Skip to main content

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في اختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2014-2015

10/02/2015

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أَشْرف المرْسَلين 

السيدات والسادة الوزراء المحترمون

السيدات والسادة النواب المحترمون

 

حضرات السيدات والسادة 

يسرني أن نلتقي في هذه الجلسة التي سنخصصها لاختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة.

لقد ودعنا فترة زمنية من عمر الولاية التشريعية الحالية، وعلى امتدادها عملنا على ترسيخ مكتسبات مهمة في درب البناء الديمقراطي، وخلق تراكمات برلمانية نوعية، مستحضرين في ذلك مستجدات الواقع الدستوري، ومختلف انشغالات وانتظارات المواطنين، وخصوصيات المرحلة ورهاناتها، ومستلهمين أسسها وركائزها وتوجهاتها من الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح دورة أكتوبر الحالية وكذا خطب جلالة الملك محمد السادس نصره الله في مختلف اللقاءات والمناسبات،.

لقد شكل خطاب افتتاح السنة التشريعية، بدلالته الرمزية الرفيعة وبعده السياسي العميق، لحظة مشرقة في تاريخ مؤسستنا البرلمانية، تضيء الرؤية وترسم أمامنا سبل تطوير عملنا البرلماني كواحدة من دعائم نموذج ديمقراطي مواطن يكون في مستوى تطلعات الأمة.

لقد تزامنت هذه التراكمات والمكتسبات الهامة مع مجموعة من الأوراش الإصلاحية الكبرى، والمشاريع الهيكلية الواعدة، وأهداف الخطة الاستراتيجية لتطوير وتأهيل عمل مجلس النواب، وتماشيا مع المعايير البرلمانية الدولية، اقتناعا منا أن مستوى وفعالية ونجاعة المؤسسة البرلمانية ليس مرتبطا بأدائها التشريعي ووظيفتها الرقابية ونشاطها الديبلوماسي فحسب، وإنما أيضا بتقوية قدراتنا الذاتية وتجديد رؤانا ومناهجنا، والرقي بمستوى التدبير وتحسين آليات الحكامة وتحديث أساليب العمل وجعلها مواكبة لمتطلبات اللحظة الوطنية ورهانات المستقبل.

ولعل من أهم الإنجازات تلك التي تهم ورش البرلمان الإلكتروني وما يرتبط به من استعمال لمختلف الآليات الحديثة لتكنولوجيا الإعلام والتواصل.

لقد انخرط المجلس بكل قوة وجدية في تحديث بنياته المعلوماتية من خلال الشروع في استغلال مركز بيانات خاص بمؤسستنا النيابية مع إرساء أنظمة معلوماتية تسمح بتدبير العديد من أنشطة المجلس بطريقة إلكترونية، لاسيما ما يرتبط بالأسئلة الكتابية والشفوية ومشاريع ومقترحات القوانين فضلا عن المسطرة التشريعية بما في ذلك تعديلات الفرق والمجموعة النيابية بشأن النصوص التشريعية.

وفي هذا الإطار، وقصد ترشيد النفقات، قام المجلس بعقلنة استعمال الورق عبر توفير تقارير اللجان الدائمة بطريقة إلكترونية، وهي العملية التي مكنت مؤسستنا النيابية من تقليص طباعة التقارير على الورق بنسبة الثلثين.

واستكمالا لهذا التوجه، وانطلاقا من قناعتنا الراسخة ووعينا الجماعي بضرورة الانخراط في مقاربة متجددة للتواصل والانفتاح على المحيط الخارجي، شرع المجلس في تحديث بوابته الإلكترونية ومراجعة مضمونها وتوسيع خدماتها وتعزيز تفاعلها مع مختلف الزوار، وهو الحدث الذي لا يفصلنا على إطلاقه إلا بعض اللمسات الشكلية الأخيرة.

كما تم اتخاذ عدد من الإجراءات الإدارية والتدابير التنظيمية قصد تحسين أداء مختلف أجهزة المجلس، وبلورة ذلك من خلال تطبيقات معلوماتية خاصة بالهواتف الذكية والحاسوب اللوحي، تضمن توفير المعلومات والمعطيات المتعلقة بالعمل التشريعي والرقابي والدبلوماسي للمجلس.

ويتم التحضير لوضع نظام للاستنساخ الأوتوماتيكي لمحاضر الجلسات العمومية وتحديث شبكة المعلومات بالمجلس والرفع من سعتها وسرعة تبادل المعلومات من خلالها، وبرمجة مشاريع التدبير الإلكتروني للوثائق، هذا فضلا عن العمل على رقمنة الأرشيف ضمن مشروع شامل لتنظيم الأرشيف وصيانته صونا لذاكرة المجلس وللتراث البرلماني والتشريعي الوطني التي تشكل إحدى المكونات الرئيسية للذاكرة الوطنية.

واستنادا لمقتضيات الدستور بشأن الجريدة الرسمية للبرلمان، وتفعيلا لبرنامج عمل لجنة التنسيق بين مجلسي البرلمان، قام المجلس، بعد مشاورات ولقاءات مع مسؤولي الأمانة العامة للحكومة، بإعداد تصور متكامل في هذا الشأن بدءا من إصدارها بطريقة إلكترونية إلى اتخاذ مختلف التدابير الإدارية والمادية والتقنية لضمان نجاح هذا الورش الواعد.

 

حضرات السيدات والسادة

 

في إطار الحرص على تحسين أداء المجلس والرقي بفعاليته، واستحضارا لحصيلة سنتين من العمل بالنظام الداخلي الأخير، عملت مؤسستنا على إعداد أرضية تحدد الإطار العام للمراجعة من خلال ثلاث محاور رئيسة: المحور الأول يتعلق بالإصلاح بناء على تجربة السنتين الأخيرتين. المحور الثاني يخص ملاءمة النظام الداخلي مع القوانين التنظيمية، فيما يهم المحور الثالث إدخال إصلاحات جوهرية من أجل تقوية العمل النيابي.

وفي نفس السياق، وبالنظر لأهمية مدونة السلوك والأخلاقيات البرلمانية في تعزيز القيمة الاعتبارية للمؤسسة البرلمانية داخل النظام السياسي والدستوري المغربي، وكذا مساهمتها في بناء ثقافة سياسية وبرلمانية ترسخ ثقة المواطنات والمواطنين  وتكرس مصداقية المؤسسة التمثيلية، شرع المجلس في إعداد أرضية لهذا الميثاق الأخلاقي، مستلهما فلسفتها من الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح هذه الدورة، حيث أكد جلالته على " اعتماد ميثاق حقيقي لأخلاقيات العمل السياسي"، ومستحضرا عددا من الممارسات الدولية الجيدة في هذا الشأن .

ولضمان شروط التطبيق السليم لمقتضيات وأحكام هذا الميثاق، سيتم إعداد دليل عملي مفصل سيوضع رهن إشارة كافة السيدات والسادة النواب.

وتأصيلا للمقاربة التشاركية في إعداد هذه الأوراش البرلمانية المتميزة، سيتم خلال المرحلة المقبلة عرضها على السيدة والسادة رؤساء الفرق والمجموعة النيابية.

وفي إطار المجهودات التي يقوم بها المجلس في تأهيل العمل النيابي وتطوير آلياته ومناهجه، تم إعداد دلائل عملية مؤطرة لعدد من المبادرات والأنشطة التي تهم العمل التشريعي والرقابي، وتلك المرتبطة بعلاقة مجلس النواب بباقي المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في الدستور، وذلك بغية إعداد مرجع شامل إلى جانب النظام الداخلي، يتضمن مختلف المساطر والدلائل العملية المرتبطة بتفعيل مقتضيات النظام الداخلي.

وفي نطاق العمل الاستباقي المؤطر لبعض المبادرات النيابية التأسيسية، وبهدف التهييئ الجيد لانعقاد الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها خلال الدورة المقبلة، عمل المجلس على إعداد دليل عملي وفق المعايير الدولية المعمول بها في هذا الشأن، وكـــذا أوراق تأطيرية لعدد من السياسات العموميـــــة المقترح تقييمها ولا سيما التدبير المفوض، التعليم، لغة التدريس وتدريس اللغات، حقوق الإنسان، نظام الدعم، التعمير وتنظيم المجال وسياسة المدينة.

كما يعتزم المجلس الاستمرار في تقوية دور اللجان النيابية الدائمة، لا فقط بالوسائل البشرية والإمكانيات المادية والتي تبقى ضرورية للنهوض بالمهام الموكلة إليها، ولكن أيضا بوضع مجموعة من المساطر والضوابط المؤطرة لتسيير اجتماعاتها وتنظيمها وبرمجة أشغالها وغيرها من المحددات الضامنة لسيرها العادي.

وانطلاقا من إيماننا بقيمة الديمقراطية المواطنة التي لا ترتبط فقط بالأنشطة البرلمانية، وإنما تجسد في عمقها قيما مبنية على الممارسة السليمة والالتزام الدائم والمتواصل، قام المجلس بتفعيل مسطرة ضبط الحضور في أشغال المجلس.

ومواكبة لهذه الأوراش المهمة، بادرنا إلى تفعيل الهيكلة الإدارية لمؤسستنا التشريعية من خلال فتح ترشيحات لشغل مناصب المسؤولية بإدارة المجلس بهدف تمكينها من الوسائل البشرية الملاءمة والأدوات الضرورية لمواكبة وتأهيل عمل المجلس في مجالات التشريع والرقابة والدبلوماسية وكذا المهام والتحديات الكبرى المطروحة على مؤسستنا خلال هذه المرحلة الفاصلة والتأسيسية في تاريخ البرلمان المغربي، وذلك بالنظر إلى الأدوار الموكلة للإدارات البرلمانية في كافة المؤسسات البرلمانية على الصعيد الدولي كأداة للتنفيذ والمواكبة والاقتراح.

 

حضرات السيدات والسادة

تكريسا لهذه الدينامية التي يعرفها المجلس في مختلف المجالات المرتبطة بالأداء البرلماني، عرفت هذه الدورة عملا جادا ومتواصلا على المستوى التشريعي والرقابي، وفي هذا الإطار، شكلت مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2015 في قراءته الأولى والثانية لحظة قوية خلال هذه الدورة، ومحطة أساسية للتفاعل الإيجابي والمثمر بين المؤسسة النيابية والحكومة، وهو ما تجلى من خلال عدد التعديلات المقدمة من قبل مختلف الفرق والمجموعات النيابية والتي بلغت 205 تعديلا تم قبول عدد منها.

وفي المجال التشريعي، وبالرغم من الخصوصيات التي تتسم بها عادة دورة أكتوبر باعتبارها دورة تحظى فيها مناقشة مشروع قانون المالية بقسط وافر من الزمن البرلماني، واصل المجلس وظيفته التشريعية بإرادة راسخة ووعي ثابت بدور المؤسسة البرلمانية في تفعيل مقتضيات الدستور وإنتاج القوانين واستكمال تشييد المؤسسات الدستورية، مستحضرا خصوصية السنة التشريعية الحالية باعتبارها "سنة استكمال البناء السياسي والمؤسسي الذي يوطد المكاسب الاقتصادية والاجتماعية التي حققها المغرب في مختلف المجالات"، كما أكد ذلك الخطاب الملكي السامي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله في افتتاح هذه الدورة.

وتجسيدا لذلك شهدت هذه الدورة طفرة نوعية في المجال التشريعي حيث تم عرض 61 نصا تشريعيا على الجلسة العامة تمت المصادقة على 56 نصا، فيما تم إرجاع 3 مقترحات قوانين إلى اللجنة المختصة طبقا للمادة 144 من النظام الداخلي للمجلس، وكذا مقترحي قانونين سيتم رفع الخلاف بشأن أحدهما إلى المجلس الدستوري طبقا لمقتضيات الفصل 79 من الدستور.

وعملا على استكمال الورش الدستوري والتقيد بالأحكام والآجال الدستورية لإصدار القوانين التنظيمية، قام المجلس بالموافقة في قراءة ثانية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، ومشروع القانون التنظيمي لقانون المالية في قراءة ثانية، وبذلك يكون المجلس قد وافق لحد الآن على عشر (10) مشاريع قوانين تنظيمية من مجموع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور.

ونحن نتطلع خلال الفترة المقبلة للانكباب على دراسة مشاريع القوانين التنظيمية التي تمت إحالتها على المجلس، ما يقتضي منا جميعا التعبئة المتواصلة حتى نكون في مستوى اللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا في بناء دولة المؤسسات وترسيخ الخيار الديمقراطي وربح رهانات الولاية التشريعية الحالية باعتبارها ولاية مؤسسة ورائدة.

وبالموازاة مع ذلك، تمت الموافقة على عدد من مشاريع القوانين المهمة ذات الطابع السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي والتعليمي والصحي، وتلك التي تهم أيضا بعض المجالات المرتبطة بتحيين المنظومة القانونية أو ملاءمتها مع عدد من الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا، وذلك انسجاما مع تطور المجتمع المغربي ومواكبة مستجدات الساحة الوطنية.

وفي إطار تعزيز أواصر التعاون والشراكة مع مختلف الدول الصديقة والشقيقة، وكذا بعض المنظمات الدولية، وافق المجلس على عدد من مشاريع القوانين التي تمت بموجبها الموافقة على عدد من الاتفاقيات الدولية والتي همت بالأساس منع الازدواج الضريبي ومنع التهرب الضريبي، وتشجيع وحماية الاستثمارات، والملاحة التجارية، والخدمات الجوية، والتعاون الصناعي والتجاري، والضمان الاجتماعي، وتنظيم نقل البضائع عبر الطرق، والتعاون الأمني والعسكري والجمركي والمؤسساتي والثقافي.

أما على المستوى الرقابي، فقد تميزت الممارسة النيابية خلال هذه الفترة بتفعيل المجلس لمجموعة من الآليات الرقابية، ما يؤكد دينامية المجلس واجتهاده المتواصل في ترسيخ قيم المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة ومواكبة مختلف الانشغالات المجتمعية.

وهكذا وفي إطار التفاعل مع الأحداث الوطنية التي تحظى باهتمام وتتبع خاصين من قبل مختلف الفعاليات الوطنية والمجتمعية، وتفعيلا لأحكام الدستور ومقتضيات النظام الداخلي ذات الصلة، قام المجلس باتخاذ مختلف الإجراءات القانونية لتشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق بخصوص الفياضات التي عرفتها بعض المناطق جنوب المملكة.

وفي سياق التتبع شرع المجلس في جرد تعهدات الحكومة خلال أجوبتها وإحالتها عليها تطبيقا للمادة 199 من النظام الداخلي للمجلس.

ولا شك أن تفعيل هذه الآلية المهمة من شأنه تكريس مبدأي التعاون والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وترسيخ منهجية جديدة تؤكد على عمق النهج الرقابي للمؤسسة النيابية، وبُعدَها المرتبط بالتتبع والتقييم.

وإلى جانب ذلك عرفت هذه الدورة أيضا تنظيم عدة جلسات مخصصة لأجوبة رئيس الحكومة على أسئلة السيدات والسادة النواب في مجال السياسة العامة حيث تمت إثارة عدد من المواضيع والقضايا ذات الصدارة.

كما كانت الأسئلة القطاعية في صلب العملية الرقابية للعمل الحكومي، إذ عرفت هذه الفترة نشاطا ملحوظا على مستوى الأسئلة الكتابية أو الشفوية، حيث أجابت الحكومة على 329 سؤالا شفويا من بينها 43، أما ما يتعلق بالأسئلة الكتابية فقد تم توجيه 3293 سؤالا كتابيا أجابت الحكومة على 2672منها.

من جهة أخرى شهدت هذه الدورة دينامية مهمة في تفعيل آلية المهام الاستطلاعية، حيث تم القيام بعدد من المهام الاستطلاعية شملت مرافق وقطاعات حيوية.

وفي نطاق تتبع اللجان الدائمة لمختلف المستجدات التي تعرفها الساحة الوطنية وتستأثر باهتمام خاص من لدن الرأي العام، قامت اللجان بدراسة ومناقشة عدد من المواضيع التي تهم المجال الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والحقوقي ببلادنا.

كما تم عقد اجتماع مشترك لكل من اللجنتين المكلفتين بالخارجية بمجلسي البرلمان للاستماع لعروض حول التطورات التي تعرفها قضية الوحدة الترابية.

ولا أريد أن تفوتني هذه المناسبة دون أن أشيد بالمجهودات التي قامت بها اللجان الدائمة في وضع برامج عملها التشريعي والرقابي، وضمنها لجنة مراقبة المالية العمومية التي قامت بتحضير مجموعة من الأسئلة والاستشارات تمت إحالتها على المجلس الأعلى للحسابات طبقا لمقتضيات النظام الداخلي.

                      

حضرات السيدات والسادة

انطلاقا من إيماننا الراسخ بمكانة ودور الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن المصالح الوطنية العليا وفي مقدمتها قضية وحدتنا الترابية، وترسيخ إشعاع بلادنا، ونصرة القضايا العادلة والمشروعة، فقد عملنا خلال هذه الدورة على استثمار عدد من الأنشطة الهامة، سواء على المستوى المتعدد الأطراف أو على الصعيد الثنائي أو من خلال احتضان عدد من المؤتمرات والملتقيات البرلمانية الدولية المهمة، في تحقيق مجموعة من المكتسبات النوعية، وذلك بفضل المجهودات الحثيثة لجميع السيدات والسادة النواب وروحهم الوطنية العالية.

لقد كانت هذه الملتقيات الدولية والجهوية والإقليمية مناسبة لإسماع صوت المغرب والدفاع عن مصالحه الوطنية والاستراتيجية وفي طليعتها قضية وحدتنا الترابية، وكذا إبراز التحولات العميقة التي تعرفها بلادنا في كافة الميادين وانخراطها في مختلف المواثيق والآليات الدولية والأممية وتجربتها المتميزة في هذا الشأن.

كما أتاحت لنا هذه الملتقيات الدولية أيضا فرصا أخرى للدفاع عن جملة من القضايا العادلة لأمتنا العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فضلا عن مناقشة عدد من المواضيع الأمنية والسياسية، وكذا المتصلة باستتباب الأمن والاستقرار على المستوى الجهوي.

وقد توجت هذه الدينامية الخاصة التي تعرفها دبلوماسيتنا البرلمانية بتشريف المجلس بعدد من المسؤوليات والمواقع الهامة ولاسيما رئاسة اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي ورئاسة اتحاد البرلمانيين الأفارقة الشباب.

وفي نفس الإطار عرفت العلاقات الثنائية خلال هذه الدورة عملا مكثفا ونشاطا نوعيا ساهم في ترسيخ إشعاع بلادنا وتكريس امتداداتها الجهوية والدولية. وقد سمحت لنا هذه اللقاءات البرلمانية بتوطيد علاقات الصداقة والتعاون مع عدد من البرلمانات الصديقة والشقيقة وتعزيز التشاور السياسي بشأن عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.

و كانت لحظة توقيع اتفاقيات إطار للتعاون بين المغرب ومنتدى رؤساء برلمانات أمريكا الوسطى والكرايببي "فوبريل" بعد انضمام البرلمان المغربي لهذا المنتدى بصفة ملاحظ، لحظة رفيعة في مسار الديبلوماسية البرلمانية حيث ستمكن بلادنا من مدخل مهم نحو دول أمريكا الجنوبية والوسطى من أجل الدفاع عن مختلف القضايا الوطنية، وفي طليعتها قضية وحدتنا الترابية، والتأكيد مجددا على تشبث المملكة المغربية بمسلسل المفاوضات في إطار الأمم المتحدة بهدف الوصول إلى حل نهائي لهذا النزاع المفتعل على أساس مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء تحت السيادة المغربية.

والى جانب هذا، تميزت كذلك هذه الدورة بانعقاد المنتدى البرلماني المغربي الإسباني في دورته الثالثة باعتباره آلية مهمة لتعزيز علاقات الصداقة القائمة بين البلدين، وفضاء لتقوية التشاور والحوار والتنسيق حول مختلف القضايا الاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية، والتباحث بخصوص عدد من الملفات الإقليمية والجهوية والدولية.

 

حضرات السيدات والسادة

من المؤكد أن البناء الديمقراطي والتنمية السياسية اللتين نتطلع إلى تحصين تراكماتهما، تقتضيان أيضا تجسير العلائق وتقوية الروابط مع مختلف المؤسسات الوطنية والمجتمعية.

وفي هذا الإطار نعبر عن ارتياحنا الكبير لمستوى التنسيق والتكامل بين مؤسستنا النيابية ومجلس المستشارين خلال هذه الفترة التشريعية، وبوتيرتها المتسارعة وبديناميتها الخاصة وبأفقها المفتوح، تجسيدا لإرادة قوية وراسخة لا تراجع عنها في إعطاء البرلمان بمجلسيه مزيدا من الحضور والعطاء والأداء والإشعاع على جميع المستويات التشريعية والرقابية والدبلوماسية والتواصلية.

 

حضرات السيدات والسادة

بنفس الإرادة والطموح واستنادا إلى التوجهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتمثلا لأحكام الدستور، ومقتضيات النظام الداخلي، وبناءا على مبادئ بلغراد بشأن العلاقة بين البرلمانات الوطنية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، قمنا بتمتين أواصر التعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم تحدد منطلقات التعاون بين المؤسستين الدستوريتين فيما يخص العمل المتمركز على حقوق الإنسان في مجالات التشريع والرقابة والدبلوماسية البرلمانية، وتقييم السياسات العمومية، وتنظيم مختلف الأنشطة الثقافية والعلمية ذات الاهتمام المشترك، وذلك بمناسبة احتضان مقر مجلس النواب للدورة الثامنة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في إشارة لها دلالاتها العميقة وبعدها الرمزي القوي.

وفي نطاق الانفتاح على المحيط الثقافي والتربوي والإبداعي والفني، ودعما لعلاقة مؤسستنا النيابية مع المجتمع المدني باعتباره فاعلا أساسيا في بناء الديمقراطية التشاركية وقوة اقتراحية في مجال التشريع واتخاذ القرار ، فقد قمنا أيضا بالتوقيع خلال هذه الدورة على مذكرة تفاهم مع اتحاد كتاب المغرب تجسيدا للعناية الخاصة التي يوليها المجلس للشأن الثقافي والعمل الإبداعي، وللتفاعل الخلاق بين العمل السياسي والمثقفين في مختلف ميادين الإنتاج والإبداع الفكري.

وختاما، لا يسعني إلا أن اعبر عن كبير تقديري وامتناني لكل من ساهموا في نجاح هذه الدورة وتعزيز رصيدها، وفي طليعتهم السيد رئيس الحكومة وكافة السيدات والسادة الوزراء وأخص بالذكر السيد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، وكذا رؤساء المؤسسات والهيئات الدستورية الذين ساهموا في تكريس هذه الدينامية التي عرفها المجلس خلال هذه الدورة.

وإنها لفرصة أيضا لكي نحيي الجهد المبذول من قبل كافة السيدات والسادة النواب والسيدات والسادة أعضاء المكتب ورؤساء الفرق والمجموعة النيابية، ورؤساء اللجان الدائمة الذين ساهموا بقسط وافر من الجهد والأداء والعطاء المتواصل لإنجاح هذه الدورة.

كما أود أن أثمن العمل الجاد والمتواصل لكافة موظفات وموظفي المجلس وروحهم التعبوية في سبيل توفير كل الشروط الموضوعية لممارسة المجلس لمهامه وفي أحسن الظروف.

كما لا تفوتني الفرصة للتعبير عن أصدق الشكر لكافة وسائل الإعلام على مواكبتها لأنشطة المجلس خلال هذه الدورة.

وإننا ونحن نثمن الحصيلة الإيجابية والمثمرة التي عرفتها هذه الدورة والتي نعتز بها وبمساهمتها في تشييد صرح النموذج الديمقراطي المغربي المتميز، فإننا مدعوون في نفس الآن إلى مواصلة هذا النهج وهذا البناء وهذه التعبئة، بإرادة أقوى وطموح أكبر وبنفس الروح الوطنية الصادقة من أجل تعزيز أسس دولة ديمقراطية مواطنة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته