Skip to main content

كلمــــة السيد النائب رشيد العبدي نائب رئيس مجلس النواب في افتتاح الدورة الثالثة والعشرين للمجلس الوطني الفلسطيني "القدس وحماية الشرعية الفلسطينية"

السيدات والسادة

تغمرني سعادة كبيرة، أنا وزميلي نائب رئيس مجلس النواب، محمد أوزين، ونحن نشارككم أشغال هذه الندوة، إلى جانب حضورنا أشغال افتتاح دورة المجلس الوطني الفلسطيني.

ويطيب لي أن أنقل إليكم تحيات معالي السيد الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب في المملكة المغربية الذي تعذر عليه في آخر لحظة الحضور معكم، وتضامنه المتجدد مع كفاح الشعب الفلسطيني الشقيق.

ولست في حاجة إلى التذكير بمكانة القضية الفلسطينية لدى المغرب، ملكاً وشعباً وبرلمانا وحكومة وأحزاباً وهيئات مدنية. وما رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله للجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي، والمبادرات التي لايتردد جلالته لحظة واحدة في اتخاذها من أجل دعم الكفاح الفلسطيني وتثبيت الصمود الفلسطيني في وجه الاحتلال، ودعم الوجود الفلسطيني في القدس الشريف والحفاظ على معالمها العربية الاسلامية خاصة من خلال بيت مال القدس، إلا دليلا، من بين دلائل أخرى، على الموقف المغربي الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني.

وليس ذلك على المملكة المغربية بعزيز، إذ على أرض المغرب حصل الاعتراف العربي، والتكريس العربي ومن ثمة العالمي، من خلال مؤتمر القمة العربي المنعقد بالرباط عام 1974، لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيداً للشعب الفلسطيني وقائداً لكفاحه المشروع من أجل استرجاع حقوقه كاملةً في العودة والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. ومن أرض الرباط خرجت قرارات القمة الاسلامية الحاسمة عام 1969 على إثر  إحراق المسجد الأقصى المبارك.

 وعبر التاريخ كان للمغرب، بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني، وبعده جلالة الملك محمد السادس أعزه الله المواقف المشرفة والحاسمة في الوقوف المادي الملموس، السياسي والمعنوي، عربيا وإفريقيا ودوليا، في دعم قضية الشعب الفلسطيني، التي تسمو لدى المغاربة عن الحساسيات السياسية والحزبية.

وعلى المستوى البرلماني لا يدخر البرلمان المغربي أي جهد في تجسيد هذا الدعم سواء من خلال عقد جلسات خاصة بالقضية الفلسطينية أو من خلال المنظمات البرلمانية المتعددة الأطراف، الدولية والإقليمية. ويزخر أرشيف هذه المنظمات والمؤتمرات وأرشيف برلمان المملكة المغربية بالمواقف الحاسمة للبرلمان المغربي إلى جانب شرعية الكفاح الفلسطيني.

 

السيد الرئيس،

الزملاء والزميلات،

لئن كان الشعب الفلسطيني قد حقق العديد من المكاسب خلال العشرين عاما السابقة بفضل كفاحه المرير ودعم أحرار العالم، فإن القضية الفلسطينية ماتزال أم القضايا العربية، وما تزال ترهن مصير منطقة حساسة في العالم. أما جوهر هذه القضية، فإن العالم يُدركُه ويعرفه، ويتمثل في إنهاء هذا الظلم التاريخي المسلط على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 70 عاما، جوهر المشكل، بل وجوهر مشكلات ومعضلات الشرق الأوسط ونزاعاته، هو الاحتلال الذي ينبغي إنهاؤه لفلسطين. وعلى القوى النافذة في القرار الدولي أن تتحمل مسؤولياته في ذلك. عليها أن تدرك أن الصراع العربي – الاسرائيلي، وسببه الاحتلال، سيظل يغذى ويتسبب في تناسل النزاعات والهجرات والنزوح وعدم الاستقرار والتشدد، بقدر تشدد الاحتلال وتَسَيُّدِ نزعات الغطرسة والتطرف وثقافة التعصب الديني والعقائدي، في منظومة الاحتلال.

  

السيد الرئيس،

الزملاء والزميلات

السيدات والسادة

لسنا في الموقع، ولاحق لنا في إعطاء الشعب الفلسطيني دروسا في كيفية مواجهة الاحتلال، فهو الذي يذوق يومياً مراراته، ويعاني من أشكال إذلاله، متمثلة في القتل والاغتيالات والاعتقالات والحصار والتجويع والحرمان. والشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ومؤسساته الشرعية، هي التي تختار طرق المواجهة والأجندة الكفاحية والسياسية لمواجهة هذه الخروقات الجسيمة لمبادئ حقوق الإنسان ومقتضيات القانون الدولي والقانون الدولي الانساني.

ولكن اسمحوا لي أن أؤكد أن وحدة الشعب الفلسطيني، ومؤسساته، وفي صُلْبـِها ومقدمتها السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، ومنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، ينبغي أن تكون خطا أحمر لاينبغي تجاوزه، لأن في عدم احترام الشرعية الوطنية والانقسام الفلسطينيين إضعافٌ للموقف الوطني الفلسطيني، ومبررٌ آخر للاحتلال ليواصل صلفه واستفراده بالشعب الفلسطيني. وعليه، فإننا نجدد الدعوة، في مجلس النواب بالمملكة المغربية إلى ضرورة إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، والانتباه إلى أن الاستيطان ومُصَادَرة مزيد من الأراضي الفلسطينية، هو بصدد جعل قيام الدولة الفلسطينية المستقلة غير ذات أساس إن لم يكن مستحيلاً، لأن الأرض تُسْرَق، والاستيطان يلتف حولها ويمسك بمفاصل الكيان الفلسيطيني الحالي والمستقبلي.

نقول هذا ونحن ندرك التوهج الجديد في الكفاح المدني الفلسطيني متمثلا في مسيرات العودة التي ينظمها الشعب الفلسطيني، والتي يواجهها الاحتلال، رغم سلميتها بالعنف متسببا في قتل العشرات وجرح المئات، وهو ما يستحق منا كل التنديد والإدانة والاستنكار، وينبغي أن يستنهض ضمائر العالم الحر للعمل على وقفه ومحاسبة المسؤولين عنه.

 نجدد تحيات مجلس النواب بالمملكة المغربية، إلى الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية، ونعيد التأكيد على دعوة المجتمع الدولي، والمجموعة البرلمانية الدولية إلى ضرورة تَمَثُّل قيم الديموقراطية وحقوق الإنسان، وجوهرها الحق في العودة إلى الوطن، في التعاطي مع جوهر وأُمُّ مشكلات الشرق الأوسط، أي القضية الفلسطينية، وفي قَلْبِها قضية القدس، التي لنا نحن المغاربة فيها، بالمعنى الروحي والعاطفي والتاريخي، أبوابٌ، وأسْوار وحارات، وأساساً مشاعر وأشواق ومشتركٌ روحي فإلى أهلها الصامدين وإلى مجموع الشعب الفلسطيني كل التحية والتقدير.