Skip to main content

الرباط 2011/04/08 : كلمة السيد عبد الواحد الراضي رئيس مجلس النواب في افتتاح دورة أبريل من السنة التشريعية 2010 - 2011

08/04/2011



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين

السيد الوزير الأول،

السيدات والسادة الوزراء،

السيدات والسادة النواب،

طبقا لمقتضيات الدستور نفتتح بعون الله وبتوفيق منه أعمال الدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة، ولنا اليقين بأن الروح الوطنية العالية التي طبعت أعمال الدورة السابقة والدورات الأخرى ستظل هي قاسمنا المشترك ونحن نواصل رسالتنا النيابية تشريعا ومراقبة وفي نطاق الدبلوماسية البرلمانية.

حضرات السيدات والسادة،

نستقبل هذه الدورة في سياق وطني متميز، وفي لحظة تاريخية دقيقة ومؤسسة لمستقبل وآفاق بلادنا وشعبنا خلال القرن الحادي والعشرين، لحظة تتسم بانطلاق مشروع كبير للتأهيل السياسي والدستوري لنظامنا الديمقراطي، تجاوبا مع انتظارات شعبنا، وفي انسجام رائع بين العرش والأمة.

لقد عكس الخطاب التاريخي لجلالة الملك محمد السادس نصره الله للتاسع من مارس تجاوبا تلقائيا صادقا مع انتظارات المجتمع المغربي بمختلف مكوناته نساء ورجالا، شيبا وشبابا، أحزابا سياسية ومنظمات نقابية، وذلك عبر الإعلان عن إصلاح دستوري شامل. وقد عدد جلالته في خطابه سبعة مرتكزات أساسية لإجراء الإصلاح الدستوري ضمنها الإقرار دستوريا بالأمازيغية كمكون أساسي من مكونات الهوية الوطنية،وتقوية مكانة الوزير الأول كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، والارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحية المجلس الدستوري، وتوسيع مجالات الحريات الفردية والجماعية، وتوطيد مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات.

كما سيتم تعزيز الموقع الدستوري لمجلس النواب في الصرح الديمقراطي من خلال توسيع مجال القانون، وإضافة اختصاصات جديدة في التشريع والمراقبة.

وبخصوص تخليق الحياة العامة سيتم تقوية آلياتها "وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة"، كما جاء في الخطاب الملكي السامي.

وضمن هذه الدينامية السياسية والقانونية والدستورية، تحتل الجهوية الموسعة مكانة أساسية في الإصلاح الدستوري، حيث سيمنح للجهة دور متميز في الدستور كجماعة ترابية وكقاطرة للتنمية المستدامة في نطاق مغرب موحد ملتف حول ثوابته ومقدساته الوطنية.

لقد لقيت هذه الإصلاحات ترحيبا من مختلف مكونات الحقل السياسي والمدني، وانخرطت كل حسب قناعاتها في النقاش الوطني الديمقراطي المفتوح القائم على الاقتراح والإصغاء والتشاور من أجل الخروج بمنظومة دستورية متقدمة لمغرب الحاضر والمستقبل.

ولاشك أن مجلس النواب سينخرط بكل مكوناته سواء في سياق التحولات التي يعرفها مغرب اليوم، أو في الأفق القريب الذي سيعرف تنزيل الإصلاحات التي سيقرها الشعب المغربي، في بلورة الشق التشريعي لهذه الإصلاحات والتحضير القانوني الجيد للمسلسل الانتخابي.

حضرات السيدات والسادة،

في هذا المناخ الوطني العام، واصل مجلس النواب عمله الرقابي في الفترة الفاصلة بين الدورتين التي ميزها نشاط ملحوظ سواء من حيث عدد الاجتماعات التي عقدتها اللجن الدائمة أو من حيث الموضوعات التي تناولتها بالدرس والتحليل والنقاش.

وهكذا تابع الرأي العام عبر وسائل الإعلام الـمرئية والـمكتوبة جزءا من النقاش المستفيض والصريح الذي شمل بعض المؤسسات العمومية حول طرق عملها وتسييرها وتدبيرها وماليتها وبرامجها وآفاق عملها، كل ذلك إعمالا لمبدأ المحاسبة والمراقبة التي يضطلع بوظيفتها مجلس النواب.

وفي مجال العمل التشريعي للجان وإعدادها لمواد الدورة التي نفتتح أشغالها اليوم، نسجل العمل الذي قامت به لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في دراستها الشاملة لبنود المشروع المتعلق بمدونة الحقوق العينية البالغ عددها 341 مادة.

كما عقدت لجنة القطاعات الإنتاجية عدة اجتماعات تدارست من خلالها عدة مشاريع قوانين تهم حماية أنواع النباتات والحيوانات المتوحشة ومراقبة الاتجار فيها، والنظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية، والصيد في المياه البرية، والمشروع المتعلق بالمرشدين السياحيين وكلها وصلت إلى المرحلة النهائية للمصادقة باللجنة المذكورة، كما استأنفت اللجنة مناقشة المشروع المتعلق بالتحفيظ العقاري. وعقدت لجنة المالية اجتماعين خصصا للدراسة والتصويت على مشروع قانون يهدف إلى تشجيع خلق المقاولات بالمغرب وتبسيط الإجراءات الإدارية.

أما لجنة الداخلية والبنيات الأساسية فقد عقدت عدة اجتماعات خصصت لمناقشة نصين على قدر كبير من الأهمية، يتعلق الأول بتهيئة الساحل وحمايته واستصلاحه والمحافظة عليه، كما أنهت هذه اللجنة دراسة مشروع القانون المتعلق بإحداث الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية، فيما واصلت اللجنة دراسة المشروع المتعلق بمدونة الطيران المدني.

وفي سياق متصل بعمل اللجن التشريعي تم الشروع بلجنة القطاعات الاجتماعية في دراسة النص المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية.

وأود بهذه المناسبة أن أشيد بالعمل الدؤوب للسادة رؤساء اللجان الدائمة، وكافة السيدات والسادة النواب على تعبئتهم المتواصلة لأداء المهام المنوطة بهم في التشريع ومراقبة العمل الحكومي خلال هذه الفترة.

لقد سجلت الفترة الفاصلة أيضا نشاطا هاما على مستوى الأسئلة الكتابية وعكست في مضمونها اهتماما ملحوظا لنواب الأمة بالقضايا المحلية ومشاكل المواطنين بصفة عامة، وهكذا بلغ عدد الأسئلة الكتابية المقدمة 227 سؤالا همت عدة قطاعات حكومية.

السيد الوزير الأول،

السيدات والسادة الوزراء،

حضرات السيدات والسادة النواب،

شهد مجلس النواب في الفترة الفاصلة بين الدورتين نشاطا دبلوماسيا حافلا ومتنوعا، استطاع المجلس من خلاله مواصلة رسالته وتحقيق أهدافه معبئا كما كان على الدوام بروح وطنية عالية ووضوح في الرؤيا والأهداف.

ويسجل المجلس وهو يتابع ويشارك ويساهم في تبليغ مواقفه الثابتة من   قضية وحدتنا الترابية عبر مختلف اللقاءات التي أجراها داخليا وخارجيا مدى التجاوب والتفهم مع مواقف المغرب، والتقدير المتنامي الذي يحظى به   مشروع الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية كخيار ديمقراطي تشاركي في                               تسيير الشؤون المحلية لمناطق الصحراء المغربية.

لقد واصلت مؤسستنا خلال هذه الفترة حركية دبلوماسية عززتها الثقة التي حظي بها المجلس بإسناده رئاسة الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، والجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، وهي مسؤولية كبيرة تزداد أهميتها ورهاناتها وتحدياتها في ظرف إقليمي صعب ومضطرب، تطالب فيه شعوب المنطقة العربية بالديمقراطية والحريات والكرامة والعدالة الاجتماعية، وهي مطالب نؤكد كممثلين للشعب تضامننا الكامل معها، ظرف تحتل فيه القضية الفلسطينية العادلة، إضافة إلى مواضيع الديمقراطية والهجرة والتنمية، والأمن وحوار الثقافات والحضارات، وحقوق الإنسان، الصدارة ضمن انشغالات برلمانيي وبرلمانيات المنطقة المتوسطية.

وبموازاة مع ذلك شارك مجلسنا في العديد من المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات البرلمانية، فكانت مشاركته فاعلة داخل البرلمان الأوروبي عبر اللجنة البرلمانية المختلطة التي تقع عليها مسؤولية مواكبة الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي. فيما شارك المجلس في أعمال الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا التي يتابع أنشطتها من خلال حضوره في دوراتها العامة ولجنها المتخصصة، كما يتابع التحضير لمنح البرلمان المغربي صفة الشريك من أجل الديمقراطية.

وفي إطار هذه الحركية شارك المجلس في مؤتمرات الجمعية البرلمانية للفرنكفونية، والاتحاد البرلماني العربي، واتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، والجمعية البرلمانية لحلف الشمال الأطلسي.

كما شهدت الفترة الفاصلة بين الدورتين زيارة وحضور العديد من الوفود الأجنبية البرلمانية إلى بلادنا همت الولايات المتحدة، والكامرون، والصين، وبريطانيا، والبرازيل، والكونغو، والمملكة العربية السعودية، والشيلي، وألمانيا. كما استقبل المجلس شخصيات برلمانية مسؤولة بالعديد من المنظمات كالبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا.

السيد الوزير الأول،

السيدات والسادة الوزراء،

حضرات السيدات والسادة النواب،

أيها الحضور الكريم،

نقبل على هذه الدورة بعظيم الأمل والثقة في المستقبل. وبلادنا تفتح صفحة جديدة من تاريخها في تلاحم بين العرش والشعب ، ولا نشك أن الروح الوطنية التي يتحلى بها جميع المغاربة، والطموح الجماعي في أن يشهد المغرب المزيد من المنجزات على كافة المستويات تضعه في مصاف الدول الأكثر ديمقراطية، وضمن الشعوب الراقية في تدبيرها المتحضر والديمقراطي للتعدد والاختلاف، كل ذلك سيجعل بلادنا تنخرط في هذه المرحلة الجديدة من الإصلاحات بما يلزم من الحماس والتعبئة والحكمة، بهدف تحصين مكتسباتها وتطوير أداء مؤسساتها خدمة لطموحات شعبنا.

ولنا اليقين أن مجلس النواب في السياق الوطني الحالي، وفي أفق الإصلاح الدستوري الشامل الذي ستعرفه بلادنا سيصبح، كما قال جلالة الملك محمد السادس نصره الله في قمة الصرح الديمقراطي وقدوة للمؤسسات الدستورية.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته