كلمة السيد كريم غلاب رئيس مجلس النواب في اليوم الدراسي حول " ملاءمة التشريعات الوطنية مع مقتضيات اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة" 18 ابريل 2013 بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على اشرف المرسلين السيد رئيس مجلس المستشارين السيدة وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية السيد المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان السيد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان السيدة ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة حضرات السيدات والسادة إنه لمن دواعي الاعتزاز والسرور أن أشارك معكم اليوم في افتتاح هذا اليوم الدراسي المتميز حول " ملاءمة التشريعات الوطنية مع مقتضيات اتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، مؤملا أن نجعل من هذا اللقاء الدراسي محطة أساسية للنهوض بأوضاع المرأة وتكريس المساواة بين الجنسين انسجاما مع المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انضم إليها المغرب. حضرات السيدات والسادة لقد شكل النهوض بالمرأة وتحسين أوضاعها انشغالا متواصلا للدولة والمجتمع على السواء، وذلك لكون قضية المرأة لم تعد قضية جنس أو فئة اجتماعية بل أضحت إحدى الرهانات الإستراتيجية للدولة، وإحدى المحددات الأساسية لتقدم المجتمعات وازدهارها، فضلا عن دورها الطلائعي في التنمية المستدامة، و تحقيق التماسك الاجتماعي . إن هذه الأهمية التي تحتلها المرأة في المنظومة العامة للمجتمع، هي التي جعلت المغرب يولي اهتماما خاصا بها وبقضيتها العادلة، وهو ما تجلى من خلال المبادرات المتخذة والاستراتيجيات المعتمدة في دعم مكانة المرأة، وجعلها في صلب السياسات العمومية وأحد محاورها الأساسية . وفي نفس السياق، واستمرارا للنهج الإصلاحي الذي سلكه المغرب في تحديث هياكل الدولة، والاستجابة للمطالب المتجددة للمجتمع والمواطنين، فقد تضمن الدستور الجديد للمملكة عدة أحكام ستشكل لا محالة نقلة نوعية في تعزيز مكانة المرأة وضمان حقوقها، وجعلها منخرطة في كافة الميادين والمجالات، وهكذا فقد تم التنصيص على عدة مقتضيات في مجال المساواة بين الرجل والمرأة، وتعزيز مشاركتها السياسية، ومكافحة التمييز بسبب الجنس، وإحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، ومجلس استشاري للأسرة والطفولة، فضلا عن المكانة المهمة التي تحتلها الاتفاقيات الدولية التي صادق عليه المغرب في الهرم القانوني الوطني. وإلى جانب هذه المكتسبات المهمة فقد كان لنا عدة فرص من خلال أدوارنا التشريعية في مناقشة وتدارس عدد من مشاريع القوانين التي نعتز بها اليوم والتي شكلت حدثا مهما ومنعطفا استثنائيا في المسار التاريخي للقضية النسائية، وتعزيز المنظومة الحقوقية ببلادنا، وهنا لا يسعنا المجال لاستعراض كافة النصوص لكن يمكن الإشارة إلى بعضها كمدونة الأسرة، ومدونة الشغل، والقانون الجنائي، وقانون الحالة المدنية، وقانون الجنسية، وقانون الوظيفة العمومية، والقانون المتعلق بالأحزاب السياسية، ومدونة الانتخابات، وغيرها من القوانين الأخرى، وذلك استجابة للمتطلبات الوطنية والمجتمعية، وانسجاما مع المعايير والممارسات المعمول بها على الصعيد العالمي. ولا أريد أن تفوتني هذه الفرصة، لأشير أننا في مجلس النواب نشهد دينامية متواصلة على مستوى دعم قضية المرأة، وذلك من خلال مناقشة وإقرار مجموعة من مقترحات القوانين التي يتقدم بها السيدات والسادة النواب والتي لها صلة بحقوق المرأة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على انخراط مؤسستنا النيابية في ورش النهوض بالمرأة المغربية، وتكريس التراكم الحقوقي، وتعزيز مكانة المغرب في المنظومة الدولية. وفي نفس السياق، فإننا نستحضر المجهودات التي قامت بها المملكة المغربية في المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية المتصلة بوضعية وحقوق النساء، وكذا سحب بعض التحفظات بشأن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وهو المعطى الذي نعتبره إيجابيا من أجل ملاءمة التشريعات الوطنية مع المواثيق والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وسيمكن من ضمان المواطنة الكاملة وعدم التمييز بين الجنسين. حضرات السيدات والسادة إن حجم هذه المكتسبات التي حققناها جميعا في مجال النهوض بحقوق المرأة والتي لا يمكن للمرء إلا أن يفتخر بها وبدلالاتها وعمقها الإصلاحي، و بدورها في تعزيز دولة القانون والمؤسسات، وإرساء مجتمع متضامن، لتفرض علينا مسؤوليات كبيرة على مستوى تكريس هذه الحقوق، لاسيما وأنه لازالت هناك بعض الاوراش الموازية والتي تحتاج إلى مجهودات مضاعفة خاصة على مستوى ولوج النساء والفتيات لمجالات التربية والتعليم والصحة، وكذا على صعيد محو الأمية، ومحاربة الفقر، ومكافحة ظاهرة العنف ضد النساء، والرفع من تمثيليتهن في مناصب المسؤولية، ومحاربة الصور النمطية والأحكام المسبقة في مختلف وسائل الإعلام. وفي هذا الإطار ينبغي تكثيف الجهود، ومواصلة المبادرات الرامية إلى جعل قضية المرأة من القضايا التي تحظى بالأولوية في السياسات العمومية الوطنية منها والقطاعية، وذلك وفق مقاربة تتجاوز الدور التحسيسي بهذه القضية بالرغم من أهميتها إلى مقاربات أكثر نجاعة وخدمة لقضية المرأة. حضرات السيدات والسادة، إذا كان ورش النهوض بالمرأة مسؤوليتنا جميعا قصد مجابهة تحديات القرن 21 بكل تجلياتها، فإن ذلك مرتبط أيضا بتعزيز قدراتنا الذاتية ولا سيما في مجال ملاءمة النصوص التشريعية مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية. وفي هذا الإطار، أود التأكيد على أن مجلس النواب قد قام بإعداد خطة إستراتيجية لتأهيل وتطوير مجلس النواب، وهي المبادرة التي نتوخى من خلالها تحديث المؤسسة النيابية والرفع من أدائها وفعاليتها. وإيمانا منا بأهمية تطوير النشاط التشريعي فقد خصصنا له عدة تدابير وإجراءات من بينها دعم السيدات والسادة النواب في إنتاج مقترحات القوانين، والرفع من قدرات ومؤهلات أعضاء المجلس في تحليل ومناقشة وتعديل مشاريع القوانين، ودعم الفرق والمجموعات النيابية بالموارد البشرية اللازمة من حيث العدد والمؤهلات، وإحداث وحدة متخصصة في إعداد وصياغة القوانين تابعة لإدارة المجلس وموضوعة رهن إشارة الفرق والمجموعات النيابية، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة أعضاء المجلس في كيفية إعداد النصوص وتحريرها وتحليلها. وبالموازاة مع هذه التدابير وخلال الأسابيع القليلة الماضية، فقد قام مجلس النواب بدورات تكوينية لفائدة موظفي المجلس، وقد ارتأينا أن نخصص إحدى محاورها الرئيسية لملاءمة النصوص التشريعية الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، وذلك اقتناعا منا بان تعزيز قدرات الفاعلين في مجال التشريع يعتبر المدخل الأساسي لصناعة تشريعية حقيقية بصفة عامة، وتجويد ملائمة النصوص الوطنية مع المقتضيات الدولية بصفة خاصة. حضرات السيدات والسادة لا يسعني في ختام هذه الكلمة إلا أن أجدد شكري لكافة المنظمين لهذا اليوم الدراسي والذي سيكون لا محالة محطة أخرى لتأكيد العناية الخاصة التي نوليها جميعا لقضية المرأة، والى تكريس منظور مجتمعي جديد قائم على أساس الارتقاء بمكانة المرأة، وجعلها في مستوى التحديات التي تعرفها بلادنا. وفي الختام أتمنى لأشغال هذا اليوم الدراسي كامل التوفيق والنجاح.