ وأستسمحكم جميعا لأتوجه بالشكر الجزيل والتقدير الكبير لمعالي السيدة كارين إليزابيت بتسKaren Elizabeth Betts  سفيرة صاحبة الجلالة الملكة إليزابيت الثانية المعتمدة ببلادنا على حضورها وحرصها المتواصل على مواكبة شراكتنا المثمرة مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية، والتي تندرج في الأفق العام الصادق العميق لعلاقات الصداقة التي تربط بين عاهلي المملكتين والبلدين والشعبين الشقيقين، وكذا أوجه التعاون بين مجلس النواب وهذه المؤسسة البريطانية الرائدة في حقل الدراسات الديمقراطية والتمثيلية البرلمانية في العالم. والأمل أن يتواصل هذا اللقاء وهذه المواكبة للمزيد من تمتين الروابط والعلاقات التي لها تاريخ، ولابد أن يكون لها مستقبل إن شاء الله.

وختاما، أود أن أشكركُنَّ وأشكركم جميعا على الحضور والمشاركة والأداء الفعال المنتج. والأمل كذلك أن يتواصل حوارنا وتعاوننا سواء في هذا الموضوع أو في مختلف القضايا والانشغالات الأخرى المشتركة. وإلى لقاءات مقبلة إن شاء الله.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.