Skip to main content

كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب في اللقاء الخاص بإحياء اليوم العالمي لحقوق الإنسان

10/12/2014

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أَشْرف المرْسَلين

السيد رئيس مجلس المستشارين،

السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان،

السيدات والسادة أعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان،

حضرات السيدات والسادة النواب والمستشارين

أيها الحضور الكرام،          

نتشرف باستقبال واستضافة واحتضان الدورة الثامنة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في هذا الفضاء الرمزي للفعل التشريعي والحقوقي والقانوني بامتياز، وفي هذا اليوم الأغر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان.

ونعتز  بهذه المناسبة بالأفق المشترك الذي يجمعنا في البرلمان بمجلسيه، مجلس النواب ومجلس المستشارين، مع إخواننا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان حيث اخترنا معا أن نوقع بالمناسبة على مذكرة تفاهم تحدد منطلقات التعاون بين مؤسستينا الدستوريتين فيما يخص العمل المتمركز على حقوق الإنسان في مجالات التشريع ومراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، وذلك استنادا إلى التوجهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، وكذا تمثلا لمقتضيات نظامنا الدستوري وأنظمتنا الداخلية، وبناء على مبادئ بلغراد حول العلاقة بين البرلمانات الوطنية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان التي صادق عليها مجلس حقوق الإنسان  في 22 فبراير 2012.

وفي هذا السياق، لا يسعنا  إلا أن نحيي ما عبر عنه صاحب الجلالة  أعز الله أمره في رسالته السامية إلى المشاركين في المنتدى العالمي لحقوق الإنسان الذي احتضنته بلادنا، في دورته الثانية، نهاية نونبر الماضي بمراكش، حيث نوه جلالته بالنظام الدولي لحقوق الإنسان وما يشهده من تحولات عميقة، وما يعرفه من إشعاع للقيم العالمية لهذه الحقوق وتملكها، وما يرافقها من روح التعبئة والانخراط والفعل في أوسع البلدان، سواء على مستوى المؤسسات الحقوقية الوطنية  أو بالنسبة لمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني. كما أشارت الرسالة الملكية السامية إلى التحول المعرفي الذي يواكب ثقافة حقوق الإنسان في العالم، خصوصا الأجيال المتلاحقة للمفاهيم والحقول والتخصصات الحقوقية.

وإننا لنعتز بمبادرة صاحب الجلالة إلى تقديم أدوات تصديق المملكة المغربية على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة كما أعلنت عن ذلك الرسالة  الملكية إلى المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، وذلك بهدف إحداث آلية وطنية للوقاية كي تصبح بلادنا من ضمن قلة من البلدان التي تتوفر على مثل هذه الآلية.

  

ولا يفوتني  في هذا الإطار أن أشير إشارة تنويه واعتبار صادقين إلى الربط الجدلي العميق بين البعد الكوني لمبادئ ومقاصد حقوق الإنسان وسيرورة الانخراط في هذه الدينامية الكونية عبر آليات  التملك التدريجي لهذه الكونية الحقوقية بما يتيح للتقاليد الوطنية والثقافية مكانها الطبيعي، ويجعل الكونية ذاتها تكتسب مشروعية أكبر، كما أكد ذلك صاحب الجلالة، من خلال تمثل التنوع الإنساني وحمايته. وهنا، أبدى العاهل الكريم اهتمامه الصادق بالدول النامية، وبالأخص القارة الأفريقية الطامحة إلى النهوض بدور فاعل وحيوي  في الإنتاج القانوني والحقوقي وإثراء الخبرة الكونية في هذا المجال، فطالما  لم تكن القارة حاضرة في صياغة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان  لها الحق بل ومن واجبها أن تسهم في إثراء القانون الدولي لحقوق الإنسان وثقافته وتاريخه وديناميته.

وإذ نحيي هذا اليوم، 10 دجنبر،  فإنما لاستحضار قرار الجمعية العامة للامم المتحدة في مثل هذا اليوم سنة 1948 بإعلان عالمي لحقوق الإنسان، وكذا لنواصل انخراطنا والتزامنا المبدئي والتشريعي والقانوني والأخلاقي. ولكننا في نفس الآن، وفي غمرة هذه اللحظة بالذات،  نحتفي بمبادئ بلغراد بشأن العلاقة بين المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والبرلمان فيما نحن نعمل – هنا والآن- على الشروع في تنفيذها لنكون في صدارة البلدان التي بادرت إلى الانخراط في هذه الدينامية من التعاون والتكامل بين المؤسستين الوطنيتين، البرلمانية والحقوقية.  وتأتي مذكرة التفاهم التي سنوقعها اليوم لتدشن أفقا مشتركا – من الأفكار والخطوات المشتركة.

وما من شك في أن هذا التوجه متواتر المبادرات والقرارات الوطنية في المغرب هو الذي ارتضاه صاحب الجلالة لشعبه وبلاده، وهو الذي يتطلع إليه شعبنا الكريم كي تصان كرامة الأفراد والجماعات، وتسود ضوابط دولة القانون، وتترسخ ثقافة الحق والواجب، وكي تظل بلادنا متمتعة بصورة أنيقة وقوية ومضيئة لدى الأصدقاء.

 وختاما، لا يسعني إلا أن أشكركم، السيد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والسيدات والسادة أعضاء المجلس الموقرين، على اختياركم للبرلمان قصد عقد دورة مجلسكم في فضائه، وعلى ما أبديتم من استعداد وروح وثابة في أن نبلور هذه الاتفاقية التي ستنسق جهودنا، وتعمق تعاقدنا الأخوي والمؤسسي.

أتمنى لأشغال دورتكم الثامنة كامل النجاح والتوفيق.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.