Pasar al contenido principal

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في افتتاح الندوة الإقليمية حول الخطط الإستراتيجية للبرلمان

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أَشْرف المرْسَلين

 

السيدة سفيرة جلالة الملكة إليزابيت الثانية في الرباط؛

المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا وآسيا، في مؤسسة ويستمنستر للديموقراطية؛

السيدات والسادة النواب البرلمانيين ضيوف المغرب؛

حضرات السيدات والسادة.

 

يشرفني أن أشارككم افتتاح هذه الندوة الإقليمية التي تناقش موضوع "الخطط الاستراتيجية للبرلمان" التي يحتضنها مجلسنا على مدى يومين. وأود في البداية أن أشكر مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية أحد شركائنا الأساسيين في تعزيز قدرات البرلمان المغربي، التي تعتبر رافعة لتجويد أعمال المؤسسة التشريعية مع ما لذلك من انعكاسات إيجابية على الممارسة الديمقراطية.

وأود أيضا أن أرحب بضيوف مجلس النواب من برلمانيين وخبراء.

ولست في حاجة إلى التفصيل في أهمية التخطيط الاستراتيجي في تأهيل العمل البرلماني وتجويده وجعله يتجاوب مع تطلعات وانتظارات المجتمع، ويجيب عن الأسئلة والإشكاليات الكبرى التي تواجهها المجتمعات في سياق أصبحت فيه المؤسسات التمثيلية تضطلع بدور محوري في تحقيق الشفافية وإعمال المحاسبة والرقابة على السياسات العامة.

لقد أطلقت مصادقة الشعب المغربي على دستور جديد في يوليوز 2011 عدة آمال أَعْطَتْ نَفَساً جديداً لفكرة الإصلاح في البلاد، وأَطْلَقَتْ بالخصوص عدة دِينَامِيَات إصلاحية سياسية ومؤسساتية. ومن الطبيعي أن يكون البرلمان، ومجلس النواب بالتحديد ، في قلب هذه الديناميات، حيث كان عليه أن يبلور ويستشرف الخطط التي تجعله في مستوى المكانة الدستورية والمؤسساتية والسياسية التي يَمْنَحُهُ إيَّاهَا الدستور الجديد. فقد أصبح البرلمان المغربي المصدر الوحيد للتشريع ، وتم توسيع مجال القانون ليشمل مختلف المجالات والقطاعات والأنشطة، وأصبح البرلمان يضطلع بدور محوري ليس فقط في التشريع والرقابة على العمل الحكومي، ولكن في مراقبة وتقييم السياسات العمومية وإعمال الحكامة والشفافية.

ومن جهة أخرى كان لابد من أن نضع في الحُسْبَانِ، ونحن نضع خطط تطوير العمل البرلماني، المعايير الكونية الأساسية للديمقراطية التمثيلية والمؤسسات التشريعية ونَتَمَثَّلهَا ونُدمجها في برامجنا.

لقد كان التحضير للذكرى الخمسين للبرلمان المغربي مناسبة لطرح العديد من الأسئلة بشأن مكونات خطط تأهيل العمل البرلماني في السياق وبالشروط التي ذكرت سابقا، وهي الأسئلة التي تم في ضوئها، ووفق منهجية جماعية وتشاركيةٍ، صياغة الخطة الاستراتيجية لتطوير وتعزيز عمل مجلس النواب في نهاية سنة 2012.

وبمجرد تَوَّلِينَا لرئاسة مجلس النواب، اتخذنا القرارات الملحة الضرورية من جهة، لتفعيل الخطة الاستراتيجية، ومن جهة أخرى للشروع الفوري في إعمال إصلاحات من شأنها إحداث الأثر الإيجابي على أداء المجلس وتحسين شروط عمل أعضاء المجلس وموارده البشرية، وتمكين الجميع من أدوات العمل الضَّرُورية. وهكذا، وتوخيا للجودةِ، شرعنا في تنفيذ إجراءات التأهيل من خلال العديد من التدابير العملية والبرامج المنجزة.

في هذا الصدد كان حِرْصُنَا الشخصي وحِرْصُ الزملاء في مكتب المجلس، على الشروع في إِعْمَالِ مخطط بشأن البرلمان الإلكتروني باعتبار ذلك يحقق عدة أهداف تتعلق أساسا بالشفافية والسرعة في الانجاز والمحافظة على البيئة وإشراك المواطن في العمل البرلماني وتيسير تواصل المؤسسة التشريعية داخليا ومع محيطها،وتيسير الولوج إلى المعلومة واستعمالها وتداولها بين مكونات المجلس.

وإدراكا منا للأهمية الاستراتيجية لذاكرة البرلمان المغربي، ولأهمية أرشيف المجلس،  شرعنا في إعمال خطة للحفاظ على أرشيف المجلس ورقمنته وتنظيمه، إيمانا منا بما يختزنه من معلومات غنية واعتبارا لأهمية التاريخ والذاكرة في بناء المستقبل.

وبالموازاة مع ذلك، حرصنا على تعزيز خزانة المجلس ومواصلة رقمنة مخزونها، والعمل على جعلها آلية عمل أساسية رهن إشارة أعضاء المجلس، ولكن أيضا فضاءً مفتوحا للباحثين وخاصة الشباب منهم.

وتشكل الدبلوماسية البرلمانية مكونا أساسيا في خططنا، خاصة في سياقنا الوطني، والسياق الدولي والإقليمي الراهن، ولذلك حرصنا على مأسسة أعمالنا في هذا المجال على النحو الذي يجعل الدبلوماسية البرلمانية تضطلع بدورها في تعزيز مكانة بلادنا وخدمة التعاون مع أشقائنا في العالم العربي وإفريقيا ومحيطنا الأورومتوسطي وتقوية دور جعلها تساهم في ترسيخ السلم والأمن والاستقرار وتعزيز الديمقراطية والمشاركة.

وبالموازاة مع كل هذا، نحن بصدد إنجاز تعديلات كبرى وواسعة على النظام الداخلي لمجلس النواب حتى يتساوق   Pour qu’il soit compatible مع مقتضيات الدستور ومكانة وأدوار الجديدة لمجلس النواب، مع استحضار دروس أربعة سنوات من الممارسة البرلمانية خلال الولاية التشريعية، ومقتضيات القوانين التنظيمية لمؤسسات الحكامة.

وبالنظر إلى أهمية العنصر البشري في نجاح هذه الخطط، أوليْنَا اهتماما كبيرا لاستكمال تكوين الموارد البشرية تَوَخِيَّا تأهيل الموظفات والموظفين حتى يتمكنوا من مسايرة متطلبات العمل البرلماني.

ومن جهة أخرى فتحنا أوراشا في مجال تجويد التشريع والرقابة على العمل الحكومي وعلى سير المرفق العام وتقييم السياسات العمومية.

وسنعمل في إطار التعاون مع شركائنا خاصة الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي ووستمنستر على إعداد دلائل عمل بشأن التشريع والمراقبة، تأخذ بعين الاعتبار إطارنا الدستوري والمؤسساتي وتستفيد من التجارب المقارنة في الدول العريقة في الديمقراطية.

وسيشكل هذا العمل قيمة مضافة أخرى سنعمل بالتأكيد على تقاسمها مع البرلمانات الشقيقة والصديقة في إطار عمليات تفاعل وتعاون نتوخاه مفيدا للديمقراطية.

السيدات والسادة

لقد اخترنا في إعمال هذه الخطط إنجاز هذه الأوراش، وفق منهجية التشارك ومقاربة الحوار والإنصات بين المكونات السياسية للمجلس، وفق مبدأ الإشراك من جهة وحرصنا على التعرف بدقة وعن قرب على الممارسات الدولية والتجارب المقارنة، حتى نأخذ بالمتقدم والأنجع منها.

ليست الأوراش التي نحرص على إنجازها أهدافا في حد ذاتها، بل إنها وسائل لبلوغ أهداف أوسع وأنبل منها، تصحيح صورة البرلمان لدى الرأي العام ووضع هذا الأخير في الصورة الحقيقة لاشتغال المؤسسة التشريعية، وبالتالي تيسير الثقة والمشاركة السياسية، بكل ما يعنيه ذلك من مساهمة في درء مخاطر اليأس والتشكيك في المؤسسات، وهي ظاهرة عالمية، وقديمة وجدت منذ نشأة الديمقراطية في أثينا.

ونتوخى من جهة أخرى، أن نحقق هدف البرلمان المنفتح بما يعني ذلك من آليات تجعل المواطن يشارك بطريقة غير مباشرة في التشريع والمراقبة خاصة في ضوء مقتضيات الدستور الجديد( الملتمسات من أجل التشريع والعرائض وتمكين المواطنين من الولوج إلى المعلومات إلخ...)

ومن الأهداف التي نتوخاها أيضا تعزيز قدرات البرلمان في مراقبة الميزانية وتحليلها وتتبع كامل للمسلسل المتعلق بها من الإعداد إلى المصادقة، إلى التنفيذ والتصفية ومراقبة جودة الإنجاز وآثاره المجتمعية، ولانختلف في تقدير انعكاسات هذه العملية على إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وهو مقتضى مركزي في الدستور المغربي، وفي تحقيق النجاعة.

السيدات والسادة

نحرص في كل ما نقوم به، على أن نبني على التراكم، إدراكاً منا أن الديمقراطية عملية سياسية تاريخية وتمرين مستمر وبحث دائم عن التجويد وعن أنجع الحلول لمشكلات مواطنينا، وأحسن السبل للرقي بالمجتمع وضمان أمنه واستقراره.

لقد اخترنا، في المغرب، التدرج في الإصلاح، وفق منهجية التوافق والتشاور والتشارك، وهي منهجية لاتنفي التنوع والتعددية ، ولكنها تقويها، وهو نفس النهج الذي نصر اعتماده في إعداد خطط تطوير العمل البرلماني وتنفيذها.

وسيكون من باب تحصيل الحاصل إذا أكدت لكم اليوم من جديد أن مجلس النواب، المؤسسة الفاعلة في الدبلوماسية البرلمانية إقليميا وقاريا ودوليا، بقدر ما يعمل على الاستفادة من مهارات وخبرات الآخرين ومن أحسن الممارسات، بقدر ما هو مستعد على تقاسم الخبرات والمهارات التي اكتسبها ويكتسبها، إداراكا منه لأهمية التعاون الدولي من أجل تعزيز الممارسات الديمقراطية.

أشكركم على تلبية الدعوة، وأشكر مؤسسة ويستمنستر للديمقراطية على هذه الشراكة الخلاقة القائمة بيننا والتي تعكس جودة علاقات المملكتين المغربية والمتحدة، والتي تستند إلى تاريخ عريق، وقيم مشتركة، وأتمنى لأشغال هذه الندوة كامل التوفيق والنجاح

 

 

شكرا