Pasar al contenido principal

الرباط10/06/2013 : كلمة السيد كريم غلاب رئيس مجلس النواب في حفل التوقيع على بروتوكول الشراكة بين مجلس النواب البلجيكي ومجلس النواب المغربي

   

  

كلمة السيد كريم غلاب رئيس مجلس النواب في حفل التوقيع على بروتوكول الشراكة بين مجلس النواب البلجيكي ومجلس النواب المغربي


10  يونيو 2013


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على رسول الله وآله وصحبه

  

السيد رئيس مجلس النواب في المملكة البلجيكية،

سعادة السيد سفير المملكة البلجيكية،

ضيوفنا الأجلاء،

زميلاتي زملائي،

اسمحوا لي بدايةً أَن أرحب بكم جميعاً، وأن أعبِّر عن اعتزازي وسروري بهذه اللحظة، وبهذا الحَدَث، وبهذا اللقاء الثمين بيننا في أفقٍ جديد من التواصل المثمر بين كلِّ من مجلس النواب في المملكة المغربية ومجلس النواب في المملكة البلجيكية، خصوصا ونحن الآن بصدد بلورة مشروعِ تعاونٍ مشتركٍ، مفتوح على المستقبل، والذي نؤسس له بالتوقيع على بروتوكول شراكة بين مجلسَيْنا.

ولاشك، السيد الرئيس، أَن حدثاً كهذا نتشرفُ بِصُنْعِهِ تجسيدا لإرادتنا وطموحنا المشتركين بالتوجه نحو المستقبل، يستدعي استحضار التاريخ أيضاً. وعلينا أَن نتَذكَّرَ في هذه المناسبة أن أَول بروتوكول تعاون بين المملكتين تَمَّ التوقيع عليه سنة 1860 حول التجارة والملاحة. كما أن بلجيكا كانت سَبَّاقَةً إِلى تعيين أول   سفير لها في العاصمة المغربية، الرباط، سنة 1959، أي في السنوات الأولى لاستقلال المغرب، في حين عيَّن المغرب أول سفير له في بروكسيل سنة 1962. ومنذئذ انطلق مسارٌ من الصداقة القوية، والتعاون البَنَّاء، والتقارب والتشاور على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ومما زاد من قوة هذه العلاقة كون بلدينا يحظيان بنظام ملكي، إذ ظل الحوار بين عاهلَيْ البلدين مظلة رفيعة من الثقة والضمان والانفتاح في اتخاذ المبادرات ورعاية المشاريع المشتركة. كما ظل اللقاء يتعزز بالزيارات المتبادلة بين قادة البلدين، خصوصاً زيارة جلالة الملك ألبير الثاني إلى المغرب في أكتوبر 2004 ولقاؤه بصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، دون أن أنسى زيارة سمو الأمير فيليب (Le prince Philippe de Belgique) إلى بلادنا في نونبر 2009. وذلك فضلاً عن زيارات أخرى على مستوى رئاسة الحكومتين، وزيارات متبادلة على مستوى رئاسة مجلسَيْ النواب والمستشارين في بلدينا الصديقين.

وهناك لجنة عليا لمتابعة أَوْجُه الشراكة بين المملكتين تَمَّ تشكيلها سنة 2007 بعد أن مضتِ العلاقات بعيداً في أفقٍ رَحْبٍ من التنوع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وأكثر من ذلك، فإن عليَّ أَن أستحضر بناتِ وأبناءَ الجالية المغربية المقيمة في الديار البلجيكية التي تُقَدَّر بِـ 350.000 نسمة، وهنا أشكر المملكة البلجيكية، ملكاً وحكومة وبرلماناً وشعباً، على روح الضيافة الكريمة بكل عمقها الإنساني والحضاري والثقافي والأخلاقي، معتزين في نفس الآن بالنماذج المغربية الناجحة في إسهامها الخَلاَّق في بناء وإِثراء الحياة البلجيكية، وذلك إِلى الحد الذي لا يخفى فيه فَخْرَنا ببعض الشخصيات البارزة في مقدمة المشهد الحكومي والتمثيلي والسياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي البلجيكي المنحدرة من أَصل مغربي.

وسيكون علينا، السيدَ الرئيس أيها السادة والسيدات، أن نخلد في فبراير من السنة المقبلة 2014 الذكرى الخمسين للهجرة المغربية إلى بلجيكا، وهو التاريخ الذي يصادف التوقيع المشترك بين بلدينا على الاتفاقية الثنائية حول اليد العاملة المغربية سنة 1964.

واليوم، نحن مَدْعُوُّون إلى المُضِيِّ قُدُماً في بناء تاريخنا المشترك. وما مِنْ شك في أَن بروتوكول الشراكة الجديد بين مجلسَيْ النواب بالمملكة البلجيكية والمملكة المغربية، يأتي لِيُقَوِّي أفقنا المشترك بالمزيد من اقتسام القيم الكونية والانسانية، قيم الديموقراطية، قيم حقوق الانسان والحرية وثقافة السِّلْم والتسامح والصداقة، قيم التعدد الثقافي واللغوي التي ندرك معاً أهميتها في نسيج واقعنا، هُنَا في المغرب مثلما هناك في بلجيكا.

والواقع أن تجربتَنا عَلَّمتْنا أهمية الرهان على التعاون البرلماني في تذليل الكثير من الصعاب، والعثور على الصيغ الملائمة لجعل الحكومات تتقارب وتتكامل في مشاريع تعاونها الخارجي وتعزيز قدراتها وخبراتها المؤسساتية والتقنية اعتماداً على الخبرات والكفاءات الصديقة والشقيقة. ويهمني هنا أن أشير إلى أن مجلس النواب يَنْكَبُّ على إعادة نظر جوهرية في هياكله التنظيمية والقانونية، وتحديث إدارته، وتطوير وسائل وأساليب عمله الداخلي والخارجي. وقد وضعنا لاستيعاب هذا الطموح خطةً استراتيجيةً تفصيليةً ومُدقَّقَة لاشك أَنها ستشكل إطارا مرجعيا لبرامج التعاون بين مجلس النواب المغربي ومجلس النواب البلجيكي، سنحتاج فيها إلى المزيد من خبرات أَصدقائنا، خصوصاً الذين نقتسم معهم الانتماء إِلى الأفق الرحب للممارسة الديموقراطية وتقوية بناء الدولة الوطنية الحديثة.

وهكذا، فإن البروتوكول الذي نُوَقّع عليه الآن من شأنه أن يشكل إِحدى المرجعيات الأَساسية لتعاون بلدينا، وهو يشمل من ضمن ما يشمله، العلاقات البرلمانية الثنائية سواء تعلق الأمر بالعمل البرلماني في المجالات التشريعية والقانونية والدبلوماسية أو بالإدارة البرلمانية وتكنولوجيا المعلومات، والتعاون مع المجتمع المدني، والتواصل البرلماني، وتبادل الزيارات والمعطيات والخبرات والتكوينات المختلفة لفائدة البرلمانيين والموظفين.

السيد الرئيس،

أُعيد ترحيبي بكم واعتزازي بحضوركم بيننا، في المغرب بَلَدِكم الثاني. والأمل كلُّ الأَمل أن يجدد هذا البروتوكول روح الحيوية والتعاون التي ظلت دائماً تُميِّز علاقات عاهلينا وبلدَيْنا وشعبَيْنا.

كلُّنا ثقةٌ فيكم، وفي إرادتنا المشتركة الصَّادقة القوية.

             والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.